el bassaire

lundi 12 mai 2014

البلاء قرين الإيمان والمصائب ربما تصيب المؤمن أكثر من الكافر


  • الشيخ عبد الله بن عمر البكري خطيب جامع عمر بن الخطاب:
    البلاء قرين الإيمان والمصائب ربما تصيب المؤمن أكثر من الكافر
    أكد الشيخ عبد الله بن عمر البكري خطيب جامع عمر بن الخطاب أن ابتلاء المؤمن سنة من سنن الهر في الخلق، مبيناً أن البلاء قرين الإيمان، والمصائب ربما تصيب المؤمن أكثر من الكافر.

    وذكر في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس أن الدنيا جبلها الله على البلاء والكدر، فلا يصفو لعاقل فيها عيش. وأشار إلى أن ابتلاء الإنسان يكون على قدر دينه، موضحا أن الأنبياء والصالحين أشد الناس ابتلاء.

    وقال إن من رحمة الله بالمؤمن أن ما يصيبه من البلاء مكفر لذنوبه وماحٍ لسيئاته. ونبه على من أراد السعادة الكاملة في الدنيا فقد أراد المستحيل. وذكر الشيخ البكري أن من صفات المؤمن عطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا
    ُ
    أنه إذا أأذنب استغفر، مستشهدا بما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة عن النبي قال: ((مَثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، من حيث
    أتتها الريح كفأتها، فإذا اعتدلت تكف بالبلاء، والفاجر كالأرزة صماء معتدلة، حتى يقصمها الله إذا شاء))، مبينا أن ذلك من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام، إذ يشبه البلاء بالريح، ويشبه المؤمن بالزرع اللين الضعيف في أول نباته تلعب به الريح يمنة ويسرة فإذا سكنت اعتدل واقفا، وشبه المنافق بالشجرة الضخمة التي لاتتأثر بالريح حتى تقتلع مرة واحدة، والبلاء كل ما يصيب الإنسان من المصائب والشدائد


    ولفت إلى أن في هذا الحديث فضيلة عظيمة للمؤمن بابتلائه في الدنيا وصبره على البلاء، وأن المحن والمصائب ربما تصيبه أكثر من الفاجر والكافر، مشيرا إلى أن المؤمن يعرض له في هذه الدنيا أنواع من البلاء، حيث يبتلى في دينه وفي
    نفسه وفي أهله وفي ماله، ويؤذى في دينه فيصبر عليه ولا يفرط في شيء منه وإن صغر، ويبتلى في نفسه وأهله فيسلم لأقدار الله ويصبر ولا يقول إلا خيرا، مستحضرا قول النبي .« من يرد الله به خيرا يصب منه » وقال إن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم يبتلى المرء على قدر » « الأمثل فالأمثل مبينا أن المرء يبتلى في المال ،« دينه ويفتنه بريقه ويرى سهولة جمعه من الحرام فيصبر نفسه ويجاهدها، فلا يتناول منه إلا ما كان حلالا طيبا، وإن كان محتاجا إليه، ومضيفا بأنه على كثرة ما يبتلى به المؤمن فهو صابر محتسب، مُنحنٍ لرياح الأقدار تأخذه
    يمنة ويسرة كما تلعب الريح بالنبتة الصغيرة. أما الفاجر والكافر فقد لا يصيبه البلاء الذي يصيب المؤمن حتى يموت، ليلقى الله بذنوبه كاملة بخلاف ،« ولا يظلم ربك أحدا » وافية المؤمن الذي تكون هذه المحن في حقه كفارات ومطهرات.

    مثل المؤمن كمثل خامة الزرع، من حيث أتتها الريح كفأتها، فإذا اعتدلت كفأتها بالبلاء، والفاجر كالأرزة صماء معتدلة، حتى يقصمها الله إذا شاء البلاء وتكفير الذنوب وأوضح الشيخ البكري أن من رحمة الله بالمؤمن أن ما يصيبه من البلاء
    مكفر لذنوبه وماح لسيئاته، كما قال النبي: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفرّ الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها، وقال: ما يصيب المؤمن صَب ولا وَصَب لا تعب  بلاء ولا ن طارئ ولا ألم دائم - ولا هم ولا حزنٌ ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه، وقال: ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حتَّ عنه خطاياه كما يحتُّ ورق الشجر، كما يسقط الورق
    عن الشجر في الخريف تتساقط ذنوب المؤمن بالبلاء، كما قال: لا يزال البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة، وقال: لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة، وقال الفضيل إنما جعلت العلل » : رحمه الله تعالى ليؤدب بها العباد، وليس كل من
    . مرض مات وفي سنن أبي داود عن عامر قال: جلست إلى النبي نذكر الأسقام فقال: إن المؤمن إذا أصابه السّقم ثم أعفاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه
    وموعظة له فيما يستقبل، وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه، فلم يدر لِمَ عقلوه ولِمَ أرسلوه، وما أحسنه وأبدعه من مثل، فالمؤمن يشعر بالبلاء ويعلم أنه من ربه وأنه ربما كان بذنوبه فيرجع عن غيه ويلجأ إلى ربه، أما المنافق فربما ارتفع عنه البلاء وهو لم يدرِ بعد أنه كان مُبتلى.

    المؤمن كالزرع وأشار خطيب جامع عمر إلى أن تمثيل الرسول المؤمن بالزرع اللين الغض، وتمثيل المنافق والفاجر بالشجر الضخم يشتمل على فوائد جليلة، منها: أن الزرع فيه ضعف وسكينة وصبر، وأن الشجر قوي فيه علو وتعاظم وشدة، فلا يتأثر بحر ولا برد ولا مطر، بخلاف الزرع فهو يتأثر بكل ما حوله لأن إحساسه حي، وهذا هو الفرق بين أهل الجنة وأهل النار.

    كما قال النبي: ألا أخبركم بأهل الجنة وأهل النار؟ أهل الجنة كل ضعيف مستضعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ قالوا: بلى، قال: كل شديد جعظري والجعظري: الغليظ المتكبر- هم الذين لا يألمون رؤوسهم وقد وصف الله المنافقين في كتابه بالخشب المسندة، فقال تعالى: َّ ", إذا رايتهم تعجبك أجسامهم و إذ يقولوا  تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة " َأما المؤمن فهين لين تعلوه السكينة ويجلله الوقار، منشغل عن الفضول بعمارة قلبه والتقرب إلى مولاه. ومن فوائد هذا الحديث أيها الأحبة الكرام أن المؤمن يدور مع أقدار الله حيث دارت، ويصبر على البلاء بلا سخط ولا جزع وحيثما أداره استدار معه مع بذل الأسباب المشروعة لرفعه والضراعة لمولاه بالمعافاة، فتكون عاقبته العافية من البلاء وحسن الخاتمة، أو أجرا عظيما عند الله هو أعظم من العافية.

    غرور الفاجر واستطرد البكرى مبينا أن الفاجر المتعاظم يتقاوى على الأقدار ويبالغ في مدافعتها حتى إنه يقاوم الشيخوخة وعلاماتها ويصارعها بكل حيلة، ويتحصن من الأمراض ونحوها بكل ما يمكنه ولا يستكين لأقدار الله ولا يضرع إلى مولاه لتعلق قلبه بالأسباب الحسية، فإذا جاء الأجل صرعه صرعة واحدة، فهو كالشجرة القوية التي تستعصي على الرياح ولا تتطامن معها، حتى تأتيها ريح عاصف لا تقوى عليها فتقصمها قصما، كما قص علينا ربنا -جل وعلا- خبر عاد في قوله تعالى: ( فأما عاد فأسْتَكْبَرُوا فِي الأرض بغير الحق و قالوا من أشد منهم قوة و كانوا بآياتنا يجحدون فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا و لعذاب الآخرة أخزي و هم لا ينصرون") و ماهي من الظالمين ببعيد، فمن تواضع لعظمة الله وصبر على بلائه كانت عاقبته الجنة، وسلم في الدنيا والآخرة من شر البلاء، ومن تقاوى على أقدار الله
    عجل الله عقوبته، وسلط عليه بلاء لا يقدر عليه.

    ومن تنبيهات هذا المثل النبوي الكريم أن الزرع يعوض ضعفه بأن بعضه يسند بعضا بخلاف الشجر الكبير، وقد قال الله تعالى: (و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض ) بينما قال في حق المنافقين:  (المنافقون و المنافقات بعضهم من بعض) أي أن بعضهم من جنس بعض في الكفر والنفاق، وإن تناصروا فللمصلحة، لذا فكثير ما يخذل بعضهم بعضا إذا لم تتوافق المصالح (تَحْسَبُهُمْ جميعا و قلوبهم شتى)  أما المؤمن فيرى نصرة أخيه من مكملات إيمانه امتثالا لقوله:  المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (و لنبلونكم  بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس  و الثمرات و بشر الصابرين)

    البلاء قرين الإيمان وذكر الشيخ البكري أن من يتأمل ما أصاب الأنبياء والرسل والمصلحين من أنواع البلاء يدرك أن البلاء قرين الإيمان. والمؤمنون في كل زمان يبتلون ويؤذون فيصبرون ويثبتون، والمؤمن قد يصيبه من المحن والأذى
    أكثر مما يصيب الكافر، ولكنه يقابل البلاء راضيا محتسبا منشرح الصدر لأقدار الله فيخف عليه ثقل البلاء، أما الكافر فلا يرضى ولا يحتسب، بل يضطرب كاضطراب الشاة عند ذبحها، وإن تصبر على الأذى فهو صبر بلا أجر يحتسبه ولا ثواب ينتظره، فلا يشعر بلذته ولا يهون عليه مصيبته، وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله (و لا تهنوا في ابتغاء القوم أن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون  و ترجون من الله ما لا يرجون).

    وقال البكري إن ابتلاء المؤمن دواء له، يعالج فيه الأدواء التي لو بقيت فيه أهلكته أو أنقصت ثوابه وأنزلت درجته، فيستخرج الابتلاء والامتحان منه تلك الأدواء، وينقى من الأدران، عجبا » : يقول عليه الصلاة والسلام " عجبا لأمر المؤمن، إنّ أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، . وليس ذلك إلا للمؤمن".

      فالمؤمن معرض للامتحان، ولكن ثم سلاح بيده لو أحسن استخدامه لهان عليه البلاء، وهو الدعاء الذي يغفل عنه كثير من الناس، فيعتمدون على أمور مادية في دفع المصائب، ويغفلون عن دعاء من بيده كل شيء.

    الدنيا دار امتحان وشدد الشيخ البكري في الخطبة على أن الدنيا جبلها الله على البلاء والكدر، فلا يكاد يصفو لعاقل فيها عيش، ولله في ذلك حكم منها ألا يطمئن العباد إليها، فإذا جاء المرض اشتاق المؤمن لدار لا أمراض فيها، وإذا تفرق الأحباب في بقاع الأرض اشتاقوا لدار لا افتراق للأحباب فيها، وإذا تناوشتهم المخاوف والقلاقل اشتاقوا لدار الأمن والسلام، وإذا ذلوا بعد عز اشتاقوا إلى جوار من لا يذل عنده جار.

    لا سعادة كاملة ونبه إلى إن من أراد السعادة الكاملة في الدنيا، فقد أراد المستحيل، وكيف تراد السعادة التامة في دارٍ جعلها الله سجنا للمؤمن وجنة للكافر؟

    كما قال نبيكم: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) فالمؤمن فيها عبدٌ لله لايتناول منها إلا ما أذن به مولاه، أما الكافر فهو منفلت الزمام يأكل ما شاء ويشرب ما شاء ويلبس ما شاء وينكح ما شاء فهو طليق من كل قيد أو رادع لا يقدس إلا حريته ورغباته ولا يحرم إلا ما يعوقه عن شهواته والفاسق بينهما، فحينما تغلبه نفسه يقترب من حال الكافر وحين يغلبها يعود إلى ما يناسب حال العبودية لله.

    وختم الخطبة بالتأكيد على أن الدار التي يكون فيها المؤمن محكوما بأمر الله ونهيه ويكون الكافر فيها مطلقا من كل قيد دار حقيرة لا وزن لها عند الله ولو كان لها وزن عنده لقلب لو كانت » : موازينها، كما قال نبيكم الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة فهي ،« ما سقى كافرا منها شربة ماء مطبوعة على المكاره والبلاء اختبارا لصحة الإيمان وامتحانا لقوة الصبر
    __

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire