el bassaire

mardi 29 novembre 2016

باب في أحكام الصلح

باب في أحكام الصلح / كتاب البيوع
قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

https://al-bassair.blogspot.com
بسم الله الرحمن الرحيم

* الصلح في اللغة : قطع المنازعة , ومعناه في الشرع : أنه معاقدة يتوصل بها إلى إصلاح بين متخاصمين . وهو من أكبر العقود فائدة , ولذلك حسن فيه استعمال شيء من الكذب إذا دعت الحاجة إلى ذلك .
* والدليل على مشروعية الصلح : الكتاب , والسنة , والإجماع : - قال الله تعالى :
Description : B2 وَالصُّلْحُ خَيْرٌDescription : B1 وقال :Description : B2 وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَاDescription : B1 إلى قوله تعالى :Description : B2 فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَDescription : B1 وقال تعالى :Description : B2 لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًاDescription : B1 وقال تعالى :Description : B2 فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْDescription : B1
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
Description : H2 الصلح جائز بين المسلمين ; إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالاDescription : H1 صححه الترمذي , وكان صلى الله عليه وسلم يقوم بالإصلاح بين الناس .
* والصلح الجائز هو العادل , الذي أمر الله به ورسوله , وهو ما يقصد به رضى الله تعالى ثم رضى الخصمين .
* ولا بد أن يكون من يقوم بالإصلاح بين الناس عالما بالوقائع , عارفا بالواجب , قاصدا للعدل , ودرجة المصلح بين الناس أفضل من درجة الصائم القائم , أما إذا خلا الصلح من العدل ; صار ظلما وهضما للحق , كأن يصلح بين قادر ظالم وضعيف مظلوم بما يرضى به القادر ويمكنه من الظلم ويهضم به حق الضعيف ولا يمكنه من أخذ حقه ,
والصلح إنما يكون في حقوق المخلوقين التي لبعضهم على بعض مما يقبل الإسقاط والمعاوضة , أما حقوق الله تعالى , كالحدود والزكاة ; فلا مدخل للصلح فيها , لأن الصلح فيها هو أداؤها كاملة .
* والصلح بين الناس يتناول خمسة أنواع :
النوع الأول : الصلح بين المسلمين وأهل الحرب
النوع الثاني : صلح بين أهل العدل وأهل البغي من المسلمين .
النوع الثالث : صلح بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما .
النوع الرابع : إصلاح بين متخاصمين في غير المال
النوع الخامس : إصلاح بين متخاصمين في الأموال وهو المراد هنا , وهذا النوع من الصلح ينقسم إلى قسمين : الأول : صلح عن إقرار , والثاني : صلح عن إنكار . 1 - والصلح عن الإقرار نوعان : نوع يقع على جنس الحق , ونوع يقع على غير جنسه . - فالذي يقع على جنسه مثل ما إذا أقر له بدين معلوم أو بعين مالية في يده , فصالحه على أخذ بعض الدين وإسقاط بقيته , أو على هبة بعض العين  وأخذ البعض الآخر . وهذا النوع من الصلح يصح إذا لم يكن مشروطا في الإقرار , كأن يقول من عليه الحق : أقر لك بشرط أن تعطيني أو تعوضني كذا , أو يقول صاحب الحق : أبرأتك أو وهبتك بشرط أن تعطيني كذا , فإن كان هذا الصلح مشروطا على نحو ما ذكرنا ; لم يصح ; لأن صاحب الحق له المطالبة بجميع الحق . ويشترط لصحة هذا النوع من الصلح أيضا أن لا يمنعه حقه بدونه ; لأن ذلك أكل لمال الغير بالباطل , وهو محرم , ولأن من عليه الحق يجب دفعه لصاحبه بدون قيد ولا شرط . ويشترط أيضا لصحة هذا النوع من الصلح أن يكون صاحب الحق ممن يصح تبرعه , فإن كان ممن لا يصح تبرعه , لم يصح , كما لو كان وليا لمال يتيم أو مجنون ; لأن هذا تبرع , وهو لا يملكه .
والحاصل أنه يجوز المصالحة عن الحق الثابت بشيء من جنسه , شريطة أن لا يمتنع من عليه الحق من أدائه بدون هذا الصلح , وشريطة أن يكون صاحب الحق ممن يصح تبرعه , فإذا توفر ذلك ; جازت هذه المصالحة ; لأنها تكون حينئذ من باب التبرع , والإنسان لا يمنع من إسقاط بعض حقه , كما لا يمنع من استيفائه كله , ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كلم غرماء جابر رضي الله عنه ليضعوا عنه .
- والنوع الثاني من نوعي الصلح عن الإقرار أن يصالح عن الحق بغير جنسه ; كما لو اعترف له بدين أو عين , ثم تصالحا على أن يأخذ عن ذلك عوضا من غير جنسه , فإن صالحه عن نقد بنقد آخر من جنسه , فهذا صرف تجري عليه أحكام الصرف , وإن صالح عن النقد بغير نقد ; اعتبر ذلك بيعا تجري عليه أحكام البيع , وإن صالح عنه بمنفعة كسكنى داره ; اعتبر ذلك إجارة تجري  عليها أحكام الأجرة , وإن صالحه عن غير النقد بمال آخر ; فهو بيع .
2 - الصلح عن إنكار , ومعناه أن يدعي شخص على آخر بعين له عنده ; أو بدين في ذمته له , فيسكت المدعى عليه وهو يجهل المدعى به , ثم يصالح المدعي عن دعواه بمال حالٍّ أو مؤجل , فيصح الصلح في هذه الحالة في قول أكثر أهل العلم ; لقوله عليه الصلاة والسلام :
Description : H2 الصلح جائز بين المسلمين ; إلا صلحا حرم حلالا , أو أحل حراماDescription : H1 رواه أبو داود والترمذي وقال : " حسن صحيح " , وصححه الحاكم , وقد كتب بهذا الحديث عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما , فصلح الاحتجاج به لهذه الاعتبارات .
وفائدة هذا النوع من الصلح للمدعى عليه أنه يفتدي به نفسه من الدعوى واليمين , وفائدته للمدعي إراحته من تكليف إقامة البينة وتفادي تأخير حقه الذي يدعيه .
والصلح عن الإنكار يكون في حق المدعي في حكم البيع , لأنه يعتقده عوضا عن ماله , فلزمه حكم اعتقاده , فكأن المدعى عليه اشتراه منه , فتدخله أحكام البيع من جهته , كالرد بالعيب , والأخذ بالشفعة إذا كان مما تدخله الشفعة .
وحكم هذا الصلح في حق المدعى عليه أنه إبراء عن الدعوى ; لأنه دفع المال افتداء ليمينه وإزالة للضرر عنه وقطعا للخصومة وصيانة لنفسه عن التبذل والمخاصمات ; لأن ذوي النفوس الشريفة يأنفون من ذلك , ويصعب عليهم , فيدفعون المال للإبراء من ذلك , فلو وجد فيما صالح به عيبا ; لم يستحق رده به ; ولا يؤخذ بالشفعة ; لأنه لا يعتقده عوضا عن شيء , وإن كذب أحد المتصالحين في الصلح عن الإنكار , كأن يكذب المدعي , فيدعي شيئا يعلم أنه ليس له , أو يكذب المنكر في إنكاره ما ادعي به عليه , وهو يعلم أنه عليه , ويعلم بكذب نفسه في إنكاره , إذا حصل شيء من هذا الكذب من جانب المدعي أو المنكر ; فالصلح باطل في حق الكاذب منهما باطنا ; لأنه عالم بالحق , قادر على إيصاله لمستحقه , وغير معتقد أنه محق في تصرفه , فما أخذه بموجب هذا الصلح حرام عليه ; لأنه أخذه ظلما وعدوانا , لا عوضا عن حق يعلمه , وقد قال الله تعالى :
Description : B2 وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِDescription : B1 وإن كان هذا الصلح فيما يظهر للناس صحيح , لأنهم لا يعلمون باطن الحال , لكن ذلك لا يغير من الحقيقة شيئا عند من لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء , فعلى المسلم أن يبتعد عن مثل هذا التصرف السيئ والاحتيال الباطل .
ومن مسائل الصلح عن الإنكار أنه لو صالح عن المنكر أجنبي بغير إذنه , صح الصلح في ذلك , لأن الأجنبي يقصد بذلك إبراء المدعى عليه وقطع الخصومة عنه ; فهو كما لو قضى عنه دينه , لكن لا يطالبه بشيء مما دفع ; لأنه لا يستحق الرجوع عليه به ; لأنه متبرع .
* ويصح
الصلح عن الحق المجهول سواء كان لكل منهما على الآخر أو كان لأحدهما , إذا كان هذا المجهول يتعذر علمه , كحساب بينهما مضى عليه زمن طويل , ولا علم لكل منهما عما عليه لصاحبه ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجلين اختصما في مواريث درست بينهما :Description : H2 استهما , وتواخيا الحق , وليحلل أحدكما صاحبهDescription : H1 رواه أبو داود وغيره , ولأنه إسقاط حق , فصح في المجهول للحاجة , ولئلا يفضي إلى ضياع المال أو بقاء شغل الذمة , وأمره صلى الله عليه وسلم بتحليل كل منهما لصاحبه يدل على أخذ الحيطة لبراءة الذمة وعلى عظم حق المخلوق .
* ويصح الصلح عن القصاص بالدية المحددة شرعا أو أقل أو أكثر ; ولأن المال غير متعين ; فلا يقع العوض في مقابلته .
* ولا يصح
الصلح عن الحدود لأنها شرعت للزجر , ولأنها حق لله تعالى وحق للمجتمع ; فالصلح عنها يبطلها , ويحرم المجتمع من فائدتها , ويفسح المجال للمفسدين والعابثين .


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire