el bassaire

samedi 24 septembre 2016

قرار المرأة وقارها

قرار المرأة وقارها



إن النعمة علينا معاشر المسلمين والمنة عظيمة بالهداية لهذا الدين والصراط المستقيم .
أيها المؤمنون : إنه دين الله تبارك وتعالى الذي رضيه لعباده ولا يرضى لهم دينا سواه ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة:3] ، ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران:85] ، إنه الدين الذي أصلح الله به العقائد والأعمال والأخلاق ، وأصلح به ظاهر المرء وباطنه ، وزيَّنه بجمال هذا الدين وكماله ، إنه الدين - عباد الله - الذي من تمسك به أفلح ونجح ، ومن تركه ترحّلت عنه العقيدة السليمة والأعمال القويمة والأخلاق الفاضلة النبيلة.

أيها المؤمنون : وإن من تدابير الدين العظيمة وتوجيهاته المباركة تلك التوجيهات التي جاءت في كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام مختصة بالمرأة المسلمة ، محقِّقة لها في تمسكها بتلك الآداب والتوجيهات الفلاح والسعادة والصيانة والرفعة في الدنيا والآخرة ، والمرأة المسلمة - عباد الله - إذا وفقها الله جل وعلا وشرح صدرها للتمسك بآداب الإسلام وأهدابه سعِدت وسلِمت وسلِم أيضا مجتمعها من الافتتان بها ، لأن المرأة - أيها المؤمنون- فتنة ، بل قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه : ((مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ )) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ((فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ )) ؛ فالفتنة في النساء فتنة عظيمة وشديدة للغاية وقد خافها وخشيها نبي الهدى والرحمة صلوات الله وسلامه عليه على أمته . وجاء الإسلام بتوجيهات مسددة وإرشادات عظيمة إذا أخذت بها المرأة سلمت وسلم مجتمعها من الافتتان بها .
إن الواجب على المرأة المسلمة أن تقرأ القرآن وأحاديث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وتأخذ بالتوجيهات الواردة في الكتاب والسنة مأخذ الجد والعزيمة دون تراخٍ أو توان ؛ فإن في تلك التوجيهات صلاحها وسعادتها في دنياها وأخراها . ولمـَّا تمرد بعض النساء على توجيهات الشرع وإرشاداته الحكيمة وقعن - والعياذ بالله- في مهاوي الرذيلة ومآلات الهلاك ، وكثير منهن بعد خطوات طويلة وعمرٍ مديد أمضيْنه في البعد عن شرع الله وتوجيهات الإسلام أعلنَّ في مناسبات كثيرة فشلهن بسبب ذلك البعد والترحل عن قيم الإسلام وآدابه ، والسعيد من اتعظ بغيره ، والشقي من اتعظ به غيره .
إن المسلمة عندما تتأمل في آداب الإسلام وتوجيهاته لها لا ترى أنها تكبيلٌ لها وتقييد لحريتها كما يزعمه خصوم الإسلام وأعداء الدين ، بل إن توجيهات الإسلام للمرأة المسلمة توجيهاتٌ تكفُل للمرأة الحياة النبيلة والعيش الهنيء بعيداً عن أخطار الفتن ومسالك الانحلال والانحراف والفساد . إن المرأة عندما تأخذ بتعاليم الإسلام تعيش حياة الوقار والكمال والجمال والعفة ، والحديث في بيان هذه التوجيهات يطول ويطول ؛ لكن لنقف مع بعض هذه التوجيهات العظيمة :

يقول الله جل وعلا : ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب:33] ، وفي قراءة ﴿وَقـِرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ والمعنى على القراءة الأولى : من القرار وهو المكث في البيوت وعدم الخروج إلا لحاجة وضرورة ملِحّة ، وعلى القراءة الأخرى ﴿ قِرْنَ ﴾ من الوقار . وبين القراءتين تلازم في المعنى ؛ فإن المرأة - أيها المؤمنون - إذا قرت في بيتها تحقق لها الوقار ، بينما إذا كانت خراجة ولاجة فإن هذا الخروج والولوج وعدم القرار في البيوت يفضي بها إلى ترحل الوقار عنها وحلول أضداد ذلك محله .
وفي قوله ﴿ بُيُوتِكُنَّ ﴾ ؛ مع أن البيوت في الغالب ملك للأزواج لكن لما للمرأة من اختصاص بالبيت وبقاءٍ به ورعايةٍ له ومسؤوليةٍ عظيمةٍ فيه أضيف البيت إليها ؛ لأنها مطلوبٌ منها ملازمة البيت والقرار فيه وأن لا يكون لها خروجٌ من بيتها إلا لحاجة .
﴿ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ ؛ فإذا خرجت من بيتها تخرج لحاجةٍ أو لضرورة ملتزمةً بضوابط الشرع وأهدابه وآدابه ، فمن التبرج : سفور المرأة وإبداءُها محاسنها ، وإظهارها لزينتها ، وتعطرها وتجملها ، وحرصها على فتن الرجال ولفت أنظارهم ، فكل هذه المعاني من تبرج الجاهلية الأولى التي لا تنال منها المرأة إن فعلتها إلا الانحطاط والسفول والعياذ بالله .
ثم هذه المرأة الكريمة المصونة التي قرّت في بيتِها تأتي التوجيهات إلى الرجل أن يرعى كرامتها وأن يحفظ لها فضيلتها وأن لا يكون هُناك اختلاط بين الرجال والنساء أو خلوةٌ بالمرأة الأجنبية لما يترتب على ذلك من فتن وأضرار ، ففي الصحيحين عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ((إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ)) ، وفي رواية ((لاَ تَدْخُلُوا عَلَى النِّسَاءِ)) ؛ فالمرأة مطلوب منها أن تقر في بيتها ونُهيَ الرجال الأجانب عن الدخول على النساء في البيوت لما يترتب على ذلك من شر وفتنة وهلاك . (( فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ )) أي هل يشمله ذلك ؟ والحمو أو الأحماء : أقارب الزوج عدا آباءه وأبناءه ؛ كأخيه وعمه وخاله وابن عمه وابن خاله .
قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم : (( الْحَمْوُ الْمَوْتُ )) ؛ ((الْحَمْوُ الْمَوْتُ )) ؛ الحمو: الذي هو قريب الزوج من أخ وعم وابن عم وخال وابن خال قال عنهم صلوات الله وسلامه عليه : ((الْحَمْوُ الْمَوْتُ )) فكيف بالرجال الأجانب البعداء عن المرأة ومن ليس لهم بها قرابةٌ ولا بزوجها ؟!
قال: ((الْحَمْوُ الْمَوْتُ )) ؛ وفي تعبيره عليه الصلاة والسلام بالموت تنبيهٌ إلى أن الإخلال بآداب الإسلام ووصاياه العظام لا يوصل بمن أخلّ بها إلا إلى الموت والهلكة ، نعم !! قد يكون هذا المخِل بآداب الإسلام وأهدابه يمشي على قدميه ويأكل ويشرب ويتحدث ولكنه في الحقيقة ميت ، لمَ ؟ لأن الفضيلة والعفة والشرف والكرامة ماتت عنده فلم يكن من أهلها ، فالفضيلة تموت والعفة تموت والأخلاق تموت ولموتها أسباب ، وديننا جاء لحماية العباد من موت الفضيلة وموت الأخلاق وموت الآداب .
إن المرأة المسلمة ولاسيما في زماننا هذا زمن الفتن ، الزمن الذي انفتح فيه كثير من الناس على عادات الكفار وتقاليدهم بل ومجونهم وانحلالهم وانحرافهم وانحطاطهم وسفولهم ، ومع كثرة النظر وإدمان المشاهدة من خلال القنوات الفضائية ومن خلال مواقع الشبكة العنكبوتية ومن خلال مجلات هابطة ونحو ذلك بدأت تتسلل تلك الأخلاق إلى عقول بعض النساء ، والمرأةُ ضعيفة وسريعةُ الافتتان إلا من حماها الله عز وجل ووقاها وسارعت بإنقاذ نفسها وسد أبواب الفتنة عنها ملتجئةً إلى الله تبارك وتعالى معتصمةً به .
إننا في زمان يجب علينا أن تتضافر فيه جهودنا حمايةً للفضيلة ورعايةً للكرامة وصيانةً للشرف ورعايةً للغيرة الدينية التي جاء بها دين الله تبارك وتعالى لنعيش في كنف الإسلام وآدابه العظام وتوجيهاته المسددة حياة شرف وفضيلة وكرامة ورفعة .
وإذا كان ديننا الحنيف بتوجيهاته العظيمة وإرشاداته السمحة المباركة يريد من المرأة أن تعيش حياة الكمال والفضيلة والرفعة فإن أعداء الدين وخصومه لا يريدون منها ذلك ؛ بل يريدون حياة الرذيلة والانحطاط والسفول ) وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ( [النساء:27] ، نعم ! إنها حقيقةٌ ظاهرة .
عباد الله : إن على المرأة المسلمة أن لا تستهين بهذا الأمر وأن لا تسمع لدعوة كل ناعقٍ وكل هاتف ، وإنما ليكن سماعها مقصوراً على ما كان مُدْعَماً بالحجج البينات والدلائل الواضحات من العلماء المحققين الراسخين أهل الدراية بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام .


إن المرأة في هذا الإسلام إن عاشت مع آدابه عاشت حياةً كريمةً فاضلة ، وإن فُتنت ومضت مع دعاة الفتنة ودعاة الشر والفساد لِتتذكر أنها يوماً من الأيام ستغادر هذه الحياة ، ولتتذكر أن جسمها الجميل ومحاسنها الفاتنة وتزيينها لنفسها وفتنها للرجال سيأتي عليها يوم وتُدرج في حفرة ويهال عليها التراب وتأكلها الديدان ويذهب عنها رونقها وجمالها وتكون في تلك الحفرة رهينةُ أعمالها وقيد ما قدَّمت في هذه الحياة ، فلتتق الله المرأة المسلمة في نفسها خاصة وفي مجتمعها ؛ ليعيش المجتمع حياة الكرماء وحياة الأفاضل النبلاء . 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire