ومن جملة تلك الأمور التي تنادوا بتحريمها وتجريمها هذا الأمر: ختان الإناث الذي هو موضوع بحثنا، فقد آثرت أنْ أدرسه دراسة فقهية مقارنة في ضوء نصوص مذاهب الفقه، وأدلته، ومقاصده الكلية؛ لأُجَلِّي وجهة الفقه بخصوصه بعيدًا عن ضجيج مؤتمراتهم وصخب ندواتهم؛ ليكون المسلم على بيِّنة من أمر دينه: هل يشرع فيه ختان الإناث؟ أو أنه يحرم هذه الحرمة التي تجعل فاعله مجرمًا مستوجبًا للعقوبة؟!!
وقد جعلت البحث في ثلاثة مباحث وخاتمة على النحو الآتي:
المبحث الأول: معنى ختان الإناث، واشتقاقه، وأسماؤه، وأنواعه.
المبحث الثاني: مذاهب الفقهاء في ختان الإناث بمعناه الاصطلاحي مع المناقشة والترجيح.
المبحث الثالث: وجهات الأطباء المعاصرين في ختان الإناث عرض، ومناقشة، وترجيح.
وقد انتهيت في هذا البحث بالآتي:
أن أدلة الوجوب بمجموعها سواء أكانت من «القرآن»، أم من «السُّنة»، أم من «الاعتبار»- لم تنتهض لإفادة وجوب ختان الإناث؛ فلم يسلم دليلٌ واحدٌ منها من أنْ يرد عليه إمَّا جوابٌ قويٌّ – معارض مقاوم – يسقط معه الاستدلال به؛ فلا يكون للموجبين تعلُّق صحيح به، وإما جواب يوهن ويضعف من حجيته، فلا يكون للموجبين تعلُّقٌ قويٌ به، فهذه الأدلة – كما قدمنا – أنواعٌ، (نوع منها غير صحيح) فلا يصلح للاحتجاج به، فلا تعلُّق صحيح للموجبين به على إفادة الوجوب، و (نوع آخر صحيح) لكنه غير صريح الدلالة على الوجوب، وقد تطرق إليه الاحتمال، فاحتمل الوجوب والندب، وليس حمله على الوجوب بأولى من حمله على الندب، وهذا النوع لا تعلُّق قويٌّ للموجبين به، (النوع الثالث) لو سُلِّم بأنه صحيح صريحٌ في الوجوب مختصٌّ بالرجال، والاستدلال به على النساء من باب «القياس»، والقياس – هنا- ممتنع؛ لوجود هذا الفرق الظاهر المؤثر بين ختان الذكور وختان الإناث، وهذا النوع لاتعلق صحيح للموجبين به.
وبهذا فإنه يظهر أن مذهب فقهاء وجوب ختان الإناث ليس بالمذهب القوي الذي يصار إليه ويقال به، فلا يعوَّل عليه، ولا يلتفت إليه، فـ «الحق: أنه لم يقم دليل صحيح على الوجوب».
أني أوثر – بعد هذا الحديث – ما قدَّمه الفقهان «الحنفي»، و «المالكي» من أنَّ ختان الإناث «مكرمة» على ما قدَّمه فقهاء مذهب الجمهور من أنَّ هذا الختان «سُنَّةٌ»؛ تفريقًا بين ما أمر النبيُّ به ورغَّب فيه وحثَّ عليه كما هو الشأن في ختان الذكور وبين ما أقره بتعديل وتطوير فيه إقراراً مقيدًا، من غير أمرٍ منه ابتداءً، ولا ترغيبٍ فيه ولا حثٍّ عليه بعد تعديله وتطويره.
هذا والحمد لله – تعالى – على ما أعان ووفَّق من هذا البحث، ونسأله – جلَّ شأنه – أن يجعله عملاً خالصًا لوجهه الكريم، وأن يكون مما تُثقَّل به موازين الحسنات يوم القيامة.
و«صلَّى » الله – تعالى و «سلَّم»، و «بارك» على نبيِّنا محمد
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire