باب في الذكر
بعد الصلاة
https://twitter.com/hadithecharif
http://almobine.blogspot.com/
قال الله سبحانه وتعالى : يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ
بُكْرَةً وَأَصِيلًا
وخصص سبحانه الأمر بذكره بعد أداء العبادات :
- فأمر بذكره بعد الفراغ من الصلوات ; فقال سبحانه : فَإِذَا
قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى
جُنُوبِكُمْ وقال سبحانه : فَإِذَا
قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ
وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
- وأمر بذكره بعد إكمال صيام رمضان , فقال سبحانه : وَلِتُكْمِلُوا
الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ
- وأمر بذكره بعد قضاء مناسك الحج
; فقال سبحانه : فَإِذَا
قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ
أَشَدَّ ذِكْرًا وذلك - والله أعلم - جبر لما يحصل في العبادة
من النقص والوساوس , ولإشعار الإنسان أنه مطلوب منه مواصلة الذكر والعبادة ; لئلا
يظن أنه إذا فرغ من العبادة ; فقد أدى ما عليه .
والذكر المشروع بعد صلاة الفريضة
يجب أن يكون على الصفة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم , لا على الصفة المحدثة
المبتدعة التي يفعلها الصوفية المبتدعة .
ففي " صحيح مسلم " عن
ثوبان رضي الله عنه , قال : كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته ; أستغفر الله ثلاثا , وقال :
اللهم أنت السلام ومنك . السلام تباركت يا ذا الجلال والإكراموفي " الصحيحين " عن المغيرة بن شعبة
رضي الله عنه ; أن رسول الله -110- صلى الله عليه وسلم كان
إذا فرغ من الصلاة ; قال : لا إله إلا الله وحده , لا شريك له , له الملك , وله
الحمد , وهو على كل شيء قدير , اللهم لا مانع لما أعطيت , ولا معطي لما منعت , ولا
ينفع ذا الجد منك الجد
وفي " صحيح مسلم " عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ; أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يهلل دبر كل صلاة حين يسلم بهؤلاء الكلمات : لا
إله إلا الله وحده , لا شريك له , له الملك , وله الحمد , وهو على كل شيء قدير ,
لا حول ولا قوة إلا بالله , لا إله إلا الله , ولا نعبد إلا إياه , له النعمة ,
وله الفضل , وله الثناء الحسن , لا إله إلا الله , مخلصين له الدين , ولو كره
الكافرون
وفي " السنن " من حديث أبي ذر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من
قال في دبر صلاة الفجر وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم : لا إله إلا الله وحده , لا
شريك له , له الملك , وله الحمد , يحي ويميت , وهو على كل شيء قدير , عشر مرات ;
كتب له عشر حسنات , ومحي عنه عشر سيئات , ورفع له عشر درجات , وكان يومه ذلك كله
في حرز من كل مكروه , وحرس من الشيطان , ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم ;
إلا الشرك بالله " قال الترمذي : " هذا حديث حسن صحيح "
, وورد أن هذه التهليلات العشر تقال بعد صلاة المغرب أيضا في حديث أم سلمة عند
أحمد , وحديث أبي أيوب الأنصاري في " صحيح ابن حبان " . ويقول بعد
المغرب والفجر أيضا : " رب أجرني من النار " ; سبع مرات ; لما رواه أحمد
وأبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم . ثم يسبح الله بعد كل صلاة ثلاثا وثلاثين ,
ويحمده ثلاثا وثلاثين , ويكبره ثلاثا وثلاثين , ويقول تمام المئة : " لا إله
إلا الله , وحده لا شريك له , له الملك , وله الحمد , وهو على كل شيء قدير "
; لما روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من
سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين , وحمد الله ثلاثا وثلاثين , وكبر الله
ثلاثا وثلاثين , فتلك تسعة وتسعون , ثم قال تمام المئة : لا إله إلا الله وحده ,
لا شريك له , له الملك , وله الحمد , وهو على كل شيء قدير ; غفرت له خطاياه , وإن
كانت مثل زبد البحر ثم يقرأ آية الكرسي , و قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قُلْ
أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و قُلْ
أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ لما رواه النسائي والطبراني عن أبي أمامة رضي
الله عنه ; قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من
قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة ; لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت
يعني : لم يكن بينه وبين دخول الجنة إلا الموت
, وفي حديث آخر : كان في ذمة الله إلى
الصلاة الأخرى وفي " السنن " عن عقبة
بن عامر رضي الله عنه ; قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ
المعوذتين دبر كل صلاة
لقد دلت هذه الأحاديث الشريفة على مشروعية هذه الأذكار بعد الصلوات المكتوبة ,
وعلى ما يحصل عليه من قالها من الأجر والثواب ; فينبغي لنا المحافظة عليها ,
والإتيان بها ; على الصفة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم , وأن نأتي بها بعد
السلام من الصلاة مباشرة , قبل أن نقوم من المكان الذي صلينا فيه , ونرتبها على
هذا الترتيب :
- فإذا سلمنا من الصلاة ; نستغفر الله ثلاثا .
- ثم نقول : " اللهم أنت
السلام , ومنك السلام , تباركت يا ذا الجلال والإكرام "
- ثم نقول : " لا إله إلا الله وحده ,
لا شريك له , له الملك , وله الحمد , وهو على كل شيء قدير , اللهم لا مانع لما
أعطيت , ولا معطي لما منعت , ولا ينفع ذا الجد منك الجد " أي : لا ينفع الغني
منك غناه , وإنما ينفعه العمل الصالح .
- ثم نقول : " لا حول ولا قوة إلا بالله , لا إله إلا الله , ولا
نعبد إلا إياه , له النعمة , وله الفضل , وله الثناء الحسن , لا إله إلا الله ,
مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " .
- ثم نسبح الله ثلاثا وثلاثين , ونحمده ثلاثا وثلاثين , ونكبره ثلاثا
وثلاثين , ونقول تمام المئة : " لا إله إلا الله وحده , لا شريك له , له
الملك , وله الحمد , وهو على كل شيء قدير " .
- وبعد صلاة المغرب وصلاة الفجر نأتي بالتهليلات العشر , ونقول .
" رب أجرني من النار " ; سبع مرات .
- ثم بعد أن نفرغ من هذه الأذكار على هذا الترتيب ; نقرأ آية الكرسي ,
وسور قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوذتين . ويستحب تكرار قراءة هذه السور
بعد صلاة المغرب وصلاة الفجر ثلاث مرات . ويستحب الجهر بالتهليل والتسبيح والتحميد
والتكبير عقب الصلاة , لكن لا يكون بصوت جماعي , وإنما يرفع به كل واحد صوته
منفردا .
ويستعين على ضبط عدد التهليلات
وعدد التسبيح والتحميد والتكبير بعقد الأصابع , لأن الأصابع مسئولات مستنطقات يوم
القيامة . ويباح استعمال السبحة ليعد بها الأذكار والتسبيحات , من غير اعتقاد أن
فيها فضيلة خاصة , وكرهها بعض العلماء , وإن اعتقد أن لها فضيلة ; فاتخاذها بدعة ,
وذلك مثل السبح التي يتخذها الصوفية , ويعلقونها في أعناقهم , أو يجعلونها
كالأسورة في أيديهم , وهذا مع كونه بدعة ; فإن فيه رياء وتكلفا .
ثم بعد الفراغ من هذه الأذكار يدعو
سرا بما شاء ; فإن الدعاء عقب هذه العبادة وهذه الأذكار العظيمة أحرى بالإجابة ,
ولا يرفع يديه بالدعاء بعد الفريضة كما يفعل بعض الناس ; فإن ذلك بدعة , وإنما
يفعل هذا بعد النافلة أحيانا , ولا يجهر بالدعاء , بل يخفيه ; لأن ذلك أقرب إلى
الإخلاص والخشوع , وأبعد عن الرياء . وما يفعله بعض الناس في بعض البلاد من الدعاء
الجماعي بعد الصلوات بأصوات مرتفعة مع رفع الأيدي , أو يدعو الإمام والحاضرون
يؤمنون رافعي أيديهم ; فهذا العمل بدعة منكرة ; لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه كان إذا صلى بالناس يدعو بعد الفراغ من الصلاة على هذه الصفة , لا
في الفجر , ولا في العصر , ولا غيرهما من الصلوات , ولا استحب ذلك أحد من الآئمة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : من نقل ذلك عن الإمام الشافعي ; فقد غلط عليه , فيجب
التقيد بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وفي غيره ; لأن الله تعالى
يقول : وَمَا
آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا
اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ويقول سبحانه : لَقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ
وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا
الملخص الفقهي/ قسم العبادات
تلخيص صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire