فضل التفقه في الدين
https://twitter.com/hadithecharif
http://almobine.blogspot.com/
الحمد لله رب العالمين , والصلاة
والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد : فإن التفقه في الدين من
أفضل الأعمال , وهو علامة الخير : قال صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيرا ; يفقه في الدين وذلك لأن التفقه في
الدين يحصل به العلم النافع الذي يقوم عليه العمل الصالح .
قال الله تعالى : هُوَ
الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ فالهدى هو العلم النافع
, ودين الحق هو العمل الصالح .
وقد أمر الله سبحانه نبيه صلى الله
عليه وسلم أن يسأله الزيادة من العلم : قال تعالى : وَقُلْ
رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا قال الحافظ ابن حجر :
" وهذا واضح الدلالة في فضل العلم ; لأن الله لم يأمر نبيه صلى الله عليه
وسلم بطلب الازدياد من شيء ; إلا من العلم , وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم
المجالس التي يتعلم فيها العلم النافع ب ( رياض الجنة ) , وأخبر أن العلماء هم
ورثة الأنبياء .
ولا شك أن الإنسان قبل أن يقدم على
أداء عمل ما , لا بد أن يعرف الطريقة التي يؤدي بها ذلك العمل على وجهه الصحيح ,
حتى يكون هذا العمل صحيحا , مؤديا لنتيجته التي ترجى من ورائه ; فكيف يقدم الإنسان
على عبادة ربه التي تتوقف عليها نجاته من النار ودخوله الجنة : كيف يقدم على ذلك
بدون علم ؟ ! ومن ثم افترق الناس بالنسبة للعلم والعمل ثلاث فرق :
الفريق
الأول : الذين جمعوا بين العلم
النافع والعمل الصالح , وهؤلاء قد هداهم الله صراط المنعم عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين , وحسن أولئك رفيقا .
الفريق
الثاني : الذين تعلموا العلم النافع ولم يعملوا به , وهؤلاء هم المغضوب عليهم
من اليهود ومن نحا نحوهم .
الفريق
الثالث : الذين يعملون بلا علم , وهؤلاء هم أهل الضلال من النصارى ومن نحا
نحوهم .
ويشمل هذه
الفرق الثلاث قوله تعالى في سورة الفاتحة التي نقرؤها في كل ركعة من صلواتنا : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ
أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قال الإمام الشيخ محمد
بن عبد الوهاب رحمه الله : وأما قوله تعالى : غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فالمغضوب عليهم هم
العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم , والضالون العاملون بلا علم :
فالأول:
صفة اليهود
والثاني:
صفة النصارى
وكثير من الناس إذا رأى في التفسير
أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى ضالون ; ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم , وهو يقرأ
أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء , ويتعوذ من طريق أهل هذه الصفات ! ! فيا
سبحان الله ! كيف يعلمه الله ويختار له ويفرض عليه أن يدعو ربه دائما ; مع أنه لا
حذر عليه منه , ولا يتصور أن فعله هذا هو ظن السوء بالله ؟ ! انتهى كلام الشيخ
رحمه الله .
وهو يبين لنا الحكمة في فريضة
قراءة هذه السورة العظيمة - سورة الفاتحة - في كل ركعة من صلاتنا ; فرضها , ونفلها
; لما تشتمل عليه من الأسرار العظيمة , التي من جملتها هذا الدعاء العظيم : أن
يوفقنا الله لسلوك طريق أصحاب العلم النافع والعمل الصالح , الذي هو طريق النجاة
في الدنيا والآخرة , وأن يجنبنا طريق الهالكين , الذين فرطوا بالعمل الصالح أو
بالعلم النافع .
ثم اعلم أيها القارئ الكريم أن العلم
النافع إنما يستمد من الكتاب والسنة تفهما وتدبرا , مع
الاستعانة على ذلك بالمدرسين الناصحين وكتب التفسير وشروح الحديث وكتب الفقه وكتب
النحو واللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم , فإن هذه الكتب طريق لفهم
الكتاب والسنة .
فواجب عليك يا أخي المسلم - ليكون
عملك صحيحا - أن تتعلم ما يستقيم به دينك ; من صلاتك وصومك وحجك , وتتعلم أحكام
زكاة مالك , وكذلك تتعلم من أحكام المعاملات ما تحتاج إليه ; لتأخذ منها ما أباح
الله لك ; وتتجنب منها ما حرم الله عليك ; ليكون كسبك حلالا , وطعامك حلالا ;
لتكون مجاب الدعوة , كل ذلك مما تمس حاجتك إلى تعلمه , وهو ميسور بإذن الله متى ما
صحت عزيمتك وصلحت نيتك .
فاحرص على قراءة الكتب النافعة ,
واتصل بالعلماء ; لتسألهم عما أشكل عليك , وتتلقى عنهم أحكام دينك , وكذلك تعني
بحضور الندوات والمحاضرات الدينية التي تقام في المساجد وغيرها , وتستمع إلى
البرامج الدينية من الإذاعة , وتقرأ المجلات الدينية والنشرات التي تعني
بمسائل الدين , فإذا حرصت وتتبعت هذه الروافد الخيرية ; نمت معلوماتك , واستنارت
بصيرتك .
ولا تنس يا أخي أن العلم
ينمو ويزكو مع العمل فإذا عملت بما علمت ; زادك الله علما ; كما
تقول الحكمة المأثورة : " من عمل بما علم ; أورثه الله علم ما لم يعلم "
, ويشهد لذلك قوله تعـالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ والعلم أحق ما تصرف فيه
الأوقات , ويتنافس في نيله ذوو العقول , فبه تحيا القلوب وتزكو الأعمال .
ولقد أثنى الله جل ذكره وتقدست
أسماؤه على العلماء العاملين , ورفع من شأنهم في كتابه المبين قال تعالى : قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا
يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ وقال تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فبين سبحانه وتعالى ميزة
الذين أوتوا العلم المقرون بالإيمان , ثم أخبر أنه خبير بما نعمله , ومطلع عليه ;
ليدلنا على أنه لا بد من العلم والعمل معا , وأن يكون كل ذلك صادرا عن الإيمان
ومراقبة الله سبحانه .
ونحن عملا بواجب التعاون على البر
والتقوى سنقدم لك بحول الله من خلال هذا الكتاب بعض المعلومات من الرصيد الفقهي
الذي استنبطه لنا علماؤنا ودونوه في كتبهم , سنقدم لك ما تيسر من ذلك , لعله يكون
دافعا لك على الاستفادة والاستزادة من العلم النافع .
ونسأل الله أن يمدنا وإياك بالعلم
النافع , ويوفقنا للعمل الصالح , ونسأله سبحانه أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه
, ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه , إنه سميع مجيب .
الملخص الفقهي/ قسم العبادات
تلخيص صالح بن
فوزان بن عبدالله
آل فوزان
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire