el bassaire

vendredi 27 septembre 2013

الجزء 5 شرح كتاب الموطأ كتاب الأقضية




    الجزء  5 شرح  كتاب   الموطأ    كتاب   الأقضية

 ( الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَنْ يَصِحُّ وَضْعُ الرَّهْنِ عَلَى يَدِهِ ) فَإِذَا كَانَ يَتِيمٌ لَهُ وَلِيَّانِ فَإِنْ رَهَنَ مِنْهُمَا رَهْنًا بِدَيْنٍ عَلَى الْيَتِيمِ فَوُضِعَ عَلَى يَدِ أَحَدِهِمَا فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا يَتِمُّ فِيهِ الْحَوْزُ ; لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُمَا , وَلَا يَحُوزُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَمَنْ ارْتَهَنَ حَائِطًا فَجُعِلَ عَلَى يَدِ الْمُسَاقِي فِيهِ أَوْ الْأَجِيرِ فَلَيْسَ بِرَهْنٍ حَتَّى يُجْعَلَ عَلَى يَدِ غَيْرِ مَنْ فِي الْحَائِطِ , وَلْيَجْعَلْ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا يَسْتَخْلِفُهُ أَوْ يَجْعَلُهُ عَلَى يَدِ مَنْ يَرْضَيَانِ بِهِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ . وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَجْمُوعَةِ : إنْ كَانَ رَهَنَ نِصْفَهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الْأَجِيرِ وَالْقَيِّمِ , وَإِنْ كَانَ رَهَنَ جَمِيعَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ : أَنَّ الْمُسَاقِيَ وَالْأَجِيرَ لَمَّا كَانَا عَامِلَيْنِ لِلرَّاهِنِ كَانَتْ أَيْدِيهِمَا لَهُ فَلَا  تَصِحُّ الْحِيَازَةُ مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ بِيَدِ الرَّاهِنِ أَوْ بِيَدِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا لَوْ رَهَنَ نِصْفَ الْحَائِطِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي : أَنَّ يَدَ الْأَجِيرِ إنَّمَا نَابَتْ عَنْ يَدِ الرَّاهِنِ بِأَمْرِهِ فَإِذَا بَقِيَ لَهُ أَمْرٌ فِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ لِبَقَاءِ بَعْضِهِ غَيْرَ مَرْهُونٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ حَائِزًا مَحُوزًا مِنْهُ , وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ فَقَدْ زَالَتْ يَدُ الْأَجِيرِ عَنْ جَمِيعِ الرَّهْنِ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ وَصَارَ الرَّهْنُ بِيَدِهِ لِمَعْنًى آخَرَ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَهَلْ يَصِحُّ أَنْ يُوضَعَ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ غَيْرِ الرَّاهِنِ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إذَا وُضِعَ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ قَيِّمِ رَبِّهِ مِنْ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ فَإِنْ كَانَ شَيْئًا يُرْهَنُ بَعْضُهُ فَلَيْسَ بِحَوْزٍ , وَإِنْ رُهِنَ جَمِيعُهُ فَذَلِكَ حِيَازَةٌ إلَّا فِي عَبْدِهِ قَالَ : وَحَوْزُ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ الرَّهْنَ لَيْسَ بِحَوْزٍ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ يَدَ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ , وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مَحُوزًا مَعَ بَقَائِهِ بِيَدِ الرَّاهِنِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَأَمَّا وَضْعُ الرَّهْنِ بِيَدِ زَوْجَةِ الرَّاهِنِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ أَصْبَغَ : أَنَّهُ إنْ حِيزَ الرَّهْنُ بِذَلِكَ عَنْ رَاهِنِهِ حَتَّى لَا يَلِيَ عَلَيْهِ , وَلَا يُقْضَى فِيهِ فَهُوَ رَهْنٌ ثَابِتٌ . وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ : يُفْسَخُ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ عَنْهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ : أَنَّ الزَّوْجَةَ تَحُوزُ لِنَفْسِهَا عَنْهُ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ تَحُوزَ لِغَيْرِهَا وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا نَوْعٌ مِنْ الْحَجْرِ , وَلِذَلِكَ هِيَ مَمْنُوعَةٌ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَمْ تَحُزْ الرَّهْنَ عَلَى الزَّوْجِ كَعَبْدِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَأَمَّا وَضْعُ الرَّهْنِ بِيَدِ أَخِي الرَّاهِنِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ أَخِي الرَّاهِنِ وَذَلِكَ لِضَعْفِهِ . وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ : أَمَّا فِي الْأَخِ فَذَلِكَ رَهْنٌ تَامٌّ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ : أَنَّ الرَّهْنَ مَبْنِيٌّ عَلَى مُنَافَاةِ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ وَالْمُعْتَادُ مِنْ حَالِ الْأَخِ أَنْ لَا يَمْنَعَ أَخَاهُ مِنْ مِثْلِ هَذَا فَلِذَلِكَ ضَعُفَتْ حِيَازَتُهُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي : وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَالِكٌ لِنَفْسِهِ بَائِنٌ عَنْهُ بِمِلْكِهِ فَأَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَأَمَّا وَضْعُ الرَّهْنِ عَلَى يَدِ ابْنِ الرَّاهِنِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الِابْنُ فِي حِجْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَمَّا الِابْنُ الْمَالِكُ لِأَمْرِ نَفْسِهِ الْبَائِنُ عَنْ أَبِيهِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ عَلَى يَدِ ابْنِهِ . وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ : إنْ وُضِعَ عَلَى يَدِهِ فُسِخَ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ هَذَا فِي الصَّغِيرِ , وَأَمَّا الْكَبِيرُ الْبَائِنُ عَنْهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونَ فِي الِابْنِ وَالْبِنْتِ وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَنْ يُوضَعُ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ ) فَإِنَّهُ إذَا شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ كَوْنَ الرَّهْنِ عَلَى يَدَيْهِ جَازَ ذَلِكَ إنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُكَالُ , وَلَا يُوزَنُ , فَأَمَّا الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهَا ; لِجَوَازِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا فَيَرُدَّ مِثْلَهَا . وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ : لَا أُحِبُّ ارْتِهَانَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْفُلُوسِ إلَّا مَطْبُوعَةً لِلتُّهْمَةِ فِي سَلَفِهَا فَإِنْ لَمْ تُطْبَعْ لَمْ يَفْسُدْ الرَّهْنُ , وَلَا الْبَيْعُ , وَيُسْتَقْبَلُ طَبْعُهَا مَتَى عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ , وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ دُونَ الْأَمِينِ وَمَا أَرَى ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَخْفَى التَّصَرُّفُ فِيهِ , وَيَخْفَى فِي الْعَيْنِ فَالتُّهْمَةُ فِيهِ أَبْيَنُ , وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْفُلُوسِ أَنَّهُ يَجُوزُ ارْتِهَانُهَا إذَا طُبِعَ عَلَيْهَا , وَإِلَّا فَلَا قَالَ : وَكَذَلِكَ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَجَمِيعُ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ إذَا طُبِعَ عَلَيْهَا وَحِيلَ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ , وَبَيْنَ الِانْتِفَاعِ بِهِ قَالَ ; لِأَنَّ الطَّعَامَ يُؤْكَلُ وَالْعَيْنَ تُنْفَقُ , وَيُؤْتَى بِمِثْلِهَا وَالثِّيَابُ وَالْحُلِيُّ لَا يُؤْتَى بِمِثْلِهَا ; لِأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَإِنْ شَرَطَ كَوْنَهَا عَلَى يَدِ أَمِينٍ لَزِمَهُمَا ذَلِكَ أَيْضًا , وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَطْبَعَ مِنْهَا عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ , وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا شَيْئًا فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ : إنَّهُمَا إذَا اخْتَصَمَا فِي ذَلِكَ قِيلَ لَهُمَا اجْعَلَاهُ عَلَى يَدِ مَنْ رَضِيتُمَا فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى الرِّضَى بِأَحَدٍ جَعَلَهُ الْقَاضِي عِنْدَ مَنْ يَرْضَاهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا إذَا شَرَطَا مَنْ يُوضَعُ عَلَى يَدِهِ لَزِمَهُمَا ذَلِكَ  وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطَاهُ وَرَضِيَا بِهِ جَازَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُمَا , وَلَزِمَهُمَا مَنْ رَضِيَا بِهِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ كَمَا لَزِمَهُمَا عِنْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ , وَإِذَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ الِاخْتِلَافِ عَائِدٌ إلَى الْحُكْمِ كَمَالٍ لِلْيَتِيمِ لَا وَلِيَّ لَهُ أَوْ مَالٍ لِلْغَائِبِ لَا وَكِيلَ لَهُ , وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ أَنْ يُوضَعَ ذَلِكَ عَلَى يَدِهِ إذَا أَبَاهُ قَالَ : لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُزِيلَ عَنْ نَفْسِهِ ضَمَانَهُ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : فَإِنْ مَاتَ الْأَمِينُ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ عَلَى يَدِهِ , وَلَكِنْ عَلَى يَدِ مَنْ يَرْضَى الْمُتَرَاهِنَانِ بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ : قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ : وَعَلَى الْوَصِيِّ أَنْ يُعْلِمَهُمَا بِمُؤَنِهِ ثُمَّ إنْ شَاءَ إقْرَارَهُ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ , وَفِي غَيْرِهِ جُعِلَ بِيَدِ أَفْضَلِ الرَّجُلَيْنِ .
( الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَنْ يَلِي الرَّهْنَ وَيَقُومُ بِهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِغْلَالِ لَهُ ) رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَلِي كِرَاءَ الرَّهْنِ , وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْتَأْمِرَ الرَّاهِنَ إنْ حَضَرَ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ مَضَى ذَلِكَ . وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّهْنَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ . وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ : إنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الرَّاهِنُ بِالْكِرَاءِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ , وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَلِي كِرَاءَ الرَّهْنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ , وَكَذَلِكَ مَنْ وُضِعَ عَلَى يَدِهِ يَلِي ذَلِكَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ : أَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ وَوَضْعَهُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ يَقْتَضِي أَنْ يَلِيَ كِرَاءَهُ ; لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ تَوَلِّيَهُ يُخْرِجُهُ عَنْ الرَّهْنِ , وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ الرَّهْنُ عَلَى تَضْيِيعِ الْغَلَّةِ فَاقْتَضَى عَقْدُ الرَّهْنِ أَنْ يَلِيَ كِرَاءَهُ مَنْ وُضِعَ عَلَى يَدِهِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي : أَنَّ عَقْدَ الرَّاهِنِ لَا يَقْتَضِي حِفْظَ الْمُرْتَهِنِ لِلْعَيْنِ الَّتِي رَهَنَهَا , وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي حِفْظِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَلِيَ كِرَاءَهُ وَاسْتِغْلَالَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ , وَإِنَّمَا لَهُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ الْقِيَامِ بِذَلِكَ كَمَا لَهُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ الْقِيَامِ بِحِفْظِ الرَّهْنِ .

( ش ) : وَهَذَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ : إنَّ الرَّجُلَيْنِ يَصِحُّ أَنْ يَرْتَهِنَا رَهْنًا مِنْ رَجُلٍ فَإِنْ رَضِيَ الرَّاهِنُ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَذَلِكَ جَائِزٌ , وَيَضْمَنُ حِصَّتَهُ مِنْهُ , وَهُوَ فِي بَاقِيهِ أَمِينٌ يَضْمَنُهُ الرَّاهِنُ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ زَادَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ : فَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا بِكَوْنِهِ بِيَدِ أَحَدِهِمَا جُعِلَ بِيَدِ أَمِينٍ , وَلَا يَضْمَنَانِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ : وَإِنْ قَبَضَاهُ مِنْ الرَّاهِنِ , وَلَمْ يَجْعَلَاهُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا ضَمِنَاهُ , وَإِنْ جَعَلَاهُ بِيَدِ أَمِينٍ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا أَسْلَمَهُ إلَيْهِمَا فَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ بِقَبْضِهِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَى وَضْعِهِ عِنْدَ مَنْ شَاءَا فَقَدْ تَعَدَّيَا فِيهِ وَجَعَلَاهُ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمَا فِيهِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ فِي الرَّجُلَيْنِ إذَا ارْتَهَنَا رَهْنًا بِحَقٍّ لَهُمَا ذَلِكَ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْتَهِنَاهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَالثَّانِي أَنْ يَرْتَهِنَ أَحَدُهُمَا فَضْلَ الْآخَرِ وَمَسْأَلَةُ الْكِتَابِ تَقْتَضِي أَنَّهُمَا ارْتَهَنَاهُ مَعًا وَلَوْ ارْتَهَنَا رَهْنًا بِدَيْنٍ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ فَأَنْظَرَهُ أَحَدُهُمَا بِحَقِّهِ سَنَةً وَقَامَ الْآخَرُ يَطْلُبُ تَعْجِيلَ حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِالْقِسْمَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ : إنْ لَمْ تُنْقِصْ قِسْمَتُهُ حَقَّ الَّذِي أَنْظَرَهُ بِحَقِّهِ بِيعَ , وَفِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ , وَهُوَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى , وَأَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَدَرَ عَلَى قَسْمِ الرَّهْنِ بِمَا لَا يَنْقُصُ بِهِ حَقُّ الْقَائِمِ بِحَقِّهِ قُسِمَ فَبِيعَ لِهَذَا نِصْفُهُ فِي حَقِّهِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ رضي الله عنه : وَعِنْدِي إنَّمَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ إدْخَالُ الْقِسْمَةِ النَّقْصَ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ , وَإِذَا دَخَلَ النَّقْصُ فِي أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْآخَرِ فَتَارَةً أَظْهَرَ مُرَاعَاةَ حَقِّ الْقَائِمِ وَتَارَةً أَظْهَرَ مُرَاعَاةَ حَقِّ الْآخَرِ وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّهْنَ بَيْنَهُمَا بِنِصْفَيْنِ وَقَدْ زَادَ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ أَنَّ دَيْنَهُمَا سَوَاءٌ فَإِذَا بِيعَ نِصْفُ الرَّهْنِ فَكَانَ ثَمَنُهُ قَدْرَ الدَّيْنِ قَبَضَهُ الْقَائِمُ فِي حَقِّهِ , وَإِنْ قَصَّرَ عَنْ الدَّيْنِ طَلَبَهُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ مِنْ بَقِيَّةِ الرَّهْنِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ صَاحِبِهِ بِهِ , وَبَقِيَ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي أَنْظَرَهُ . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِ الَّذِي أَنْظَرَهُ , وَلَوْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِهِ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ رَهَنَ عَبْدًا أَوْ دَارًا فِي دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَقَامَ عَلَيْهِ غَرِيمٌ آخَرُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ : يُرِيدُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَإِنْ كَانَ فِي الرَّهْنِ فَضْلٌ عَمَّا رُهِنَ بِهِ بِيعَ فَقَضَى الْمُرْتَهِنُ حَقَّهُ مُعَجَّلًا وَقَضَى الْغَرِيمُ الْآخَرَ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ لَمْ يُبَعْ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُ الْمُرْتَهِنِ فَعَلَى هَذَا لَا تُبَاعُ حِصَّةُ الَّذِي تَأَجَّلَ دَيْنُهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِ الَّذِي تَعَجَّلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ دَيْنِ صَاحِبِهِ , وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي حِصَّةِ الَّذِي تَعَجَّلَ فَقْدٌ عَنْ دَيْنِهِ فَإِنَّمَا يُبَاعُ مِنْهُ عِنْدِي بِقَدْرِ الدَّيْنِ الْمُعَجَّلِ , وَلَا يَكُونُ مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ رَهْنًا , وَيُدْفَعُ  إلَى الرَّاهِنِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا رَهَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ ذَلِكَ الرَّهْنِ فَلَا دُخُولَ لِلْآخَرِ فِيهِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ فَإِنْ خِيفَ أَنْ يَنْقُصَ حَقُّهُ بِيعَ الرَّهْنُ كُلُّهُ فَأُعْطِيَ الَّذِي قَامَ بِبَيْعِ رَهْنِهِ مِنْ ذَلِكَ أَضَافَ الرَّهْنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِمَا كَانَ لَهُ ثَمَنُهُ , وَكَانَ بِيَدِهِ وَقَالَ : إنَّ الرَّهْنَ كُلَّهُ يُبَاعُ , وَيُعْطَى مِنْ ذَلِكَ , وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ مَا يُعْطَى , وَلَا يُبَيِّنُ أَيَّ قَدْرٍ يُعْطَى , وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : إنَّ الْقَائِمَ يَأْخُذُ مِنْ نِصْفِهِ حَقَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى النِّصْفِ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ الَّذِي أَنْظَرَهُ مِنْ الرَّهْنِ , وَإِنَّمَا يَأْخُذُ دَيْنَهُ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي ارْتَهَنَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُ الَّذِي أَنْظَرَهُ بِحَقِّهِ دَفَعَ نِصْفَ الثَّمَنِ إلَى الرَّاهِنِ , وَإِلَّا حَلَفَ مَا أَنْظَرْته إلَّا لِيُوقِفَ لِي رَهْنِي يُرِيدُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الرَّاهِنِ ثَمَنَ نِصْفِ الرَّهْنِ , وَهُوَ الَّذِي كَانَ ارْتَهَنَهُ الْمُؤَجَّلُ بِالدَّيْنِ جَازَ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ رَهْنٌ قَدْ طَابَتْ نَفْسُهُ بِرَدِّهِ إلَى الرَّاهِنِ , وَيُنْظِرُهُ مَعَ ذَلِكَ بِدَيْنِهِ , وَإِنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ حَلَفَ يُرِيدُ أَنَّهُ مَا أَخَّرَهُ إلَّا لِيَبْقَى الرَّهْنُ وَثِيقَةً بِحَقِّهِ ثُمَّ يَقْتَضِي مِنْ ثَمَنِ حِصَّتِهِ مِنْ الرَّهْنِ دَيْنَهُ , وَهَذَا إذَا بِيعَ الرَّهْنُ بِمِثْلِ مَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ , وَكَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا فَإِنْ بِيعَ بِعَيْنٍ مُخَالِفٍ لِلْعَيْنِ الَّذِي لَهُ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِي الرَّهْنِ يَسْتَحِقُّ نِصْفَهُ , وَلَا يَنْقَسِمُ , وَلَا يَرْضَى الْمُسْتَحِقُّ بِبَقَائِهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ : إنَّهُ يُبَاعُ , وَيُعَجَّلُ لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّهُ إنْ بِيعَ بِمِثْلِ دَيْنِهِ فَإِنْ بِيعَ بِدَنَانِيرَ وَدَيْنُهُ دَرَاهِمُ أَوْ بِيعَ بِدَرَاهِمَ وَدَيْنُهُ دَنَانِيرُ وَقَفَ لِلْمُرْتَهِنِ ذَلِكَ رَهْنًا إلَى الْأَجَلِ فَيُبَاعُ حِينَئِذٍ فِي حَقِّهِ لِمَا يُرْجَى مِنْ غَلَاءِ ذَلِكَ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ الَّتِي يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْبِضَهَا , وَيَرْجُو مِنْ الرِّبْحِ فِي نَقْلِهَا إلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ دَيْنِهِ مَا لَا يَرْجُوهُ الْآنَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُبَاعَ فَيُعَجِّلَ مِنْ ثَمَنِهِ دَيْنَهُ كَمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الرَّهْنِ . ( فَصْلٌ ) : وَإِنْ بِيعَ بِقَمْحٍ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ قَمْحٌ مِثْلُهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُبَاعَ بِدَنَانِيرَ وَدِينُهُ دَنَانِيرُ أَوْ يُبَاعَ بِدَرَاهِمَ وَدَيْنُهُ دَرَاهِمُ . وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ : إنَّهُ إنْ بِيعَ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ الْإِدَامِ أَوْ الشَّرَابِ , وَهُوَ مِثْلُ الَّذِي لَهُ صِفَةً وَجِنْسًا وَجَوْدَةً فَإِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنَّ لَهُ تَعْجِيلَهُ , وَإِنْ أَبَى صَاحِبُهُ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْطِيهِ مِثْلَهُ إذَا لَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ , وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ هَذَا حُكْمُ كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَا فِي حُكْمِهِمَا وَكَذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ : إنْ بِيعَ بِمِثْلِ حَقِّهِ فَلْيُعَجِّلْ لَهُ . وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : إلَّا أَنْ يَكُونَ حَقُّهُ طَعَامًا بِيعَ فَيَأْبَى أَنْ يَتَعَجَّلَهُ فَذَلِكَ لَهُ فَاعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ رضي الله عنه رِضَا الْمُرْتَهِنِ ; لِأَنَّ مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا مُؤَجَّلًا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ تَعْجِيلُهُ قَبْلَ وَقْتِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَإِنْ بِيعَ بِطَعَامٍ مُخَالِفٍ لِمَالِهِ فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ : يُوضَعُ رَهْنًا بِيَدِهِ إلَى حُلُولِ حَقِّهِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ : وَكَذَلِكَ إنْ بَيْع بِعَرَضٍ بِمِثْلِ حَقِّهِ أَوْ مُخَالِفٍ لَهُ وُضِعَ لَهُ رَهْنًا , وَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيلُهُ بِغَيْرِ رِضَا الرَّاهِنِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا لَا مِثْلَ لَهُ لَا تَكَادُ تَصِحُّ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ فَقَدْ يَجِدُ عِنْدَ الْأَجَلِ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْمُمَاثَلَةِ , وَأَيْسَرُ عَلَيْهِ فِيمَا يُجْزِئُ عَنْهُ . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ ثُمَّ يُعْطَى حَقَّهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ رَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي مَسْأَلَةِ الْأَصْلِ يَحْلِفُ , وَيُعْطَى حَقَّهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ فِيهِ وَفَاءُ حَقِّ الَّذِي أَنْظَرَهُ , فَيَكُونُ لَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ فَبَيَّنَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْأَصْلِ إنَّمَا هِيَ فِي الْمُعْسِرِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَلَوْ كَانَ أَصْلُ دَيْنِهِمَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ جَازَ ذَلِكَ مَا لَمْ يُقْرِضْهُ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ الْآخَرُ فَلَا يَجُوزُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ جَازَ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : فَإِنْ أَقْرَضَاهُ وَارْتَهَنَا مِنْهُ دَارًا أَوْ ثَوْبًا وَقَضَى أَحَدُهُمَا خَرَجَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَكَتَبَاهُ فِي ذِكْرٍ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ , وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُمَا مِنْ جِنْسَيْنِ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ , وَلِلْآخَرِ شَعِيرٌ جَازَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقْضِيَ دُونَ الْآخَرِ , وَلَوْ كَتَبَاهُ بِغَيْرِ ذِكْرٍ وَاحِدٍ , أَوْ يَكُونُ الرَّهْنُ لَهُمَا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ  دَنَانِيرَ كُلَّهَا أَوْ قَمْحًا كُلَّهُ أَوْ شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ نَوْعًا وَاحِدًا , وَإِنْ لَمْ يَكْتُبَا بِهِ كِتَابًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقْتَضِيَ دُونَ الْآخَرِ وَذَلِكَ أَنَّ ذِكْرَ الْحَقِّ إذَا جَمَعَهُمَا أَوْ الرَّهْنَ فَقَدْ جَعَلَهُمَا مَعَ اتِّفَاقِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَالشَّرِيكَيْنِ فَلَا يَقْبِضُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُمَا مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ انْتَفَتْ الشَّرِكَةُ وَتَبَايَنَتْ الْحُقُوقُ فَلَمْ يُمْنَعُ أَحَدُهُمَا مِنْ قَبْضِ حَقِّهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ , وَلَمْ يَضْمَنَا مَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِذِكْرِ حَقٍّ , وَلَا رَهْنٍ وَكَتَبَا حَقَّهُمَا مُفَرَّقًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ ; لِأَنَّ إفْرَادَ ذِكْرِ الْحَقِّ يُمَيِّزُ الْحَقَّ كَمَا يُمَيِّزُهُ إفْرَادُ نَفْسِ الْحَقِّ .

( ش ) : أَكْثَرُ مَا فِي هَذَا الْفَصْلِ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا ضَاعَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ , وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِضَيَاعِهِ أَوْ ; لِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِضَمَانِهِ لَهُ , وَإِنْ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ , وَادَّعَى الرَّاهِنُ مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ قِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ صِفْهُ قَالَ فَإِذَا وَصَفَهُ حَلَفَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ يُرِيدُ ; لِأَنَّ الرَّاهِنَ خَالَفَهُ فِيهَا , وَادَّعَى أَفْضَلَ مِنْهَا , وَلَوْ جَهِلَ الرَّاهِنُ الصِّفَةَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ : إذَا وَصَفَهُ الْمُرْتَهِنُ حَلَفَ , وَإِنْ نَكَلَ بَطَلَ حَقُّهُ , وَكَانَ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رضي الله عنه : وَعِنْدِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ مَعْرِفَةَ الصِّفَةِ وَنَكَلَ الْمُرْتَهِنُ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَقُوِّمَتْ الصِّفَةُ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا . ( مَسْأَلَةٌ ) : فَإِذَا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا قَوَّمَهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فَرُبَّمَا قَوَّمُوهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ , وَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَنْ يَكُونَ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ الْأَكْثَرِ مِنْ قَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ يَكُونَ زَعَمَ أَوَّلًا أَنَّ قِيمَتَهَا أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ بِمِثْلِ قَدْرِ الدَّيْنِ لَكِنَّهُ وَصَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِصِفَةٍ قُوِّمَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَهَذَا يَقْطَعُ دَيْنَهُ مِمَّا لَزِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ , وَقِيلَ لَهُ رُدَّ الْفَضْلَ عَلَى الرَّاهِنِ , وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ أَنْ يُوَفِّيَ بَقِيَّةَ الدَّيْنِ , وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ فَقَدْ قَالَ : إنَّ الرَّهْنَ بِمَا فِيهِ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي قَالَ فِيهَا مَنْ تَقَدَّمَ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ أَوْ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُمْ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا , وَلَوْ أَقَرَّ أَوَّلًا بِقِيمَةِ الرَّهْنِ فَلَمَّا خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ الرَّاهِنُ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ قُوِّمَتْ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا أَوَّلًا فَإِنَّ عِنْدِي أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ الْأُولَى الَّتِي أَقَرَّ بِهَا , وَيُحْمَلُ مَا وَصَفْنَا بِهِ الرَّهْنَ مِمَّا قَصُرَ عَنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ جَحْدُ الْبَعْضِ الْقِيمَةَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهَا , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأُحْكَمُ .

( ش ) : قَوْلُهُ فِيمَنْ يَكْتَرِي الدَّابَّةَ إلَى مَكَان مُسَمًّى ثُمَّ يَتَعَدَّاهُ بِالتَّقَدُّمِ أَمَامَهُ فَإِنَّ لِرَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يَأْخُذَ كِرَاءَ دَابَّتِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَعَدَّى إلَيْهِ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَيَأْخُذُ دَابَّتَهُ , وَإِنْ أَحَبَّ كَانَتْ لَهُ قِيمَةُ دَابَّتِهِ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي تَعَدَّى مِنْهُ الْمُكْتَرِي , وَلَهُ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى بِالدَّابَّةِ , وَزَادَ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي اكْتَرَى إلَيْهِ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ التَّعَدِّي , وَلَحِقَهُ الضَّمَانُ , وَذَلِكَ عَلَى قِسْمَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَرُدَّ  الدَّابَّةَ الْمُكْتَرِي عَلَى حَالِهَا وَالثَّانِي : أَنْ يَرُدَّهَا وَقَدْ تَغَيَّرَتْ فَإِنْ رَدَّهَا عَلَى حَالِهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ أَمْسَكَهَا فِي تَعَدِّيهِ إمْسَاكًا يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا فَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَمْسَكَهَا يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا يَسِيرَةً فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْيَوْمُ وَشِبْهُهُ قَالَ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْبَرِيدِ وَالْبَرِيدَيْنِ , وَإِنْ كَانَ اكْتَرَاهَا بِالْأَيَّامِ ثُمَّ أَمْسَكَهَا أَيَّامًا زَائِدَةً عَلَى أَيَّامِ الْكِرَاءِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا لَهُ الْكِرَاءُ فِي أَيَّامِ التَّعَدِّي مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّابَّةَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا التَّعَدِّي فِي عَيْنٍ وَلَا قِيمَةٍ وَلَا فَوَاتِ أَسْوَاقٍ فَلَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَائِهَا فِي الْأَيَّامِ الزَّائِدَةِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا .

( ش ) : الْمُسْتَكْرَهَةُ لَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى مَنْ اسْتَكْرَهَهَا وَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ اللَّيْثِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه  وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ : عَلَيْهِ الْحَدُّ دُونَ الصَّدَاقِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْحَدَّ وَالصَّدَاقَ حَقَّانِ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ وَالثَّانِي لِلْمَخْلُوقِ فَجَازَ أَنْ يَجْتَمِعَا كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ وَرَدِّهَا قَالَ مَالِكٌ : وَسَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً أَوْ صَغِيرَةً افْتَضَّهَا .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire