el bassaire

vendredi 22 juillet 2016

أحكـام كشف الوجـه والزينـة والاختلاط


أحكـام كشف الوجـه والزينـة والاختلاط
http://al-bassair.blogspot.com

معنى إبداء الزينة والخمار

وسئل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيمرحمه الله-([1]).
ما معنى قوله تعالى: }وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ{([2])؟
الجواب: اختلف المفسرون في معنى هذه الآية، على أقوال:
الأول: روى الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وسعد بن منصور في سننه وابن أبي شيبة في المصنف وغيرهم بأسانيدهم، عن ابن مسعود أنه قال: }وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ{ الزينة: السوار والدملج والخلخال والقرط والقلادة }إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا{ الثياب والجلباب.
الثاني: روى عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد في تفسيره بسنديهما، عن ابن عباس رضي الله عنه، أنه قال: }وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا{ قال: هو خضاب الكف، والخاتم.
الثالث: روى ابن أبي شيبة في مصنفه وابن أبي حاتم في تفسيره بسنديهما، عن ابن عباس رضي الله عنه، أنه قال في قوله: }إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا{: الوجه، والكفان، والخاتم. وروى ابن أبي شيبة في المصنف عن عكرمة في قوله: }إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا{ قال: الوجه، والكفان، وبه قال سعيد بن جبير، وعطاء.
وروى أبو داود والبيهقي في سننهما بسنديهما، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: إن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله  عليه و سلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها، وقال «يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا» وأشار إلى وجهه وكفه ([3]).
وروى أبو داود في المراسيل عن قتادة، أن النبي صلى الله  عليه و سلم قال: «إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل».
إذا علمت ما سبق من الأقوال، فالراجع منها هو قول ابن مسعود رضي الله عنه، لدلالة الكتاب والسنة على مشروعية التستر للنساء في جميع أبدانهن إذا كن بحضرة الرجال الأجانب.
أما أدلة الكتاب فهي ما يلي:
الأول: قال تعالى: }وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ{([4]).
وجه الدلالة أن المرأة إذا كانت مأمورة بسدل الخمار من رأسها على وجهها لتستر صدرها فهي مأمورة التضمن أن تستر ما بين الرأس والصدر وهو الوجه والرقبة، وروى البخاري في الصحيح، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «رحم الله نساء المهاجرين الأول، لما نزل }وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ{شققن أزرهن فاختمرن بها»([5]). و(الخمار) ما تغطي به المرأة رأسها، و(الجيب) موضع القطع من الدرع والقميص، وهو من الأمام كما تدل عليه الآية لا من الخلف كما تفعله نساء الإفرنج ومن تشبه بهن من نساء المسلمين.
الثاني: قوله تعالى: }وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{([6]).

قال الراغب في مفرداته، وابن فارس في معجمه: القاعدة لمن قعدت عن الحيض والتزوج.
وقال البغوي في تفسيره: قال ربيعه الرأي: هن العجز اللاتي إذا رآهن الرجال استقذروهن، فأما من كانت فيها بقية من جمال وهي محل الشهوة فلا تدخل في هذه الآية ([7]). انتهى كلام البغوي.
وأما التبرج: فهو إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال الأجانب، ذكر ذلك صاحب اللسان والقاموس وغيرهما.
وجه الدلالة من الآية أنها دلت بمنطوقها على أن الله تعالى رخص للعجوز، التي لا تطمع في النكاح، أن تضع ثيابها فلا تلقي عليها جلبابًا ولا تحتجب، لزوال المفسدة الموجودة في غيرها، ولكن إن تسترن كالشابات فهو أفضل لهن، قال البغوي: (وأن يستعففن) فلا يلقين الحجاب والرداء (خير لهنَّ) وقال أبو حيان: (وأن يستعففن) عن وضع الثياب ويتسترن كالشابات فهو أفضل لهن. انتهى كلام أبي حيان.
ومفهوم المخالفة لهذه الآية أن من لم تيئس من النكاح وهي التي قد بقي فيها بقية من جمال وشهوة للرجال، فليست من القواعد، ولا يجوز لها وضع شيء من ثيابها عند الرجال الأجانب، لأن افتتانهم بها وافتتانها بهم غير مأمون.
الثالث: قال تعالى: }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى{([8]).
وجه الدلالة أن الله تعالى أمر نساء النبي بلزوم بيوتهن ونهاهن عن التبرج، وهو عام لهن ولغيرهن، كما هو معلوم عند الأصوليين أن خطاب المواجهة يعم، ولكن خصهن بالذكر لشرفهن على غيرهن. ومن التبرج المنهي عنه إظهار الوجه واليدين.
الرابع: قوله تعالى: }وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ{([9]) المتاع عام في جميع ما يمكن أن يطلب من مواعين وسائر المرافق للدين والدنيا.
وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى أذن في مسألة نساء النبي صلى الله  عليه و سلم من وراء حجاب في حالة تعرض ومسألة يستفتن فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنه أصول الشريعة من أن المرأة عورة بدنها وصوتها فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة، كالشهادة عليها، وداء يكون ببدنها، وسؤال عما يعرض وتعين عندها، وهذا يدل على مشروعية الحجاب، ولهذا قال: }أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ{([10]) يريد الخواطر التي تعرض للنساء في أمر الرجال، وبالعكس أي ذلك أنفي للريبة، وأبعد التهمة، وأقوى في الحماية، وهذا يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يثق بنفسه في الخلوة مع من لا تحل له.
الخامس: قال تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا{([11]).
وجه الدلالة من الآية ما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه في تفاسيرهم بأسانيدهم، عن ابن عباس رضي الله عنهما وعبيدة السلماني رضي الله عنه، أنهما قالا: أمر الله نساء المسلمين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب، ويبدين عينًا واحدة ([12]). انتهى كلامهما.
وقوله: (عَلَيهنَّ) أي على وجوههن، لأن الذي كان يبدو في الجاهلية منهن هو الوجه. و (الجلابيب) جمع جلباب، قال ابن منظور في (لسان العرب) نقلا عن ابن السكيت أنه قال: قالت العامرية: الجلباب الخمار. وقال ابن الأعرابي: الجلباب الإزار. وقال الأزهري: معنى قول ابن الأعرابي الجلباب الإزار لم يرد به إزار الحقو، ولكنه أراد إزارًا يُشتمل به فيجلل جميع البدن، وكذلك إزار الليل، وهو كثوب السابغ الذي يشتمل به النائم فيغطي جسده كله. انتهى كلام ابن منظور.
وفي صحيح مسلم عن أم عطية رضي الله عنها: قالت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: «لتُلبسها أختها من جلبابها»([13]). وقال ابن حبان في تفسيره: كان دأب الجاهلية أن تخرج الحرة والأمة وهما مكشوفتا الوجه في درع وخمار، وكان الزناة يتعرضون لهن إذا خرجن بالليل لقضاء حوائجهن في النخيل والحيطان للإماء، وربما تعرضوا للحرة بعلة الأمة يقولون: حسبناها أمة، فأُمرن أن يخالفن بزيهن زي الإماء بلبس الأردية والملاحف وستر الرءوس والوجوه، ليُحتشم ويُهَبن فلا يُطمع فيهن.
وإذ قد أتينا على الأدلة من الكتاب فيحسن أن نختم الكلام عليها بكلام لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية يتعلق بهذه الآيات. قال رحمه الله تعالى: "والسلف قد تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين، فقال ابن مسعود ومن وافقه: هو ما في الوجه واليدين، مثل الكحل والخاتم. قال: وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة وجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذي المحارم، وأما الباطنة فلا تبديها إلا للزوج وذي المحارم.
وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا حجاب، يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تُظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها، لأنه يجوز لها إظهاره، ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب بقوله: }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ{([14]) حُجب النساء عن الرجال، وكان ذلك لما تزوج النبي صلى الله  عليه و سلم زينب بنت جحش فأرخى النبي صلى الله  عليه و سلم الستر ومنع أَنَسا من أن ينظر([15]). ولما اصطفى صفية بنت حُيي بعد ذلك على خيبر قالوا: إن حجبها فهي من نساء المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، فحجبها ([16])، فلما أمر الله ألا يُسألن إلا وراء حجاب، وأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن. و(الجلباب) هو الملاءة، وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره (الرداء) وتسميه العامة (الإزار الكبير) الذي يغطي رأسها ويستر بدنها، وقد حكى عبيدة وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها، وجنسه (النقاب) فكان النساء ينتقبن، وفي الصحيح «أن الْمُحرمة لا تَنتقبُ ولا تلبسُ القفازين»، وإذا كن مأمورات بالجلباب- وهو ستر الوجه بالنقاب- كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أُمرت ألا تظهرها للأجانب. فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن عباس أول الأمرين." انتهي كلام شيخ الإسلام.
وأما الأدلة من السنة فنقتصر منها على ما يأتي:
الدليل الأول: عن أم سلمة رضي الله عنها، أنها كانت عند رسول الله صلى الله  عليه و سلم مع ميمونة، قالت: بينما نحن عندها أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه وذلك بعد أن أُمر بالحجاب، فقال صلى الله  عليه و سلم: «احتجبا منه» فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال صلى الله  عليه و سلم: «أعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟!» رواه الترمذي وغيره،([17]) وقال بعد إخراجه: حديث حسن صحيح، وقال ابن حجر: إسناده قوي.
الثاني:  «عن أنس رضي الله عنه، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب». أخرجه الشيخان.
الثالث: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله  عليه و سلم محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه» رواه الإمام أحمد وأبو داود، وابن ماجة، وغيرهم.
الرابع:  عن عقبة بن عامر أنه سأل النبي صلى الله  عليه و سلم عن أخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة، فقال: «ردُّوها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام» رواه الإمام أحمد، وأهل السنن، وقال الترمذي بعد إخراجه: هذا حديث حسن.
أما وجه الدلالة من الأحاديث الثلاثة الأولى فظاهر. وأما الرابع فوجه الدلالة منه أن النبي صلى الله  عليه و سلم أمرها بالاختمار، لأن النذر لم ينعقد فيه، لأن ذلك معصية، والنساء مأمورات بالاختمار والاستتار.

الخامس: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله  عليه و سلم أنه قال: «المرأة عورة» رواه الترمذي والبزار وابن أبي الدنيا والطبراني وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وقال المنذري: رجاله رجال الصحيح.
والمقصود أن الأدلة الدالة على جواز كشف الوجه واليدين نُسخت بالأدلة الدالة على وجوب تستر المرأة كما يدل عليه حديثا أم سلمة وحديث أنس السابقان.



([1]) مجموع فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، جمع الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم 10/25.
([2]) سورة النور، الآية:  31.
([3]) قال الشيخ محمد بن قاسم في تعليقه على الحديث:  ضعف هذا الحديث كثير من العلماء، لأنه من رواية خالد بن درك عن عائشة وهو لم يسمع منها، فهو منقطع، وقال أبو داود بعد روايته لهذا الحديث:  هذا مرسل، خالد لم يدرك عائشة، ثانيا:  لأن في إسناده سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يحتج بروايته. وعلة ثالثة:  وهي عنعنة قتادة عن خالد بن دريك وهو مدلس. ورابعة:  أنه شاذ من هذا الوجه فليس له شاهد من حديث غيره.
([4]) سورة النور، الآية:  31.
([5]) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ }.رقم (4758)، (4759)
([6]) سورة النور، الآية:  60.
([7]) أنظر تفسير البغوي(6/62).
([8]) سورة الأحزاب، الآية:  33.
([9]) سورة الأحزاب، الآية:  53.
([10]) سورة الأحزاب، الآية: 53.
([11]) سورة الأحزاب، الآية: 59.
([12]) أخرجهما ابن جرير في تفسيره (12/49) وانظر تفسير ابن كثير (3/519-520).
([13]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة العيدين، باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى، رقم (890).
*قال النووي:  الصحيح أن معناه:  لتلبسها جلبابا لا تحتاج إليه، عارية.
([14]) سورة الأحزاب، الآية:  59.
([15]) أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب الوليمة حق، رقم (5166).
([16]) أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب اتخاذ السراري، رقم (5085).
([17]) أخرجه الترمذي، كتاب الأدب، باب ما جاء في احتجاب النساء من الرجال، رقم(2778).

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire