el bassaire

mercredi 21 septembre 2016

التحذير من اللَّعن والسّب

التحذير من اللَّعن والسّب

https://al-bassair.blogspot.com/

إن دين الإسلام دين الرحمة في أهدافه وغاياته وفي أعماله ومعاملاته ، ونبي الإسلام صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة ، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء:١٠٧] ، وأمة الإسلام أمةٌ متراحمة ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴾ [البلد:١٧].

عباد الله : إن رحمة الإسلام علامةً مُشرقةً لأهله وسمةً بارزة ؛ فمن خرج عن دائرتها إنما يمثِّل نفسه ولا يمثل الإسلام، فنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة يقول عن نفسه صلى الله عليه وسلم: ((إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً )).

عباد الله : واللعَّان هو المشتغل باللعنة والتي تجري على لسانه هذه الكلمة في كل وقت وفي كل مناسبة . وليس هذا من شأن أهل الإسلام ولا مما تدعو إليه رحمة الإسلام ، يقول صلى الله عليه وسلم عن الصّدِّيقين وهم أعلى أمته رتبة : ((لَا يَنْبَغِي لِلصَّدِيقِ أَنْ يَكُونَ لَعَّانًا )) ، ويقول عليه الصلاة والسلام عن عموم أهل الإيمان أهل الفضيلة والكمال: ((لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ )) ، وعندما يكون الإنسان بهذه الصفة طعاناً لعانا لا يكون أهلاً لأن يكون يوم القيامة شهيداً لأهل الإيمان ولا شفيعاً لهم عند الله جل وعلا ؛ لأن الشهادة عباد الله مبناها على ذكر أهل الإيمان بالخير والجميل والشفاعة مبناها على الدعاء لهم بالخير وحسن العاقبة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) .

اللعن دعاءٌ بالطرد والإبعاد من رحمة الله، والإسلامُ دعا إلى التراحُم والتواصُل والدعاء بالسلامة والرّحمة والبركة . وشعارُ المسلمين في تلاقيهم " السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته "، ومن الناس والعياذ بالله من يجري على لسانه اللعنُ أكثر مما يجري على لسانه السلام والرحمة والبركة.

اللعنُ شأنُه خطير وأضرارُه جسيمة وعواقبه على صاحبه وخيمة في الدنيا والآخرة وأشدُ اللعن وأَسوَؤُه وأقبحه وأشنعه وأفظعه وأنكاه وأشده جرما : لعن ربّ العالمين والعياذ بالله ، أو لعن دين الإسلام، أو لعن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام؛ ومثل هذا اللعن إذا صدر من مسلم كان بذلك مرتدًا عن الإسلام خارجاً من دائرته ليس من أهل الإسلام بل هو كافرٌ مرتدٌ ملحدٌ زنديق ، لا يقبل الله تبارك وتعالى منه صرفاً ولا عدلا ؛ لا يقبل تبارك وتعالى منه فريضةً ولا نفلا ، وأيُّ جرم أفظع وأشنع من هذا !!

لعنُ المؤمنين ولاسيما خيارَهم وأماثلهم ويأتي في مقدمة أهل الإيمان صحابة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وقد خصّهم عليه الصلاة والسلام بالذكر في هذه المسألة فقال في الحديث الصّحيح : (( لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ )) ، ويشتد الأمر فظاعة والجرم كِبَرا عندما يكون اللعن متجهاً لسادات الصّحابة وخيارهم كصدّيق الأمة وخليفته عمر وبقية الخلفاء الأربعة وبقية العشرة المشهود لهم بالجنة وأزواج النّبي الكريم عليه الصلاة والسلام ، وقد عدّ غير واحدٍ من العلماء مثل ذلك كفراً ناقلاً من ملة الإسلام واستدلوا على ذلك بالقرآن بقول الله تبارك وتعالى: ﴿ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ﴾ [الفتح:٢٩]  ، فكيف والعياذ بالله من يوجِّه لهم اللعنة والسباب !! عياذا بالله من ذلك.

لعنُ المسلم لأخيه أمرٌ في غاية الخطورة وفي أشد ما يكون من الضرر والعياذ بالله ، بل صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحديث الصحيح: ((لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ )) رواه البخاري ومسلم ، وجاء في الحديث الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ )).

وعندما تصدر اللَّعنة من الإنسان على غير مستحِقّ لها من الجماد أو الحيوان أو الإنسان فإنها ترجع إلى صاحبها ، روى أبو داود في سننه بسند ثابت عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئًا صَعِدَتْ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُهَا دُونَهَا ثُمَّ تَأْخُذُ يَمِينًا وَشِمَالًا فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا )) ؛ تصوروا - عباد الله - كم من اللعنات تحل على الإنسان عندما يكون لسانه مكثراً من اللعن مستديماً له !! فلا تزال اللعنات تتوالى عليه وتحل عليه ويكون هو المتسبب لنفسه بحلولها.

وأشد ما يكون في اللعن فيما يتعلق بالناس لعن الإنسان لوالديه والعياذ بالله سواءً تسبُّبًا أو إبتداء ؛ إبتداءً : بأن يباشرهما باللعنة ، وتَسبُّبًا : بأن يسب الرجل أبا الرجل فيسبُّ أباه ويسبُّ أمه ، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ )).

وما جاء في السنة الصّحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم من اللعن بالأوصاف فإن الواجب التزام السنة بهذا كما جاءت ؛ كلعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وكلعنه عليه الصلاة والسلام في الخمر عشرة ، وكلعنه للواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والمتفلجات للحسن ، وكلعنه للمتشبهين للرجال من النساء وبالنساء من الرجال ، وكلعنه عليه الصلاة والسلام للمحلِّل والمحلَّل له ، إلى غير ذلك مما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من اللَّعن بالأوصاف لا بالتعيين ، وفي مثل هذا - عباد الله - يأتي المرء بهذا الأمر كما جاء في السنة ؛ فإنه جاء في السنة لعناً بالوصف لا بالتعيين ، ولهذا من رأى شخصاً يفعل شيئا من هذه الأفعال لا يحل له أن يلعنه بعينه ؛ لأنه قد يتوب ، وقد يكون قد قام فيه مانع من موانع حلول اللَّعنة ، فلربما رجعت اللعنة على القائل كما سبق أن مر معنا

وقد فرَّق العلماء بين اللعن بالتعميم واللعن بالتعيين كما ثبتت بذلك السنة ، فنبينا صلى الله عليه وسلم لعن بالخمر عشرة ولما جيء بذلك الرجل الذي تكرَّر شربه للخمر فقال أحد الصحابة " لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال: (( لا تلعنوه فإنه يحبُّ الله ورسوله )).

إن أمةَ الإسلام أهل هذا الدين الحنيف المبارك ليسَ شأنُهم كالكفار أهل النار الذين شأنهم كما وصف الله : ﴿ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾ [الأعراف:٣٨] ، فليس هذا شأن أهل الإيمان ؛ بل شأنهم التراحُم والتواصُل والتّعاون على البر والتقوى كما قال الله جل وعلا : ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴾ ، يقول صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )).


إن شأن المسلم - عباد الله - تجاه إخوانه : رحمتُهم والإحسان إليهم والدعاء لهم بالخير والاستغفار لهم ، لا لعنهم والطّعن فيهم والوقوع فيهم بالمسبَّة ، يقول الله تعالى لنبيه الكريم عليه الصلاة والسلام : ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [محمد:١٩] ، ويقول الله تعالى في شأن أهل الإيمان : ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا  ﴾ [الحشر:١٠] ،   وقد رتب الله جلَّ وعلا أجوراً عظيمة وأفضالاً عميمة وخيراتٍ كبيرة لمن يبذل لإخوانه المؤمنين الدعاء والاستغفار ، وتأملوا رعاكم الله في هذا حديثاً واحدا عن نبيكم الكريم عليه الصلاة والسلام رواه الطبراني في مسند الشاميين بإسناد حسن من حديث عبادة بن الصامت أنّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام قال: (( مَنِ اسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ حَسَنَةً )) ؛ كم هي الأجور هنا رعاكم الله !! ؛ إذا قلت رعاك الله في دعائك : اللهمّ اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات كان لك من الحسنات بهذه الكلمة بعدد المسلمين من زمن آدم إلى أن يَرِثَ الله الأرض ومن عليها ، فليست هي بالآلاف ولا بالعشرات بل هي ملايين مُمَلْينة . 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire