el bassaire

samedi 28 mars 2015

التعدد نعمة وليس نقمة

" التعدد نعمة وليس نقمة "
الحمد لله الذي أباح لعباده الزواج مثنى وثلاث ورباع والصلاة والسلام على خير من طبق هذا التشريع وأفضل من عدل فيه، أما بعد:
إخواني الكرام : لقد جاء الإسلام متمما ومكملا لجميع الشرائع السماوية قال الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) المائدة3وكان من تمام الدين،وإكمال النعمة،أن شرع لنا التعدد في قوله تعالى( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة)النساء-3فالآية صريحة في مشروعية الزواج بما زاد على الواحدة من النساء،ولكن بشرط تحقيق العدل بينهن وعدم الزيادة على أربع.
كما تدل الآية أيضا على أن الأصل في الزواج التعدد والاستثناء هو الواحدة ولا يحتاج لسبب ، حيث بدأ الله عز وجل الآية بالتعدد(مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) وهذا هو الأصل ثم جاء بالاستثناء بواحدة (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) في حالة الخوف من عدم تحقيق العدل كقوله تعالى ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فان خفتم فرجالا أو ركبانا )البقرة 238-239فالأصل المحافظة على القيام في الصلاة بهيئاتها المتكاملة والفرع أن يصلى المسلم عند الخوف حسب ظروفه وحالته سواء كان قائما أو جالسا أو راكبا.
وعلى ذلك يتبين أن الأصل في الزواج التعدد والاستثناء هو الواحدة وهذا بخلاف ما علق في أذهان معظم الناس من مفهوم خاطئ وهو أن الأصل في الزواج وحدانية الزوجة والاستثناء في التعدد والشرط في نظرهم ليس العدل وإنما يرجع لأسباب أخرى كمرض الزوجة أو عقمها أو ما شابه ذلك ولا شك أن هذا المفهوم الخاطئ يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
* كما دلت على التعدد السنة المطهرة في أحاديث كثيرة منها :
قوله صلى الله عليه وسلم ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ) وهذا دليل صريح في تقريره لمشروعية التعدد.
وقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها) وهذا دليل في الجمع بين المرأة ومن هي أجنبية عنها.
وعندما أسلم غيلان بن سلمة الثقفى وكان تحته عشر نسوة في الجاهلية واسلمن معه ،فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار أربعا منهن.
وهذا الحارث بن قيس يقول أسلمت وعندي ثمان من النسوة،فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال:( اختر منهن أربعا) سنن ابن ماجة
فهذه الأحاديث تدل دلالة واضحة على جواز الجمع بأربع في عصمة رجل واحد.
وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم التعدد فعمل به وحثنا عليه وسار على نهجه الصحابة الكرام ومن بعدهم سلف الأمة بلا خلاف وبإجماع كل الأمة.
* التعدد عبر العصور *
إن التعدد أيها الأحبة موجود على مر العصور منذ بدأ الله الخلق إلى يومنا هذا،فلقد عرفته الشعوب القديمة،وأقرته الديانات السماوية،ولم نجد في تاريخ الأديان نبيا أو رسولا أخبر بأن الله تعالى حرم عليه التعدد بل كان التعدد كما ذكر الإمام الطبري في الجزء الرابع من تاريخه كان معروفا عند قدماء المصريين ،والفرس،والآشوريين،واليابانيين،والهندوس،كما كان عند الروس والجرمان،وعمل به بعض ملوك اليونان،كما عرفته اليهودية فالتوراة لم تمنع التعدد فسليمان عليه السلام جمع بين مائة امرأة وغيره من أنبياء بني إسرائيل مما يدل على مشروعية التعدد في اليهودية وكذلك في النصرانية.
* حكم التعـدد *
إن التعدد ليس كما يظنه البعض أنه مباح فقط فهذه مغالطة كبيرة لأن المباح مااستوى طرفاه, وتعدد الزوجات لا يقع تحت المباح المشار إليه في وسائل الإعلام،إنما التعدد مثل سائر الأحكام يدخل تحت الأحكام التكليفية الخمسة:
فقد يكون واجبا : وذلك إن قوى الرجل على ذلك وكانت عنده المقدرة البدنية والمالية وكانت عنده ضرورة ملحة للزواج.
وقد يكون مباحا : وذلك لمن قوى على ذلك وتوفرت فيه شروط التعدد وفى ذلك تأس بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد يكون مستحبا: إذا توفرت فيه شروط التعدد وأراد بذلك تكثير نسل المسلمين وتشجيع الأمة على ذلك.
وقد يكون حراما : إذا لم يعدل بين النساء أو كان التعدد بقصد الإضرار بالزوجة لقوله تعالى ( ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن)وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار).
وقد يكون مكروها : إذا كان هناك مرض لا يرجى برؤه أو أمراض أخرى كالعقم لأن النساء يردن الإنجاب كما يريده الرجال.
* حكم من ينكر التعدد *
للإجابة على هذا لابد من التفريق بين ثلاث صور:
الأول : حكم من ينكر التعدد.
الثاني : حكم من لا ينكر التعدد ولكنه يسخر منه ويستهزئ به.
الثالث : حكم من لا ينكر التعدد ولكنه لا يرغب فيه.
أولا : حكم من ينكر التعدد : فكما ذكرنا آنفا أن التعدد تشريع سماوي من رب العالمين,وعلى هذا فمن ينكر التعدد أولا يعترف به فقد أنكر حكما شرعه الله عز وجل ،ومن أنكر حكما من الأحكام الشرعية يخرج من الملة( أي كافر والعياذ بالله)لقوله تعالى(أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى اشد العذاب..الآية) حتى وإن صلى وزكى وحج وصام،فلو صلى وأنكر الزكاة مثلا فهو كافر لأن الإسلام لا يتجزأ فهو منهج متكامل يجب الإيمان به، ففي الآية اخبر الله عن فئة من الناس تؤمن ببعض الكتاب ولا تؤمن بالبعض الآخر وحكم عليهم بالكفر.
ثانيا : من لا ينكر التعدد لكنه يسخر منه ويستهزئ به ويكرهه،فهذا أيضا كافر والعياذ بالله لقوله تعالى: ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم..الآية) التوبة .
ثالثا : من لاينكر التعدد ولا يرغب فيه فهذا لا شئ عليه،لان الأصل فيه الإباحة إلا أن الأمور تدور مع عللها،فلو أن حربا حصدت رجال المسلمين ولم يبقى منهم إلا القليل وأصبح عدد النساء أضعاف الرجال كما هو موجود اليوم حينها تتغير الأحكام فما يكون مباحا يصبح مستحبا وما يكون مستحبا يكون واجبا وهكذا تتغير الأحكام بتغير العلل وهذه قضية فقهية معروفة ولها شواهد في الشرع والله اعلم.
* فضل التعدد *
إن التعدد فضله عظيم ، وأجره كبير شرعه الله عز وجل لمصالح عظيمة ، وحكم جليلة ، لذا حث المسلمين عليه ، ورغبهم فيه ، وجعل من يعدد من خيار هذه الأمة وأفضلها ، حيث روى البخاري عن سعيد بن جبير قال : قال لي ابن عباس : هل تزوجت ؟ قلت: لا. قال : فتزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء " ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير هذه الأمة ، وأكثرها نساء كما قال ابن عباس رضي الله عنهما .
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم جمع بين تسع ، ومات عنهن ، وكذا عدد الصحابة، فالأصل عندهم تعدد الزوجات .
وعلى هذا يتبين ، ويتضح أن المعددين لزوجاتهم هم من أفضل الأمة وخيارها إذا أحسنوا القصد ، كما أن العمل على تكثير عدد المسلمين أمر مطلوب شرعاً ، لذا لا يجوز العدول عما أحبه الله ورسوله إلى الزواج الفردي إلا بالعجز عنه ، أو الخوف من عدم تحقيق العدل ، ومن أحب الله والرسول فليطعهما ، قال الله تعالى : (وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) [آل عمران : 132] . والله ما شرع لعباده إلا ما يجلب لهم السعادة لهم في الدنيا والآخرة .
* فوائد التعدد *
للتعدد أخي القارئ فوائد كثيرة لا حصر لها منها:
أولا : القضاء على مشكلة زيادة عدد النساء العوانس نظرا لقتل الرجال في الحروب،ولا يخفى على أحد ما حدث في الحرب العالمية الأولى والثانية حيث مات فيها زهاء عشرين مليون إنسان والأمر نفسه نشاهده في واقعنا اليوم ,وهذا بالطبع أدى إلى زيادة كبيرة في عدد النساء وقد يصل إلى ندرة في عدد الرجال مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم إذ اخبر بأنه لا تقوم الساعة حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد يلذن به.
ثانيا : التعدد طريق للعفة وإغلاق باب الزنا ومنع انتشار الفاحشة ,فمن الرجال من يكون حاد الشهوة لا تكفيه الواحدة،وقد يكون في سفر طويل ولا يتيسر له اصطحاب الزوجة ويخشى على نفسه من الفتنة.
ثالثا : التعدد يحقق التكافل الاجتماعي والعدل والمساواة حيث يقضى على عدم احتكار الزوجة لرجل واحد بينما هناك نساء كثيرات أرامل ومطلقات وعوانس محرومات من الحياة الزوجية.
رابعا : التعدد وسيلة للغنى وجلب الرزق حيث نقل ابن أبى حاتم ما ورد عن أبى بكر الصديق قوله :أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى حيث قال( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله )ونقل الإمام القرطبي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله:عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح وقد قال الله تعالى( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله )
وإجمالا لما سبق فتعدد الزوجات مصلحة عظيمة للأمة وحل لكثير من المشاكل كالعنوسة وتفوق عدد النساء على الرجال وغيرها وهذا يؤكد أصالة التشريع الإسلامي وصلاحيته لكل زمان ومكان ومعالجته للأمور والمشكلات قبل أن تحدث وذلك بوضع نظام وقائي لها بعكس قوانين البشر التي يقومون بتعديلها من آن لآخر كلما اضطرتهم الحاجة إلى ذلك.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire