el bassaire

mercredi 13 juillet 2016

بابُ الذكرِ عَقِبَ الصَّلاةِ

بابُ الذكرِ عَقِبَ الصَّلاةِ
شرحُ عُمدةِ الأحكامِ
للشّيخِ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المُحسنِ التّويجريّ

http://al-bassair.blogspot.com

- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ "أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ - حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ - كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "كُنْتُ أَعْلَمُ إذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إذَا سَمِعْتُهُ".([1])
وَفِي لَفْظٍ: "مَا كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم إلا بِالتَّكْبِيرِ".([2])
- عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مِنْ كِتَابٍ إلَى مُعَاوِيَةَ: "إنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ: " لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ". ثُمَّ وَفَدْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَسَمِعْتُهُ يَأْمُرُ النَّاسَ بِذَلِكَ".([3])
وَفِي لَفْظٍ: "كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ الْبَنَاتِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ".([4])
- عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ "أَنَّ فُقَرَاءَ المهاجرين أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلا نَتَصَدَّقُ، وَيُعْتِقُونَ وَلا نُعْتِقُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ، إلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ: ثَلاثاً وَثَلاثِينَ مَرَّةً. قَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالُوا: سَمِعَ إخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا، فَفَعَلُوا مِثْلَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ".
قال سُمي: فَحدّثت بعضَ أهلي بِهَذا الحديثِ فقالَ: وَهِمْتَ إِنَّمَا قالَ لكَ: تُسَبِّح اللهَ ثلاثًا وثلاثين وَتَحْمَدُ اللهَ ثلاثًا وثلاثين وَتُكبّر اللهَ ثَلاثًا وثلاثين، فَرَجعت إلى أَبِي صَالحٍ فَقُلْتُ لهُ ذلكَ فقالَ: قالَ: اللهُ أكبرُ وَسُبحانَ الله وَالحمدُ للهِ حَتَّى تَبْلُغ مِنْ جَمِيْعِهِنّ ثَلاثًا وَثَلَاثِين.
...........................................
هذه الأحاديث تتعلق بالذكر عقب الصلوات المفروضة، فيشرع الذكر بعدها، ويشرع الجهر بالذكر، والذكر من العبادات التّوقيفية التي يلزم المسلم أن يتحرى فيها ما ثبت عن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من قوله أو فعله، فعُرفَ من فِعْلِهِ صلّى الله عليه وسلّم أنه إذا انصرف استغفر ثلاثا ثم يقول بعد ذلك: «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام» ثم ينصرف - هذا قبل أن يلتفت إلى أصحابه صلّى الله عليه وسلّم -  ثم ثبت من حديث معاوية أنه يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ له الملك وله الحمد؛ وهو على كل شيء قدير إلى آخر الأوراد وهي كثيرة ومتنوعة، ومنها ما ذكره النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لفقراء المسلمين حيث نبَّه - وهذا قاله لعلي رضي الله عنه ولغيره - وهي مسألة التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين ثم يقول ختام المئة - إما أن يقول: الله أكبر، أو أن يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وفي بعض الروايات أن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك؛ له الملك وله الحمد؛ يحي ويميت وهو على كل شيء قدير - عشر مرات وقيل: إن هذ خاص بالمغرب والفجر، فعلى كل حال هذه الأذكار وليس هذا موضع عرضها واستيعابها لكن كلها ولله الحمد مناسبة وثابتة عن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
حديث ابن عباس رضي الله عنه - كما أسلفت آنفا - فيه دلالة على مشروعية الجهر، خلافا لما يفعله بعض المسلمين أن يذكر الله بصوت خافت أو في نفسه فهذا خلاف هدي النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الذي ما كان يُعْرَفُ انصرافُه من الصلاة إلا بسماع الصحابة له يذكر مثل هذه الأذكار، ولولا أنه كان يرفع صوته ما حفظوا عنه مثل هذه الأذكار.
حديث سُمي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ والذي فيه أن الفقراء جاءوا إلى النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذهب أهل الدثور بالأجور، في هذا الحديث مسألة تتعلق بـ هل الأفضل الغني من المسلمين أو الفقير، لأن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أقرّهم على قولهم ذهب أهل الدثور بالأجور مع أنه أخبر صلّى الله عليه وسلّم أنه يوم القيامة أن فقراء المهاجرين يدخلون قبل الناس الجنة بخمسمائة علم، والأدلة في هذا كثيرة، وهل الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر؟ المسألة خلافيّة بين أهل العلم، والذي يظهر والله أعلم أنه بحسب الأثر المنعكس على النفس أو المنعكس على عموم المسلمين، فالذي أغناه الله سبحانه وتعالى ولم يؤثّر على قيامه بما يريد الله سبحانه وتعالى من العبادات المفروضة والنافلة وزاد على ذلك أن نفع بماله، لأن المؤمن القوي خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف، أمّا من اشتغل بغناه وبما فتح الله عليه، ويقابل الفقير صابر وراضي ومحتسب لما فاته من متع الدنيا فلا شك أن الفقير في مثل هذه الحالة أفضل من الغني، وعلى كل كما قال النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (وفي كل خير) وفي هذا تسلية من النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لكلا النوعين، لكن أيضا فيه تنبيه للغني أن هذا الغِنَى يجب أن لا يشغله عن الحرص وعن القيام بما فرض الله وبما يحب الله سبحانه وتعالى، كما هو حال هؤلاء الأغنياء عندما سمعوا ما قال النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم للفقراء فنافسوهم، فزيادة على المال الذي أراد الفقراء أن ينافسوهم في جني الحسنات قالوا: نريد شيئا ننافسهم أو يعوضنا عن فقدان هذا المال الذي أكرمهم الله به فالنَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أرشدهم إلى هذا الذكر؛ وقال: أنتم بهذا الذكر تستطيعون أن تصلوا إلى درجة الأغنياء أو تَفْضُلُوْنَهُم حتى لو كانوا يتصدقون ويبذلون من أموالهم في الجهاد وفي غيرها من سبل الخير، من حرص الأغنياء علموا وفعلوا مثل ما فعل الفقراء فكأنهم جاءوا إلى النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يريدون شيئا يستطيعون أن يساووهم أو يفضلون عليهم قال: (هذا فضل الله يؤتيه من يشاء) لمَّا حرص هؤلاء الأغنياء تفضَّل الله عليهم فأعطاهم هذه السّعة من الدنيا ووفقهم لعمل الأخرة.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ "أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلامٌ، فَنَظَرَ إلَى أَعْلامِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إلَى أَبِي جَهْمٍ، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ؛ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاتِي"
الخميصة: كساء مربع له أعلام، والأنبجانية: كساء غليظ.
...........................................
في هذا الحديث دلالة على أنه ينبغي ألا يكون بين يدي المصلي أو عليه أو حوله ما يشغله ويؤثر على خشوعه، فهذه الخميصة التي ارتداها النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أشغلته في صلاته فتخلّص منها مباشرة وطلب منه أن يأتوه بكساء عند أحد أصحابه وهو أبو جهم رضي الله عنه لأنها فيها ستر ولا تشغله.
أيضا يؤخذ من هذا الحديث أنه يجوز للمسلم أن يأخذ من أصحابه على سبيل الإهداء والهبة إذا عَلِمَ أن نفوسهم تطيب بذلك أو أنهم يحبون ذلك، ومعلوم أن هذا حال الصحابة مع النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يفرحون أنه يقبل منهم فكيف إذا طلب، أما أن يستغل الإنسان هيبة الآخرين له أو حياؤهم له فيأخذ ما عندهم فهذا قد يدخل في حديث «لا يأخذ أحدكم متاع أخيه» و«لا يحل مال امرأ إلا بطيب نفسه» لأن بعض الناس لا حياء فيه ويتعامل مع من فيه حياء، لكن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمَّا أخذ أنبجانية أبي جهم كان يعلم أن نفسه تطيب بل إنه يحب ذلك رضي الله عنهم أجمعين.





([1]) صحيح البخاري (841).
([2]) صحيح مسلم (583).
([3]) صحيح البخاري (6615).
([4]) صحيح البخاري (7292).

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire