el bassaire

jeudi 19 février 2009

رسالة في لفظ السنة في القرآن


بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وعليه التكلان والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين وسلم تسليما أما بعد فهذافصللفظ السنن في مواضع من القرآناعلم أنه قد ذكر الله تعالى لفظ سننه في مواضع من كتابه فقال تعالى سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا سورة الإسراء 77 وقال تعالى ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا سورة الأحزاب 38 وقال تعالى في آخر السورة ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا سورة الأحزاب 61 62وقال فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا سورة فاطر 43وقال سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون سورة غافر 85وقال ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا سورة الفتح 22 23
وقال تعالى قد خلت من قبلكم سنن سورة آل عمران 137وقال تعالى وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين سورة الكهف 55سنته نصرة أوليائه وإهانة أعدائهفهذه كلها تتعلق بأوليائه كمطيعيه وعصاته كالمؤمنين والكافرين فسنته في هؤلاء إكرامهم وسنته في هؤلاء إهانتهم وعقوبتهمالآية الأولىفأما الأولى فإنها تتعلق بالرسل لأنه لا حرج عليهم فيما فرض الله تعالى لهم وهذا كقوله تعالى قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم سورة التحريم 2 والمفروض هنا مباح مقدر محدود مثل إباحة زوجة المتبنى بعد أن قضى منها وطرا وطلقها لا بأن تؤخذ منه بغير اختياره وقد قال تعالى وقد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم سورة الأحزاب 50 أي أوحينا وحرمنا قبلوهنا المراد به سنته في رسله أنه أباح لهم الأزواج وغيرها كما قال ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية سورة الرعد 38 وأنه لا حرج عليهم في ذلك فلم يكن محمد صلى الله عليه وسلم بدعا من الرسل ولم يقل هنا ولن تجد لسنتنا تبديلا فإنه لا نبي بعد محمدالأربعة البواقي:والأربعة البواقي تتضمن عقوبة الكفار والمنافقين فالأولى قوله
الأولىإنهم لو استفزوه فأخرجوه لم يلبثوا خلفه إلا قليلا كسنة من أرسل قبله من الرسل فإما أن يقال وقع هذا الإخراج بالهجرة ولم يلبثوا خلفه إلا قليلا وهو ما أصابهم يوم بدر وإما أن يقال لم يقعالثانيةوالثانية قوله لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض الآية سورة الأحزاب 60 كما أصاب من قبلهم من أهل الكتاب فإن الله أخرجهم فإن لم ينته غي هؤلاء بل أظهروا الكفر كما أظهره أولئك أخرجناهم كما أخرجناهم بخلاف ما إذا كتموهوهذه السنه تتضمن أن كل من جاور الرسول صلى الله عليه وسلم متى أظهر مخالفته مكن الله الرسول من إخراجه وهذه في أهل العمد والمنافقين وقد يقال هي لهم مع المؤمنين أبداالثالثةوالثالثة في أهل المكر السيء وأن سنة الله أن ينصر رسله والذين آمنوا على أعدائهم وينتقم منهم وقال هنا فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلاالرابعةوالرابعة في حال الكفار مع المؤمنين
السنن المتعلقة بالأمور الطبيعية ينقضها الله إذا شاءوهذه السنن كلها سنن تتعلق بدينه وأمره ونهيه ووعده ووعيده وليست هي السنن المتعلقة بالأمور الطبيعية كسنته في الشمس والقمر والكواكب وغير ذلك من العادات فإن هذه السنة ينقضها إذا شاء بما شاءه من الحكم كما حبس الشمس على يوشع وكما شق القمر لمحمد صلى الله عليه وسلم وكما ملأ السماء بالشهب وكما أحيا الموتى غير مرة وكما جعل العصا حية وكما أنبع الماء من الصخرة بعصا وكما أنبع الماء من بين أصابع الرسول صلى الله عليه وسلموقد ذكر بعض هذه الآيات السهروردي في المنقول في الألواح العمادية وفي المبدأ والمعاد محتجا بها على ما يقوله هو أمثاله من المتفلسفة أن العالم لم يزل ولا يزال هكذا بناء على أن هذه سنة الرب عز و جل وعادته وهي لا تبديل لها إذ كان عندهم ليس فاعلا بمشيئته واختياره بل موجب بذاتهفيقال لهم احتجاجكم على هذا بالقرآن في غاية الفساد فإن القرآن يصرح بنقيض مذهبكم في جميع المواضع وقد علم بالإضطرار أن ما يقولونه مخالف لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فاحتجاجكم بهذا أفسد من احتجاج النصارى على أن محمدا شهد بأن دينهم بعد النسخ والتبديل حق بآيات من القرآن حرفوها عن مواضعها قد تكلمنا عليها في الجواب الصحيح لمن بدل
دين المسيح فإن النصارى وإن كانوا كفارا بتبديل الكتاب الأول وتكذيب الثاني فهم خير منكم من وجوه كثيرة فإنهم يقولون بالأصول الكلية التي اتفقت عليها الرسل وإن كانوا حرفوا بعض ذلك كالإيمان بأن الله خالق كل شيء وأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير والإيمان بملائكته ورسله واليوم الآخر والجنة والنار وغير ذلك مما تكذبون أنتم بهالأدلة على ذلكوأما بيان الدلالة فمن وجوهالأولأحدها أن يقال العادات الطبيعية ليس للرب فيها سنة لازمة فإنه قد عرف بالدلائل اليقينية أن الشمس والقمر والكواكب مخلوقة بعد أن لم تكن فهذا تبديل وقع وقد قال تعالى يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات سورة إبراهيم 48الثانيوأيضا فقد عرف انتقاض عامة العادات فالعادة في بني آدم ألا يخلقوا إلا من أبوين وقد خلق المسيح من أم وحواء من أب وآدم من غير أم ولا أب وإحياء الموتى متواتر مرات متعددة وكذلك تكثير الطعام والشراب لغير واحد من الأنبياء والصالحين عليهم السلامالثالثوأيضا فعندكم تغيرات وقعت في العالم كالطوفانات الكبار فيها تغيير العادةوهذا خلاف عادته التي وعد بها وأخبر أنها لا تتغير لنصرة أوليائه وإهانة أعدائه فإن هذا علم بخبره وحكمتهأما خبره فإنه أخبر بذلك ووعد به وهو الصادق الذي لا يخلف الميعاد
وهذا يوافق طرق جميع طوائف أهل الملل ويقولون مقتضى حكمته أن يكون العاقبة والنصر لأوليائه دون أعدائه كما قد بسط ذلك في مواضعوأما الأمور الطبيعية فإما أن تقع بمحض المشيئة على قول وإما أن تقع بحسب الحكمة والمصلحة على قول وعلى كلا التقديرين فتبديلها وتحويلها ليس ممتنعا كما في نسخ الشرائع وتبديل آية بآية فإنه إن علق الآية بمحض المشيئة فهو يفعل ما يشاء وإن علقها بالحكمة مع المشيئة فالحكمة تقتضي تبديل بعض ما في العالم كما وقع كثير من ذلك في الماضي وسيقع في المستقبل فعلم أن هذه السنن دينيات لا طبيعياتولكن في قوله تعالى ولن تجد لسنة الله تبديلا حجة للجمهور القائلين بالحكمة فإن أصحاب المشيئة المجردة يجوزون نقض كل عادة ولكن يقولون إنما نعلم ما يكون بالخبرسنته تعالى مطردة في الدينيات والطبيعياتوقوله تعالى فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا دليل على أن هذا من مقتضى حكمته وأنه يقضي في الأمور المتماثلة بقضاء متماثل لا بقضاء مخالف فإذا كان قد نصر المؤمنين لأنهم مؤمنون كان هذا موجبا لنصرهم حيث وجد هذا الوصف بخلاف ما إذا عصوا ونقضوا إيمانهم كيوم أحد فإن الذنب كان لهم ولهذا قال ولن تجد لسنة الله تبديلا فعم كل سنة له وهو يعم سنته في خلقه وأمره في الطبيعيات والدينياتنقض العادة لاختصاص معينلكن الشأن أن تعرف سنته وحقيقة هذا أنه إذا نقض العادة فإنما ينقضها لاختصاص تلك الحال بوصف امتازت به عن غيره فلم تكن سنته
مع ذلك والإختصاص بسنته مع عدمه كما نقول إذا خصت العلة لفوات شرط أو وجود مانع وكما نقول في الإستحسان الصحيح وهو تخصيص بعض أفراد العام بحكم يختص به لامتيازه عن نظائره بوصف يختص بهالسنة هي العادةوالسنة هي العادة في الأشياء المتماثلة وسنة هنا تجري على سنه هذا في الإشتقاق الأكبر والسنة من هذا الباب سواء كان أصله سنوة أو سنهة وهما لغتان في السنةوالسنن و أسنان المشط ونحو ذلك بلفظ السنة يدل على التماثل فإنه سبحانه إذا حكم في الأمور المتماثلة بحكم فإن ذلك لا ينتقض ولا يتبدل ولا يتحول بل هو سبحانه لا يفوت بين المتماثلين وإذا وقع تغيير فذلك لعدم التماثل وهذا القول أشبه بأصول الجمهور القائلين بالحكمة في الخلق والأمر وأنه سبحانه يسوي بين المتماثلين ويفرق بين المختلفين كما دل القرآن على هذا في مواضع كقوله تعالى أفنجعل المسلمين كالمجرمين سورة القلم 35ومن هذا الباب صارت قصص المتقدمين عبرة لنا ولولا القياس واطراد فعله وسنته لم يصح الإعتبار بها والإعتبار إنما يكون إذا كان حكم الشيء حكم نظيره كالأمثال المضروبة في القرآن وهي كثيرةوذكر لفظ التبديل والتحويل كقوله تعالى قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا سورة الإسراء 56 فالتبديل أن تبدل بخلافه والتحويل أن تحول من محل إلى محل
مثل استفزازه من الأرض ليخرجوه فإنهم لا يلبثون خلفه إلا قليلا ولا تتحول هذه السنة بأن يكون هو المخرج وهم اللابثون بل متى أخرجوه خرجوا خلفه ولو مكث لكان هذا استصحاب حال بخلاف ظهور الكفار فإنه كان تبديلا لظهور المؤمنين وظهور الكفار إذ كان لا بد من أحدهماوأما أهل المكر السيء والكفار فهي سنة تبديل لا بد لهم من العقوبة لا يبدلون بها غيرها ولا نتحول عنهم إلى المؤمنين وهو عيد لأهل المكر السيء أنه لا يحيق إلا بأهله ولن يتبدلوا به خيرا بتضمن نفيا وإثباتا فلهذا نفى عنه التبديل والتحويلفصلوالقرآن قد دل على هذا الأصل في مواضع كقوله قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون سورة الأنعام 47 وقوله وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد سورة هود 102 وقوله أكفار كم خير من أولئكم سورة القمر 43 ومنه قوله لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب سورة يوسف 111 وقوله قد كان لكم آية في فئتين التقتا سورة آل عمران 13 إلى قوله إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار سورة آل عمران 13فصلوقد أخبر سبحانه أنه تارة يعاقبهم عقب السراء وتارة يعاقبهم عقب
الضراء إذا لم يتضرعوا فقال تعالى ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون إلى قوله مبلسون سورة المؤمنون 76 77 فهنا أخبر أنه بالعذاب الأدنى ما استكانوا وما تضرعوا حتى أخذهم بالإهلاك كما قال ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون سورة السجدة 21 وقال أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون سورة التوبة 126 والضمير يكون عائدا على الذين لا يؤمنون بالآخرة وقال في سورة الأنعام ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء إلى قوله والحمد لله رب العالمين سورة الأنعام 42 45 فهذه نظيرها في الأعراف في قوله وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء إلى قوله وهم لا يشعرون الآيات سورة الأعراف 94 95 فقد ذمهم أنهم لم يتضرعوا لما أخذهم بالبأساء والضراء فإنه بعد هذا بدل الحالة السيئة بالحالة الحسنة فلم يطيعوا فأخذهم بالعذاب بغتة فهنا أخذهم أولا بالضراء ليضرعوا فلم يتضرعوا فابتلاهم الله بالسراء ليطيعوا فلم يطيعوا فأخذهم بالعذاب وهذا كقوله تعالى وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون سورة الأعراف 168 فهؤلاء ابتلوا بالضراء أولا ثم بالسراء ثانيا وقد أخبر أنه ما أرسل في قرية من نبي إلا كانوا هكذا
وهذا كما ذكره سبحانه في حال قوم فرعون وغيرهم وهذا ذم لمن لم يستقم لا في الضراء ولا في السراء لا دعا بالضراء ولا بالسراء ولا تضرع في الضراء ولا شكر ولا آمن في السراء ابتلاهم بالحسنات وهي النعم والسيئات وهي المصائب فما أطاعوا لا في هذا ولا في هذاوأما آية المؤمنين فأمراؤهم لم يستكينوا ولم يتضرعوا حتى فتح عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون وهؤلاء قد يكون تقدم لهم ابتلاء بالحسنات أولا فإنه قال في أول الكلام يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم سورة المؤمنون 51 إلى قوله أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون إلى قوله حتى إذا اخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون الآية 64 إلى قوله ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم الآيتان 75 76فهؤلاء كانوا في حالة حسنة فلما لم يتقوه أخذ مترفيهم بالعذاب ثم أخذهم بالعذاب ليتضرعوا فلما لم يتضرعوا ابتلاهم بالحسنات أولا فلما لم يتقوه استحقوا العذاب فيعتبر الفرق بين هؤلاء وهؤلاءآخره والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين وسلم تسليما

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire