el bassaire

lundi 5 octobre 2015

حديث اشراط السا عة

حديث اشراط  السا عة

شرح الأربعين النووية




شرح الأربعين النووية
للعلامة محمد أمان الجامي - رحمه الله -
...[ والصلاة والسلام ] على أشرف خلق الله المرسلين أما بعد،،
فنبدأ في دراسة الأربعين النووية ،

حديث الثاني  : حديث جبريل المشهور

..............[ومن أماراتها بفتح الهمزة أي من علاماتها قال: أن تلد الأمة ربتها. وفي لفظ: ربَّها .. وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان.. ثم انطلق، فلبث ملياً. وفي لفظ: فلبثت ملياًً، عمر يقول، أي لبثت زمناًً طويلاًً، الطول نسبي ثم قال لي: يا عمر أتدري من السائل؟ وفي لفظ: ردوا عليَّ السائل، فأرادوا أن يردوه فلم يجدوا شيئا، قال: أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم.. قال: هذا جبريل، أتاكم يعلمكم دينكم. ]

هكذا تفضل الله سبحانه وتعالى على عباده بهذا التعليم الشامل الذي اشتمل على جميع درجات الدين الإسلامي، هذا الحديث مشتمل على درجات الدين الإسلامي، درجات الدين ثلاثة: (إسلام) وهي أوسع الدرجات، (إيمان) تلي الدرجة الأولى ثم (إحسان) أضيق الدرجات، هذا هو الدين كله، إسلام وإيمان وإحسان.
يقول عمر رضى الله عنه: إن هذا الرجل الذي هذه صفته، سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام ولما اجتمع ذكر الإسلام والإيمان في هذا الحديث فسَّر النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بأعمال الجوارح وعمل اللسان.
أن تشهد أن لا إله إلا الله: أن تتلفظ بهذه الكلمة عارفاًً لمعناها، عاملاًً بمقتضاها ليس مجرد تلفظ.
وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، في بعض الروايات زيادة وأن تعتمر وتغتسل من الجنابة وتتم الوضوء.
دل هذا الحديث على أن الأعمال -أعمال الجوارح وقول اللسان- يُقال لها الإسلام، الإسلام هو الإستسلام والإنقياد، أن ينقاد العبد لأوامر ربه أمراًً ونهيا، قولاًً وفعلا، هكذا فُسر بما سيأتى من ذِكر الإيمان.
التلفظ بالشهادتين قد يكون إسلاماًً -إسلاماًً مؤقتا- أي إذا دعونا كافراًً يهودياًً أو نصرانياًً أو مجوسياًً أو علمانياًً أو ماركِسياًً أو بوذياًً أو هندوكياًً، دعوناه إلى الإسلام فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداًً رسول الله، فيجب الكف عنه حتى لو أراد الإنسان من قبل أن يقتله، إحتراماًً وتقديراًً لكلمة الإسلام وكلمة الإيمان،
ثم يبقى هذا المتلفظ بالشهادة تحت الإختبار، إن وُجد منه بعد ذلك ما يدل على صدقه كرغبته في تعلّم الإسلام، وإذا دخل وقت الصلاة، سَأَل كيف يصلي، فحاول أن يصلي أو صلى، رأينا منه علامات تدل على صدق قوله، حُكِم له بالإسلام، الإسلام الصحيح، يُعلَّّم الصلاة وكل ما يجب عليه، يتعلم فيكون أخاًً لنا في الإسلام،
وهذا الوضع الآن كثيرٌ جداًً بين العُمَّال، فيما مضى نلاحظ هذا في خارج هذا البلاد عندما يدعو الدعاة الناس إلى الإسلام يعتنقون الإسلام، سواءٌٌ كان في الخارج أو في الداخل، فينا قصور جداً عند استقبال هؤلاء المسلمين الجدد، ولا ينبغي أن نُلقنهم كلمة التوحيد ثم نتركهم، بل الواجب، الواجب علينا، واجب الدعوة إلى الإسلام، أن نُعلمهم أركان الإسلام وأركان الإيمان، وما يجب عليه أن يتحلى به في الإسلام، ليكون مسلماًً صحيحا ولا يكون مسلماًً تقليدياًً ،الذي هو جارٍٍ الآن عند كثير من المؤلفة قلوبهم عدم من يعتني بهم ويعلمهم أمر دينهم، ويكتفي بمجرد التلفظ بالشهادتين وتغيير اسمه ويبقى بين المسلمين وجمهور المسلمين الذين هو يعيش بينهم هم أنفسهم إسلامهم تقليدي فيصبح مسلماًً تقليدياًً كالجمهور الذين يعيش معهم ككثير من أصحاب مؤسسات المُستقدِمين هو نفسه إسلامه إسلام تقليدي ففاقد الشيء لا يعطيه، ماذا يفعل بهذا المسلم الجديد؟
فالواجب أن يعتني دعاة الحق بأمثال هؤلاء وخصوصاًً في داخل هذا البلد طالما وصلوا ورغبوا في إعتناق الإسلام وأما في الخارج فحدِّث ولا حرج، إن الدعاة التابعين لإدارات البحوث، ليس لديهم إمكانية حتى يهتموا بهم، ويجعلوا لهم مأوى ويجعلوا لهم مُعلمين، يكتفون بمجرد تلقينهم الشهادتين، هذا خطأ، وعلى كلٍٍ طالما هو راغب في الإسلام وليس نطقه للشهادتين للتخلِّّص، يُعتبر مسلما وأما إذا تلفظ بالشهادتين فـوُجد بعد ذلك التهـرب من الصـلاة وعدم رغبته في الأعمال وفي الأفعال التي يقـوم بـهـا المسلم، يتهرب ويتخلص، يُعتبر مرتداً ويعامل معاملة المرتدين.
إذاًً المسلم، المسلم الحق، من جمع بين هذه الأركان الخمسة، هذا هو الإسلام وأما الإيمـان في هذا الحديث فُسِّر بأعمال القـلوب، أن تؤمن بالله: الإيمان بالله: معرفته أولاًً حق المعرفة، وعبادته حق العبادة، فمعرفة الله تعالى واجبة بالإجماع حتى عند علماء الكلام، فمعرفة الله باستيقان، هذا أول واجب، أول واجب علي الإنسان معرفة الله باستيقان، أي معرفة تصل إلى درجة اليقين، ليس مجرد دعوى، هذه المعرفة قد تتم بالدليل العقلي، ثم يجب عليه أن يعبده بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، معرفة الله معـرفة العبد ربه هذه معرفة فطرية عقـلية وشرعية، بالفـطرة يعلم كـل إنسان أن له خالقا كيف يعلم ذلك؟
إذا عرف نفسه بأنه مخلوق وأنه فقير وأنه ضعيف و أنه وُجد بعد أن لم يكن و أنه سوف يموت لأنه يرى الموت يومياًً أو في كل لحظة، من هنا يعلم أن له خالقاًً خلقه، وأن ذلك الخالق يُخالفه في جميع صفاته، ليس مُحدثاًً مثله، ليس فقيراًً، ليس عاجزا بل خالقٌ قادر على كل شىء غنيٌ عن كل شيء ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، هكذا يدرك يؤمن بوجود الله تعالى.
ومما يجب الإيمان به في باب معرفة الله تعالى أن يعرف بأن الله ليس مختلطاًً بخلقه لا في الأرض ولا في السماء بل الله سبحانه وتعالى منزه من أن يختلط بخلقه ويمتزج بهم، أي لا يعتقد بأن الله في كل شيء أو في كل مكان بل يعتقد بأن الله فوق سماواته مستوٍِ على عرشه بائن من خلقه يُدعى من فوق ويقصد من فوق لا من أسفل ولا عن يمين ولا يسار ولا خلف ولا أمام، وهذه المعرفة، معرفة فطرية لو أنك سألت أي إنسان جاهل غير متعلم عربياًً أو عجمياًً أين ربك؟ وكيف تدعو ربك ومن أين تدعوه؟ قال: يا الله، فوق، يدعوه من فوق ويرفع يديه إلى فوق ويرفع بصره إلى فوق وضميره يلتفت قبل بصره وقبل أن يرفع يديه إلى فوق إذا قال يا الله حالاًً، هكذا فطر الله العباد على معرفته أنه يُدعى من فوق،

سُئل إمام من أئمة المسلمين وعالم كبير، قيل له بما نعرف ربنا؟ قال: نعرفه بأنه مستو على عرشه بائن من خلقه وعلمه في كل مكان ولا يخلو مكان من علمه، هذه النقطة في كل مناسبة لابد من الوقوف عندها لأن جمهور المسلمين حتى العوام فسدت عقيدتهم في هذه العقيدة وفي هذه الصفة، في صفة علو الله واستواءه على عرشه إذ قد انتشرت من فترة طويلة من عهد العباسيين إلى يومنا هذا، انتشرت عقيدة تُسمى: العقيدة الأشعرية وتلك العقيدة فيها انحراف وفيها أخطاء، فيها صواب وخطأ،فالخطأ فيها أكثر من الصواب،

ومن أخطاء العقيدة الأشعرية التي أفسدت فِطر كثير من الناس إعتقاد بأن الله في كل مكان، خطأ، ما أكبره من خطأ، إذا قلت إن الله في كل مكان أنت بين أحد أمرين إما أن تعتقد بأن الله حلّ في كل شيء كما تعتقد وحدة الوجود، حلّ في كل شيء واتحد مع كل شيء، لذلك لا تراه، أو تعتقد بأن وجوده كوجود الهواء المنتشر في كل شيء، كل هذه العـقيدة عـقيدة منحرفة مخالفة لما في الكتاب والسنة، الله أخبر عن نفسه بأنه مستوٍٍ على عرشه [ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ] وقال الرب سبحانه : [أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء] مرتين، [ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ]
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لما خلق الخلق، كتب كتاباًً وهو عنده فوق العرش في ذلك الكتاب غلبت رحمتي غضبي [ أو سبقته].
هذا الكتاب عنده فوق العرش فالله سبحانه وتعالى موصوف بأنه فوق العرش، العرش أكبر المخلوقات، سقف المخلوقات فالله فوق ذلك بذاته، وليس محتاجاًً إلى العرش لأنه خلق العرش بعد أن لم يكن عرشٌ، فالله على ما كان عليه قبل أن يخلق العرش ولكنه فوق العرش لأنه لا يوجد فوق العرش شيء والعرش منتهى هذه المخلوقات في العلو،
الله سبحانه وتعالى لا ينبغي للعبد أن يحاول أن يحيط به معرفة ليعرف كيف استواءه وكيف علوه وكيف مجيئه يوم القيامة لفصل القضاء كل هذا لا ينبغي البحث فيه ولكن يجب الإيمان به، الله هو الذي أخبر عن نفسه وأخبر عنه الصادق الأمين وجب تصديق ذلك ولكن لا يجوز البحث عن الكيفية كما قال الإمام مالك: الإستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب إلى أخر الأثر..
هكذا نعرف ربنا ونعبده عبادة خالصة لا نشرك به شيئا، فعبادة الله لا تتم إلا في ضوء ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام، لا تعبد الله بالهوى وبالإجتهاد وبآراء الرجال ولكن باتباع ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام هكذا يتم الإيمان بالله تعالى ثم الإيمان بأسمائه وصفاته ، الإيمان بقضائه وقدره كما سيأتي ..
والإيمان برسول الله عليه الصلاة والسلام: أن تُصدقه في رسالته وفي كل ما أخبر وأن تعبد الله بما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام ولا تعبده من عند نفسك ولا تُقدم آراء الرجال على سنته عليه الصلاة والسلام إلى آخر ما يجب الإيمان به هذا هو الإيمان، ولكن إذا ذكر الإيمان وحده كما في قصة وفد عبد القيس ذُكر الإيمان وحده وفُسر بأعمال الجوارح، دعاهم أن يؤمنوا بالله فقال لهم: هل تدرون ما الإيمان بالله؟ إلى آخر الحديث.. أن تؤمنوا بالله وبرسوله إلى أن قال: وأن تؤدوا خمس ما غنمتم، هذا محل الشاهد من الحديث، جعل أداء الخمس من الإيمان، وفي حديث شعب الإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم: الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان.
وردت نصوص في الكتاب والسنة تدل على أن أعمال الجوارح كالصلاة والزكاة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل اجتناب ما حرَّم الله من الإيمان لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن إلى آخر الحديث.. أي ترك شرب الخمر وترك السرقة وترك ارتكاب المحرمات من الإيمان لذلك نفى عمن ارتكب ذلك الإيمان أي الإيمان الكامل لا أصل الإيمان، النفي هنا لنفي الكمال لا لنفي الأساس، لا يخرج الإنسان من ملة الإسلام لمجرد شربه للخمر أو سرقته أو غير ذلك بدليل أن الـشـريعة رتبت الحدود على من ارتكب هذه الموبـقات والكـبائر، جعلت عليه حدود ولـم يُعامل شارب الخمر والزاني والسارق لم يُعاملوا معاملة المرتد وهو ضرب الرقبة بالسيف ولكن جُعلت عليهم حدود مختلفة دليل على أن نفي الإيمان هنا لنفي الكمال لا لنفي الأساس،
الشاهد: اختلف أهل العلم هل أعمال الجوارح وقول اللسان داخل في مُسمى الإيمان أم لا؟ أو أن الإيمان مجرد التصديق؟ الذي عليه جمهور أهل العلم: الإيمان يتألف من تصديق القلب وعمل الجوارح وقول اللسان كل ذلك من الإيمان ولكن شعب الإيمان كما رأيتم تتفاوت، من شعب الإيمان ما تركها يؤدى إلى الكفر، من ترك الشعبة الأولى (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وكفر بها خرج من ملة الإسلام، ومن ترك أدنى شعبة من شعب الإيمان (إماطة الأذى عن الطريق) هل يخرج من الإيمان؟ لا، ماعدا الشعبة الأولى ينقص إيمان من ترك بقدر ما ترك وهى تـتـفـاوت،
بين الشعبة الأولى والشعبة الأدنى شعب كثيرة متفاوتة الصلاة شعبة من شعب الإيمان والصيام والزكاة والـحج والأمر بالمعـروف والنهى عن المنكر والجهاد في سبـيل الله وطلب العلم النافع كل هذه من شعب الإيمان، تتفاوت درجاتها، إذا على الصحيح: الإيمان: تصديقٌ بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح، كل ذلك إيمان، والتصديق وحده يحتاج إلى شاهد، من ادعى أنه مُصدق ما الدليل؟ لأن التصديق عمل القلب، ما الدليل على أنك صادق في تصديقك؟ لابد من دليل ولابد من مُصدق، ما الذي يُصدق التصديق؟ أعمال الجوارح وقول اللسان..
إذ، إذا صلح القلب وصدق في تصديق ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام صلحت الجوارح والأعضاء فعملت وتكلم وتلفظ بكلمة الـتوحـيد وعمل بجوارحه، أما من يترك الواجبات ويـرتكب المحرمات فإذا قيل له في ذلك قال: لا، الإيمان في القلب، الإيمان هاهنا ويشير إلي صدره.

هذه دعوى كاذبة، الدليل على كذب هذه الدعوة لو كان قلبه عامراًً بالإيمان بالله ومحبة الله وتعظيم الله لما ارتكب المحرمات ولا ترك الواجبات، لو صدر منه شيء من ذلك لبادر بالتوبة، أي، إن الإنسان ليس بمعصوم قد يرتكب وقد يترك لكنه يؤنبه إيمانه الصادق فيبادر بالتوبة، أما كونه يُصر على ارتكاب المحرمات وترك الواجبات ويدعى أن إيمانه في القلب هذه دعوى غير صادقة لأنها دعوى لا بينة عليها وكل دعوى بلا بينة لا تُقبل، البينة على صدق دعوى أن في قلبه إيمان أعمال الجوارح وقول اللسان وأن يُكثر من ذِكر الله تعالى ويعمل ما أوجب الله عليه ويجتنب ما حرم الله عليه، هذا هو الشاهد أو البينة علي صدق إيمان القلب.
إذاً الإيمان: إيمان القلب وإيمان اللسان وإيمان الجوارح، إيمان القلب يحتاج إلى شاهد وبينة، فإيمان اللسان وإيمان الجوارح هذه هي التي تشهد بصدق ما في القلب، هذا الذي عليه أهل السنة والجماعة أو جمهور أهل السنة والجماعة.
والإيمان برسول الله عليه الصلاة والسلام عرفنا..
والإيمان بالملائكة: من جاء ذكرهم في الكتاب والسنة، آمنا بهم بأسمائهم وإلا فآمنا بهم بالجملة بأنهم جنود الله.
وآمنا بكتبه المُنزلة من الزبور والتوراة والإنجيل والقرآن، وأن هذه الكتب كلها من كلام الله تعالى، الله تكلم بها، لفظها ومعناها من عند الله.
والإيمان بالرسل: واجب كما يجب الإيمان برسول الله عليه الصلاة والسلام إلا أن الإيمان بالرسول يمتاز عن الإيمان بجميع الرسل،
الرسل يجب عليك أن تُصدقهم في رسالتهم ولا تُكذبهم وتصفهم بالأمانة والتبليغ والفطانة وجميع الصفات الفاضلة والأخلاق الحميدة ولكن لا يجب عليك أن تعمل بشرعهم، النبي الوحيد الذي يجب عليك أن تعمل وتعبد الله بما جاء به وتُسئل عنه في القبر هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده خاتم النبيين والوحيد الذي يُسئل عنه كل ميت: ماذا تقول في الرجل الذي بُعث فيكم؟ لا يوجد مخلوق يُسئل عنه الميت في قبره إلا هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، لا تُسئل عن مذهبك وإمام مذهبك وعن طريقتك وشيخ طريقتك وعن حزبك وقيادة حزبك كل هذا لا يرد، غير وارد، ؟إذ لا أساس لهذا كله ولكن تُسئل - بعد أن تُسئل عن ربك ودينك - تُسئل عن نبيك،
الأصول الثلاثة التي درستموها هي التي تحمل الأسئلة التي تُقدم للميت في قبره.
كما يمتاز الإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام بما ذكرنا، يمتاز الإيمان بالقرآن عن الإيمان بالكتب السماوية،
الكتب السماوية كلها من الزبور والتوراة والإنجيل تؤمن بأنها من عند الله ومن كلام الله وأنها حق، لكن بالنسبة للقرآن تعمل به، تأخذ من القرآن عقيدتك وعبادتك ومعاملاتك وجميع أحكامك، كتاب العقيدة والعبادات والأحكام والإقتصاد والسياسة والأخلاق كتاب كل شيء، هذا ما يمتاز به القرآن الكريم.
والإيمان باليوم الآخر: يبدأ من الإيمان بالبعث بعد الموت ثم ما يترتب على ذلك من الحساب والميزان والصراط والأحوال والأهوال التي تجرى في عرصات القيامة، تؤمن بكل ذلك وكل ذلك غيب، من صفات المؤمنين: الذين يؤمنون بالغيب أي ما غاب عنك، عن علمك وسمعك وبصرك تصديقاًً لخبر الله وخبر رسوله عليه الصلاة والسلام.
تؤمن بالقدر خيره وشره: الإيمان بالقدر وبمراتب القدر شرطٌ لصحة التوحيد، من يدعي أنه موحد ولكن لا يؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره هذا ينقض توحيده بمعنى: يجب أن تؤمن بأن الله علم كل شيء قبل أن يخلقه وكتب ذلك عنده وشاءه بالمشيئة العامة وأوجده على وفق ما علم، هذا الإيمان واجب،
فإذا علمت ذلك وجب أن تستسلم وتؤمن بأن ما أخطأك في علم الله لا يصيبك أبدا وما أصابك في علم الله السابق لا يُخطئك أبدا وأن ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن، هذا المقدار يكفي بالنسبة للإيمان بالقضاء والقدر معرفة هذه المراتب، وأما الخوض في أسرار القدر فمزلة القدم، من يتسائل فيقول: لماذا هذا التفاوت بين العباد؟ غني وفقير، مريض وصحيح، عالم وجاهل، لماذا؟ لماذا يعطي فلاناً ولم يُعط فلان ؟ لماذا يُميت الأطفال والشيوخ الطاعنون في السن يمشون؟ لماذا؟
الدخول في هذه التفاصيل يؤدي إلى الكفر وإلى عدم الرضا بقضاء الله وقدره والخوض في الأسرار، لذلك يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: القدر سر الله فلا نكشفه. أي لا نحاول كشفه، القدر الذي يعنيه علي رضي الله عنه وغيره بهذه الأسرار كما ذكرنا كافٍٍ للإيمان بالقضاء والقدر وهذا المقدار يجب على كل مسلم ومسلمة لا على طلاب العلم فقط بل من أركان الإيمان كل مسلم ومسلمة يجب أن يؤمنوا بأن الله علم كل شيء،
لا يوجد في هذا الكون من كفر وإيمان ومعصية وطاعة وبلاء ونعمة كل ما يتجدد معلوم عند الله من قبل ومكتوب ويقع كل ذلك بقضائه وقدره وتدبيره وبقدرته ومشيئته، لا يقع في ملكه إلا ما يشاء، وهو فعَّال لما يريد، هذا الإيمان هو معنى الإيمان بالقضاء والقدر، فلا تنزعج إن حصل عليك شيء على خلاف هواك وخلاف ما تريد، تريد الغنى يأتيك الفقر، تريد الصحة ويأتيك المرض وهكذا، تريد أن يعيش ابنك فيموت.. يجب أن تُسلِّّم لله وتعلم أن هذا ليس بعبث، أمر عُلم فكُتب فقُدِّر، فإيمانك بهذا المعنى يحفظ دينك وعقيدتك وتوحيدك وإلا عدم الإيمان بالقضاء والقدر ينقض التوحيد فهو نظام التوحيد.
وقول جبرائيل بعد كل خبر: صدقت يدل على أن هذا السائل ليس إنساناًً عادياًً يريد يطلب العلم، يريد أن يسأل هذه الأسئلة ليسمع الحاضرون الجواب من النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا قال له: صدقت أكد صحة ذلك الجواب لذلك يقول بعد كل سؤال من الأسئلة الثلاثة التي قبل الساعة قال له: صدقت.

بعد السؤال عن الإسلام والإيمان سأل عن الإحسان، ما هو الإحسان؟ قلنا الإسلام إذا جاء وحده منفرداًً يُفَسَّر يشمل أعمال القلوب وأعمـال الجوارح كذلك إذا ذُكر الإيمان وحده شمل أعمـال الـقـلـوب وأعمال الجوارح، يُشبهـونه بالمسكـين والفقير، إذا ذُكر الفقير والمسكين معاًً فُسر الفقير بإنسان قليل المال، ماله لا يكفيه والمسكين بالمعدم أو العكس على خلاف بين أهل العلم، كذلك الإسلام والإيمان إذا ذُكرا معاًً فُسر الإسلام بأعمال الجوارح والإيمان بأعمال القلوب، وإذا ذُكر كل واحد وحده دخل فيه الآخر.
وأما الإحسان قال: أن تعبد الله كأنك تراه .
فيها أعمال وفيها تروك، مزاولة الصلاة والصيام والصدقة والجهاد هذه أعمال، مزاولة الأعمال، والترك أيضاًً من الإيمان، تركك للمعاصي، تركك للظلم، تركك للسرقة، تركك للغيبة، تركك لارتكاب فاحشة الزنا إلى غير ذلك، كل ذلك من الإحسان، إيمان وإحسان وعبادة،
أن تعبد الله وتخشاه كأنك تراه أي إذا كان العبد واقفاً بين يدي الملك يراه يستحي أن يفعل شيئاًً لا يرضاه هذا الملك العظيم، ربك يراك ويسمع كلامك ويعلم ما في نفسك استحضارك لهذه المعاني حتى لا يراك حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك هذا هو الإحسان درجة ليس بعدها درجة بمعنى: حسن المراقبة، يُسمى هذا حسن المراقبة، كأنك في كل لحظة، في كل ما تريد أن تفعل أو تترك، تتذكر، لا يغيب عن بالك بأن الله يراك من فوقك لا يخفى عليه شيء من أمرك ومطلع عليك وسميعٌ كلامك، يرى مكانك ويعلم ما في ضميرك، هذا المعنى يسمى الإحسان ويسمى المراقبة ويسمى المشاهدة، تشاهد هذا المعنى وهو الذي يقربك إلى الله حتى تكون عبداًً خالصاًً صادقا، يحملك هذا المعنى على الإخلاص وألا تعمل عملاًً إلا لوجهه سبحانه وتعالى تريد رضاه ومحبته وأن يكرمك في دار كرامته بل يحملك هذا المعنى على الصدق، الصدق بعد الإخلاص،
الإخلاص: أن تريد بعملك وجه الله، وأما الصدق: أن تريد بعملك وجه الله وأن تكون حاضراًً حين تعمل وخاشع الجوارح، خاشع القلب خاشع الجوارح هذا هو الصدق، هذا المعنى هو الذي يسمى الإحسان، لذلك قلنا هذه المراتب الثلاثة مراتب الدين الإسلامي الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام.. إسلام: فهو أوسع، أوسع الدرجات، إذ قد يكون الإنسان مسلماًً ولا يكون مؤمنا، قد يكون مسلماً بأن ينقاد في الظاهر، يصلى فيصوم وقلبه كافر، هذا إسلام المنافقين، أو دخل الإيمان في قلبه لكن ضعيف جدا ويطلق عليه أنه مسلم وليس بمؤمن فإذا وقر الإيمان في القلب، حقيقة تثبت في القلب وتؤثر في الجوارح هنا صار أضيق من الدرجة الأولى، لذلك قيل في أبى بكر: إنه لم يسبق الناس بكثرة صلاته وصيامه، في الصحابة من يُكثر الصلاة والصيام أكثر من أبى بكر الصديق،
لم يسبقهم بكثرة صلاة أو صيام ولكن سبقهم بما وقر في قلبه، بالحقيقة التي وقرت في قلبه، تعظيم الله ومحبة الله ومحبة رسوله عليه الصلاة والسلام المحبة الصادقة حتى خرج من ماله كله ويفدي رسول الله عليه الصلاة والسلام بنفسه ذلك هو الإيمان ولكن الإحسان وإن كان من حيث المعنى أوسع لكن من حيث أهله أضيق وأخص لأن المحسنين خاصة المؤمنين، نخبة من المؤمنين ليس كل مؤمن محسنا لا بل المؤمن الذي يصل إلى هذه الدرجة من شدة مراقبة الله، يعبد الله كأنه يرى الله، يخشاه كأنه يراه، يستحي منه، لا يفقده حيث أمره ولا يجده حيث نهاه، الذين يصلون إلى هذه الدرجة هم قلة من المؤمنين أو طائفة من المؤمنين وليس كل مؤمن يصل إلى هذه الدرجة، هكذا فسر النبي عليه الصلاة والسلام الإحسان، فقال له جبرائيل صدقت، هذا السائل الغريب الذي لا يعرفه الصحابة، الذي يستغربون كيف يسأل ثم يُصدق؟!
وبعد هذا سأله عن الساعة فكان الجواب: ما المسئول عنها بأعلم من السائل. متى تقوم الساعة بالتحديد لا يعلم ذلك إلا الله، وتقدير عمر الدنيا بكذا مليون خطأ، ليس هناك تحديدٌ حتى تعرف كم ذهب من عمر الدنيا وكم بقي، لا يعلم ذلك إلا الله، إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ما المسئول عنها بأعلم من السائل أي لا الرسول يعلم عليه الصلاة والسلام ولا جبرائيل يعلم عليه السلام بل علم ذلك عند الله، لذلك انتقل فسأل عن أمارات الساعة، عن علامات الساعة، ذكر له علامة وقعت الآن ونعيش وسطها، العلامات كثيرة ولكن من باب المثال ذكر علامة ..

لذلك انتقى وسأل عن أمارات الساعة ... ذَكر له علامة وقعت الآن ونعيش وسطها، العلامات كثيرة ولكن من باب المثال ذكر علامة، من علامات الساعة بعث النبي صلى الله عليه وسلم، إذ يقول النبي عليه الصلاة والسلام بعثت أنا والساعة كهاتين أشار بالسبابة والوسطى أي سبقت الساعة كما تسبق الوسطى السبابة - تسمى المسبحة -أو إن الساعة لاصقة ببعثي ليس بيني وبين الساعة نبي،
ثم بعد ذلك علامات كثيرة أخبر عنها النبي عليه الصلاة والسلام وأفرد أهل العلم بعض المصنفات بأمارات الساعة،
والآن نعيش في وسط كثيرة من تلك الأمارات:
كثرة الفتن، حدث ولا حرج،
كثرة القتال، حدث ولا حرج ليل نهار،
كثرة النساء وقلة الرجال كذلك لأسباب كثيرة منها: موت الرجال، لأن هذه الفتن وهذا القتال يأخذ الرجال فتكثر النساء،
كثرة الجهل وقلة العلم، في وقتنا هذا، يخفى هذا المعنى على كثير من الناس لأن الناس تلاحظ أن الثقافة انتشرت اليوم أكثر من ذي قبل بين الرجال والنساء ويحسبون أن هذه الثقافة هي العلم، ليس الأمر كذلك، العلم شيء والثقافة شيء آخر
الثقافة المعرفة، نوع من المعرفة لكن العلم الذي يقربك إلى الله ويبين لك ما أحل الله وما حرم الله وتعرف به العقيدة الصحيحة من العقيدة المنحرفة، وتعرف به السنة من البدع وتعرف وتحيط بجميع ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام وتعرف الشبه حول الإسلام وحول العقيدة وحول الشريعة لترد تلك الشبه، قليل جدا من يتصفون بهذا العلم اليوم، لو تزودت بفكرة في العالم الإسلامي العربي أولا، الذي هو أولى أن يكون محل العلم ثم العالم الآخر لوجدت قلة قليلة جدا، بل هذا ينذر بأن رفع العلم قريب،
العلم يرفع بموت العلماء فإذا مات العلماء الربانيون والفقهاء المبرِّزون، رفع العلم، ما الذي يحصل، يتولى الجهال المناصب والإفتاء والقضاء، يحكمون بين الناس بغير ما أنزل الله، فيَضِلون ويُضِلون، هذا وقع الآن في كثير وكثير من الأقطار، اللهم سلم , سلم
والأمارات التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام أن تلد الأمة ربتها أو ربها فُسِّرت هذه الجملة بعدة تفاسير منها: يكثر التسرِّي بالجواري، ليلدن أولادا، والولد تابع للأب ويصير بمثابة سيد لوالدته من كثرة التسري وكثرة أولاد الجواري الذين يتبعون أبائهم من حيث النسب، إذا كان الأب سيدا فأصبح الابن سيدا فتصير هذه الأَمَة التي هي مال لأبيه بمثابة جارية له أو يكثر بيع أمهات الولد، ينجب الرجل من أَمَة ثم يبيعها فيدور الوقت، يوما ما، الابن يشتريها، يشتري أُمَّهُ،
معنىً ثالث كناية عن كثرة العقوق، يكثر العقوق في آخر الزمان، بحيث إن الولد يستخدم والده ووالدته كاستخدام الخادم فيُذِله ويسيء إليه ويتكلم عليه وربما ضَرَبَهُ،
هكذا هذه من أمارات الساعة
والعلامة الثانية: أن ترى الحفاة العراة، انتبهوا لهذه الوصاف، حفاة من شدة الحاجة، عراة من شدة الحاجة، عالة فقراء، رعاء الشاة..وإلى غد إن شاء الله لتكملة هذا الدرس وبالله التوفيق وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه
نواصل درسنا في الحديث الثاني من أحاديث الأربعين النووية وهو حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه المعروف بقصة جبرائيل، قال السائل - وهو جبرائيل -:فأخبرني عن الساعة -بعد أن سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان - قال له أخبرني عن الساعة، قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل فإن الساعة لا يعلمها غير الله لا جبرائيل ولا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فأخبرني عن أماراتها أي علاماتها وأشراطها  [يقال لها علامة وأمارة وأشراط، المعنى واحد] قال أن تلد الأمة ربتها وفي لفظ ربها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان
ذكر من علامات الساعة الكثيرة، ذكر منها علامتين اثنتين ونقتصر عليهما وإلا فالعلامات كثيرة وكثيرة جدا وصنفها أهل العلم إلى ثلاثة أصناف:
صنف يسمى الأشراط الأولى
ثم الوسطى
ثم الأشراط الأخيرة العظيمة التي هي قرب الساعة
أما الأشراط والعلامات الأولى فهي بالنسبة لكثير من الناس غير أهل العلم علامات خفية غير ظاهرة ولكنها يعلمها أهل العلم وقد صنف غير واحد من أهل العلم مصنفات في أمارات الساعة وأشراط الساعة وجاءت ذكرها في أحاديث صحيحة، من تلكم الأشراط والعلامات بعث النبي صلى الله عليه وسلم أو ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام قوله [ بعثت أنا والساعة كهاتين ] أي تقدمت على الساعة كما تتقدم الوسطى على السبابة، وكل آت قريب وقد يتصور بعض الناس أن هذه الفترة من بعثه عليه الصلاة والسلام حتى تقوم الساعة زمن طويل ولكن ليس بطويل بالنسبة لما مضى من الدنيا لأن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، هكذا سبق الساعة وفي تفسير لبعض أهل العلم فإن الساعة لاصقة ببعث النبي عليه الصلاة والسلام إشارة إلا أنه لا نبي بعده من ذلك الوقت تتجدد العلامات والأمارات ولعله من المستحسن أن نشير إلى بعضها لكونها واقعة بالفعل ولأننا نعيش وسطها لينتبه السامع
من الأمارات التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام كثرة الهَرج، قيل ما الهرج قال القتل، وكل عاقل يدرك هذا الوقت بأن القتال كَثُرَ وأن الحروب إذا انقطعت من جهة اندلعت من جهات أخرى وأن هذا القتال في الغالب الكثير بين المسلمين أو بين المنتسبين إلى الإسلام وربما جرى القتال بينهم بدعوى الدعوة إلى الإسلام المقاتِل والمقاتَل، كل يدعي أنه يدعوا إلى الإسلام ويقاتل لأجل الإسلام، يقتل أخاه المسلم في زعمه للدعوة إلى الإسلام - يا سبحان الله - هذا مفهوم عزيز وخطير، ومن العلامات كثرة الفتن، الفتن أعم من القتال، قد يفتتن المرء في دينه فنسأل الله لنا ولكم السلامة، أن لا يجعل الفتنة في ديننا.
يفتن المرء في دينه، يراقَب لكونه يتردد إلى المساجد للصلاة، لصلاة الجماعة، يراقب لكونه يلتحي تأسيا برسول الله عليه الصلاة والسلام وعملا بسنته، يراقب لكونه يَتزَي  بالزي الإسلامي وهكذا إلى آخر تلك المراقبات، وتلكم المراقبات، ليس من اليهود ولا من النصارى ولكن من المنتسبين إلى الإسلام، فتن كقطع الليل المظلم، كثيرة ومتنوعة، وربما يعلم غيرنا أكثر مما نعلم الفتن التي تقع الآن، هذه كلها من أمارات الساعة ولعلها من الوسطى، منها كثرة الجهل، وكثرة الجهل أمر ملموس الآن، أين علماء المسلمون الجهابذة الذين كانوا يُعرفون في كل بلد بالعلم، تُضرب إليهم أكباد الإبل، أين هم الآن؟
ولو تجولت بذهنك في الأقطار لما وجدت في بعض البلدان عالما واحدا وقد تجد في بعض البلدان عالمين اثنين أو ثلاثة أو أربعة، أقل فأكثر، ولكن أكثر أقطار المسلمين لا يوجد فيها عالم واحد، عالم بالمفهوم الصحيح الذي يعلم كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، الذي رزقه الله الفقه في الدين، من يرد الله به خيرا يفقه في الدين، الفقه في الدين قَلَّ كثيرا جدا، بخلاف الثقافة العامة التي عمت الرجال والنساء، ثقافة يعيشون بها في هذه الحياة، معرفة علوم الدنيا، التي هي أشبه ما تكون بالصناعات، ومن تلكم العلامات:
كثرة النساء وقلة الرجال، ملموس جدا، ولذلك أسباب من الأسباب، تجد في كثير من البيوت يكثر عدد البنات ويقل عدد البنين وهذا ملموس، ومن الأسباب أن الرجال يقتلون كثيرا تأكلهم الحروب والقتال، ويكثر النساء وهكذا تظهر العلامات الكثيرة ولكن نقتصر الآن بالشرح على ما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام، منها أن تلد الأمة ربتها أو ربها،
تقدم الكلام على تفسير هذه الجملة بكلام أهل العلم ولا بأس من الإعادة بالاختصار، قال بعضهم معنى ذلك: إنه يكثر بين المسلمين التسري من كثرة الجواري والإماء ويلدن ويكون الولد بمثابة السيد لأمه لأنه ينتسب إلى والده ووالدته مال لوالده فيكون بمثابة والده سيدا لوالدته التي هي الأَمَة، قال بعضهم عِند من يجيز بيع أم الولد أنها ربما تباع هذه الأمة بعد أن أنجب منها سيدها ومولاها ويوما ما من حيث لا يشعر، يشتريها الولد أو بنتها، فتكون عندهما بمثابة الجارية والخادمة، فتستخدم وربما تهان وقال بعضهم: كناية عن العقوق، يكثر العقوق في آخر الوقت بحيث إن الولد يستخدم الوالدين كما يستخدم الإماء والعبيد ويهينهما وربما أساء إليهما وربما ضربهما، هكذا ذكر أهل العلم هذه المعاني الثلاثة لهذه الجملة ولا بأس أن تتوافر كلها وتقع، وبالتجارب وقعت كلها، هذه من علامات الساعة،
العلامة الثانية، أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان، كناية من أن أهل البادية الذين كانوا معروفين بالفقر والفاقة والحاجة، يسكنون المدن ويوسع الله عليهم بعد أن كانوا حفاة عراة عالة أي فقراء فيغنيهم الله فيتطاولون ويتفاخرون في رفع المباني والقصور، أمر واقع بالفعل، فإن كثيرا من أطراف المدن والعواصم التي كان يسكنها أهل البوادي في خيمهم، تحولت تلك الخيم  إلى القصور الآن وصار أهل البادية الذين كانوا بدوا صاروا حَضَرا ويتطاولون ويتفاخرون في رفع القصور، فلان بنا عمارة فنحن ينبغي أن نبني مثلها أو أحسن منها وهكذا ولابد أن يقع ذلك لِيَصدُق هذا القول من الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام، كل هذه العلامات نعيشها الآن وتعرفها جميع الناس ..
بعد هذا انطلق السائل، السائل الغريب الذي يسأل، فإذا أجاب الأستاذ أو المسئول يقول له صدقت، انطلق فذهب فيقول عمر: فَلَبِثْتُ مليا وفي لفض فَلَبِثَ مليا أي النبي عليه الصلاة والسلام بعد ذلك في بعض الروايات قال النبي عليه الصلاة والسلام ردوه علي، كأنه يريد أن يشعرهم بأنهم لا يستطيعون رده فلم يجدوه شيئا فذهب، لأنه عند السؤال تمثل وتشكل بشكل آدمي، الملك لا يرى على خلقته الحقيقية ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم جبرائيل على خلقته إلا مرتين اثنتين: مرة عند سدرة المنتهى ومرة في الأرض في غار حراء هكذا ذهب فانطلق فلم يجدوه ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام يا عمر أتدري ما السائل؟ الذي كان يسأل عن الإسلام والإيمان والإحسان وعن الساعة وأشراط الساعة ثم ذهب، من هذا؟ قلت الله ورسوله أعلم قال إنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم، هذه الجملة تدل على عظمة هذا الحديث لأنه حديث اشتمل على الدين كله، الدين له ثلاث درجات وثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: الإسلام
المرتبة الثانية: الإيمان
المرتبة الثالثة: الإحسان
هذا الدين كله. اشتمل عليها حديث جبرائيل
الإسلام الذي هو الاستسلام والانقياد والقيام بأعمال الجوارح، عملا وتركا
الإيمان الذي يشمل تصديق القلب وقول اللسان وعمل الجوارح على أصح قولي أهل العلم أي عند الجمهور وقول بعضهم إن الإيمان هو التصديق فقط قول ضعيف ترده أدلة من الكتاب والسنة، التصديق كما تقدم من ادعى أنه مؤمن بقلبه أي بالتصديق ولكنه يرفض التلفظ بالشهادتين ليس بمسلم ولا مؤمن، وإن تلفظ بالشهادتين وترك الأعمال إتكالا على نطقه بالشهادتين وعلى ما يزعُم من التصديق ليس بمؤمن، إما أنه ليس بمؤمن أصلا أو ليس بمؤمن إيمانا كاملا، هذا التحفظ سببه ما نسب إلى بعض الأئمة كالإمام أبي حنيفة وأتباعه وأصحابه بأن الإيمان هو التصديق وفي رواية عنه التصديق والتلفظ بالشهادتين،
القول بأن الإيمان هو التصديق، هو الذي عليه الأشاعرة، من هنا تعتبر الأشاعرة من المرجئة لأن الإرجاء معناه التأخير، أخروا الأعمال عن الدخول في مسمى الإيمان وهذا الإرجاء ليس كإرجاء مرجئة أهل الكلام ويسمى إرجاء الفقهاء، إرجاء علماء أهل الكلام أخطر وربما يؤدي إلى الكفر وهو القول بأن الذنب لا يؤثر مع وجود الإيمان وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص وأن إيمان جبرائيل وإيماننا بدرجة واحدة، إيمان أبي بكر وإيمان النبي، الإيمان كله بدرجة واحدة لا يزيد ولا ينقص،
ليس هذا هو قول الإمام أبي حنيفة فليذكر طلاب العلم إذا رمي الإمام أبوحنيفة بالإرجاء، إرجاؤه غير علماء الكلام ويسمى إرجاء الفقهاء أي إن الأعمال وإن لم تكن داخلة في مسمى الإيمان ولكن لابد منها، بل الأعمال شرط في صحة الإيمان عند الإمام أبي حنيفة وأصحابه لذلك هذا القول لا يخرج الإمام أبا حنيفة والأشاعرة معا، لا يخرجهم من كونهم على السنة إذا سلِموا من المخالفات الأخرى وأما الإمام فقد سَلِم من المخالفات الأخرى وهو من أئمة أهل السنة والجماعة وأما الأشاعرة فقد ارتكبوا مخالفات كثيرة تنقلهم من دائرة أهل السنة والجماعة إلى دائرة المبتدعة ولكنهم مبتدعة ليسوا بكافرين بل يعتبرون مبتدعة من أهل البدع من أهل الكلام لأن الكلام كله بدع،
علم الكلام علمٌ مبتدع، لم يعرف إلا من عهد العباسيين إلى يومنا هذا، أما في عهد النبوة وأهل الخلافة الراشدة وفي عهد الأمويين، هذا السواد الأعظم من المسلمين لا يعرفون علم الكلام، لا الأشعرية ولا المعتزلة ولا  الماتريدية، كلها فرقت تجددت ولا تزال الفرق تتجدد والأحزاب تتحزب إلى وقتنا هذا ولكن الحق أبلج والباطل لجلج، لا يشتبهان على طالب العلم، الشاهد، الإيمان أوسع دائرة من الإحسان كما أن الإسلام أوسع من الإيمان، أما الإحسان فمن حيث المعنى واسع لكن من حيث أهله ضيق جدا لأن المحسنين كما وصفهم النبي عليه الصلاة والسلام هم الذين وصلوا من شدة المراقبة إلى درجة أنهم يعبدون الله تعالى كأنهم يرونه رأي العين، إيمانا منهم بأن الله يراهم من فوق سبع سماوات ومن فوق العرش، يراهم ويسمع كلامهم لذلك من وصل منهم إلى درجة الإحسان لا يكاد يلتفت بقلبه إلى سوى الله ولا يغفل عنه في صلاته، يصلي كأن الله بينه وبين القبلة كأنه يراه، هذه درجة المراقبة الشريفة، والتوفيق بيد الله
هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire