el bassaire

lundi 9 septembre 2013

سورة البقرة من : قوله تعالي(إن الله لايستحيى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها) [ الربع الثاني - من : الحزب الأول




سورة البقرة
من : قوله تعالي(إن الله لايستحيى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها)
[ الربع الثاني - من : الحزب الأول
]
ولما ضرب الله فى كتابه المثل بالذباب فى قوله تعالى{ يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له .. }[الحج 73]

وبالعنكبوت فى قوله تعالى مثل{ الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً .. }[العنكبوت 41] ..
قال أهل الضلال مستنكرين، ماذا أراد الله بذكر هذه الأشياء الخسيسة ..؟

فرد عليهم المولى قائلاً :

     { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهَُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِينَ} [الآية] 26

أى إن الله لا يستحيى أن يذكر لبيان الحق أى شئ، قل أو كثر، فأما الذين آمنوا فيعلمون أن هذا هو والحق من ربهم، وأما الذين كفروا فلا يعلمون ذلك، بل يقولون .أى فائدة فى ذلك الذكر؟

ويجيبهم المولى قائلاً : الفائدة فى ضرب المثل أنه يضل به كثيراً عن الحق؛ لكفرهم به، ويهدى به كثيراً من المؤمنين لتصديقهم به، وعلى كل فما يضل الله به إلا الفاسقين، الخارجين عن طاعته، المصرين على ذلك
.
وهؤلاء الفاسقون : هم
 
     { الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ } [الآية] 27

  
أى الذين اتصفوا : بنقص العهد مع الله، وقطع ما أمرسبحانه بوصله، والإفساد فى الأرض، هؤلاء هم الخاسرون؛ لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم

     { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ َ } [الآية] 28

أى كيف تكفرون بالله وقد كنتم عدماً، فأخرجكم إلى الوجود، ثم يميتكم عند انتهاء آجالكم، ثم يحييكم مرة أخرى بالبعث من القبور، ثم إليه ترجعون بعد البعث فيجازيكم بأعمالكم ..؟، ثم أقام الحجة عليهم كذلك بدليل مما يشاهدونه فى خلق السموات والأرض .. فقال سبحانه :

{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [الآية] 29

أى : هو الذى خلق الأرض وما فيها جميعاً ؛ لتنتفعوا به، ثم خلق سبع سموات بعد خلق الأرض، وعلمه محيط بجميع ما خلق، أفلا تدركون أيها الكفار أن خالق هذه الأشياء ابتداءً، وهى أعظم خلقاً منكم قادر على إعادتكم وبعثكم للحساب والجزاء حقاً أأنتم أشد خلقاً أم السماء ..؟
  
أيها القارئ الكريم .. يخبر تعالى عباده بإنعامه عليهم, حيث ذكرهم في الملأ الأعلى قبل إيجادهم , حيثما يخاطب حبيبه صلى الله عليه وسلم قائلا :

    { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [الآية30

أى : واذكر يا محمد ، واقصص على قومك .. وقت أن قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض جنساً هم بنو آدم ، يخلف بعضهم بعضاً ، جيلاً بعد جيل، فى تنفيذ أحكامى فيها ،وسياسة لخلق عليها.

قالت الملائكة - ليس اعتراضاً ولا حسداً - إنما استعلاماً واستفهاماً، ما الحكمة يا ربنا فى خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد فى الأرض بالمعاصى، ويسفك الدماء ؟، إذا كان المراد عبادتك، فنحن نسبح بحمدك ونقدسك ونصلى لك ..!!، أى: فنحن أولى بالاستخلاف ، أجابهم رب العزة قائلاً: إنى أعلم ما لا تعلمون من المصلحة فى استخلافهم؛ حيث يكون فيهم المطيع والعاصى، ويظهر عدلى فيهم، ويتم جزائى لهم .

 { وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [الآية31


 أى : وعلم الله آدم أسماء الأشياء كلها قبل وجودها، ثم عرض هذه الأشياء على الملائكة، وقال لهم أخبرونى بأسمائها إن كنتم صادقين فى أنكم أحق بالخلافة من آدم وذريته .

  قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ } [الآية 32

وهكذا : نزه الملائكةُ ربَّ العزة أن يعلموا شيئاً إلا ما علمهم الله تعالى إياه، أو أن يحيط أحد بشئ من علمه إلا بما شاء سبحانه وتعالى، ثم أظهر تعالى مزية آدم على الملائكة حيث.

 { قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } [الآية  33

أى : أخبرهم يا آدم بما علمتك إياه، فسمى آدم للملائكة كل شئ باسمه، ولما فعل آدم ذلك، { قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ }

أى : ألم أقل لكم إنى أعلم ما غاب فى السموات والأرض ؟ وأعلم ما تظهرون من قولكم أتجعل فيها من يفسد فيها ؟ وأعلم ما تسرون من قولكم لن يخلق الله أكرم عليه منا ولا أعلم ..؟


 { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ } [الآية 34

أى : فسجدوا كلهم طاعة لله، وإكراماً وتحية لآدم بالانحناء، إلا إبليس الذى كان بينهم حيث حسد آدم عليه السلام على ما أعطاه الله من الكرامة، وقال أنا خير منه ثم أبى وتكبر، وكان من الكافرين.

 { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ } [الآية 35

وهكذا : دون إعلام لنا نحن بهذه الشجرة، ولا تدليل عليها لا من القرآن ولامن السنة الصحيحة، حيث إن علم ذلك ، إذا عُلم لم ينفع العالم به علمه، وإن جهله جاهل لم يضره جهله به كما يقول الإمام ابن كثير رحمه الله، بل العبرة هنا بما صدر عن المولى لآدم من الإباحة لنعيم الجنة، والنهى عن القرب من هذه الشجرة ، والتهديد عند المخالفة .

  { { فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } [الآية 36

فأوقعهما الشيطان فى الزلل والخطأ بسبب هذه الشجرة؛ حيث قال لهما ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين، ثم قال: لهما إنى لكما لمن الناصحين ، فأكلا منه، فأخرجهما الله مما كانا فيه من نعيم الجنة.

وكان القرار الإلهى :
 
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ

أى : انزلوا إلى الأرض بعض ذريتكم لبعض عدو، بسب ما يكون من ظلم بعضهم لبعض، ولكم فى هذه الأرض قرار، وأرزاق وآجال، إلى وقت مقدر معين،  ثم تقوم الساعة .

  { فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [الآية 37

أى : ألهم الله تعالى آدمَ كلمات، قالها لربه تائباً مستغفراً، فتقبلها الله تعالى منه، وتاب عليه، وغفر له، حيث إنه هو التواب الرحيم يقبل توبة التائبين، ويغفر الذنب للمستغفرين، ثم أخبر المولى عز وجل آدم وزوجه وذريتهما وإبليس بالقانون الذى يتم التعامل على أساسه مع الجميع، بعد الهبوط من الجنة قائلاً.

  { قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [الآية 38

أى : قلنا اهبطوا إلى الأرض جميعاً، وسأنزل لكم ما تهتدون به إلى الخير والحق، مع الأنبياء والرسل من الكتب، والقرآن الكريم، والقدوة الحسنة فى المرسلين، فمن عمل بهذا الهدى الإلهى فآمن بى، وعمل بطاعتى فلا خوف عليهم فيما يأتى من أمور الآخرة ، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من أمور الدنيا.

  { وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [الآية 39

أى : ومن كفر بى وكذب برسلى وكتبى وهَدْيِى، فأولئك أصحاب النار هم فيها مقيمون، لا يموتون، ولا يخرجون منها أبدا.

فى الآيات التالية .. تبدأ المواجهة الأولى - حسب ترتيب المصحف الشريف - مع بنى إسرائيل، حيث يقول رب العزة :

  { { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناًّ قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلاَ تَلْبِسُوا الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ }  [الآيات 40 , 41 , 42 , 43

مواجهة صريحة، وحملة واضحة، فى كشف حقيقة نوايا اليهود، وإظهار طبائعهم، وتعرية وسائلهم، فى عداء الإسلام والمسلمين على مر العصور، بعد كشف عداوة الشيطان، والتحذير منه، وقد ورد هذا النداء يا بنى إسرائيل خمس مرات فى القرآن الكريم، ثلاثة منها فى سورة البقرة.

وهذا هو النداء الأول : يذكرهم المولى فيه، وذرياتهم، ويذكرنا معهم، بنعمه العديدة عليهم، ثم يطالبهم بعد هذا التذكير الإلهى بالنعمة عليهم بأمرين هامين.

الأول : الوفاء بالعهد وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم وإياى فارهبون .
الثانى : الإيمان بالقرآن الكريمز وعلامة هذا الإيمان المطلوب، ودليل صدقهم فيه، التخلى عن ثلاثة أشياء، والتحلى بثلاثة أشياء .

أولاً : التخلى عن أن تكونوا أول من يكفر من جنسكم يا أهل الكتاب بالقرآن؛ حيث عندكم من العلم به ما ليس عند غيركم، ثم التخلى عن إيثار الحياة الدنيا وتفضيلها وشهواتها على الإيمان بى، والتصديق برسلى، فإنها قليلة فانية، ثم التخلى عن خلطكم الحق بالباطل، وكتمانكم الحق، الذى تعرفونه

وبعد هذه التخلية من النقائص، تأتى التحلية بالفضائل وهى : التحلى .. بإقامة الصلاة ، والتحلى بأداء الزكاة، والتحلى .. بالركوع مع الراكعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وبهذا التحلى وذاك التخلى مع الإيمان بالله ورسله، والوفاء بالعهد ..!! يتحقق منهم التذكر الحق لنعم الله عليهم، وبذلك : يكونون مسلمين، بل يكونون من المتقين، المنتسبين حقاً لنبى الله إسرائيل، أى يعقوب عليه السلام.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire