el bassaire

jeudi 19 février 2009

رسالة في قصة شعيب عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعينأما بعد فقد ذكر الله سبحانه وتعالى قصة شعيب النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضع من كتابه وإرساله إلى أهل مدين وقال في موضع آخر كذب أصحاب الأيكة المرسلين سورة الشعراء 176 فأكثر الناس يقولون إنهم أهل مدين ومن الناس من يجعلها قصتينشيخ مدين لم يكن شعيباوذكر في قصة موسى أنه ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما الآية سورة القصص 23 إلى آخر القصة فموسى عليه السلام قضى أكمل الأجلين ولم يذكر عن هذا الشيخ أنه كان شعيبا ولا أنه كان نبيا ولا عند أهل الكتابين أنه كان نبيا ولا نقل عن أحد من الصحابة أن هذا الشيخ الذي صاهر موسى كان شعيبا النبي لا عن ابن عباس ولا غيره بل المنقول عن الصحابة أنه لم يكن هو شعيبقال سنيد بن داود شيخ البخاري في تفسيره بإسناده عن ابن عباس
قال اسمه يثرى قال حجاج وقال غيره يثرون وعن شعيب الجبائي أنه قال اسم الجاريتين ليا وصغوره وامرأة موسى صغوره ابنة يثرون كاهن مدين والكاهن الحبر وفي رواية عن ابن عباس أن اسمه يثرون أو يثرىوقال ابن جرير اسم إحدى الجاريتين ليا ويقال شرفا والأخرى صغورة وقال أيضا وأما أبوهما فمختلف في اسمه فقال بعضهم اسمه يثرون وقال ابن مسعود الذي استأجر موسى ابن أخي شعيب يثرون وقال أبو عبيدة هو يثرون ابن أخي شعيب النبي صلى الله عليه وسلموقال آخرون اسمه يثرى وهو منقول عن ابن عباسوقال الحسن يقولون هو شعيب النبي لا ولكنه سيد أهل الماء يومئذقال ابن جرير وهذا لا يدرك علمه إلا بخبر عن معصوم ولا خبر في ذلك
وقيل اسمه أثرونفهذه كتب التفسير التي تروي بالأسانيد المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين لم يذكر فيها عن أحد أنه شعيب النبي صلى الله عليه وسلم ولكن نقلوا بالأسانيد الثابتة عن الحسن البصري أنه قال يقولون إنه شعيب وليس بشعيب ولكنه سيد الماء يومئذفالحسن يذكر أنه شعيب عمن لا يعرف ويرد عليهم ذلك ويقول ليس هو شعيبوإن كان الثعلبي قد ذكر أنه شعيب فلا يلتفت إلى قوله فإنه ينقل الغث والسمين فمن جزم بأنه شعيب النبي فقد قال ما ليس له به علم وما لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عمن يحتج بقوله من علماء المسلمين وخالف في ذلك ما ثبت عن ابن عباس والحسن البصري مع مخالفته أيضا لأهل الكتابين فإنهم متفقون على أنه ليس هو شعيب النبي فإن ما في التوراة التي عند اليهود والإنجيل الذي عند النصارى أن اسمه يثرون وليس لشعيب النبي عندهم ذكر في التوراةكان شعيب عربيا وموسى عبرانياوقد ذكر غير واحد من العلماء أن شعيبا كان عربيا بل قد روي عن أبي ذر مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو حاتم وغيره أن شعيبا كان عربيا وكذلك هود وصالح وموسى كان عبرانيا فلم يكن يعرف لسانه
وظاهر القرآن يدل على مخاطبة موسى للمرأتين وأبيهما بغير ترجمانوإنما شبهة من ظن ذلك أنه وجد في القرآن قصة شعيب وإرساله إلى أهل مدين ووجد في القرآن مجيء موسى إلى مدين ومصاهرته لهذا فظن أنه هووالقرآن يدل أن الله أهلك قوم شعيب بالظلة فحينئذ لم يبق في مدين من قوم شعيب أحد وشعيب لا يقيم بقريه ليس بها أحد وقد ذكروا أن الأنبياء كانوا إذا هلكت أممهم ذهبوا إلى مكة فأقامة بها إلى الموت كما ذكر أن قبر شعيب بمكة وقبر هود بمكة وكذلك غيرهماوموسى لما جاء إلى مدين كانت معمورة بهذا الشيخ الذي صاهره ولم يكن هؤلاء قوم شعيب المذكورين في القرآن بل ومن قال إنه كان ابن أخي شعيب أو ابن عمه لم ينقل ذلك عن ثبت والنقل الثابت عن ابن عباس لا يعارض بمثل قول هؤلاءوما يذكرونه في عصا موسى وأن شعيبا أعطاه إياها وقيل أعطاه إياها هذا الشيخ وقيل جبريل وكل ذلك لا يثبتوعن أبي بكر أظنه الهذلي قال سألت عكرمة عن عصا موسى قال هي عصا خرج بها آدم من الجنة ثم قبضها بعد ذلك جبريل فلقي بها موسى ليلا فدفعها إليهوقال السدي في تفسيره المعروف أمر أبو المرأتين ابنته أن يأتي موسى بعصا وكانت تلك العصا عصا استودعها ملك في صورة رجل إلى آخر القصة استودعه إياها ملك في سورة رجل وأن حماه خاصمه وحكما بينهما رجلا
وأن موسى أطاق حملها دون حميه وذكر عن موسى أنه أحق بالوفاء من حميهولو كان هذا هو شعيبا النبي لم ينازع موسى ولم يندم على إعطائه إياها ولم يحاكمه ولم يكن موسى قبل أن ينبأ أحق بالوفاء منه فإن شعيبا كان نبيا وموسى لم يكن نبيا فلم يكن موسى قبل أن ينبأ أكمل من نبي وما ذكره زيد من أنه كان يعرف أن موسى نبي إن كان ثابتا فالأحبار والرهبان كانت عندهم علامات الأنبياء وكانوا يخبرون بأخبارهم قبل أن يبعثوا والله سبحانه أعلمفصلوأما شياع كون حمى موسى شعيبا النبي عند كثير من الناس الذين لا خبرة لهم بحقائق العلم ودلائله وطرقه السمعية والعقلية فهذا مما لا يغتر به عاقل فإن غاية مثل ذلك أن يكون منقولا عن بعض المنتسبين إلى العلم وقد خالفه غيره من أهل العلم وقول العالم الذي يخالفه نظيره ليس حجة بل يجب رد ما تنازعا فيه إلى الأدلةومثال ذلك ما ذكره بعضهم أو كثير منهم من أن الرسل المذكورين في سورة يس هم من حواريي المسيح عليه السلام وأن حبيب النجار آمن بهم وهذا أمر باطل عند أجلاء علماء المسلمين وعند أهل الكتاب فإن الله قد أخبر عن هذه القرية التي جاءها المرسلون أنه قد أهلك أهلها فقال تعالى إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون الآية 29
وأنطاكية لما جاءها اثنان من الحواريين بعد رفع المسيح آمنوا بهما وهي أول مدينة اتبعت المسيح ولم يهلكهم الله بعد المسيح باتفاق المسلمين وأهل الكتاب فكيف يجوز أن يقال هؤلاء هم رسل المسيحوأيضا فإن الذين أتوهم كانا اثنين من الحواريين وأهل الكتاب معترفون بذلك ولم يكن حبيب النجار موجودا حينئذ بل هؤلاء رسل أرسلهم الله قبل المسيح وأهلك أهل تلك القرية وقد قيل إنها أنطاكية وآمن حبيب بأولئك الرسل ثم بعد هذا عمرت أنطاكية وجاءتهم رسل المسيح بعد ذلكوالحواريون ليسوا رسل الله عند المسلمين بل هم رسل المسيح كالصحابة الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسلهم إلى الملوك ومن زعم أن هؤلاء حواريون فقد جعل للنصارى حجة لا يحسن أن يجيب عنها وقد بسطنا ذلك في الرد على النصارى وبينا أن الحواريين لم يكونوا رسلا فإن النصارى يزعمون أن الحواريين رسل الله مثل إبراهيم وموسى وقد يفضلونهم على إبراهيم وموسى وهذا كفر عند المسلمين وقد بينا ضلال النصارى في ذلكآخره والحمد لله وحده وصلى الله
على سيدنا محمد وآله وصحبه

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire