باب في أحكام الضمان
كتاب البيوع
الملخص
الفقهي/ قسم العبادات
تلخيص صالح بن فوزان بن عبدالله
آل فوزان
باب في أحكام الضمان
* ومن التوثيقات الشرعية للديون الضمان , وهو مأخوذ من الضمن ; لأن
ذمة الضامن صارت في ضمن ذمة المضمون عنه , وقيل : مشتق من التضمن , لأن ذمة الضامن
تتضمن الحق المضمون , وقيل : مشتق من الضم ; لضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه
في التزام الحق فيثبت الحق في ذمتيهما جميعا .
* ومعنى الضمان شرعا : التزام ما وجب على غيره , مع بقائه على مضمون عنه , والتزام
ما قد يجب أيضا ; كأن يقول : ما أعطيت فلانا ; فهو عليّ .
* والضمان جائز بالكتاب والسنة والإجماع : - قال تعالى :
وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ
زَعِيمٌ
أي : ضامن .
- وروى الإمام الترمذي مرفوعا :
الزعيم غارم
أي : ضامن .
- وقد أجمع العلماء على جواز الضمان في الجملة . والمصلحة تقتضي ذلك , بل قد تدعو
الحاجة والضرورة إليه , وهو من التعاون على البر والتقوى , ومن قضاء حاجة المسلم ,
وتنفيس كربته .
* ويشترط لصحته أن يكون الضامن جائز التصرف , لأنه تحمل مال , فلا يصح من صغير ولا
سفيه محجور عليه , ويشترط رضاه أيضا , فإن أكره على الضمان ; لم يصح ; لأن الضمان
تبرع بالتزام الحق , فاعتبر له الرضى كالتبرع بالأموال .
* والضمان عقد إرفاق يقصد به نفع المضمون وإعانته ; فلا يجوز أخذ العوض عليه ,
ولأن أخذ العوض على الضمان يكون كالقرض الذي جر نفعا ; فالضامن يلزمه أداء الدين
عن المضمون عند مطالبته بذلك , فإذا أداه للمضمون له ; فإنه سيسترده من المضمون
عنه على صفة القرض , فيكون قرضا جر نفعا , فيجب الابتعاد عن مثل هذا ,
وأن يكون الضمان مقصودا به التعاون والإرفاق , لا الاستغلال وإرهاق المحتاج .
* ويصح الضمان بلفظ : أنا ضمين , أو : أنا قبيل , أو : أنا حميل , أو : أنا زعيم ,
وبلفظ : تحملت دينك , أو : ضمنته , أو : هو عندي , وبكل لفظ يؤدي معنى الضمان ,
لأن الشارع لم يحد ذلك بعبارة معينة , فيرجع فيه إلى العرف .
* ولصاحب الحق أن يطالب من شاء من الضامن أو المضمون , لأن حقه ثابت في ذمتهما ;
فملك مطالبة من شاء منهما , ولقوله صلى الله عليه وسلم :
الزعيم غارم
رواه أبو داود والترمذي وحسنه , والزعيم هو الضامن , والغارم
معناه الذي يؤدي شيئا لزمه , وهذا قول الجمهور .
وذهب بعض العلماء إلى أن صاحب الحق لا يجوز له مطالبة الضامن , إلا إذا تعذرت
مطالبة المضمون عنه , لأن الضمان فرع , ولا يصار إليه إلا إذا تعذر الأصل , ولأن
الضمان توثيق للحق كالرهن , والرهن لا يستوفى منه الحق إلا عند تعذر الاستيفاء من
الراهن , ولأن مطالبة الضامن مع وجود المضمون عنه ويسرته فيها استقباح من الناس ,
لأن المعهود عندهم أنه لا يطالب الضامن إلا عند تعذر مطالبة المضمون عنه أو عجزه
عن التسديد , هذا هو المتعارف عند الناس . هذا معنى ما ذكره الإمام ابن القيم ,
وقال : " هذا القول في القوة كما ترى " .
*
ومن مسائل الضمان أن ذمة الضامن لا تبرأ إلا إذا برئت ذمة المضمون عنه من الدين
بإبراء أو قضاء , لأن ذمة الضامن فرع عن ذمة المضمون وتبع لها , ولأن الضمان
وثيقة , فإذا برئ الأصل , زالت الوثيقة ; كالرهن .
* ومن مسائل الضمان أنه يجوز تعدد الضامنين فيجوز أن يضمن الحق
اثنان فأكثر , سواء ضمن كل واحد منهما جميعه أو جزءا منه , ولا يبرأ أحد منهم -59-
إلا ببراءة الآخر , ويبرءون جميعا ببراءة المضمون عنه .
* ومن مسائل الضمان أنه لا يشترط في صحته معرفة الضامن للمضمون عنه , كأن يقول :
من استدان منك ; فأنا ضمين , ولا يشترط معرفة الضامن للمضمون له , لأنه لا يشترط
رضى المضمون له والمضمون عنه ; فلا يشترط معرفتهما .
* ومن مسائل الضمان أنه يصح ضمان المعلوم وضمان المجهول إذا كان يئول إلى العلم ;
لقوله تعالى :
وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ
زَعِيمٌ
لأن حمل البعير غير معلوم , لكنه يئول إلى العلم , فدلت الآية على
جوازه .
* ومن مسائل الضمان أنه يصح ضمان عادة المبيع - والعهدة هي الدرك - , بأن يضمن
الثمن إذا ظهر المبيع مستحقا لغير البائع .
* ومن مسائل الضمان أنه يجوز ضمان ما يجب على الشخص , كأن يضمن ما يلزمه من دين
ونحوه .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire