el bassaire

samedi 5 mai 2018

شريك العمر كيف تخططين بوعي للإقتران به


عبدالله بن محمد المديفر
https://t.me/ryadhesunnah

بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها الأخت الكريمة: هذه الدراسة يد حنونة، أحبت أن تكون صديقة وفية صادقة مخلصة لك، تأخذ بيدك في بهجة وحب إلى المستقبل، على بساط من الفضيلة، وقوده بعض إحصاءات عددية، وأحوال حقيقية من الحاضر والماضي القريب لتقعد بك، هذه اليد على كثبان المستقبل الإيجابية وشرفاته العلية؛ وتنظر معك من خلالها إلى فتى أحلامك القادم خلال هذه السنوات، جعلها الله سنوات بهية، وألبسها لباس السعادة الأبدية.
ترى ما دينه وأخلاقه وعقله؟ ما علمه وثقافته وشخصيته؟ ما سنه؟ ما حبه وعطفه وحنانه؟ ما فكاهته ودعابته؟ ما جماله وتأنقه؟ وما ماله؟ ما جاهه؟ وما وظيفته ومركزه الاجتماعي؟ ما طوله وعرضه؟ ما منزله ومركبه؟ ما أسرته؟ ما بلده؟
فهيا انطلقي معها وفتشي عن شريك عمرك بنظر العاقلة البصيرة التي لم تلهها الأماني أو أحلام اليقظة ولم تجعل عاطفتها تغلب عقلها، بل جعلت دينها وعقلها يسيران عاطفتها، ويقودانها بقياد الحكمة، ويكبحانها بزمام البصيرة.
إن حق المرأة في "الزوج إكمال لوظيفتها الفطرية وأداء لدورها في الحياة والمجتمع، وحقها في اختيار الزوج والرضا به عامل مهم في نجاح الحياة الزوجية  ([1]) وقد أعطى الإسلام المرأة هذا الحق، روى ابن عباس رضي الله عنه: أن جارية بكر أتت النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه و سلم  ([2]). وقال ابن قدامة: "لا نعلم خلافًا في استحباب استئذانها، فإن النبي صلى الله عليه و سلم قد أمر به، ونهى عن النكاح بدونه([3]).اهـ
فللمرأة أن تختار من بين من يتقدم إليها، الإنسان الذي ترتضي أخلاقه ودينه، وتشعر أنه يلبي حاجاتها، ويشبع عاطفتها، وأحاسيسها ومشاعرها سواء في ظاهره أو باطنه.
وإن موضوع الزواج واسع، ومسائله متشعبة، لكن هذه الدراسة تعالج جزئية ترتبط ارتباطًا وثيقًا ومباشرًا بالفتاة نفسها، ولها أكبر الأثر في مستقبلها، وهي قضية الاختيار أو الموافقة على الراغب في نكاحها أو رفضه؛ لذلك لا تناقش هذه الدراسة العقبات التي تحول دون زواج البنات، ويكون السبب الرئيس فيها هم الأولياء، أو الأمهات، أو عجز كثير من الشباب عن تكاليف الزواج، أو أعراف المجتمع وعاداته، أو ما جلبته المدنية الحديثة، أو غير ذلك من  إفرازات العصر.
بل إنها تتناول ما يتعلق بالفتاة الراغبة في السكن والاستقرار والعفاف وبناء الأسرة، فارتباطها بالحياة الزوجية بالدرجة الأولى حياتها وحدها  ([4]) هي التي تذوق حلاوتها، وهي التي تكتوي بنارها، فلا تنتظري من المجتمع أن يضع الحلول لغلاء المهور، أو التقليل من ظاهرة بطالة الشباب ورفع قدراتهم المالية أو غير ذلك، بل انطلقي من تلقاء نفسك، ضعي لها الحلول وكثفي أمامها الفرص، وحاولي إقناع من يقف أمامها، إن مشكلتك ومشكلات بنات جنسك ينبغي أن تنبري أنت وهن لها، فالعلاج والأهداف والخطط إن علقتها بغيرك لم تصلح حالك كثيرًا، وإن انبريت لها وجعلت الحلول تنطلق منك وحدك وتنتهي إليك وحدك كانت حلولاً ناجعة إلى أبعد الحدود إن شاء الله.
تتطلب الفتاة في شريك  عمرها صفات وشروطًا تهدف من توافرها فيه إلى تحقيق أمور متعددة أهمها ما يلي:
1- الصفات الشرعية، مثل: أن يكون مرضي الخلق والدين.
2- الرغبات الطبيعية للفتاة، مثل الوسامة والمركز الاجتماعي، والسكن في مدينة أهلها.
3- المصالح الشخصية لها، مثل: الدراسة في الخارج، أو السماح لها بالعمل.
4- التوافق فيما بين الرجل والمرأة؛ حتى تسعد المرأة وتسير سفينة الزواج بأمان، وهي صفات ظنية؛ فإنه قد يتوافق الزوجان مع عدم وجود مثل هذه الشروط، مثل: السن، والتعليم والثقافة.
5- مسايرة الأعراف والأحوال الاجتماعية، مثل: شرط القبلية.
6- تحقيق مطلب خرافي ليس له صحة في الشرع، ويخالف العقل والفطرة، مثل التوافق البرجي  ([5]) .
وفيما يلي أغلب الشروط التي ترغبها المرأة في الرجل، استنادًا إلى استقراء لآراء مجموعة من الفتيات السعوديات، ويلحظ في بعض الشروط غرابة ومغالاة، وبعضها لا تطلبها أكثر النساء، وسيجري عرضها هنا حسب ما ذكرنها، لأن هذه الدراسة موجهة إلى الفتيات كلهن، مهما كانت ثقافاتهن وقناعاتهن، ومن المهم هنا أن يقال: ليست الشروط التي تضعها الفتاة دائمًا صحيحة، ومحققة لمقاصد الزواج، لكنها شروطها، وهي تتحمل تبعاتها، فينبغي لها أن تستشير وتستخير على نحو ما سيأتي بيانه بعد عرض الشروط:
تلك كانت أغلب الشروط التي ترغبها المرأة في الرجل، لكن استنادًا إلى نتيجة استبانة منفصلة عن الشروط الآنفة، فقد تركزت الشروط المطلوبة لدى فتيات العينة في ثلاث شروط بالدرجة الأولى وهي: الدين، والتعليم، والوظيفة المحترمة  ([6])  وسيتضح الموقف الصحيح للفتاة تجاه الشروط المعروضة في الجداول السابقة بعد الفقرة التالية.
إذا تقدم لك خطيب، فإنه يسن لك فعل ثلاث أمور: "استخارة الخالق، واستشارة المخلوق، والاستدلال بالأدلة الشرعية التي تبين ما يحبه الله ويرضاه، وما يكرهه وينهى عنه  ([7]) .
الأمر الأول: الاستشارة والسؤال عن المتقدم:
امتدح الله المؤمنين بقوله: }وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ{ [الشورى: 38] وأمر بها نبيه صلى الله عليه و سلم مع و فور عقله وسداد رأيه فقال سبحانه }وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ{ [آل عمران: 159].
قال الإمام الماوردي: "اعلم أن من الحزم لكل ذي لب ألا يبرم أمرًا ولا يمضي عزمًا إلا بمشورة ذي الرأي الناصح ومطالعة ذي العقل الراجح فإن الله تعالى أمر بالمشورة نبيه صلى الله عليه و سلم مع ما تكفل به من إرشاده وعونه وتأييده([8])ا. هـ
فالمرأة العاقلة لا تنفرد برأيها وتترك المشورة كما أنها لا تستشير من ليس أهلاً للاستشارة سواء كان رجلاً أو امرأة لحداثة سنه، أو قلة دينه، أو ضعف رأيه وقلة خبرته، أو عدم نصحه وأمانته، بل تستشير من هو أهل للاستشارة وهو من يجمع الصفات الآتية ([9]).
1- العقل والتجربة: فالتجربة خير برهان على صحة ما يشار به، وقد يكون صاحب التجربة مر بتجربة فاشلة أو ناجحة، فكلاهما يصلح للاستشارة، وخير مجرب من كل له مراس في التجربة، مع وعي وملاحظة لما يدور في المجتمع وعدم الغفلة عنه، ومن ذلك: أن يكون المستشار ذا مشاركات متعددة في قضايا الزواج، مثل : أن يكون أبًا أو أمًا لعدد من الزوجات، أو يكون للمستشار مشاركة في تزويج بعض الفتيات وحل مشكلاتهن، أو أنهن يقصدنه أو يقصدنها؛ يطلبن المشورة. ولا بد مع التجربة من عقل، فإن الجاهل يعمم التجارب، ويتأثر ببعض الأحوال الشخصية والانفعالات النفسية التي تؤدي إلى وصف جانح للتجربة التي مر بها، أو مر بها غيره.
2- الدين والتقوى: فإن ذلك عماد كل صلاح وباب كل نجاح، ومن غلب عليه الدين فهو مأمون السريرة موفق العزيمة ([10]).
3- النصح والود: فاحذري مشورة حاسد، أو مبغض أو حقود أو عدو.
4- السلامة من الهموم والشواغل: فإن من تكالبت عليه الهموم والشواغل صرفته عن إبداء الرأي الصحيح.
5- أن لا يكون للمستشار هوى ورغبة في الشيء المستشار فيه: فإن ذلك يفسد عليه إبداء الرأي الصحيح، فلا تستشيري في خطيب تقدمه لك امرأة تظنين أن لها ميلاً إليه ورغبة فيه.
فإذا وجدت من استكمل هذه الخصال الخمس فإنه أهل للمشورة ومعدن للرأي، فلا تعدلي عن استشارته اعتمادًا على ثقتك برأيك؛ فإن رأي غير ذي الحاجة أسلم، وهو من الصواب أقرب؛ لخلوص الفكر، وخلو الخاطر، مع عدم الهوى والانسياق وراء الشهوة ([11])، وإنه قد يتقدم إليك الكبير، ومن ليس في مستواك، ومن به عيوب، فالقرار الجيد سواء رفضهم أو قبولهم يحتاج إلى استشارة.
وليس شرطًا محتمًا في المستشار أن تجتمع فيه كل هذه الأمور بحيث إذا نقصت خصلة تركتِ المشورة، وإنما القصد أن هذه أعلى أنواع المشورة وأحسنها، والمحققة لأصوب الآراء.
ولك أن تتوجهي بطلب المشورة مباشرة إن لم يكن في ذلك محذورًا، أو تطلبيها بواسطة قريب من المستشار، كزوجته وأخته.
أما السؤال عن المتقدم فمن اختصاص الرجال في الغالب، فينبغي على الولي أن يتحرى السؤال جيدًا عن أحواله، فيسأل جيران مسكن المتقدم، وإمام المسجد والمؤذن في حيه، زملاء عمله، ورفقاء سفره واجتماعه، ويكون من آراء هؤلاء جميعهم رؤية عامة عن الشخص، ويتجنب سؤال القريبين جدًا: كأبيه، وأخيه، وأمه، وأخته؛ فإنهم قد يكتمون عيبًا ولا ينطقون حقًا؛ وإذا كان الناس يتفاوتون في حكمهم على الأشخاص فمن حكمة الولي أن يسأل أسئلة محددة، يستطيع من خلالها أن يحكم عليه بنفسه؛ وليحاول الولي أن ينهي مسألة السؤال في غضون أسبوعين، وأن لا تزيد عن ذلك ما أمكن.
وبعض الأسر المتساهلة تجعل مع السؤال عن الشخص - أو بدلاً عنه- تكوين علاقات بينه وبين ابنتهم؛ للتعرف على أخلاقه وطباعه، فكوني أنت ذكية وارفضي هذا التعرف؛ فإن الرجل في هذا الموضع يتكلف أخلاقًا ليست له، ويصطنع مشاعر ليست لديه، ويملك نفسه ويسيطر على غضبه بصورة لا يفعلها في الحياة الحقيقية؛ إضافة إلى أن هذا التعرف بين الذكر والأنثى بصورته الحالية يأباه ديننا وينهى عنه.



([1])  محمد يعقوب الدهلوي، حقوق المرأة  الزوجية والتنازل عنها (ط1 الرياض، دار الفضيلة) (1422 هـ) (139).
([2])  رواه أبو داود (2096) وابن ماجه (1875) وصححه الألباني صحيح سنن ابن ماجه بيروت المكتب الإسلامي (1407 هـ) (1/315) (1520).
([3])  عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المغني، تحقيق: عبد الله التركي، وعبد الفتاح الحلو ط2 القاهرة، دار هجر (1413 هـ) (9/405).
([4])  في مسح لآراء عينة مكونة من (310) فتيات، بشأن الجهة المسئول عن اختيار الزوج للفاة، أجابت (147) من العينة أي بنسبة (4/47) بأن الجهة المسئولة هي الفتاة، وأجابت (143) بنسبة (1/46) بأنهما: الوالدان منى بنت عبد الله الغريبي، اتجاه الشابات السعوديات نحو القيم الحديثة، رسالة ماجستير الرياض، جامعة الملك سعود 1417 هـ (286).
([5])  شرطت إحداهن في المتقدم: أن يكون من برج العذراء؛ لأنه متوافق مع برجها، وهذا الشرط وأمثاله نادر جدًا في بلاد المسلمين ولله الحمد.
([6])  الغريبي مرجع سابق (287).
([7])  أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، مجموع الفتاوى جمع عبد الرحمن بن قاسم (مكتبة ابن تيمية، د.ت) (23/68) وقد ذكرها ابن تيمية على سبيل العموم في كل أمر مما يطلب به الخيرة فعلاً تركًا.
([8])  علي بن محمد بن حبيب الماوردي، أدب الدنيا والدين، تحقيق محمد فتحي أبو بكر ط2 (القاهرة، الدار المصرية اللبنانية 1411 هـ) 359.
([9])  بتصرف: المرجع نفسه (360-362).
([10])  نفسه (361).
([11])  بتصرف: نفسه (362).

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire