el bassaire

mardi 21 mars 2017

باب في أحكام الحضانة

باب في أحكام الحضانة
كتاب الطلاق
قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

https://www.facebook.com/groups/elbassaire
https://twitter.com/hadithecharif

 

الحضانة مشتقة من الحضن ، وهو الجنب ; لأن المربي يضم الطفل إلى حضنه ، والحاضنة هي المربية . هذا معناها لغة .
وأما معناها شرعا ; فهي حفظ - صغير ونحوه عما يضره وتربيته بعمل مصالحه البدنية والمعنوية .
والحكمة فيها ظاهرة ، ذلك أن الصغير ومن في حكمه ممن لا يعرف مصالحه كالمجنون والمعتوه يحتاج إلى من يتولاه ويحافظ عليه بجلب منافعه ودفع المضار عنه وتربيته التربية السليمة ،
وقد جاءت شريعتنا بتشريع الحضانة لهؤلاء ; رحمة بهم ، ورعاية لشئونهم ، وإحسانا إليهم ; لأنهم لو تركوا ; لضاعوا وتضرروا ، وديننا دين الرحمة والتكافل والمواساة ، ينهى عن إضاعتهم ، ويوجب كفالتهم ، وهي حق للمحضون على قرابته ، وحق للحاضن بتولي شئون قريبه كسائر الولايات .
وهي تجب للحاضنين على الترتيب :
-
فأحق الناس بالحضانة الأم :
قال الإمام موفق الدين بن قدامة رحمه الله : " إذا افترق الزوجان ولهما ولد طفل أو معتوه ; فأمه أولى الناس بكفالته إذا كملت الشرائط فيها ، ذكرا كان أو أنثى ، وهو قول مالك وأصحاب الرأي ، ولا نعلم أحدا خالفهم " انتهى .
- فإذا تزوجت الأم ; انتقلت الحضانة منها إلى غيرها ، وسقط حقها فيها ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءته امرأة ، فقالت :
Description : H2 يا رسول الله ! إن ابني هذا كان بطني له وعاء ، وثديي له سقاء ، وحجري له حواء ، وإن أباه طلقني ، وأراد أن ينزعه مني ؟ فقال : لأنت أحق به ما لم تنكحيDescription : H1 رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه ; فدل الحديث على أن الأم أحق بحضانة ولدها إذا طلقها أبوه وأراد انتزاعه منها ، وأنها إذا تزوجت ; سقط حقها من الحضانة .
وتقديم الأم في حضانة ولدها لأنها أشفق عليه وأقرب إليه ، ولا يشاركها في القرب إلا أبوه ، وليس له مثل شفقتها ، ولا يتولى الحضانة بنفسه ، وإنما يدفعه إلى امرأته ، وأمه أولى به من امرأة أبيه ، وقال ابن عباس لرجل :
Description : H2 " ريحها وفراشها وحجرها خير له منك حتى يشب ويختار لنفسه "Description : H1
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " الأم أصلح من الأب ; لأنها أوثق بالصغير ، وأخبر بتغذيته وحمله وتنويمه وتنويله ، وأخبر وأرحم به ، فهي أقدر وأخبر وأصبر في هذا الموضع ; فتعينت في حق الطفل غير المميز بالشرع " انتهى .
- ثم بعد سقوط حق الأم للحضانة تنتقل إلى أمهاتها جدات الطفل القربى فالقربى ; لأنهن في معنى الأم ; لتحقق ولادتهن وشفقتهن على المحضون أكمل من غيرهن .
- ثم بعد الجدات اللاتي من قبل الأم تنتقل الحضانة إلى أبي الطفل ; لأنه أصل النسب ، وأقرب من غيره ، وأكمل شفقة ; فقدم على غيره .
- ثم بعد سقوط حق الأب من الحضانة تنتقل إلى أمهات الأب - أي : الجدات من قبل الأب القربى فالقربى - ; لأنهن يدلين بعصبة قريبة ، وقدمن على الجد ، لأن الأنوثة مع التساوي توجب الرجحان ; كما قدمت الأم على الأب .
- ثم بعد سقوط حق الجدات من قبل الأب في الحضانة تنتقل إلى الجد من قبل الأب ، الأقرب فالأقرب ; لأنه في معنى أبي المحضون ، فينزل منزلته .
- ثم بعد الجد تنتقل الحضانة إلى أمهات الجد القربى فالقربى ; لأنهن يدلين بالجد ، ولما فيهن من وصف الولادة ; فالمحضون بعض منهن .
- ثم بعد أمهات الجد تنتقل الحضانة إلى أخوات المحضون ; لأنهن يدلين بأبويه أو بأحدهما ، فتقدم الأخت لأبوين لقوة قرابتها ولتقدمها في الميراث ، ثم الأخت لأم ; لأنها تدلي بالأمومة ، والأم مقدمة على الأب ، ثم الأخت لأب ، وقيل : الأولى تقديم الأخت لأب على الأخت لأم ; لأن الولاية للأب ، وهي أقوى في الميراث ، لأنها أقيمت فيه مقام الأخت لأبوين عند عدمها ، وهذا وجيه .
- ثم بعد الأخوات تنتقل الحضانة إلى الخالات ; لأن الخالات يدلين بالأم ، ولما في " الصحيحين " ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
Description : H2 الخالة بمنزلة الأمDescription : H1 وتقدم خالة لأبوين ، ثم خالة لأم ، ثم خالة لأب ; كالأخوات .
- ثم بعد الخالات تنتقل إلى العمات ; لأنهن يدلين بالأب ، وهو مؤخر عن الأم .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " العمة أحق من الخالة ، وكذا نساء الأب أحق ، فيقدمن على نساء الأم ; لأن الولاية للأب ، وكذا أقاربه ، وإنما قدمت الأم على الأب لأنه لا يقوم مقامها هنا أحد في مصلحة الطفل ، وإنما قدم الشارع خالة بنت حمزة على عمتها صفية ; لأن صفية لم تطلب ، وجعفر طلب نائبا عن خالتها ، فقضى لها بها في غيبتها " .
وقال رحمه الله : " مجموع أصول الشريعة تقديم أقارب الأب على أقارب الأم ، فمن قدمهن في الحضانة ; فقد خالف الأصول والشريعة " انتهى .
- ثم بعد العمات تنتقل الحضانة إلى بنات الإخوة .
- ثم بعدهن إلى بنات الأخوات .
- ثم بعد بنات الإخوة وبنات الأخوات تنتقل الحضانة إلى بنات الأعمام .
- ثم إلى بنات العمات .
- ثم بعدهن تنتقل الحضانة لباقي العصبة الأقرب فالأقرب ; الإخوة ثم بنوهم ، ثم الأعمام ، ثم بنوهم .
فإن كانت المحضونة أنثى ; اشترط كون الحاضن من محارمها ، فإن لم يكن محرما لها ; سلمها إلى ثقة يختارها .

باب في موانع الحضانة

من موانع الحضانة الرق ; فلا حضانة لمن فيه رق ، ولو قل ; لأن الحضانة ولاية ، والرقيق ليس من أهل الولاية ، ولأنه مشغول بخدمة سيده ، ومنافعه مملوكة لسيده .
ولا حضانة لفاسق ; لأنه لا يوثق به فيها ، وفي بقاء المحضون عنده ضرر عليه ; لأنه يسيء تربيته ، وينشئه على طريقته .
ولا حضانة لكافر على مسلم ; لأنه أولى بعدم الاستحقاق من الفاسق ; لأن ضرره أكثر ; فإنه يفتن المحضون في دينه ويخرجه عن الإسلام بتعليمه الكفر وتربيته عليه .
ولا حضانة لمزوجة بأجنبي من محضون ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم لوالدة الطفل :
Description : H2 أنت أحق به ما لم تنكحي Description : H1ولأن الزوج يملك منافعها ، ويستحق منعها من الحضانة ، والمراد بالأجنبي هنا من ليس من عصبات المحضون ، فلو تزوجت بقريب محضونها ; لم تسقط حضانتها .
فإن زال أحد هذه الموانع ; بأن عتق الرقيق ، وتاب الفاسق ، وأسلم الكافر ، وطلقت المزوجة ; رجع من زال عنه المانع من هؤلاء إلى حقه في الحضانة ; لوجود سببها ، مع انتفاء المانع منها .
وإذا
أراد أحد أبوي المحضون سفرا طويلا ، ولم يقصد به المضارة ، إلى بلد بعيد ليسكنه ، وهو وطريقه آمنان ، فالحضانة تكون للأب ، سواء كان هو المسافر أو المقيم ; لأنه هو الذي يقوم بتأديب ولده والمحافظة عليه ، فإذا كان بعيدا عنه ; لم يتمكن من ذلك ، وضاع الولد .
وإن كان السفر إلى بلد قريب دون مسافة القصر لغرض السكنى فيه ; -354- فالحضانة للأم ، سواء كانت هي المسافرة أو المقيمة ; لأنها أتم شفقة على المحضون ، ولأنه يمكن لأبيه الإشراف عليه في تلك الحالة .
أما إذا كان السفر لحاجة ، ثم يرجع ، أو كان الطريق أو البلد المسافر إليه مخوفين ; فإن الحضانة تكون للمقيم منهما ; لأن في
السفر بالمحضون إضرارا به في هاتين الحالتين .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : " لو أراد الم ضرار والاحتيال على إسقاط حضانة الأم ، فسافر ليتبعه الولد ; فهذه حيلة مناقضة لما قصده الشارع ; فإنه جعل الأم أحق بالولد من الأب مع قرب الدار وإمكان اللقاء كل وقت . . . " .
إلى أن قال : " وأخبر ( يعني : النبي صلى الله عليه وسلم ) أن من فرق بين والدة وولدها ; فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة ، ومنع أن تباع الأم دون ولدها والولد دونها ، وإن كانا في بلد واحد ، فكيف يجوز مع هذا التحيل على التفريق بينها وبين ولدها تفريقا تعز معه رؤيته ولقاؤه ، ويعز عليها الصبر عنه وفقده ، هذا من أمحل المحال ، بل قضاء الله ورسوله أحق ; أن الولد للأم ، سافر الأب أو أقام ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال :
Description : H2 أنت أحق به ما لم تنكحي Description : H1فكيف يقال : أنت أحق به ما لم يسافر الأب ؟ وأين هذا في كتاب الله أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو فتاوى أصحابه أو القياس الصحيح ؟ فلا نص ولا قياس ولا مصلحة " انتهى .

تخيير الغلام بين أبويه

وأما تخيير الغلام بين أبويه فيحصل عند بلوغه السابعة من عمره ، فإذا بلغ سبع سنين وهو عاقل ; فإنه يخير بين أبويه ، فيكون عند من اختار منهما ، قضى بذلك عمر وعلي رضي الله عنهما ، وروى الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال :Description : H2 جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إن زوجي يريد أن يذهب بابني . فقال : يا غلام ! هذا أبوك وهذه أمك ; فخذ بيد أيهما شئت . فأخذ بيد أمه ، فانطلقت بهDescription : H1 فدل الحديث على أن الغلام إذا استغنى بنفسه ; -355- يخير بين أبويه ; فإنه إذا بلغ حدا يستطيع معه أن يعرب عن نفسه ، فمال إلى أحد الأبوين ; دل على أنه أرفق به وأشفق عليه ، فقدم لذلك .
ولا يخير إلا بشرطين :
أحدهما : أن يكون الأبوان من أهل الحضانة .
والثاني : أن يكون الغلام عاقلا ، فإن كان معتوها ; بقي عند الأم ; لأنها أشفق عليه وأقوم بمصالحه .
وإذا اختار الغلام العاقل أباه ; صار عنده ليلا ونهارا ; ليحفظه ويعلمه ويؤدبه ، لكن لا يمنعه من زيارة أمه ; لأن منعه من ذلك تنشئة له على العقوق وقطيعة الرحم ، وإن اختار أمه ; صار عندها ليلا وعند أبيه نهارا ; ليعلمه ويؤدبه ، وإن لم يختر واحدا منهما ; أقرع بينهما ; لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر إلا بالقرعة .
والأنثى إذا بلغت سبع سنين ; فإنها تكون عند أبيها إلى أن يتسلمها زوجها ; لأنه أحفظ لها وأحق بولايتها من غيره ، ولا تمنع الأم من زيارتها مع عدم المحذور ، فإن كان الأب عاجزا عن حفظ البنت أو لا يبالي بها لشغله أو قلة دينه ، والأم تصلح لحفظها ; فإنها تكون عند أمها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأحمد وأصحابه إنما يقدمون الأب إذا لم يكن عليها في ذلك ضرر ، فلو قدر أنه عاجز عن حفظها وصيانتها ، ويهملها لاشتغاله عنها ، والأم قائمة بحفظها وصيانتها ; فإنها تقدم في هذه الحال ، فمع وجود فساد أمرها مع أحدهما ; فالآخر أولى بها بلا ريب " .
وقال رحمه الله : " وإذا قدر أن الأب تزوج بضرة ، وهو يتركها عند ضرة أمها ، لا تعمل مصلحتها ، بل تؤذيها وتقصر في مصلحتها ، وأمها تعمل مصلحتها ولا تؤذيها ; فالحضانة هنا للأم قطعا " انتهى ، والله أعلم .


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire