باب في مشروعية
الزكاة ومكانتها /كتاب الزكاة
الملخص الفقهي/ قسم العبادات
http://al-bassair.blogspot.com
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلموا وفقني الله وإياكم أنه لا
بد من معرفة تفاصيل أحكام الزكاة وشروطها وبيان من تجب عليه ومن تجب له وما تجب
فيه من الأموال .
فالزكاة أحد أركان الإسلام ومبانيه
العظام - كما تظاهرت بذلك دلالة الكتاب والسنة - , وقد قرنها الله تعالى بالصلاة
في كتابه في اثنين وثمانين موضعا , مما يدل على عظم شأنها , وكمال الاتصال بينها
وبين الصلاة , ووثاقة الارتباط بينهما , حتى قال صديق هذه الأمة وخليفة الرسول
الأول أبو بكر الصديق : " لأقاتلن من
فرق بين الصلاة والزكاة " قال الله تعالى : وَأَقِيمُوا
الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وقال تعالى : فَإِنْ
تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم : بني
الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , وإقام الصلاة ,
وإيتاء الزكاة . .. الحديث .
وأجمع المسلمون على فرضيتها ,
وأنها الركن الثالث من أركان الإسلام , وعلى كفر من جحد وجوبها , وقتال من منع
إخراجها .
فرضت في السنة الثانية للهجرة
النبوية , وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم السعاة لقبضها وجبايتها لإيصالها إلى
مستحقيها , ومضت بذلك سنة الخلفاء الراشدين وعمل المسلمين .
وفي الزكاة إحسان إلى الخلق , وهي
مطهرة للمال من الدنس , وحصانة له من الآفات , وعبودية للرب سبحانه , قال
الله تعالى : خُذْ
مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ
عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وبالتالي , فهي تطهير للنفوس من الشح والبخل ,
وامتحان للغني حيث يتقرب إلى الله بإخراج شيء من ماله المحبوب إليه .
وقد أوجبها الله في الأموال التي
تحتمل المواساة . ويكثر فيها النمو والربح - ما ينمو فيها بنفسه كالماشية والحرث ,
وما ينمو بالتصرف وإدارته في التجارة كالذهب والفضة وعروض التجارة - , وجعل الله
قدر المخرج في الزكاة على حسب التعب في المال الذي تخرج منه , . فأوجب في الركاز ,
وهو ما وجد من أموال الجاهلية - الخمس , وما فيه التعب من طرف واحد - وهو ما سقي
بلا مؤنة - نصف الخمس , وما وجد فيه التعب من طرفين ربع الخمس , وفيما يكثر فيه
التعب والتقلب - كالنقود - وعروض التجارة ثمن الخمس.
وقد سماها الله بالزكاة , لأنها
تزكي النفس والمال , فهي ليست غرامة ولا ضريبة تنقص الحال وتضر صاحبه , بل هي على
العكس تزيد المال نموا من حيث لا يشعر الناس , قال صلى الله عليه وسلم : ما
- نقص مال من صدقة
والزكاة في الشرع
حق واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص , هو تمام الحول في الماشية
والنقود وعروض التجارة , وعند اشتداد الحب وبدو الصلاح في الثمار , وحصول ما تجب
فيه من العسل , واستخراج ما تجب فيه من المعادن , وغروب الشمس ليلة العيد في زكاة
الفطر .
وتجب الزكاة على المسلم إذا
توفرت فيه شروط خمسة
أحدها :
الحرية , فلا تجب على مملوك ; لأنه لا مال له , وما بيده ملك لسيده , فتكون زكاته
على السيد .
الشرط
الثاني : أن يكون صاحب المال مسلما ,
فلا تجب على كافر , بحيث لا يطالب بأدائها ; لأنها قربة وطاعة , والكافر ليس من
أهل القربة والطاعة , ولأنها تحتاج إلى نية , ولا تتأتى من الكافر , أما وجوبها
عليه بمعنى أنه مخاطب بها ويعاقب عليها في الآخرة عقابا خاصا , فمحل خلاف بين أهل
العلم , وفي حديث معاذ رضي الله عنه : فادعهم
إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , ثم ذكر الصلاة , ثم قال :
" فإن هم أطاعوك , فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة , تؤخذ من أغنيائهم ,
فترد على فقرائهم " متفق عليه , فجعل الإسلام شرطا لوجوب الزكاة .
الشرط
الثالث : امتلاك نصاب , فلا تجب فيما دون النصاب , وهو قدر معلوم من المال
يأتي تفصيله , سواء كان مالك النصاب كبيرا أو صغيرا , عاقلا أو مجنونا , لعموم
الأدلة .
الشرط الرابع
: استقرار الملكية , بأن لا يتعلق بها حق غيره , فلا زكاة في مال لم
تستقر ملكيته , كدين الكتابة ; لأن المكاتب يملك تعجيز نفسه , ويمتنع من الأداء .
الشرط
الخامس : مضي الحول على المال , لحديث عائشة رضي الله عنها : لا
زكاة قي مال حتى يحول عليه الحول رواه ابن ماجه , وروى الترمذي معناه .
وهذا في غير الخارج من الأرض كالحبوب والثمار , فأما الخارج
من الأرض , فتجب فيه الزكاة عند وجوده فلا يعتبر فيه الحول ,
وإنما يبقى تمام الحول مشترطا في النقود والماشية وعروض التجارة رفقا
بالمالك , ليتكامل النماء فيها .
ونتاج
البهائم التي تجب فيها الزكاة وربح التجارة حولهما حول أصلهما , فلا يشترط أن يأتي
عليهما حول مستقل إذا كان أصلهما ! قد بلغ النصاب , فإن لم يكن كذلك , ابتدئ الحول
من تمامهما النصاب.
ومن له دين على معسر , فإنه يخرج
زكاته إذا قبضه لعام واحد على الصحيح , وإن كان له دين على مليء باذل , فإنه يزكيه
كل عام .
وما أعد من الأموال للقنية
والاستعمال , فلا زكاة فيه , كدور السكنى , وثياب البذلة ,
وأثاث المنزل , والسيارات , والدواب المعدة للركوب والاستعمال .
وما أعد للكراء كالسيارات
والدكاكين والبيوت , فلا " زكاة في أصله , وإنما
تجب الزكاة في أجرته إذا بلغت النصاب بنفسها أو بضمها إلى غيرها وحال عليها الحول
.
ومن وجبت
عليه الزكاة , ثم مات قبل إخراجها , " وجب إخراجها من
تركته , فلا تسقط بالموت , لقوله صلى الله عليه وسلم : فدين
الله أحق بالوفاء رواه البخاري ومسلم وغيرهما , فيخرجهما الوارث
أو غيره من تركة الميت ; لأنها حق واحب , فلا تسقط بالموت , وهي دين في " ذمة
الميت , يجب إبراؤه منها .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire