el bassaire

jeudi 3 novembre 2016

باب في أحكام الشروط في البيع

باب في أحكام الشروط في البيع

كتاب البيوع

قسم المعاملات وغيرها
تلخيص صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

https://al-bassair.blogspot.com

·                    الشروط في البيع كثيرة الوقوع , وقد يحتاج المتبايعان أو أحدهما إلى شرط أو أكثر , فاقتضى ذلك البحث في الشروط , وبيان ما يصح ويلزم منها وما لا يصح .
·                    والفقهاء رحمهم الله يعرفون الشرط في البيع بأنه إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد ما له فيه منفعة , ولا يعتبر الشرط في البيع عندهم ساري المفعول إلا إذا اشترط في صلب العقد ; فلا يصح الاشتراط قبل العقد ولا بعده .
·                    والشروط في البيع تنقسم إلى قسمين : صحيحة وفاسدة :
أولا : الشروط الصحيحة : وهي
الشروط التي لا تخالف مقتضى العقد وهذا القسم يلزم العمل بمقتضاه ; لقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 " المسلمون على شروطهم "Description : H1 ولأن الأصل في الشروط الصحة , إلا ما أبطله الشارع ونهى عنه .والقسم الصحيح من الشروط نوعان :
النوع الأول : شرط لمصلحة العقد بحيث يتقوى به العقد , وتعود مصلحته على المشترط ; كاشتراط التوثيق بالرهن , أو اشتراط الضامن , وهذا يطمئن البائع , واشتراط تأجيل الثمن أو تأجيل بعضه إلى مدة معلومة , وهذا يستفيد منه المشتري , فإذا وفي بهذا الشرط , لزم البيع , وكذلك لو اشترط المشتري صفة في المبيع , مثل كونه من النوع الجيد أو من الصناعة الفلانية أو الإنتاج الفلاني ; لأن الرغبات تختلف باختلاف ذلك , فإن أتى المبيع على الوصف المشترط لزم البيع , وإن اختلف عنه ; فللمشتري الفسخ أو الإمساك مع تعويضه عن فقد الشرط , بحيث يقوم المبيع مع تقدير وجود الصفة المشترطة , ثم يقوم مع فقدها , ويدفع له الفرق بين القيمتين إذا طلب .
النوع الثاني من الشروط الصحيحة في البيع : أن يشترط أحد المتعاقدين على الآخر بذل منفعة مباحة في المبيع ; كأن يشترط البائع سكنى الدار المبيعة مدة معينة , أو أن يحمل على الدابة أو السيارة المبيعة إلى موضع معين ; لما روى جابر :Description : H2 " أن النبي صلى الله عليه وسلم باع جملا واشترط ظهره إلى المدينة "Description : H1 متفق عليه , فالحديث يدل على جواز بيع الدابة مع استثناء ركوبها إلى موضع معين , ويقاس عليها غيرها , وكذا لو اشترط المشتري على البائع بذل عمل في المبيع ; كأن يشتري منه حطبا , ويشترط عليه حمله إلى موضع معلوم , أويشتري منه ثوبا , ويشترط عليه خياطته .
ثانيا : الشروط الفاسدة : وهذا القسم أنواع :
النوع الأول : شرط فاسد يبطل العقد من أصله , ومثاله أن يشترط أحدهما على الآخر عقدا آخر , كأن يقول : بعتك هذه السلعة بشرط أن تؤجرني دارك , أو يقول : بعتك هذه السلعة بشرط أن تشركني معك في عملك الفلاني أو في بيتك , أو يقول : بعتك هذه السلعة بكذا بشرط أن تقرضني مبلغ كذا من الدراهم ; فهذا الشرط فاسد , وهو يبطل العقد من أساسه , لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة وقد فسر الإمام أحمد رحمه الله الحديث بما ذكرنا .
النوع الثاني من الشروط الفاسدة في البيع : ما يفسد في نفسه , ولا يبطل البيع ; مثل أن يشترط المشتري على البائع أنه إن خسر في السلعة ردها عليه , أو شرط البائع على المشتري أن لا يبيع السلعة ونحو ذلك فهذا شرط فاسد ; لأنه يخالف مقتضى العقد , لأن مقتضى البيع أن يتصرف المشتري في السلعة تصرفا مطلقا , ولقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 " من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط "Description : H1 متفق عليه , والمراد بكتاب الله هنا حكمه ; ليشمل ذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والبيع لا يبطل مع بطلان هذا الشرط ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة بريرة حينما اشترط بائعها ولاءها له إن أعتقت أبطل الشرط , ولم يبطل العقد , وقال صلى الله عليه وسلم :Description : H2 " إنما الولاء لمن أعتق "Description : H1
* إنه ينبغي للمسلم الذي يشتغل بالبيع والشراء أن يتعلم أحكام البيع وما يصح فيه من الشروط وما لا يصح ; حتى يكون على بصيرة في معاملته , ولتنقطع الخصومات والمنازعات بين المسلمين ; فإن غالبها ينشأ من جهل المتبايعين أو أحدهما بأحكام البيع , واشتراطهم شروطا فاسدة .

باب في أحكام الخيار في البيع

* دين الإسلام دين سمح شامل , يراعي المصالح والظروف , ويرفع الحرج والمشقة عن الأمة , ومن ذلك ما شرعه في البيع من إعطاء الخيار للعاقد , ليتروى في أمره وينظر في مصلحته من وراء تلك الصفقة ; فيقدم على ما يؤمل من ورائه الخير , ويحجم ويتراجع عما لا يراه في مصلحته .
*
فالخيار في البيع معناه طلب خير الأمرين من الإمضاء أو الفسخ
وهو ثمانية أقسام : -
أولا : خيار المجلس أي المكان الذي جرى فيه التبايع ; فلكل من المتبايعين الخيار ما داما في المجلس , ودليله قوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 " إذا تبايع الرجلان ; فكل واحد منهما بالخيار , ما لم يتفرقا وكانا جميعا "Description : H1قال العلامة ابن القيم رحمه الله : " في إثبات الشارع خيار المجلس في البيع حكمة ومصلحة للمتعاقدين , وليحصل تمام الرضى الذي شرطه تعالى بقوله :Description : B2 عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْDescription : B1 فإن العقد يقع بغتة من غير ترو ولا نظر في القيمة ; فاقتضت محاسن هذه الشريعة الكاملة أن يجعل للعقد حرما يتروى فيه المتبايعان , ويعيدان النظر , ويستدرك كل واحد منهما , فلكل من المتبايعين الخيار بموجب هذا الحديث الشريف ; ما لم يتفرقا بأبدانهما من مكان التبايع , فإن أسقطا الخيار بأن تبايعا على أن لا خيار لهما أو أسقطه أحدهما سقط , ولزم البيع في حقهما أو حق من أسقطه منهما بمجرد العقد ; لأن الخيار حق للعاقد , فيسقط بإسقاطه ولقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 ما لم يتفرقا أو يخير أحدهما الآخر Description : H1ويحرم على أحدهما أن يفارق أخاه بقصد إسقاط الخيار ; لحديث عمرو بن شعيب وفيه :Description : H2 ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيلهDescription : H1
ثانيا : خيار الشرط بأن يشترط المتعاقدان الخيار في صلب العقد أو بعد العقد في مدة خيار المجلس مدة معلومة ; لقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 المسلمون على شروطهمDescription : H1 ولعموم قوله تعالى :Description : B2 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِDescription : B1
ويصح أن يشترط المتبايعان الخيار لأحدهما دون الآخر ; لأن الحق لهما , فكيفما تراضيا جاز.
- ثالثا : خيار الغبن إذا غبن في البيع غبنا يخرج عن العادة ; فيخير المغبون منهما بين الإمساك والرد ; لقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 لا ضرر ولا ضرارDescription : H1 ولقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة نفس منهDescription : H1 والمغبون لم تطب نفسه بالغبن , فإن كان الغبن يسيرا قد جرت به العادة فلا خيار .
وخيار الغبن يثبت في ثلاث صور :
الصورة الأولى من صور خيار الغبن : تلقي الركبان , والمراد بهم القادمون لجلب سلعهم في البلد , فإذا تلقاهم , واشترى منهم , وتبين أنه قد غبنهم غبنا فاحشا ; فلهم الخيار , لقول النبي صلى الله عليه وسلم :Description : H2 لا تلقوا الجلب , فمن تلقاه فاشترى منه , فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيارDescription : H1 رواه مسلم ; فنهى صلى الله عليه وسلم عن تلقي الجلب خارج السوق الذي تباع فيه السلع , وأمر أنه إذا أتى البائع السوق الذي تعرف فيه قيم السلع , وعرف ذلك فهو بالخيار بين أن يمضي البيع أو يفسخ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " أثبت النبي صلى الله عليه وسلم للركبان الخيار إذا تلقوا ; لأن فيه نوع تدليس وغش " . وقال ابن القيم : " نهى عن ذلك ; لما فيه من تغرير البائع , فإنه لا يعرف السعر , فيشتري منه المشتري بدون القيمة , ولذلك أثبت له النبي صلى الله عليه وسلم الخيار إذا دخل السوق , ولا نزاع في ثبوت الخيار له مع الغبن ; فإن الجالب إذا لم يعرف السعر كان جاهلا بثمن المثل , فيكون المشتري غارّا له , وكذا البائع إذا باعهم شيئا ; فلهم الخيار إذا هبطوا السوق , وعلموا أنهم غبنوا غبنا يخرج عن العادة " انتهى .
الصورة الثانية من صور خيار الغبن : الغبن الذي يكون سببه زيادة الناجش في ثمن السلعة , والناجش : هو الذي يزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها , وإنما يريد رفع ثمنها على المشتري , وهذا عمل محرم , قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :Description : H2 ولا تناجشواDescription : H1 لما في ذلك من تغرير المشتري وخديعته , فهو في معنى الغش . ومن صور النجش المحرم أن يقول صاحب السلعة : أعطيت بها كذا وكذا وهو كاذب , أو يقول : اشتريتها بكذا وهو كاذب . ومن صور النجش المحرم أن يقول صاحب السلعة : لا أبيعها إلا بكذا أو كذا , لأجل أن يأخذها المشتري بقريب مما قال , كأن يقول في سلعة ثمنها خمسة : أبيعها بعشرة ; ليأخذها المشتري بقريب من العشرة .
الصورة الثالثة من صور الغبن الذي يثبت به الخيار : غبن المسترسل .
قال الإمام ابن القيم : " وفي الحديث :Description : H2 غبن المسترسل رباDescription : H1 والمسترسل : هو الذي يجهل القيمة ولا يحسن أن يناقص في الثمن , بل يعتمد على صدق البائع لسلامة سريرته , فإذا غبن غبنا فاحشا ; ثبت له الخيار " . والغبن محرم ; لما فيه من التغرير للمشتري . ومما يجري في بعض أسواق المسلمين - وهو محرم - أن بعض الناس حينما يجلب إلى السوق سلعة , يتفق أهل السوق على ترك مساومتها , ويعمدون واحدا منهم يسومها من صاحبها , فإذا لم يجد من يزيد عليه , اضطر لبيعها عليه برخص , ثم اشترك البقية مع المشتري , وهذا غبن وظلم محرم , ويثبت لصاحب السلعة - إذا علم بذلك - الخيار وسحب سلعته منهم ; فيجب على من يفعل مثل هذا التغرير أن يتركه ويتوب منه , ويجب على من علم ذلك أن ينكره على من يفعله ويبلغ المسئولين لردعهم عن ذلك .
- رابعا : خيار التدليس أي الخيار الذي يثبت بسبب التدليس , والتدليس : هو إظهار السلعة المعيبة بمظهر السليمة , مأخوذ من الدلسة بمعنى : الظلمة ; كأن البائع بتدليسه صير المشتري في ظلمة , فلم يتم إبصاره للسلعة , وهو نوعان :
النوع الأول : كتمان عيب السلعة .
والنوع الثاني : أن يزوقها وينمقها بما يزيد به ثمنها .
والتدليس حرام , وتسوغ به الشريعة للمشتري الرد , لأنه إنما بذل ماله في المبيع بناء على الصفة التي أظهرها له البائع , ولو علم أنه على خلافها لما بذل ماله فيها .
ومن أمثلة التدليس الواردة : تصرية الغنم والبقر والإبل , وهي حبس لبنها في ضروعها عند عرضها للبيع , فيظنها المشتري كثيرة اللبن دائما , قال النبي صلى الله عليه وسلم :
Description : H2 لا تصروا الإبل والغنم , فمن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن شاء أمسك , وإن شاء ردها وصاعا من تمرDescription : H1
ومن أمثلة التدليس تزويق البيوت المعيبة للتغرير بالمشتري والمستأجر , وتزويق السيارات حتى تظهر بمظهر غير المستعملة للتغرير بالمشتري , وغير ذلك من أنواع التدليس . يجب على المسلم أن يصدق ويبين الحقيقة , قال صلى الله عليه وسلم :
Description : H2 البيعان بالخيار ما لم يتفرقا , فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما , وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهماDescription : H1 فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الصدق في البيع والشراء من أسباب البركة , وأن الكذب من أسباب محق البركة , فالثمن وإن قل مع الصدق يبارك الله فيه , وإن كثر الثمن مع الكذب فهو ممحوق البركة لا خير فيه .
- خامسا : خيار العيب أي الخيار الذي يثبت للمشتري بسبب وجود عيب في السلعة لم يخبره به البائع أو لم يعلم به البائع , لكنه تبين أنه موجود في السلعة قبل البيع , وضابط العيب الذي يثبت به الخيار هو ما تنقص بسببه قيمة المبيع عادة أو تنقص به عينه , وترجع معرفة ذلك إلى التجار المعتبرين , فما عدوه عيبا , ثبت الخيار به , وما لم يعدوه عيبا ينقص القيمة أو عين المبيع , لم يعتبر , فإذا علم المشتري بالعيب بعد العقد , فله الخيار بين أن يمضي البيع ويأخذ عوض العيب , وهو مقدار الفرق بين قيمة المبيع صحيحا وقيمته معيبا , وبين أن يفسخ البيع ويرد السلعة ويسترجع الثمن الذي دفعه للمشتري .
- سادسا : ما يسمى بخيار التخبير بالثمن وهو ما إذا باع السلعة بثمنها الذي اشتراها به , فأخبره بمقداره , ثم تبين أنه أخبر بخلاف الحقيقة , كأن تبين أن الثمن أكثر أو أقل مما أخبره به , أو قال : أشركتك معي في هذه السلعة برأس مالي , أو قال : بعتك هذه السلعة بربح كذا وكذا على رأس مالي فيها , أو قال : بعتك هذه السلعة بنقص كذا وكذا عما اشتريتها به ; ففي هذه الصور الأربع إذا تبين أن رأس المال خلاف ما أخبره به ; فله الخيار بين الإمساك والرد , على قول في المذهب , والقول الثاني : أنه في هذه الحالة لا خيار للمشتري , ويجري الحكم على الثمن الحقيقي , ويسقط عنه الزائد , والله أعلم .
سابعا : خيار يثبت إذا اختلف المتبايعان في بعض الأمور , كما إذا اختلفا في مقدار الثمن , أو اختلفا في عين المبيع , أو قدره , أو اختلفا في صفته , ولا بينة لأحدهما , فحينئذ يتحالفان , فيحلف كل منهما على ما يدعيه , ثم بعد التحالف لكل منهما الفسخ إذا لم يرض بقول الأخر .
ثامنا : خيار يثبت للمشتري إذا اشترى شيئا بناء على رؤية سابقة , ثم وجده قد تغيرت صفته , فله الخيار حينئذ بين إمضاء البيع وفسخه , والله أعلم .

باب في أحكام التصرف في البيع قبل قبضه والإقالة

* نتناول في هذا الباب إن شاء الله أحكام التصرف في المبيع قبل قبضه - ما يصح وما لا يصح - مع بيان ما يحصل به قبض المبيع ويعد قبضا صحيحا , وما لا يعد قبضا صحيحا .
* اعلم أنه لا يصح التصرف في المبيع قبل قبضه إذا كان مكيلا أو موزونا أو معدودا أو مذروعا باتفاق الأئمة , وكذا إذا كان غير ذلك على الصحيح الراجح من قولي العلماء رحمهم الله , لقول النبي صلى الله عليه وسلم :Description : H2 من ابتاع طعاما , فلا يبعه حتى يستوفيهDescription : H1 متفق عليه , وفي لفظ :Description : H2 حتى يقبضهDescription : H1 ولمسلم : حتى يكتاله .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : " ولا أحسب غيره إلا مثله " , أي غير الطعام , بل ورد ذلك صريحا كما روى الإمام أحمد :Description : H2 إذا اشتريت شيئا , فلا تبعه حتى تقبضه Description : H1وروى أبو داود :Description : H2 نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التاجر إلى رحالهمDescription : H1
قال شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله : " علة النهي عن البيع قبل القبض عجز المشتري عن تسلمه ; لأن البائع قد يسلمه وقد لا يسلمه , لا سيما إذا رأى المشتري قد ربح , فإنه يسعى في رد البيع ; إما بجحد أو احتيال على الفسخ , وتأكد ذلك بالنهي عن ربح ما لم يضمن " انتهى .
فيجب على المسلمين أن يتقيدوا بذلك , فإذا اشترى المسلم سلعة , لم يقدم على التصرف فيها ببيع أو غيره حتى يقبضها قبضا تاما , وهذا مما يتساهل فيه كثير من الناس أو يتجاهلونه , فيشترون السلع ثم يبيعونها وهم لم يقبضوها من البائع أصلا أو قبضوها قبضا ناقصا لا يعد قبضا صحيحا , كأن يعد الأكياس أو الطرود أو الصناديق وهي في محل البائع , ثم يذهب ويبيعها على آخر , وهذا لا يعد قبضا صحيحا , يترتب علية جواز تصرف المشتري فيها .
* فإن قلت : ما هو القبض الصحيح الذي يسوغ للمشتري التصرف في السلعة ؟ فالجواب أن قبض السلع يختلف باختلاف نوعيتها , وكل نوع له قبض يناسبه , فإذا كان المبيع مكيلا فقبضه بالكيل , وإن كان موزونا فقبضه بالوزن , وإن كان معدودا فقبضه بالعد , وإن كان مذروعا فقبضه بالذرع , مع حيازة هذه الأشياء إلى مكان المشتري , وما كان كالثياب والحيوانات والسيارات فقبضه بنقله إلى مكان المشتري , وإن كان المبيع مما يتناول باليد كالجواهر والكتب ونحوها فقبضه يحصل بتناول المشتري له بيده وحيازته , وإن كان المبيع مما لا يمكن نقله من مكانه ; كالبيوت والأراضي والثمر على رءوس الشجر , فقبضه يحصل بالتخلية , بأن يمكن منه المشتري , ويخلى بينه وبينه ليتصرف فيه تصرف المالك , وتسليم الدار ونحوها بأن يفتح له بابها أو يسلمه مفتاحها .
* وقد مر من الأحاديث في النهي عن التصرف في المبيع قبل قبضه المعتبر شرعا ; لما في ذلك من المصلحة للمشتري والبائع ; من قطع النزاع , والسلامة من الخصومات التي كثيرا ما تنشب بين الناس بسبب تساهلهم في القبض وعدم تفقد المشتري للسلعة واستيفائها بالوفاء والتمام وانقطاع عهدة البائع بها , وهذا أمر ينبغي للمسلم التقيد به وتطبيقه في معاملته .
* وكثير من الناس اليوم يتساهلون في قبض السلع , ويتصرفون فيها قبل القبض الشرعي , فيرتكبون ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم , فيقعون في الخصومات والمنازعات , أو يصابون بالندامة عندما تنكشف لهم السلعة على حقيقتها وقد تورطوا فيها ; فلا يستطيعون الخلاص منها إلا بمرافعات ومدافعات , وهكذا كل من خالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فلا بد أن يندم ويقع في الحرج .
* ومما حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورغب فيه : إقالة أحد المتعاقدين للآخر بفسخ البيع عندما يندم على العقد أو تزول حاجته بالسلعة أو يعسر بالثمن , قال النبي صلى الله عليه وسلم :Description : H2 من أقال مسلما أقال الله عثرته يوم القيامة Description : H1والإقالة معناها : رفع العقد , ورجوع كل من المتعاقدين بما كان له من غير زيادة ولا نقص , وهي من حق المسلم على أخيه المسلم عندما يحتاج إليها , وهي من حسن المعاملة , ومن مقتضى الأخوة الإيمانية .


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire