el bassaire

mercredi 30 octobre 2013

قراءة في سورة النّور للشّيخ إدريس بن عيسى



قراءة في سورة النّور للشّيخ إدريس بن عيسى

بعد حمد الله تعالى والثّناء عليه والصّلاة والتّسليم على خير خلقه. كان المسلمون أقلّ عدّة وعددا من المشركين في السّنوات الأولى للهجرة، حيث كان اقتصادهم شبه معدوم، غير أنّ السّرّ كان كامنا في ا اّحتدهم وقوّتهم، وارتباطهم الاجتماعي في
المدينة المنوّرة وذلك يوم آخى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بين المهاجرين والأنصار.

فكانت حياة الصّحابة ونساؤهم يسودها الصّفاء والطّهر، وعلى الرّغم من ذلك لا ننسى بدء ظهور صفة النّفاق من اليهود: }وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ { الذين كانوا يبثّون السّموم وسط المسلمين، كاليوم الذي تزوّج فيه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم زينب بنت جحش وهي بنت عمّته- بعد طلاقها من مولى الرّسول عليه الصّلاة والسّلام زيد بن الحارث الذي كان بمثابة ابنه، واستغلّت الأعراب هذه الحادثة للتّشويش؛ كما استغلّ اليهود والأعراب حادثة الإفك للتّشنيع بأمّنا عائشة رضي الله تعالى عنها.

 أنّ سورة "النّور" هي سورة مدنية باتّفاق، عدد آياتها اثنان وستّون أو أربع وستّون آية، نزلت بعد غزوة بني المصطلق في السّنة الخامسة أو السّادسة للهجرة، قيل
نزلت قبل غزوة الأحزاب. وسمّيت بسورة "النّور"  على الأرجح من عهد النّبي صلّى الله عليه وسلّم، ولأنّ الخبر السّيّئ وهي حادثة الإفك بمثابة سحابة سوداء خيّمت على الصّحابة، وما انجلت هذه السّحابة إلاّ من بعد ما نزلت سورة "النّور".
وقيل كذلك في تسميتها ذِكر الله سبحانه وتعالى لصفته في قوله عزّ وجلّ: }ا نُورُ
السَّمَاوَاتِ وَالأرَْضِ{. وعليه استحقّت هذه السّورة لأن تحمل هذا الاسم "سورة النّور" بالمفهوم المعنوي لا المادّي؛ بمفهوم الهداية وإخراجهم من الظّلمات إلى
النّور، وليس بالمفهوم الضّوئي أو الشّعاعي .

وذكرت التّدابير والقوانين والأحكام وضعت هذه السّورة حجرا أساسيا لحياة المسلمين الخُلقية والاجتماعية:
1(حدّ الزّنا وهي جريمة جنائية يُعاقب عليها صاحبها: }الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ{.
2( نهي المؤمنين عن الارتباط بالفاسقين والفاسقات بصلة الزّواج: }الزَّانِي يَنكِحُ إ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ يَنكِحُهَا إلا  زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى ا المؤمنينَ{.
3(جعل حدّا لمن يرمي غيره وكان محصنا بالزّنا، إلاّ إذا جمع له أربعة شهداء: }وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المحصنات  ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً{
4(وجعل اللّعان لمن اتّهم زوجته بالزّنا }وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إلا  أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِااله إِنَّه ُلمن الصَّادِقِينَ{
5(تلقّي الأخبار الفاحشة وإذاعتها ونشرها  في صفوف المسلمين، فلا يستحقّون الحماية والتّشجيع بل يستحقّون العقاب: "الذين جاءوا بالافك عصبة منكم لا تحسبوه شرّا لكم بل هو خير لكم، لكلّ امرئ منهم ما اكتسب من الإثم، والذي تولّى كبره منهم له عذاب عظيم."
6(تقرير قاعدة عامّة في المسلمين هي حسن الظّنّ بينهم: }لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ا المؤمنون و المؤمنات  بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ{.
7(عدم دخول بيوت الغير دون استئذان أو استئناس: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا  تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{
8(غضّ الطّرف من الجنسين عن غير المحارم }قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ لله  خَبِيرٌبما يَصْنَعُونَ{
9(أمر النّساء باستعمال الخمر على رؤوسهنّ  وجيوبهنّ: " ولا يبدين زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها، وليضربن بخمرهنّ على جيوبهنّ."
10 (عدم مواجهة الأجانب بزينتهنّ: " ولا يبدين زينتهنّ إلاّ لبعولتهنّ أوَ آبائهنّ..."
11 (أمر النّساء عند الخروج من البيت لحاجة بارتداء الحجاب، وعدم استعمال الحلي حتّى لا يُحدث أصواتا تلفت الانتباه: "ولا يضربن بأرجلهنّ ليُعلم ما يُخفين من زينتهنّ."
12 (تشجيع الشّباب والشّابات على الزّواج، حتّى لا تشيع العزوبية أو العنوسة في صفوفهما، لأنّهما خطر على الجنسين: "وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يُغنهمُ الله من فضله والله واسع عليم."
13 ( جعل المكاتبة لتحرير العبيد والإماء، وأمر السّادة على تلبية طلبهم، ومساعدة المكاتبين مساعدة مالية: "والذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتِبوهمُ إن علمتم فيهم خيرا."
14 ( نهي جازم عن إكراه الفتيات وهنّ الإماء على الزّنا، لأنّ الزّنا في الجاهلية كان مقصورا على غير الحرائر، كما قالت هند بنت عتبة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم مبايعته على الإسلام: أو تزني الحرّة يا رسول الله؟: "ولا تُكرهوا فتياتكم على البغاء إنْ أردن تحصّنا لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا."
15 ( قرّرت هذه السّورة قاعدة الاستئذان للخدم واللّذين لم يبلغوا الحُلُم: "يا أيّها الذين آمنوا ليستأذنكمُ الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحُلُم منكم ثلاث مرّات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء..."
16 ( الإذن للقواعد من النّساء بخلع الخُمُر، و هنّ اللائي لا يرجون نكاحا: "والقواعد من النّساء التي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجات بزينة وأن يستعففن خير لهنّ والله سميع عليم."
17 ( الإذن للعجزة كالأعمى والأعرج والمريض أن  يأكلوا من غير بيوتهم بدون استئذان: "ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكمُ أنْ تأكلوا من بيوتكم."
18 (  لا تكليف بين الأصدقاء أن يأكل بعضهم من بيت بعض، وكأنّه يأكل من بيته: "ولا على أنفسكمُ أنْ تاكلوا من بيوتكمُ أو بيوت آبائكمُ أو بيوت أمّهاتكمُ..."
19 ( الاستئذان بين المسلمين أثناء مهمّ اجتماعية في السّلم أو الحرب: "إنّما المومنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتّى يستاذنوه."
20 ( تعظيم النّبي صلّى الله عليه وسلّم والرّفع  من مقامه والرّفعة من شأنه: "لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا." فيه ثلاثة وجوه: أ- لا تجعلوا أمر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم إيّاكم ودعاءه لكم كما يكون من بعضكم
لبعض.
ب - لا تنادوه باسمه بل: يا رسول الله؛ يا نبيّ الله..                                                                                                                                                                                                                                                            
ت- لا تعتقدوا دعاء الرّسول على غيره كدعاء بعضكم بعضا لأنّ دعاءه مستجاب.
وقوله تعالى: "فليحذر الذين يُخالفون عن أمرهأنْ تُصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم." يقول                                                                                                                                       
الشّيخ المحاضر حفظه الله تعالى مضيفا في  قوله تعالى: " أنْ تُصيبهم فتنة." فسّرها الإمام جعفر الصّادق رضي الله تعالى عنه يسلّط عليهم سلطانا جائرا، كما يمكن أن تكون لها صور كثيرة أخرى كتفرّق كلمة المسلمين ونشوب الحرب.
وقد لاقت المحاضرة استحسان الحا