el bassaire

mercredi 21 octobre 2015

كتاب الزكاة

كتاب الزكاة 

 الملخص الفقهي/  قسم العبادات 
تلخيص صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

https://www.facebook.com/hadithecharif
https://www.facebook.com/groups/elbassaire/
https://twitter.com/hadithecharif
https://www.youtube.com/user/hadithecharif
http://al-bassair.blogspot.com


كتاب الزكاة 
بسم الله الرحمن الرحيم 
باب في مشروعية الزكاة ومكانتها 
اعلموا وفقني الله وإياكم أنه لا بد من معرفة تفاصيل أحكام الزكاة وشروطها وبيان من تجب عليه ومن تجب له وما تجب فيه من الأموال . 
فالزكاة أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام - كما تظاهرت بذلك دلالة الكتاب والسنة - , وقد قرنها الله تعالى بالصلاة في كتابه في اثنين وثمانين موضعا , مما يدل على عظم شأنها , وكمال الاتصال بينها وبين الصلاة , ووثاقة الارتباط بينهما , حتى قال صديق هذه الأمة وخليفة الرسول الأول أبو بكر الصديق :  " لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة "  قال الله تعالى :  وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ  وقال تعالى :  فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ  وقال النبي - صلى الله عليه وسلم :  بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة . ..  الحديث . 
وأجمع المسلمون على فرضيتها , وأنها الركن الثالث من أركان الإسلام , وعلى كفر من جحد وجوبها , وقتال من منع إخراجها . 
فرضت في السنة الثانية للهجرة النبوية , وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم السعاة لقبضها وجبايتها لإيصالها إلى مستحقيها , ومضت بذلك سنة الخلفاء الراشدين وعمل المسلمين . 
وفي الزكاة إحسان إلى الخلق , وهي  مطهرة للمال من الدنس , وحصانة له من الآفات , وعبودية للرب سبحانه , قال الله تعالى :  خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  وبالتالي , فهي تطهير للنفوس من الشح والبخل , وامتحان للغني حيث يتقرب إلى الله بإخراج شيء من ماله المحبوب إليه . 
وقد أوجبها الله في الأموال التي تحتمل المواساة . ويكثر فيها النمو والربح - ما ينمو فيها بنفسه كالماشية والحرث , وما ينمو بالتصرف وإدارته في التجارة كالذهب والفضة وعروض التجارة - , وجعل الله قدر المخرج في الزكاة على حسب التعب في المال الذي تخرج منه , . فأوجب في الركاز , وهو ما وجد من أموال الجاهلية - الخمس , وما فيه التعب من طرف واحد - وهو ما سقي بلا مؤنة - نصف الخمس , وما وجد فيه التعب من طرفين ربع الخمس , وفيما يكثر فيه التعب والتقلب - كالنقود - وعروض التجارة ثمن الخمس. 
وقد سماها الله بالزكاة , لأنها تزكي النفس والمال , فهي ليست غرامة ولا ضريبة تنقص الحال وتضر صاحبه , بل هي على العكس تزيد المال نموا من حيث لا يشعر الناس , قال صلى الله عليه وسلم :  ما - نقص مال من صدقة  
والزكاة في الشرع حق واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص , هو تمام الحول في الماشية والنقود وعروض التجارة , وعند اشتداد الحب وبدو الصلاح في الثمار , وحصول ما تجب فيه من العسل , واستخراج ما تجب فيه من المعادن , وغروب الشمس ليلة العيد في زكاة الفطر .

وتجب الزكاة على المسلم إذا توفرت فيه شروط خمسة
أحدها : الحرية , فلا تجب على مملوك ; لأنه لا مال له , وما بيده ملك لسيده , فتكون زكاته على السيد .
الشرط الثاني :  أن يكون صاحب المال مسلما , فلا تجب على كافر , بحيث لا يطالب بأدائها ; لأنها قربة وطاعة , والكافر ليس من أهل القربة والطاعة , ولأنها تحتاج إلى نية , ولا تتأتى من الكافر , أما وجوبها عليه بمعنى أنه مخاطب بها ويعاقب عليها في الآخرة عقابا خاصا , فمحل خلاف بين أهل العلم , وفي حديث معاذ رضي الله عنه :  فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , ثم ذكر الصلاة , ثم قال : " فإن هم أطاعوك , فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة , تؤخذ من أغنيائهم , فترد على فقرائهم "  متفق عليه , فجعل الإسلام شرطا لوجوب الزكاة .
الشرط الثالث : امتلاك نصاب , فلا تجب فيما دون النصاب , وهو قدر معلوم من المال يأتي تفصيله , سواء كان مالك النصاب كبيرا أو صغيرا , عاقلا أو مجنونا , لعموم الأدلة . 
الشرط الرابع : استقرار الملكية , بأن لا يتعلق بها حق غيره , فلا زكاة في مال لم تستقر ملكيته , كدين الكتابة ; لأن المكاتب يملك تعجيز نفسه , ويمتنع من الأداء .
الشرط الخامس : مضي الحول على المال , لحديث عائشة رضي الله عنها :  لا زكاة قي مال حتى يحول عليه الحول  رواه ابن ماجه , وروى الترمذي معناه .
وهذا في غير الخارج من الأرض كالحبوب والثمار , فأما الخارج من الأرض , فتجب فيه الزكاة عند وجوده فلا يعتبر فيه الحول , وإنما يبقى تمام  الحول مشترطا في النقود والماشية وعروض التجارة رفقا بالمالك , ليتكامل النماء فيها .
ونتاج البهائم التي تجب فيها الزكاة وربح التجارة حولهما حول أصلهما , فلا يشترط أن يأتي عليهما حول مستقل إذا كان أصلهما ! قد بلغ النصاب , فإن لم يكن كذلك , ابتدئ الحول من تمامهما النصاب.
ومن له دين على معسر , فإنه يخرج زكاته إذا قبضه لعام واحد على الصحيح , وإن كان له دين على مليء باذل , فإنه يزكيه كل عام . 
وما أعد من الأموال للقنية والاستعمال , فلا زكاة فيه , كدور السكنى , وثياب البذلة , وأثاث المنزل , والسيارات , والدواب المعدة للركوب والاستعمال . 
وما أعد للكراء كالسيارات والدكاكين والبيوت , فلا " زكاة في أصله , وإنما تجب الزكاة في أجرته إذا بلغت النصاب بنفسها أو بضمها إلى غيرها وحال عليها الحول .
ومن وجبت عليه الزكاة , ثم مات قبل إخراجها , " وجب إخراجها من تركته , فلا تسقط بالموت , لقوله صلى الله عليه وسلم :  فدين الله أحق بالوفاء  رواه البخاري ومسلم وغيرهما , فيخرجهما الوارث أو غيره من تركة الميت ; لأنها حق واحب , فلا تسقط بالموت , وهي دين في " ذمة الميت , يجب إبراؤه منها .

باب في زكاة بهيمة الأنعام 
اعلم أن من جملة الأموال التي أوجب الله فيها الزكاة بهيمة الأنعام , وهي : الإبل , والبقر , والغنم , بل هي في طليعة الأموال الزكوية , فقد دلت على وجوب الزكاة فيها الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم , وكتبه في شأنها وكتب خلفائه معروفة مشهورة في بيان فرائضها وبعث السعاة لجبايتها من قبائل العرب حول المدينة وغيرها على امتداد الساحة الإسلامية . 
فتجب الزكاة في الإبل والبقر والغنم بشرطين
الشرط الأول:  أن تتخذ لدر ونسل لا للعمل ; لأنها حينئذ تكثر منافعها ويطيب نماؤها بالكبر والنسل , فاحتملت المواساة .
الشرط الثاني : أن تكون سائمة - أي : راعية - , لقوله صلى الله عليه وسلم :  في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون  رواه أحمد وأبو داود والنسائي , والسوم : الرعي , فلا تجب الزكاة في دواب تعلف بعلف اشتراه لها أو جمعه من الكلأ أو غيره , هذا إذا كانت تعلف الحول كله أو أكثره .
أولا : زكاة الإبل 
- وإذا توفرت الشروط , وجب في كل خمسة من الإبل شاة , وفي العشر شاتان , وفي خمس عشرة ثلاث شياه , وفي عشرين أربع شياه , كما دل على ذلك السنة والإجماع .
- فإذا بلغت خمسا وعشرين , ففيها بنت مخاض , وهي ما تم لها سنة ودخلت في السنة الثانية , سميت بذلك لأن أمها تكون في الغالب قد مخضت , أي : حملت , وليس كونها ماخضا شرطا , وإنما هذا تعريف لها بغالب أحوالها , فإن عدمها أجزأ عنها ابن لبون , لحديث أنس :  فإن لم يكن فيها بنت مخاض ففيها ابن لبون ذكر  رواه أبو داود , ويأتي بيان معنى ابن اللبون . 
- وإذا بلغت الإبل ستا وثلاثين , وجب فيها بنت لبون , لحديث أنس , وفيه :  فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين , ففيها بنت لبون أنثى  وكما دل على ذلك الإجماع , وبنت اللبون هي ما تم لها سنتان , لهذا سميت بذلك ; لأن أمها تكون في الغالب قد وضعت حملها , فكانت ذات لبن , وليس هذا شرطا , لكنه تعريف لها بالغالب . 
- فإذا بلغت الإبل ستا وأربعين , وجب فيها حقة , وهي ما تم لها ثلاث سنين , سميت بذلك لأنها بهذا السن استحقت أن يطرقها الفحل وأن يحمل عليها وتركب . 
- فإذا بلغت الإبل إحدى وستين , وجب فيها جذعة , وهي ما تم لها أربع سنين , سميت بذلك لأنها إذا بلغت هذا السن تجذع , أي : يسقط سنها . والدليل على وجوب الجذعة في هذا المقدار من الإبل ما في " الصحيح " من قول الرسول صلى الله عليه وسلم  فإذا بلغت إحدى وستين إلى خمس وسبعين , ففيها جذعة  وقد أجمع العلماء على ذلك . 
- فإذا بلغ مجموع الإبل ستا وسبعين , وجب فيها بنتا لبون اثنتان للحديث الصحيح , وفيه :  فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين , ففيها بنتا لبون " 
- فإذا بلغت الإبل إحدى وتسعين , وجب فيها حقتان , للحديث الصحيح الذي جاء فيه :  فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة , ففيها حقتان طروقتا الفحل  وللإجماع على ذلك.
- فإذا زاد مجموع الإبل عن مائة وعشرين بواحدة , وجب فيها ثلاث بنات لبون , لحديث الصدقات الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم , ولفظه :  فإذا زادت على عشرين ومائة " , ففي كل خمسين حقة , وفي كل أربعين بنت لبون , ثم يجب على كل أربعين بنت لبون وعن كل خمسين حقة 
ثانيا : زكاة البقر 
- وأما البقر , فتجب فيها الزكاة بالنص والإجماع , ففي " الصحيحين عن جابر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها , إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه , تنطحه بقرونها , وتطؤه بأخفافها  . وقد ثبت عن معاذ رضي الله عنه ,  أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن , أمره أن يأخذ صدقة البقر : من كل ثلاثين تبيعا , ومن كل أربعين مسنة  رواه أحمد والترمذي .
- فيجب فيها إذا بلغت ثلاثين تبيع أو تبيعة قد تم لكل منهما سنة ودخل في السنة الثانية , سمي بذلك لأنه يتبع أمه في السرح .
- ولا شيء فيما دون الثلاثين : لحديث معاذ , قال :  أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثني إلى اليمن أن لا آخذ من البقر شيئا حتى تبلغ ثلاثين 
- فإذا بلغ مجموع البقر أربعين , وجب فيها بقرة مسنة , وهي ما تم لها سنتان , لحديث معاذ , قال :  وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة , ومن كل أربعين مسنة  رواه الخمسة , وصححه ابن حبان والحاكم .
- فإذا زاد مجموع البقر على أربعين , وجب قي كل ثلاثين منها تبيع , وفي كل أربعين مسنة . 
والمسنة : هي التي قد صارت ثنية , سميت مسنة لزيادة سنها , ويقال لها : ثنية .

ثالثا : زكاة الغنم 
- الأصل في وجوب الزكاة في الغنم السنة والإجماع , ففي الصحيح عن أنس أن أبا بكر كتب له :  هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله . . . إلى أن قال : وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة . ..  الحديث .
- فإذا بلغ مجموع الغنم أربعين ضأنا كانت أو معزا , ففيها شاة : واحدة , وهي جذع ضأن أو ثني معز , لحديث سويد بن غفلة , قال :  أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : أمرنا أن نأخذ الجذعة من الضأن , والثنية من المعز , وجذع الضأن ما تم له ستة أشهر , وثني المعز ما تم له سنة  
- ولا زكـاة في الغنم إذا نقص عددها عن أربعين , لحديث أبي بكـر في " الصحيحين " , وفيه :  فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاة شاة واحدة , فلا شيء فيها , إلا إن شاء ربها  .
- فإذا بلغ مجموع الغنم مائة وإحدى - وعشرين , وجب فيها - شاتان , لحديث أبي بكر الذي مر معنا قريبا , وفيه :  " فإذا زادت على عشرين ومائة , ففيها شاتان " .
- فإذا بلغت مائتين وواحدة , وجب فيها ثلاث شياه , لحديث أبي بكر , وفيه :  فإذا زادت على مائتين , ففيها ثلاث شياه .
- ثم تستقر الفريضة فيها بعد هذا المقدار , فيتقرر في كل مائة شاة ففي أربع مائة أربع شياه , وفي خمس مائة خمس شياه , وفي ست مائة ست شياه . وهكذا , ففي كتاب الصدقات الذي عمل به أبو بكر رضي الله عنه حتى مات وعمر حتى توفي رضي الله عنه , فيه :  وفي الغنم من أربعين شاة شاة إلى عشرين ومائة , فإذا زادت شاة , ففيها شاتان إلى مائتين , فإذا زادت واحدة , ففيها ثلاث شياه إلى ثلاث مائة , فإذا زادت بعد , فليس فيها شيء , حتى تبلغ أربع مائة , فإذا كثرت الغنم , ففي كل مائة شاة  رواه الخمسة إلا النسائي . 
ولا تؤخذ هرمة ولا معيبة لا تجزئ في الأضحية , إلا إذا كانت كل الغنم كذلك , ولا تؤخذ الحامل ولا الربي التي تربي ولدها ولا طروقة الفحل , أي : التي طرقها الفحل ; لأنها تحمل غالبا , لحديث أبي بكر في " الصحيحين " , قال :  لا يخرج قي الصدقة هرمة , ولا ذات عوار , ولا تيس , إلا أن يشاء المصدق  وقال تعالى :  وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ  وقال عليه الصلاة والسلام :  ولكن من أوسط أموالكم , فإن الله لم يسألكم خياره , ولم يأمركم بشراره  ولا تؤخذ كريمة , وهي النفيسة التي تتعلق بها نفس صاحبها , ولا تؤخذ أكولة , وهي السمينة المعدة للأكل , أو هي كثيرة الأكل , فتكون سمينة بسبب ذلك , قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن :  إياك وكرائم أموالهم  متفق عليه . 
والمأخوذ في الصدقات العدل , كما قال عليه الصلاة والسلام :  ولكن من أوسط أموالكم  وتؤخذ المريضة من نصاب كله مراض ; لأن الزكاة وجبت للمواساة , وتكليفه الصحيحة عن المراض إجحاف به , وتؤخذ الصغيرة من نصاب كله صغار من الغنم خاصة . 
وإذا شاء صاحب المال أن يخرج أفضل مما وجب عليه , فهو أفضل وأكثر أجرا . وإن كان المال مختلطا من كبار وصغار أو صحاح ومعيبات أو ذكور وإناث , أخذت أنثى صحيحة كبيرة على قدر قيمة المالين , فيقوم - المال كبارا ويعرف ما يجب فيه ثم يقوم صغارا كذلك , ثم يؤخذ بالقسط , وهكذا الأنواع الأخرى من صحاح ومعيبات أو ذكور وإناث , فلو كانت قيمة المخرج من الزكاة إذا كان النصاب كبارا صحاحا عشرين , وقيمته إذا كان صغارا مراضا عشرة , فيخرج النصف من هذا والنصف من هذا , أي : ما يساوي خمسة عشر . 
ومن مباحث زكاة الماشية معرفة حكم الخلطة فيها , بأن يكون مجموع الماشية المختلطة مشتركا بين شخصين فأكثر , والخلطة نوعان .
النوع الأول : خلطة أعيان : بأن يكون المال مشتركا - مشاعا بينهما , لم يتميز نصيب أحدهما عن الآخر , كأن يكون لأحدهما نصف هذه الماشية أو ربعها ونحوه . 
النوع الثاني : خلطة أوصاف : بأن يكون نصيب كل منهما متميزا معروفا , لكنهما متجاوران .
وكل واحدة من الخلطتين تؤثر في الزكاة إيجابا وإسقاطا وتغليظا وتخفيفا , فالخلطة بنوعيها تصير الحالين المختلطين كالمال الواحد بشروط :
الأول : أن يكون المجموع نصابا , فإن نقص عن النصاب , لم يجب فيه شيء , والمقصود أن يبلغ المجموع النصاب , ولو كان ما لكل واحد ناقص عن النصاب .
الشرط الثاني : أن يكون الخليطان من أهل وجوب الزكاة , فلو كان أحدهما ليس من أهل الزكاة , كالكافر , لم تؤثر الخلطة , وصار لكل قسم حكمه .
الشرط الثالث : أن يشترك المالان المختلطان في المراح , وهو المبيت  والمأوى , ويشتركا في المسرح , وهو المكان الذي تجتمع فيه لتذهب للمرعى , ويشتركا في المحلب , وهو موضع الحلب , فلو حلب أحد الشريكين ماشيته في مكان وحلب الآخر ماشيته في مكان آخر , لم تؤثر الخلطة , وأن يشتركا قي فحل , بأن لا يكون لكل نصيب فحل مستقل , بل لا بد أن يطرقها فحل واحد , وأن يشتركا في مرعى , بأن يرعى مجموع الماشية في مكان واحد , فإن اختلف المرعى , فرعى نصيب أحدهما في مكان غير المكان الذي يرعى فيه خليطه , لم تؤثر الخلطة .
فإذا تمت هذه الشروط , صار المالان المختلطان كالمال الواحد , لقوله صلى الله عليه وسلم :  لا يجمع بين متفرق , ولا يفرق بين مجتمع , خشية الصدقة , وما كان من خليطين فإنهما يتراجعا بينهما بالسوية  رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه , وحسنه الترمذي . 
فلو كان لإنسان شاة ولآخر تسع وثلاثون , أو كان لأربعين رجلا أربعون شاة , لكل واحد شاة , واشتركا حولا تاما , مع توفر الشروط التي ذكرنا , فعليهم شاة واحدة على حسب ملكهم , ففي المثال الأول يكون على صاحب الشاة ربع عشر شاة , وعلى صاحب التسع والثلاثين باقيها , وفي المثال الثاني على كل واحد من الأربعين ربع عشر الشاة , ولو كان لثلاثة مائة وعشرون , لكل واحد أربعون , فعلى الجميع شاة واحدة أثلاثا . 
وكما أن الخلطة تؤثر على النحو الذي رأيت , فكذلك التفريق يؤثر عند الإمام أحمد , فإذا كانت سائمة الرجل متفرقة , كل قسم منها يبعد عن الآخر فوق مسافة القصر , صار لكل منهما حكمه , ولا تعلق له بالآخر , فإن كان نصابا , وجبت فيه الزكاة , وإن نقص النصاب , فلا شيء فيه , فلا يضم كل قسم إلى الآخر , هذا قول الإمام أحمد . 
وقال جمهور العلماء بعدم تأثير الفرقة في مال الشخص الواحد , فيضم بعضه إلى بعض الحكم , ولو كان متفرقا , وهذا هو الراجح . والله أعلم . 

باب في زكاة الحبوب والثمار والعسل والمعدن والركاز 
قال الله تعالى :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ  . 
والزكاة تسمى نفقة , كما قال تعالى :  وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ  أي : لا يخرجون زكاتها . 
وقد استفاضت السنة المطهرة بالأمر بإخراج زكاة الحبوب والثمار وبيان مقدارها , وأجمع المسلمون على وجوبها في البر والشعير والتمر والزبيب , فتجب الزكاة في الحبوب كلها , كالحنطة , والشعير , والأرز , والدخن , وسائر الحبوب , قال عليه الصلاة والسلام :  ليس فيما دون خمسة أوساق من حب ولا تمر صدقة  وقال عليه الصلاة والسلام :  فيما سقت السماء والعيون العشر  رواه البخاري . 
وتجب الزكاة في الثمار كالتمر والزبيب ونحوهما من كل ما يكال ويدخر , ولا تجب الزكاة إلا فيما يبلغ النصاب , لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يرفعه :  ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة  رواه الجماعة , والوسق ستون صاعا بالصاع النبوي , الذي مقداره أربع حفنات , بكفي الرجل المعتدل الخلقة . 
ويشترط في زكاة الحبوب والثمار أن يكون النصاب مملوكا له وقت وجوب الزكاة , وهو بدو الصلاح في الثمر , واشتداد الحب في الزرع , فيشترط لوجوب الزكاة في الحبوب والثمار شرطان 
الأول : بلوغ النصاب على ما سبق بيانه .
الثاني : أن يكون مملوكا له وقت وجوب الزكاة .
فلو ملك النصاب بعد ذلك , لم تجب عليه فيه زكاة , كما لو اشتراه , أو أخذه أجرة لحصاده , أو حصله باللقاط .
والقدر الواجب إخراجه في زكاة الحبوب والثمار , يختلف باختلاف وسيلة السقي : 
- فإذا سقي بلا مؤنة من السيول والسيوح وما شرب بعروقه كالبعل , يجب فيه العشر , لما في " الصحيح " من حديث ابن عمر :  فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر . ولمسلم عن جابر :  فيما سقت الأنهار والغيم العشر  .
- ويجب فيما سقي بمؤنة من الآبار وغيرها نصف العشر , لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر :  وما سقي بالنضح نصف العشر  رواه البخاري , والنضح : السقي بالسواني , ولمسلم عن جابر :  وفيما سقي بالسانية نصف العشر  .
ووقت وجوب الزكاة في الحبوب حين تشتد , وفي الثمر حينما يبدو صلاحه , بأن يحمر أو يصفر , فلو باعه بعد ذلك , وجبت زكاته عليه لا على المشتري . 
ويلزم إخراج الحب مصفى , أي : منقى من التبن والقشر , ويعتبر إخراج الثمر يابسا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بخرص العنب زبيبا , وتؤخذ زكاته زبيبا , كما تؤخذ زكاة النخل تمرا , ولا يسمى زبيبا وتمرا إلا اليابس . 
وتجب الزكاة في العسل إذا أخذه من ملكه أو من الموات , كرءوس الجبال , إذا بلغ ما أخذه نصابا , ونصاب العسل ثلاثون صاعا بالصاع النبوي , ومقدار ما يجب فيه هو العشر . 
وتجب الزكاة في المعدن , لقوله تعالى :  أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ   والمعدن هو المكان الذي عدن فيه شيء من جواهر الأرض , فهو مستفاد من الأرض , فوجبت فيه الزكاة , كالحبوب والثمار , فإن كان المعدن ذهبا أو فضة , ففيه ربع العشر إذا بلغ نصابا فأكثر , وإن كان غيرهما كالكحل والزرنيخ والكبريت والملح والنفط , فيجب فيه ربع عشر قيمته إن بلغت قيمته نصابا فأكثر من الذهب والفضة . 
وتجب الزكاة في الركاز , وهو ما وجد مدفونا من أموال الكفار من أهل الجاهلية , سمي ركازا ; لأنه غيب في الأرض , كما تقول : ركزت الرمح , ويجب فيه الخمس في قليله وكثيره , لقوله صلى الله عليه وسلم :  وفي الركاز الخمس  متفق عليه .
- ويعرف كونه من أموال الكفار بوجود علامة الكفار عليه أو على بعضه , بأن يوجد عليه أسماء ملوكهم , أو عليه رسم صلبانهم , فإذا أخرج خمسه , فباقيه لواجده.
- وإن وجد على المال المدفون أو على بعضه علامة المسلمين , أو لم يجد عليه علامة أصلا , فحكمه حكم اللقطة .
- وما أخذ من زكاة الركاز يصرف في مصالح المسلمين كمصرف الفيء .
مما سبق يتبين لنا أن الخارج من الأرض أنواع هي : 
1- الحبوب والثمار . 
2- المعادن على اختلافها . 
3- العسل . 
4- الركاز . 
وكل هذه الأنواع , داخلة في قوله تعالى :  أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ  وقوله تعالى :  وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ 
إن الزكاة إنما تجب فيما يكال ويدخر من الحبوب والثمار , فما لا يكال ولا يدخر منها , لا تجب فيه الزكاة , كالجوز , والتفاح , والخوخ , والسفرجل , والرمان , ولا في سائر الخضروات والبقول , كالفجل , والثوم , والبصل , والجزر , والبطيخ , والقثاء , والخيار , والباذنجان , ونحوها , لحديث علي رضي الله عنه مرفوعا :  ليس في الخضروات صدقة  رواه الدارقطني , ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :  ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة  فاعتبر الكيل لما تجب فيه الزكاة , فدل على عدم وجوبها فيما لا يكال ويدخر , وتركه صلى الله عليه وسلم هو وخلفاؤه لها وهي تزرع بجوارهم فلا تؤدى زكاتها لهم دليل على عدم وجوب الزكاة فيها , فترك أخذ الزكاة منها هو السنة المتبعة . 
- قال الإمام أحمد : " ما كان مثل الخيار والقثاء والبصل والرياحين , فليس فيه زكاة , إلا أن يباع , ويحول على ثمنه الحول " . 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire