باب في أحكام إزالة النجاسة
https://twitter.com/hadithecharif
فكما أنه مطلوب من المسلم أن يكون
طاهرا من الحدث إذا أراد الصلاة ; فكذلك مطلوب منه طهارة البدن والثوب والبقعة من
النجاسة , قال تعالى : وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وأمر النبي صلى الله عليه
وسلم المرأة بغسل دم الحيض من ثوبها .
لما كان الأمر كذلك , تطلب منا أن
نلقي الضوء على هذا الموضوع , وهو موضوع إزالة النجاسة , عارضين لأهم أحكامه ,
رجاء أن ينتفع بذلك من يقرؤه من إخواننا المسلمين , ولقد كان الفقهاء رحمهم الله
يعقدون لهذا الموضوع بابا خاصا , يسمونه : باب إزالة النجاسة ; أي : تطهير موارد
النجاسة , التي تطرأ على محل طاهر من الثياب والأواني والفرش والبقاع ونحوها .
والأصل الذي تزال به النجاسة هو
الماء ; فهو الأصل في التطهير ; لأن الله وصفه بذلك ; كما في قوله تعالى : وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ
والنجاسة التي تجب إزالتها
- إما أن تكون على وجه الأرض وما اتصل بها من الحيطان والأحواض والصخور : فهذه
يكفي في تطهيرها غسلة واحدة تذهب بعين النجاسة ; بمعنى أنها تغمر بالماء بصبه
عليها مرة واحدة ; لأمره صلى الله عليه وسلم بصب الماء على بول الأعرابي الذي بال
في المسجد , وكذا إذا غمرت بماء المطر والسيول , فإذا زالت بصب الماء عليها أو
بماء المطر النازل أو الجاري عليها ; كفى ذلك في تطهيرها .
- وإن كانت النجاسة على غير الأرض
وما اتصل بها : فإن كانت من كلب أو خنزير وما تولد منهما ; فتطهيرها بسبع غسلات ,
إحداهن بالتراب ; بأن يجعل التراب مع إحدى الغسلات ; لقوله صلى الله عليه وسلم إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم ; فليغسله سبعا أولاهن بالتراب رواه مسلم وغيره , وهذا
الحكم عام في الإناء وغيره ; كالثياب والفرش .
وإن كانت نجاسة غير كلب أو خنزير ;
كالبول والغائط والدم ونحوها ; فإنها تغسل بالماء مع الفرك والعصر , حتى تزول ;
فلا يبقى لها عين ولا لون .
فالمغسولات
على ثلاثة أنواع :
النوع
الأول : ما يمكن عصره , مثل الثوب ; فلا بد من عصره .
النوع
الثاني : ما لا يمكن عصره , ويمكن تقليبه ; كالجلود ونحوها ; فلا بد من تقليبه .
النوع
الثالث : ما لا يمكن عصره ولا تقليبه ; فلا بد من دقه وتثقيله ; بأن يضع عليه شيئا
ثقيلا , حتى يذهب أكثر ما فيه من الماء .
- وإن خفي
موضع نجاسة في بدن أو ثوب أو بقعة صغيرة كمصلى صغير ; وجب غسل ما احتمل وجود
النجاسة فيه , حتى يجزم بزوالها , وإن لم يدر في أي جهة منه ; غسله جميعه .
- ويكفي في تطهير بول
الغلام الذي لم يأكل الطعام رشه بالماء ; لحديث أم قيس ; أنها أتت بابن لها صغير
لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأجلسه في حجره , فبال على
ثوبه , فدعا بماء , فنضحه ولم يغسله . متفق عليه .
وإن كان يأكل الطعام لشهوة واختيار
; فبوله مثل بول الكبير , وكذا بول الأنثى الصغيرة مثل بول الكبيرة , وفي جميع هذه
الأحوال يغسل كغسل سائر النجاسات .
فالنجاسات على ثلاثة أنواع : نجاسة
مغلظة , وهي نجاسة الكلب ونحوه . ونجاسة مخففة , وهي نجاسة الغلام الذي لا يأكل
الطعام . ونجاسة بين ذلك , وهي بقية النجاسات .
ويجب أن نعرف ما
هو طاهر وما هو نجس من أرواث وأبوال الحيوانات فما كان
يحل أكل لحمه منها ; فبوله وروثه طاهر ; كالإبل والبقر والغنم ونحوها ; لأن النبي
صلى الله عليه وسلم أمر العرنين أن يلحقوا بإبل الصدقة , فيشربوا من أبوالها
وألبانها . متفق عليه . فدل على طهارة بولها ; لأن النجس لا يباح التداوي به وشربه
, فإن قيل : إنما أبيح للضرورة ; قلنا : لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بغسل
أثره إذا أرادوا الصلاة .
وفي " الصحيح " أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مرابض الغنم وأمر بالصلاة فيها وهي لا شك تبول فيها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" الأصل في الأرواث الطهارة , إلا ما استثنى . .. " انتهى .
وسؤر ما يؤكل لحمه طاهر
وهو بقية طعامه وشرابه . وسؤر الهرة طاهر ; لحديث أبي قتادة في الهرة ; قال : إنها ليست بنجس , إنها من الطوافين عليكم والطوافات رواه الترمذي وغيره
وصححه , شبهها بالمماليك من خدم البيت الذين يطوفون على أهله للخدمة ولعدم التحرز
منها ; ففي ذلك رفع للحرج والمشقة .
وألحق بعض العلماء بالهرة ما كان
دونها في الخلقة من طير وغيره ; فسؤره طاهر كسؤر الهرة ; بجامع الطواف . وما عدا
الهرة وما ألحق بها مما لا يؤكل لحمه ; فروثه وبوله وسؤره نجس.
أيها المسلم ! عليك أن تهتم
بالطهارة ظاهرا وباطنا : باطنا بالتوحيد والإخلاص لله في القول والعمل ,
وظاهرا بالطهارة من الحدث والأنجاس ; فإن ديننا دين الطهارة والنظافة والنزاهة من
الأقذار الحسية والمعنوية ; فالمسلم طاهر نزيه ملازم للطهارة , وقال صلى الله عليه
وسلم : الطهور شطر الإيمان . ..
فعليك يا عبد الله بالاهتمام
بالطهارة , والابتعاد عن الأنجاس ; فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عامة
عذاب القبر من البول حينما لا يتحرز منه الإنسان , فإذا أصابك نجاسة ; فبادر إلى
تطهيرها ما أمكنك ; لتبقى طاهرا , لا سيما عندما تريد الصلاة ; فتفقد حالك من جهة
الطهارة , وعندها تريد الدخول في المسجد ; فانظر في نعليك , فإن وجدت فيهما أذى ;
فامسحهما ونقهما ولا تدخل بهما أو تدخلهما في المسجد وفيهما نجاسة . .. وفق الله
الجميع لما يحبه ويرضاه من القول والعمل .
الملخص الفقهي/ قسم العبادات
تلخيص صالح بن
فوزان بن عبدالله
آل فوزان
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire