el bassaire

mercredi 12 octobre 2016

طريق الهداية

طَرِيقُ الْهِدَايَة

https://al-bassair.blogspot.com/

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله وأمينه على وحيه ومبلِّغ الناس شرعه ؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

لقاءنا هذا هو في موضوع من أهم الموضوعات وأجلها لقاءنا عن « الهداية وطريقها » الهداية التي هي أعظم المقاصد وأجلّ الأهداف وأنبل الغايات على الإطلاق الهداية التي يفتقر إليها كل عبد في حركاته وسكناته في قيامه وقعوده في شئونه كلها ، الهداية التي يحتاج إليها العبد في مستقبل أمره وفي ماضي أمره وفي وقته الحالي وفي جميع أوقاته ، الهداية التي بها تُنال السعادة ويظفر بالطمأنينة وبها يسعد العبد سعادةً لا شقاء بعدها أبدا ، الهداية التي هي منى كل مؤمن وغاية ومقصد كل موحِّد يطمع فيها ويسعى لثباتها ويرجو بقاءها معه في حياته وآخرته ، كما أن العبد محتاج للهداية في حياته فإنه كذلك محتاج إليها في آخرته ، فشأن الهداية عظيم وأمرها جدُّ كبير والحاجة إليها ماسة ، حاجة العبد وافتقاره إلى الهداية ماسة لأن سعادته وفلاحه وفوزه في الدنيا والآخرة مرتبط بها متوقفٌ على نيلها وتحصيلها فشأن الهداية عظيم ، ولهذا كثُرت النصوص في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في تعظيم شأن الهدية وتفخيم أمرها وبيان عظم شأنها وقدرها في آيات كثيرة وأحاديث عديدة عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وبيان حُسن عاقبة المهتدين وعظم ثوابهم عند ربهم وبيان أن الفلاح متحقق لهم في الدنيا والآخرة ؛ فهم أهنأ الناس عيشاً وأسرُّهم قلوباً وأنقاهم أفئدة وأزكاهم نفوساً وأسعدهم في كل شأن وفي كل أمر ...... صلى الله عليه وسلم  ((إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ)) فنبينا صلوات الله وسلامه عليه دلنا إلى كل خير ونصح أمته ؛ أبان الحُجة وأوضح المحَجة وأبان السبيل وما ترك خيراً إلا دل الأمة عليه ولا شراً إلا حذرها منه ، كل جانب تحتاج إليه في فعل الخير والبعد عن الشر دلك عليه النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، ولم يمت صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله جل وعلا في ذلك تنصيصاً وتبيينا قوله جل وعلا { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3] فبيَّن صلوات الله وسلامه عليه طريق الهداية وأوضحه ، بيَّنه في أتم وأروع وأحسن ما يكون من البيان ، فطريق الهداية مناراته واضحة وعلاماته بيِّنة وأبوابه مشرعة وسبيله نيِّر والذي على العبد هو أن يجاهد نفسه ويغالبها على سلوك هذا الطريق مستعيناً بالله تبارك وتعالى على ذلك { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69] .
ومن بيان النبي الكريم عليه الصلاة والسلام للهداية ومن كمال نصحه لأمته في هذا الباب أنه حرِص صلى الله عليه وسلم أن يبين لهم طريق الهداية بكل سبيل وبأوجه كثيرة من الدلالة وطرق عديدة من البيان نصحاً للأمة ودلالة لها إلى الخير ، ولهذا أقف بكم أيها الإخوة هنا مع حديثين عظيمين جداً عن النبي صلى الله عليه وسلم في توضيح طريق الهداية بضرب الأمثال ، وكما يقال « بالمثال يتضح المقال » فالنبي صلى الله عليه وسلم بياناً منه وإيضاحاً لطريق الهداية ضرب أمثالاً عظيمة توضح الأمر وتنير للمؤمن الجادة وتبين له السبيل أمثالاً عظيمة ، فأقف بكم مع مثلين عظيمين عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في بيان طريق الهداية :
 الأول ما ثبت في المسند والسنن عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلَا تَتَفَرَّجُوا وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ قَالَ وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ وَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ))
هذا الحديث العظيم يقول عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : « هذا حديث عظيم من عرفه انتفع به انتفاعاً كبيراً وأغناه عن علوم كثيرة » من عرفه يعني من فهم هذا الحديث وعرفه وتأمل فيه ووقف على دلالاته وعمل بمقتضاه أغناه عن علوم كثيرة ؛ وهو حقاً كذلك ، فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذا المثال العظيم الذي ضربه الله تبارك وتعالى لبيان الصراط المستقيم ولإيضاحه والدلالة عليه .
((صراطا مستقيما )) يعني طريق ممتد مستقيم .
(( وعلى جنبتي هذا الطريق المستقيم سوران ، وفي السورين أبواب مفتحة )) يعني الذي يمشي مع هذا الطريق يجد على يمنه ويساره أبواب مفتحة .
((وعلى هذه الأبواب ستور مرخاة )) أي ستائر نازلة من أعلى الأبواب إلى أسفلها .
((وعلى رأس الطريق داعٍ يدعو ، وفوق الطريق داعٍ يدعو )) وأنت في هذه الحياة بمثابة من هو في هذا الطريق المستقيم فتجد على يمينك ويسارك ستائر مرخاة على هذه الأبواب والنفس قد تحدِّث الإنسان ، والشيطان قد يدفع الإنسان افتح الستارة ادخل ترى تشاهد تقف على كذا مغريات أشياء وهكذا ، فيمشي الإنسان ويسير في هذا الطريق وكل مرة يواجهه أبواب على اليمين واليسار وستور مرخاة كما سيأتي معنا في الحديث الآخر ،  وعلى كل طريقٍ شيطان يدعو إليه : تفضل أدخل شاهد مغريات أشياء من هذا القبيل ((داع يدعو إليه )) فالإنسان في مجاهدة أن يبقى ثابتاً على هذا الصراط وقليل من عباد الله الذين يثبتون على ذلك { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103] ، والإنسان بحاجة أن يثبته الله على هذا الصراط ومن ثمرة الثبات عليه الثبات على الصراط الذي يُنصب على متن جهنم يوم القيامة .
ثم قال عليه الصلاة والسلام ((هذه الأبواب المفتحة محارم الله ، والستور المرخاة حدود الله )) فالباب المفتوح محارم الله يعني حرام أن يدخل معها الإنسان محرم عليه ، وهنا تأتي جميع المعاصي والآثام الزنا القتل وسائر الذنوب والآثام ويأتي في مقدمتها وأشنعها وأفظعها الشرك بالله عز وجل ، فالستور المرخاة قال ((محارم الله)) والإنسان مأمور بأن لا يتعدى حدود الله وأن يحافظ على طاعة الله وأن يتجنب محارم الله فلا يقع فيها  (( إِنَّ اللَّهَ حَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا ، وَفَرَضَ لَكُمْ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا ، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا)) هذا يوضح قوله أبواب وستور في هذا الحديث .
ثم قال ((وعلى رأس الصراط داع يدعو إليه وهو كتاب الله )) وهذا يدلنا أيها الإخوة إلى أن من يريد لنفسه حسن الاستقامة وكمال السير في الطريق المستقيم أن يعتني بكتاب الله عز وجل وأن يهتم به وأن يهتم بسنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام المبينة للقرآن ، فكتاب الله داعٍ يدعو للثبات على الصراط فما دمتَ مع القرآن فأنت على خير وأنت على صراط مستقيم قال الله تعالى { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } [الإسراء:9-10] ويقول تعالى { قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ } [المؤمنون:66-68] فالعناية بتدبر القرآن وتعقل معانيه ومعرفة دلالاته والعمل بما يقتضيه هذا أعظم عون للإنسان للثبات والدوام على صراط الله المستقيم ، وهكذا العناية بالسنة التي هي مبيِّنة وشارحة وموضحة لكتاب الله تبارك وتعالى ، الله جل وعلا يقول في القرآن { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } [الحشر:7] والعمل بالسنة والتقيد بها هو عمل بالقرآن وتقيد به .
((والداعي الذي فوق الصراط واعظ الله في كل مسلم )) وهو ما يقوم في قلب الإنسان من تقوى لله ومراقبة له وخشية منه وخوف من عقابه ومحبة لطاعته ونحو ذلك فهذا واعظ الله في قلب كل مسلم ، ولهذا جاء عن بعض الصحابة أنه قال : " إن للذنوب حزا في النفس " أي المؤمن الصادق عندما يرتكب معصية أو يقع منه ذنب يجد وخزا في قلبه ويوجد حزا في صدره وألم ولا يجد اطمئنان ولا راحة ((واعظ الله في قلب كل مسلم )) ولهذا الإنسان يبتعد عن الريبة يبتعد عن الأمور التي لا يطمئن لها قلبه ولا يسكن لها ويجد أنها لا تليق به وليست من شأن المسلم وإذا قاربها أو قارفها أو قارب أن يقع في شيء منها يجد في نفسه منها صدود ، أما صاحب القلب الميت فهو يقع في الذنب ويقارف المعاصي ولا يشعر لأن قلبه ميت " وما لجرحٍ بميت إيلام " صاحب القلب الميت لا يحس لكن القلب إذا كان فيه حياة لا يطمئن للمعصية وينزعج منها ويجد ألماً لها في صدره حتى يجانبها . فهذا حديث عظيم في بيان طريق الهداية .
 والحديث الآخر : حديث عبد الله بن مسعود الذي رواه الإمام أحمد في مسنده قال ((خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا ثُمَّ قَالَ هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ هَذِهِ سُبُلٌ قَالَ يَزِيدُ مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } )) فهذه الآية وهذا الحديث حديث ابن مسعود فيه الدلالة إلى أن طريق الله المستقيم طريق واحد لا ثاني له ، طريق مستقيم يصل بالعبد من هذه الحياة الدنيا إلى الجنة ، طريقٌ مستقيم لا عوج فيه ولا ميلان وإنما هو طريق ممتد مستقيم يصل بالعبد من هذه الدنيا إلى الجنة ، مثل ما جاء عن ابن مسعود راوي هذا الحديث أن رجلاً سأله قال له ما الصراط المستقيم ؟ قال : ((تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوله يعني في بدايته ونهايته في الجنة ، وعليه جوادّ - أي طرق - وفي هذه الجواد رجال يدعون -يعني يدعون إلى هذه الجواد وإلى هذه الطرق- ، فمن سلك هذه الجواد التي على جنبتني الصراط انتهت به إلى النار ، ومن سار على الصراط المستقيم انتهى به إلى الجنة )) .
فالنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا في الحديث بهذا المثال العظيم البديع الذي وضَّح فيه الصراط المستقيم غاية الإيضاح بيَّنه لنا ، الصراط المستقيم طريق واضح هو التزام دين الله ، إسلام الوجه لله ، الإقامة على طاعة الله ، المحافظة على عبادته ، البعد عن ما حرم الله عز وجل ، إذا زل الإنسان إذا أخطأ قارف ذنباً معصية أو نحو ذلك فإنه ينيب ويعود لفوره إلى طريق الله المستقيم ، وينيب إلى ربه العظيم ويتوب من ذنبه وخطئه وتقصيره ويعود لسلوك هذا الطريق على أحسن ما يكون وأتم ما يكون، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم ((كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ))، فلا يعني أن الإنسان إذا دخل باباً من هذه الأبواب المفتحة أو سلك جادة من هذه الجواد المهلكة لا يعني ذلك أن يتمادى في الباطل وأن يستمر في طريق الغواية بل الواجب عليه أن يعود وينيب إلى طريق الله وصراطه المستقيم.
أيها الإخوة الهداية كما تقدم هي العلم بالحق والعمل به ، فحاجة العبد إلى هذين الأمرين هي أشد ما تكون حاجة ، تحتاج أنت في هذه الحياة أن تجاهد نفسك على تحصيل العلوم النافعة - علم الكتاب والسنة - أن تجاهد نفسك على هذا الأمر العظيم وأن تخصص في حياتك أوقاتاً لذلك لتتعلم ولتتفقه في دين الله ولتعرف أحكام الله عز وجل ولترفع الجهل عن نفسك { وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا } [النحل:78] لكنه جعل لك سمع وجعل لك بصر وجعل لك فؤاد لتتعلم ولتتفقه في دين الله ولتعرف أحكام الله جل وعلا ، فتحتاج إلى العلم بدين الله وتحتاج إلى العمل بدينه سبحانه وتعالى ؛ فمن كان عالماً عاملا فهو مهتد راشد، ومن كان مخلاً بالأمرين فهو ضالٌ غاوٍ .
وتأمل معي هذه الآية الكريمة في أول سورة النجم قال الله تعالى : {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ } يعني محمد صلى الله عليه وسلم {وَمَا غَوَى (2) } نفى عنه الضلال ونفى عنه الغواية لكمال علمه وعمله صلوات الله وسلامه عليه ؛ فإذا ائتسيت به واقتديت به وجاهدت نفسك على اتباعه وتعلم هديه واتباع سنته واقتفاء آثاره كنت بعيداً بحسب ذلك من الضلال والغواية . وضد الضال المهتد ، وضد الغاوي الراشد ، فمن حافظ على العلم والعمل كان مهتدياً راشدا .
وتأمل معي أيضاً حديث النبي عليه الصلاة والسلام في وصف الخلفاء الراشدين لهاتين الخصلتين العظيمتين التين هما قوام الأمر وسداده ؛ قال عليه الصلاة والسلام ((عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ)) فوصفهم بالهداية ووصفهم بالرشاد ؛ وصفهم بالهداية لسلامة علمهم ووصفهم بالرشاد لحسن وتمام عملهم لأنهم في ذلك مقتدين بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قدَّمت أن ركني الهداية الذين لا قوام للهداية إلا بهما : العلم ، والعمل ؛ فبهما يكون العبد مهتديا ، وبهما يكون العبد راشدا ، وبهما يكون على صراط مستقيم . والعلم عند الله .


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire