تغسيل الميت أحكام التكفين/باب في أحكام الجنائز
الملخص الفقهي/ قسم العبادات
.
ومن
أحكام الجنازة وجوب تغسيل الميت على من علم به وأمكنه تغسيله , قال صلى الله عليه
وسلم في الذي وقصته راحلته : اغسلوه بماء وسدر . ..
الحديث متفق عليه , وقد تواتر تغسيل الميت في الإسلام قولا وعملا , وغسل النبي صلى
الله عليه وسلم وهو الطاهر المطهر , فكيف بمن سواه , فتغسيل الميت فرض كفاية على
من علم بحاله من المسلمين .
والرجل
يغسله الرجل , والأولى والأفضل أن يختار لتغسيل الميت ثقة عارف بأحكام التغسيل ,
لأنه حكم شرعي له صفة مخصوصة , لا يتمكن من تطبيقها إلا عالم بها على الوجه الشرعي
, ويقدم قي تولي تغسيل الميت وصيه , فإذا كان الميت قد أوصى أن يغسله شخص معين ,
وهذا المعين عدل ثقة , فإنه يقدم في تولي تغسيله وصيه بذلك ; لأن أبا بكر رضي الله
عنه أوصى أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس , فالمرأة يجوز أن تغسل
زوجها , كما أن الرجل يجوز أن يغسل زوجته , وأوصى أنس رضي
الله عنه أن يغسله محمد بن سيرين ثم يلي الوصي في تغسيل
الميت أبو الميت , فهو أولى بتغسيل ابنه , لاختصاصه بالحنو والشفقة على ابنه , ثم
جده , لمشاركته للأب في المعنى المذكور , ثم الأقرب فالأقرب من عصباته , ثم
الأجنبي منه , وهذا الترتيب في الأولوية إذا كانوا كلهم يحسنون التغسيل وطالبوا به
, وإلا , فإنه يقدم العالم بأحكام التغسيل على من لا علم له .
والمرأة
تغسلها النساء , والأولى بتغسيل المرأة الميتة وصيتها , فإن كانت أوصت أن تغسلها
امرأة معينة , قدمت على غيرها إذا كان فيها صلاحية لذلك , ثم بعدها تتولى تغسيلها
القربى فالقربى من نسائها .
فالمرأة
تتولى تغسيلها النساء على هذا الترتيب , والرجل يتولى تغسيله الرجال على ما سبق , ولكل
واحد من الزوجين غسل صاحبه , فالرجل له أن يغسل زوجته والمرأة لها أن تغسل زوجها ;
لأن أبا بكر رضي الله
عنه أوصى أن تغسله زوجته ولأن عليا رضي الله عنه
غسل فاطمة وورد مثل ذلك عن غيرهما
من الصحابة .
ولكل
من الرجال والنساء غسل من له دون سبع سنين ذكرا كان أو أنثى , قال ابن المنذر :
أجمع كل من نحفظ عنه أن المرأة تغسل الصبي الصغير " ا ه ; ولأنه لا عورة له
في الحياة , فكذا بعد الموت , ولأن إبراهيم ابن
النبي صلى الله عليه وسلم غسله النساءوليس لامرأة غسل ابن سبع
سنين فأكثر , ولا لرجل غسل ابنة سبع سنين فأكثر .
ولا يجوز لمسلم أن يغسل كافرا أو يحمل جنازته أو يكفنه أو يصلي عليه أو
يتبع جنازته ,
لقوله تعالى : يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
فالآية الكريمة تدل بعمومها على تحريم تغسيله وحمله واتباع جنازته , وقال تعالى : وَلَا تُصَلِّ
عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ
كَفَرُوا بِاللَّهِ
وقال تعالى : مَا كَانَ
لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ
ولا يدفنه , لكن إذا لم يوجد من يدفنه من الكفار , فإن المسلم يواريه , بأن يلقيه
في حفرة , منعا للتضرر بجثته , ولإلقاء قتلى بدر في القليب , وكذا حكم المرتد
كتارك الصلاة عمدا وصاحب البدعة المكفرة , وهكذا يجب أن يكون موقف المسلم من
الكافر حيا وميتا , موقف التبري والبغضاء : قال تعالى حكاية عن خليله
إبراهيم والذين معه : إِذْ قَالُوا
لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ
أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُوقال تعالى : لَا تَجِدُ قَوْمًا
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ
أَوْ عَشِيرَتَهُمْ وذلك لما بين الكفر
والإيمان من العداء , ولمعاداة الكفار لله ولرسله ولدينه , فلا تجوز موالاتهم
أحياء ولا أمواتا .
نسأل
الله أن يثبت قلوبنا على الحق , وأن يهدينا صراطه المستقيم .
ويشترط
أن يكون الماء الذي يغسل به طهورا مباحا , والأفضل أن يكون باردا , إلا عند الحاجة
لإزالة وسخ على الميت أو في شدة برد , فلا بأس بتسخينه .
ويكون
التغسيل في مكان مستور عن الأنظار ومسقوف من بيت أو خيمة ونحوها إن أمكن .
ويستر ما بين سرة الميت وركبته وجوبا قبل التغسيل ثم يجرد من ثيابه ,
ويوضع على سرير الغسل منحدرا نحو رجليه , لينصب عنه الماء وما يخرج منه .
ويحضر
التغسيل الغاسل ومن يعينه على الغسل , ويكره لغيرهم حضوره . ويكون التغسيل بأن يرفع
الغاسل رأس الميت إلى قرب جلوسه , ثم يمر يده على بطنه ويعصره برفق , ليخرج منه ما
هو مستعد للخروج , ويكثر صب الماء حينئذ , ليذهب بالخارج , ثم يلف الغاسل على يده
خرقة خشنة , فينجي الميت , وينقي المخرج بالماء , ثم ينوي التغسيل , ويسمي ,
ويوضئه كوضوء الصلاة , إلا في المضمضة والاستنشاق , فيكفي عندنا مسح الغاسل أسنان
الميت ومنخريه بإصبعيه مبلولتين أو عليهما خرقة مبلولة بالماء ,
ولا يدخل الماء فمه ولا أنفه , ثم يغسل رأسه ولحيته برغوة سدر أو صابون , ثم يغسل
ميامن جسده , وهي صفحة عنقه اليمنى , ثم يده اليمنى وكتفه , ثم شق صدره الأيمن
وجنبه الأيمن وفخذه الأيمن وساقه وقدمه الميامن , ثم يقلبه على جنبه الأيسر ,
فيغسل شق ظهره الأيمن , ثم يغسل جانبه الأيسر كذلك , ثم يقلبه على جنبه الأيمن ,
فيغسل شق ظهره الأيسر , ويستعمل السدر مع الغسل أو الصابون ,
ويستحب
أن يلف على يده خرقة حال التغسيل . والواجب غسله واحدة إن حصل الإنقاء ,
والمستحب ثلاث غسلات , وإن لم يحصل الإنقاء , زاد في الغسلات حتى ينقي إلى سبع
غسلات , ويستحب أن يجعل في الغسلة الأخيرة كافورا ; لأنه يصلب بدن الميت , ويطيبه
, ويبرده , فلأجل ذلك , يجعل في الغسلة الأخيرة , ليبقي أثره .
ثم
ينشف الميت بثوب ونحوه , ويقص شاربه , وتقلم أظافره إن طالت , ويؤخذ شعر إبطيه ,
ويجعل المأخوذ معه في الكفن , ويضفر شعر رأس المرأة ثلاثة قرون , ويسدل من ورائها
.
وأما
إذا تعذر غسل الميت لعدم الماء , أو خيف تقطعه بالغسل كالمجذوم والمحترق , أو
كان الميت امرأة مع رجال ليس فيهم زوجها , أو رجلا مع نساء ليس فيهم زوجته , فإن
الميت في هذه الأحوال ييمم بالتراب , بمسح وجهه وكفيه من وراء حائل على يد الماسح
, وإن تعذر غسل بعضا الميت , غسل ما أمكن غسله منه , ويمم عن الباقي .
ويستحب لمن غسل ميتا أن يغتسل بعد تغسيله , وليس ذلك بواجب .
أحكام التكفين
وبعد
تمام الغسل والتجفيف يشرع تكفين الميت ويشترط في الكفن أن يكون
ساترا , يستحب أن يكون أبيض نظيفا , سواء كان جديدا - وهو الأفضل - أو غسيلا .
ومقدار الكفن الواجب ثوب يستر جميع الميت , والمستحب تكفين
الرجل في ثلاث لفائف , وتكفين المرأة في خمسة أثواب , إزار وخمار وقميص ولفافتين ,
ويكفن الصغير في ثوب واحد , ويباح في ثلاثة أثواب , وتكفن الصغيرة في قميص
ولفافتين , ويستحب تجمير الأكفان بالبخور بعد رشها بماء , الورد
ونحوه , لتعلق بها رائحة البخور .
ويتم
تكفين الرجل بأن تبسط اللفائف الثلاث بعضها فوق بعض , ثم يؤتى بالميت مستورا وجوبا
بثوب ونحوه ويوضع فوق اللفائف مستلقيا , ثم يؤتى بالحنوط وهو الطيب ويجعل منه في
قطن بين أليتي الميت , ويشد فوقه خرقة , ثم يجعل باقي القطن المطيب على عينيه
ومنخريه وفمه وأذنيه وعلى مواضع سجوده : جبهته , وأنفه , ويديه , وركبتيه , وأطراف
قدميه , ومغابن البدن : الإبطين , وطي الركبتين وسرته , ويجعل من الطيب بين
الأكفان وفي رأس الميت , ثم يرد طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقه
الأيمن , ثم طرفها الأيمن على شقه الأيسر , ثم الثانية كذلك ثم الثالثة كذلك ,
ويكون الفاضل من طول اللفائف عند رأسه أكثر مما عند رجليه , ثم يجمع الفاصل عند
رأسه ويرد على وجهه , ويجمع الفاضل عند رجليه فيرد على رجليه , ثم يعقد على
اللفائف أحزمة , لئلا تنتشر وتحل العقد في القبر .
وأما المرأة فتكفن في خمسة أثواب
إزار تؤزر به , ثم تلبس قميصا , ثم تخمر بخمار على رأسها , ثم تلف بلفافتين
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire