el bassaire

mardi 6 septembre 2016

باب النهي عن لبس الخفين في الإحرام إلى باب موضع الطيب

باب النهي عن لبس الخفين في الإحرام
إلى باب موضع الطيب
شرح سنن النسائي - كتاب مناسك الحج
للشيخ : عبد المحسن العباد

https://al-bassair.blogspot.com/
لا يجوز للمحرم لبس العمائم والبرانس والخفاف؛ لورود الأدلة الشرعية التي تنهى عن ذلك، ويباح الطيب عند الإحرام وكذا استدامة أثره بعد الإحرام، لتضافر الأدلة بإباحة ذلك.


قال المصنف رحمه الله تعالى: [النهي عن لبس الخفين في الإحرام.
أخبرنا هناد بن السري عن ابن أبي زائدة حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا تلبسوا في الإحرام القميص، ولا السراويلات، ولا العمائم، ولا البرانس، ولا الخفاف)].
ثم أورد النسائي: النهي عن لبس الخفين في الإحرام. إذا كان الإنسان محرماً، فهو منهي عن أن يلبس الخفين، ولكنه كما جاء في بعض الروايات حديث ابن عمر أنه إذا لم يجد النعلين يلبس الخفين، ويقطعهما أسفل الكعبين، إذا كانا يغطيان الكعبين، وقد عرفنا: أنه جاء في حديث ابن عباس: (أن من لم يجد إزاراً يلبس السراويل، ومن يجد النعلين يلبس الخفين)، وليس في حديث ابن عباس ذكر القطع.
وفي هذه المسألة جمهور العلماء ذهبوا إلى أن من لم يجد نعلين يلبس خفين، ويقطعهما أسفل الكعبين، وأن من أهل العلم من ذهب إلى أن من لم يجد النعلين يلبس الخفين، بدون قطع، والجمهور أخذوا بحديثابن عمر وقالوا: ما جاء في حديث ابن عباس محمول على ما جاء في حديث ابن عمر، وهو حمل المطلق على المقيد، والذين قالوا: بعدم القطع إذا لم يجد نعلين ولبس الخفين، استدلوا بحديث ابن عباس، وقالوا: إن حديث ابن عباس متأخر؛ لأن حديث ابن عمر كان في المدينة قبل الذهاب للحج، وأما حديث ابن عباس فكان بعرفات، وكان يخطب الناس صلى الله عليه وسلم، وقد حضر هذه الخطبة الحجاج الذين جاءوا من مختلف الآفاق، فلو كان القطع لازماً لبينه النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن أكثر الناس حضروا هذه الخطبة، ولم يحضروا ما جاء في حديث ابن عمر في المدينة، وإنما حضروا هذه الخطبة في عرفات، وفيها: (أن من لم يجد إزاراً يلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين يلبس الخفين)، والقول: بعدم القطع بهذا الوجه وبهذا الاستدلال هو الأوضح والأظهر، والله تعالى أعلم.

شرح حديث ابن عباس في الرخصة في لبس الخفين في الإحرام لمن لم يجد نعلين                                                                    

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الرخصة في لبس الخفين في الإحرام لمن لا يجد نعلين.
أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا يزيد بن زريع أخبرنا أيوب عن عمرو عن جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إذا لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين)].
ثم أورد النسائي: لبس الخفين في الإحرام إذا لم يجد النعلين، وأورد فيه حديث: ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الذي فيه: أنه يلبس الخفين إذا لم يجد النعلين، وفيه أيضاً: أنه (يقطعهما أسفل الكعبين)، وقد مر بنا حديث ابن عباس قبل هذا وليس فيه ذكر القطع، وإنما القطع هو في حديث ابن عمر وليس في حديث ابن عباس.
إذاً فهذه الرواية التي فيها القطع في حديث ابن عباس شاذة، وإنما المحفوظة هي التي في حديث ابن عمر، وليست التي في حديث ابن عباس، فيحتمل أن يكون هناك وهم، وانتقال ذهن من حديث إلى حديث، يعني: ذكر القطع في حديث ابن عمر إلى حديث ابن عباس، وحديث ابن عباس ليس فيه ذكر القطع، وأكثر الذين رووه ما ذكروا فيه القطع، وإنما ذكروه بدون قطع، وهي خطبة حصلت في عرفات، وحضرها الحجاج، وعلى هذا فإن حديث ابن عباس المحفوظ فيه عدم القطع، وحديث ابن عمر المحفوظ فيه هو القطع.
وقد جاء في بعض الروايات عدم التعرض للقطع، ولكنها مختصرة على سبيل الاختصار، وعلى هذا فإن من لم يجد نعلين، فمرخصٌ له أن يلبس الخفين، لكن هل يقطعهما؟ وقد قال بذلك الجمهور اعتماداً على ما جاء في حديث ابن عمر، وليس حديث ابن عباس، أو لا يقطعهما اعتماداً على ما جاء في حديث ابن عباس من الإطلاق، وهو متأخر عما جاء في حديث ابن عمر؛ لأنه في عرفة، وقد حضر هذه الخطبة الحجاج الذين جاءوا من مختلف الآفاق، ولم يكونوا على علم بما جاء في حديث ابن عمر.
شرح حديث: (إذا لم يجد المحرم النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)                                                                    
قال المصنف رحمه الله تعالى: [قطعهما أسفل من الكعبين.
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشيم أخبرنا ابن عون عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إذا لم يجد المحرم النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة: وهي قطعهما، أي: قطع الخفين حتى يكون أسفل من الكعبين، وقد أورد فيه حديث: ابن عمر من طريق، وذكره هنا مختصراً، وفيه ما ترجم له، وهي الجملة التي فيها: أن (من لم يجد نعلين يلبس الخفين، وليقطعهما أسفل الكعبين)، وعليه كما ذكرت اعتمد جمهور أهل العلم وقالوا: بتعين القطع إذا لبس الخفين عند عدم وجود النعل.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [النهي عن أن تلبس المحرمة القفازين.
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: النهي عن أن تلبس المرأة القفازين في الإحرام، وأورد فيه حديث: ابن عمر من طريقٍ أخرى، وفيه ذكر النهي عن لبس القفازين، والحديث مر من طرق عديدة كما عرفنا: أن طريقة المصنف يأتي بالترجمة ويورد الحديث من طرق وهو حديث واحد، وقد مر من أوجه عديدة، والقفازان هما: ما تدخل فيهما اليد، ويجعلان ساتران لليد، ويوضعان أو يصنعان على قدر اليد، هذان هما القفازان، فلا تلبسهما المرأة، ولا يجوز لها أن تلبسهما، والمرأة كما عرفنا ليست مثل الرجل في اللباس، بل تلبس ما تشاء من اللباس، تلبس القمص، وتغطي الرأس، وتلبس السراويل، وتلبس كل شيء إلا أنها لا تنتقب، ولا تلبس القفازين في يديها، أما رجليها فتغطيهما بخفاف، أو بجوارب، أو بغير ذلك، وإنما الذي تمنع منه كما جاء في حديث ابن عمر الانتقاب، وهو أن تلبس على وجهها شيئاً لا يخرج منه إلا عيناها، وكذلك أن تلبس القفازين في يديها، فإن المرأة لا تلبس القفازين، ولا تنتقب، وإنما تكشف وجهها حيث لا يكون هناك رجال أجانب، فإذا كان هناك رجال أجانب تسدل خمارها على وجهها، بدون أن يكون هناك انتقاب.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [التلبيد عند الإحرام.
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: التلبيد في الإحرام، يعني: تلبيد شعر الرأس، وهو أنه يوضع عليه شيء يجعله يتماسك، ويلتصق بعضه ببعض كالصمغ، ويحتاجون إلى ذلك لطول السفر، ولطول المكث في الإحرام، ويضعون ذلك حتى لا يدخله الغبار، وحتى لا ينتفش، وإنما يبقى مستقراً على هيئته التي لبد عليها، وبقي عليها، فكانوا يمكثون في الإحرام مدةً طويلةً، يعني: من المدينة تسعة أيام، أي تسع مراحل من المدينة إلى مكة، فكانوا يلبدون بذلك، فهذا هو: التلبيد.
وأورد فيه النسائي حديث: حفصة رضي الله تعالى عنها وأرضاها: أن النبي عليه الصلاة والسلام، لما وصل إلى مكة، وأمر الذين أحرموا بحج مفردين، أو بحج وعمرة قارنين، ولم يسوقوا الهدي، أمرهم أن يفسخوا إحرامهم إلى عمرة، وأن يكونوا متمتعين، فلما حصل منهم ذلك بأمره صلى الله عليه وسلم، قالت حفصة للرسول صلى الله عليه وسلم: (ما بال الناس حلوا من إحرامهم وأنت لم تحل من إحرامك؟) يعني: أنت بقيت على إحرامك، والذين كانوا محرمين بالقران وبالإفراد حلوا؟ قال: (إنني لبدت شعري، وقلدت هديي، فلا أحل حتى يبلغ الهدي محله أو حتى أنحر هديي)، فمحل الشاهد من قوله: (لبدت شعري)، أي: أنه كان قد لبد شعره، وقلد هديه، والذي يسوق الهدي وهو قارن، أو مفرد، ليس له أن يتحول إلى عمرة، بل عليه أن يبقى في إحرامه إلى يوم العيد، حيث يرمي الجمرة، ويحلق، وينحر الهدي، وعند ذلك يتحلل التحلل الأول.
إذاً: الترجمة التلبيد في الإحرام، وأورد فيه حديث: حفصة الذي فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لبدت شعري)، وهذا هو التلبيد، وهذا هو المقصود منه.
قليد الهدي وهل هو سنة                                          
وقوله: (وقلدت هديي) [عن حفصة].
وهي: حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، يروي عنها أخوها عبد الله بن عمر، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
تقليد الهدي يعني: يضعون عليه قلادة تدل على أنه هديٌ، وكذلك الإشعار أيضاً يعني يشعرونه، وهي أنهم يشقون في سنامه، حتى يخرج الدم، ثم يجعلونه على شعره حتى يكون علامة على أن هذا هدي.
وكما هو معلوم: في هذا الوقت ليس هناك طول فكلها ساعات قليلة، فالأمر لا يحتاج إلى ذلك؛ لقلة الوقت، وقلة الزمان، ولكونه لا يمضي بضع ساعات إلا وقد انتهى الإنسان من إحرامه، إذا كان معتمراً، أما إذا كان محرماً بحج، وكان في زمن مبكر، فإنه قد يطول عليه، ولكنه إذا كان محرماً بحج ولا يمكن أن يسرق الهدي، فالأفضل في حقه أن يفسخه إلى عمرة، ويجوز له أن يبقى على إحرامه، لكنه خلاف الأولى وخلاف الأفضل، وإذا لبد الإنسان الذي سيطول مكثه في الإحرام، فقد فعل ذلك رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع واللفظ له عن ابن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهل ملبداً)].
ثم أورد حديث: ابن عمر: [(رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يهل ملبداً)]، يعني: ملبداً رأسه، وهو الذي قال في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم المتقدم: (لبدت شعري)، وهنا قال: (ملبداً)، أي: ملبداً رأسه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [إباحة الطيب عند الإحرام.
ثم أورد النسائي: إباحة الطيب عند الإحرام، أي: قبله، وليس بعده، أما بعده فلا يجوز التطيب، وإذا حصل تطيب يغسل إذا كان بعد الإحرام ويزال، أما ما كان قبل الإحرام فهو سائغ، ولو بقي بعد الإحرام؛ لأنه حصل قبل الإحرام، ولكنه يكون على الجسد، وليس على الثياب، واستدامته سائغة، يعني يستدام ولا يغسل، ما دام أنه كان موجوداً قبل الإحرام، وهذه من المسائل الكثيرة التي تجوز في الاستدامة، ولا تجوز في الابتداء، أي: أن الطيب كان قبل الإحرام فيستدام والإنسان محرم، لكن لا يجوز الابتداء بكون الإنسان بعد الإحرام يبدأ الطيب فيتطيب، هذا ابتداء، فابتداؤه بعد الإحرام لا يجوز، ولكن وجوده قبل الإحرام، واستدامته في حال الإحرام سائغة؛ لأن حديث: عائشة رضي الله عنها وأرضاها، الذي جاء من طرقٍ عديدة أنها قالت: (طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، لإحرامه قبل أن يحرم عندما أراد أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، (ولحله)، أي: عندما تحلل التحلل الأول، قبل أن يطوف بالبيت.
وحديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الذي أورده النسائي للاستدلال على إباحة الطيب عند الإحرام، أي: قبل أن يحرم وقبل أن يدخل في النسك، ويكون ذلك في جسده وليس في ثيابه، جاء فيه حديث: عائشة رضي الله عنها وأرضاها، الذي فيه: أنها (طيبت النبي صلى الله عليه وسلم، عند إحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت بيدي)، أي: طيبته بيدي، أي: باشرت ذلك بيديها، وفيه تأكيد لفعلها، وأنها طيبته بيديها، وأنها باشرت ذلك، وأنها متحققة من ذلك، حيث باشرت وأكدت ذلك أنها طيبته بيديها، وليس معنى ذلك أنها كلفت أحداً أو أنها أمرت أحداً، بل باشرت ذلك بيديها.
قوله: [عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (طيبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند إحرامه حين أراد أن يحرم)].
قال: (عند إحرامه حين أراد أن يحرم)، وهذا هو محل الشاهد، إباحة الطيب عند الإحرام، فيتطيب الإنسان قبل الإحرام جاء في حديث عائشة: (طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، لإحرامه حين أراد أن يحرم)، أي: قبل أن يحرم ومن المعلوم أيضاً كما سيأتي في الأحاديث: أنهم يرون وبيص المسك على مفارقه صلى الله عليه وسلم، وهو محرم؛ لأن هذا كان قبل الإحرام، فاستدامته سائغة، يجوز التطيب قبل الإحرام، وتجوز استدامته بعد الإحرام، وفيه تأكيد ذلك من عائشة حيث قالت: (بيدي)، أي: أنها متحققة من هذا الفعل، وأنها باشرت ذلك بيديها.
قوله: [(وعند إحلاله قبل أن يحل بيدي)].
(قبل أن يحل)، أي: التحلل الكامل؛ لأن التحلل تحللان: تحللٌ أول، وتحللٌ أخير، التحلل الأول، الذي يحل معه كل شيءٍ إلا النساء، والتحلل الأخير، الذي يحل معه كل شيءٍ حتى النساء، والحاج إذا رمى، وحلق، فإنه يتحلل التحلل الأول، وإذا طاف بالبيت بالإضافة إلى الرمي والحلق، فإنه يتحلل التحلل الكامل، وإذاً فقول عائشة رضي الله عنها: (قبل أن يحل)، أي: التحلل الكامل؛ لأنه جاء تفسير ذلك قبل أن يطوف بالبيت، جاء تفسير ذلك في الروايات الأخرى: (ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، فإذاً قوله: (قبل أن يحل)، أي: التحلل الكامل، وإلا فإن التحلل الأول قد وجد؛ لأنه إذا رمى وحلق فيحل له لبس الثياب، ويحل له الطيب، ويحل له أخذ الشعر، وكل شيءٍ يحل له إلا النساء، وإذاً فقولها في هذه الرواية: (قبل أن يحل)، أي: التحلل الأكمل النهائي الذي يحل معه كل شيءٍ حتى النساء، وليس المقصود به التحلل الأول؛ لأن هذا الطيب هو بعد التحلل الأول بعدما رمى الجمرة، وحلق رأسه حصل التطييب للرسول صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث عائشة في تطييبها للنبي عند إحرامه من طريق ثانية 
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (طيبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت)].
ثم أورد النسائي حديث: عائشة من طريق أخرى، وفيه لفظ آخر فيما يتعلق بتطييبها عند التحلل، قالت: (ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، وهو يفسر (قبل أن يحل) التي مرت، وأنها التحلل الكامل الذي هو الطواف بالبيت، الذي كان بعد الرمي والحلق.
قوله: [(ولحله قبل أن يطوف بالبيت)]، وهذا يدل على أنه كان بعد الرمي والحلق؛ لأن قولها: (قبل أن يطوف بالبيت)، من المعلوم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم، رمى، ثم نحر، ثم حلق، وهي طيبته قبل أن يطوف بالبيت، معناه: بعد الرمي، والحلق، وأما النحر فإنه لا علاقة له في التحلل؛ لأنه ليس كل الحجاج ينحرون، لكن كل الحجاج يرمون ويحلقون، ويطوفون، فالأعمال التي يكون بها التحلل ثلاثة، وأما النحر فإنه لا دخل له في التحلل؛ لأنه ليس كل الحجاج ينحرون؛ لأن المفردين لا نحر عليهم، وإنما النحر للقارنين، والمتمتعين، وإنما الأمور الثلاثة التي تحصل للحجاج جميعاً، ولا تسقط عن أحد منهم، هي الرمي، والحلق، والطواف.
إذاً فقول عائشة: (ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، أي: قبل تحلله التحلل الكامل، والذي قبل طوافه بالبيت الرمي، والحلق، فقولها: (ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، أي: بعد الرمي لجمرة العقبة، وحلق الرأس، والرسول صلى الله عليه وسلم، رتب هذا الترتيب: رمى، ثم نحر، ثم حلق، ثم طاف، ولكنه ما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: (لا حرج)، فدل على أن الأفضل ترتيبها كما رتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي هي: أعمال يوم النحر الأربعة، ولكن هذا الترتيب ليس بلازم، فيجوز تقديم بعضها على بعضٍ؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام، ما سئل عن شيءٍ قدم ولا أخر في ذلك اليوم إلا قال: (لا حرج).

إذاً أعمال يوم النحر أربعة: رمي، فنحر، فحلق، فطواف، وقد ذكر بعض أهل العلم كلمة تجمعها على ترتيبها، وبها يستطيع الإنسان أن يعرف الترتيب؛ لأنه قد لا يحفظ الكلمات، لكن إذا عرف الحروف التي تدل على الكلمات بكلمة واحدة سهل عليه معرفة الترتيب، وهي كلمة: (رنحط)، راء للرمي، والنون للنحر، والحاء للحلق، والطاء للطواف، فإذا عرف الإنسان كلمة (رنحط)، عرف أن هذه الكلمة لها أربعة حروف مرتب، كل حرف يدل على كلمة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire