أحكام التصرف في البيع
كتاب البيوع
الملخص
الفقهي/ قسم العبادات
تلخيص صالح بن فوزان بن عبدالله
آل فوزان
باب في أحكام التصرف في
البيع
قبل قبضه والإقالة
* نتناول في هذا الباب إن شاء الله أحكام التصرف في المبيع قبل
قبضه - ما يصح وما لا يصح - مع بيان ما يحصل به قبض المبيع ويعد قبضا صحيحا , وما
لا يعد قبضا صحيحا .
*
اعلم أنه لا يصح التصرف في المبيع قبل قبضه إذا كان مكيلا أو موزونا
أو معدودا أو مذروعا باتفاق الأئمة , وكذا إذا كان غير ذلك على الصحيح الراجح من
قولي العلماء رحمهم الله , لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
من ابتاع طعاما , فلا يبعه حتى يستوفيه
متفق عليه , وفي لفظ :
حتى يقبضه
ولمسلم : حتى يكتاله .
قال
ابن عباس رضي الله عنهما : " ولا أحسب غيره إلا مثله " , أي غير الطعام
, بل ورد ذلك صريحا كما روى الإمام أحمد :
إذا اشتريت شيئا , فلا تبعه حتى تقبضه
وروى
أبو داود :
نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التاجر إلى
رحالهم
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله : " علة النهي عن البيع
قبل القبض عجز المشتري عن تسلمه ; لأن البائع قد يسلمه وقد لا يسلمه , لا سيما إذا
رأى المشتري قد ربح , فإنه يسعى في رد البيع ; إما بجحد أو احتيال على الفسخ ,
وتأكد ذلك بالنهي عن ربح ما لم يضمن " انتهى .
فيجب
على المسلمين أن يتقيدوا بذلك , فإذا اشترى المسلم سلعة , لم يقدم على التصرف فيها
ببيع أو غيره حتى يقبضها قبضا تاما , وهذا مما يتساهل فيه كثير من الناس أو
يتجاهلونه , فيشترون السلع ثم يبيعونها وهم لم يقبضوها من البائع أصلا أو قبضوها
قبضا ناقصا لا يعد قبضا صحيحا , كأن يعد الأكياس أو الطرود أو الصناديق وهي في محل
البائع , ثم يذهب ويبيعها على آخر , وهذا لا يعد قبضا صحيحا , يترتب علية جواز
تصرف المشتري فيها .
*
فإن قلت : ما هو القبض الصحيح الذي يسوغ للمشتري التصرف في السلعة ؟ فالجواب أن
قبض السلع يختلف باختلاف نوعيتها , وكل نوع له قبض يناسبه , فإذا كان المبيع مكيلا
فقبضه بالكيل , وإن كان موزونا فقبضه بالوزن , وإن كان معدودا فقبضه بالعد , وإن
كان مذروعا فقبضه بالذرع , مع حيازة هذه الأشياء إلى مكان المشتري , وما كان
كالثياب والحيوانات والسيارات فقبضه بنقله إلى مكان المشتري , وإن كان المبيع مما
يتناول باليد كالجواهر والكتب ونحوها فقبضه يحصل بتناول المشتري له بيده وحيازته ,
وإن كان المبيع مما لا يمكن نقله من مكانه ; كالبيوت والأراضي والثمر على رءوس
الشجر , فقبضه يحصل بالتخلية , بأن يمكن منه المشتري , ويخلى بينه وبينه ليتصرف
فيه تصرف المالك , وتسليم الدار ونحوها بأن يفتح له بابها أو يسلمه مفتاحها .
*
وقد مر من الأحاديث في النهي عن التصرف في المبيع قبل قبضه المعتبر شرعا ; لما في
ذلك من المصلحة للمشتري والبائع ; من قطع النزاع , والسلامة من الخصومات التي
كثيرا ما تنشب بين الناس بسبب تساهلهم في القبض وعدم تفقد المشتري للسلعة
واستيفائها بالوفاء والتمام وانقطاع عهدة البائع بها , وهذا أمر ينبغي للمسلم
التقيد به وتطبيقه في معاملته .
*
وكثير من الناس اليوم يتساهلون في قبض السلع , ويتصرفون فيها قبل القبض الشرعي ,
فيرتكبون ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم , فيقعون في الخصومات والمنازعات ,
أو يصابون بالندامة عندما تنكشف لهم السلعة على حقيقتها وقد تورطوا فيها ; فلا
يستطيعون الخلاص منها إلا بمرافعات ومدافعات , وهكذا كل من خالف أمر الرسول صلى
الله عليه وسلم فلا بد أن يندم ويقع في الحرج .
*
ومما حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورغب فيه : إقالة أحد
المتعاقدين للآخر بفسخ البيع عندما يندم على العقد أو تزول حاجته بالسلعة
أو يعسر بالثمن , قال النبي صلى الله عليه وسلم :
من أقال مسلما أقال الله عثرته يوم القيامة
والإقالة
معناها : رفع العقد , ورجوع كل من المتعاقدين بما كان له من غير زيادة ولا نقص ,
وهي من حق المسلم على أخيه المسلم عندما يحتاج إليها , وهي من حسن المعاملة , ومن
مقتضى الأخوة الإيمانية .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire