el bassaire

samedi 31 décembre 2016

باب في أحكام إحياء الموات

باب في أحكام إحياء الموات
كتاب المزارعة والمساقاة والإجارة
أبواب إحياء الموات وتملك المباحات

 

قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

https://www.facebook.com/groups/elbassaire
https://twitter.com/hadithecharif

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الموات - بفتح الميم والواو - : هو ما لا روح فيه , والمراد به هنا الأرض التي لا مالك لها .
ويعرفه الفقهاء - رحمهم الله - بأنه الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم .
فيخرج بهذا التعريف شيئان :
الأول: ما جرى عليه ملك معصوم من مسلم وكافر بشراء أو عطية أو غيرها .
الثاني: ما تعلقت به مصلحة ملك المعصوم ; كالطرق , والأفنية , ومسيل المياه , أو تعلقت به مصالح العامر من البلد ; كدفن الموتى وموضع القمامة والبقاع المرصدة لصلاة العيدين والمحتطبات والمراعي ; فكل ذلك لا يملك بالإحياء .
فإذا خلت الأرض عن ملك معصوم واختصاصه , وأحياها شخص ; ملكها , لحديث جابر رضي الله عنه مرفوعا :Description : H2 من أحيا أرضا ميتة  فهي له Description : H1رواه أحمد والترمذي وصححه , وورد بمعناه أحاديث , وبعضها في " صحيح البخاري " .
وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالإحياء , وإن اختلفوا في شروطه ; إلا موات الحرم وعرفات ; فلا يملك بالإحياء ; لما فيه من التضييق في أداء المناسك , واستيلائه على محل الناس فيه سواء .
ويحصل إحياء الموات بأمور
الأول : إذا أحاطه بحائط منيع مما جرت العادة به ; فقد أحياه , لقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 من أحاط حائطا على أرض , فهي له Description : H1رواه أحمد وأبو داود عن جابر , وصححه ابن الجارود , وعن سمرة مثله , وهو يدل على أن التحويط على الأرض مما يستحق به ملكها , والمقدار المعتبر ما يسمى حائطا في اللغة , أما لو أدار حول الموت أحجارا ونحوها كتراب أو جدار صغير لا يمنع ما وراءه أو حفر حولها خندقا ; فإنه لا يملكه بذلك , لكن يكون أحق بإحيائه من غيره , ولا يجوز له بيعه إلا بإحيائه.
الثاني : إذا حفر في الأرض الموات بئرا , فوصل إلى مائها ; فقد أحياها , فإن حفر البئر ولم يصل إلى الماء ; لم يملكها بذلك , وإنما يكون أحق بإحيائها من غيره ; لأنه شرع في إحيائها.
الثالث : إذا أوصل إلى الأرض الموات ماء أجراه من عين أو نهر , فقد أحياها بذلك ; لأن نفع الماء للأرض أكثر من الحائط .
الرابع : إذا حبس عن الأرض الموات الماء الذي كان يغمرها ولا تصلح معه للزراعة , فحبسه عنها حتى أصبحت صالحة لذلك , فقد أحياها ; لأن نفع الأرض بذلك أكثر من نفع الحائط الذي ورد في الدليل أنه يملكها بإقامته عليها . ومن العلماء من يرى أن إحياء الموات لا يقف عند هذه الأمور , بل يرجع فيه إلى العرف ; فما عده الناس إحياء ; فإنه يملك به الأرض الموات , واختار ذلك جمع من أئمة الحنابلة وغيرهم ; لأن الشرع ورد بتعليق الملك عليه ولم يبينه , فوجب الرجوع إلى ما كان إحياء في العرف .
ولإمام المسلمين إقطاع الأرض الموات لمن يحييها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث العقيق , وأقطع وائل بن حجر أرضا بحضرموت , وأقطع عمر وعثمان وجمعا من الصحابة
لكن لا يملكه بمجرد الإقطاع حتى يحييه , بل يكون أحق به من غيره , فإن أحياه ; ملكه , وإن عجز عن إحيائه , فللإمام استرجاعه وإقطاعه لغيره ممن يقدر على إحيائه ; لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استرجع الإقطاعات من الذين عجزوا عن إحيائها .
ومن سبق إلى مباح غير الأرض الموات كالصيد , والحطب , فهو أحق به .
وإذا كان يمر بأملاك الناس ماء مباح ( أي : غير مملوك ) كماء النهر وماء الوادي , فللأعلى أن يسقي منه ويحبس الماء إلى الكعب ثم يرسله للأسفل ممن يليه , ويفعل الذي يليه كذلك ثم يرسله لمن بعده . .. وهكذا ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
Description : H2 اسق يا زبير ! ثم احبس الماء حتى يصل إلى الجدرDescription : H1 متفق عليه.
وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري , قال : نظرنا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم :
Description : H2 ثم احبس الماء حتى يصل إلى الجدرDescription : H1 فكان ذلك إلى الكعبين , أي : قاسوا ما وقعت فيه القصة , فوجدوه يبلغ الكعبين , فجعلوا ذلك معيارا لاستحقاق الأول فالأول .
وروى أبو داود وغيره عن عمرو بن شعيب , أنه صلى الله عليه وسلم قضى في سيل مهزور ( واد بالمدينة مشهور ) :
Description : H2 أن يمسك الأعلى حتى يبلغ السيل الكعبين , ثم يرسل الأعلى على الأسفل Description : H1
أما إن كان الماء مملوكا ; فإنه يقسم بين الملاك بقدر أملاكهم , ويتصرف كل واحد في حصته بما شاء .
ولإمام المسلمين أن يحمي مرعى لمواشي بيت مال المسلمين , كخيل الجهاد , وإبل الصدقة ; ما لم يضرهم بالتضييق عليهم ; لما روى ابن عمر رضي الله عنهما :
Description : H2أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين Description : H1فيجوز للإمام أن يحمي العشب في أرض الموات لإبل الصدقة وخيل المجاهدين ونعم الجزية والضوال إذا احتاج إلى ذلك ولم يضيق على المسلمين .

mercredi 28 décembre 2016

باب في أحكام الوديعة

باب في أحكام الوديعة
كتاب المزارعة والمساقاة والإجارة
قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

https://www.facebook.com/groups/elbassaire
https://twitter.com/hadithecharif

https://www.youtube.com/user/hadithecharif

 

الإيداع : توكيل في الحفظ تبرعا .
والوديعة لغة : من ودع الشيء إذا تركه , سميت بذلك لأنها متروكة عند المودع .
وهي شرعا : اسم للمال المودع عند من يحفظه بلا عوض .
و
يشترط لصحة الإيداع ما يعتبر للتوكيل من البلوغ والعقل والرشد ; لأن الإيداع توكيل في الحفظ .
ويستحب قبول الوديعة لمن علم من نفسه أنه ثقة قادر على حفظها لأن في ذلك ثوابا جزيلا ; لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :Description : H2 والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيهDescription : H1 ولحاجة الناس إلى ذلك , أما من لا يعلم من نفسه القدرة على حفظها ; فيكره له قبولها .
ومن أحكام الوديعة أنها إذا تلفت عند المودع ولم يفرط , فإنه لا يضمنها , كما لو تلفت من بين ماله ; لأنها أمانة , والأمين لا يضمن إذا لم يتعد , وورد في حديث فيه ضعف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :Description : H2 من أودع وديعة ; فلا ضمان عليهDescription : H1 رواه ابن ماجه , ورواه الدارقطني بلفظ :Description : H2 ليس علي المستودع غير المغل ضمان Description : H1والمغل : الخائن , وفي رواية بلفظ :Description : H2 " لا ضمان على مؤتمن "Description : H1 ولأن المستودع يحفظها تبرعا , فلو ضمن , لامتنع الناس من قبول الودائع , فيترتب على ذلك الضرر بالناس وتعطيل المصلحة . أما المعتدي على الوديعة أو المفرط في حفظها ; فإنه يضمنها إذا تلفت ; لأنه متلف لمال غيره .
* ومن أحكام الوديعة أنه يجب على المودع حفظها في حرز مثلها كما يحفظ ماله ; لأن الله تعالى أمر بأدائها في قوله :
Description : B2 إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَاDescription : B1 ولا يمكن أداؤها إلا بحفظها ; ولأن المودع حينما قبل الوديعة ; فقد التزم بحفظها , فيلزمه ما التزم به .
* وإذا كانت الوديعة دابة ; لزم المودع إعلافها , فلو قطع العلف عنها بغير أمر صاحبها , فتلفت ; ضمنها ; لأن إعلاف الدابة مأمور به , ومع كونه يضمنها ; فإنه يأثم أيضا بتركه إعلافها أو سقيها حتى ماتت ; لأنه يجب عليه علفها وسقيها لحق الله تعالى ; لأن لها حرمة .
* ويجوز للمودع أن يدفع الوديعة إلى من يحفظ ماله عادة ; كزوجته وعبده وخازنه وخادمه , وإن تلفت عند أحد من هؤلاء من غير تعد ولا تفريط ; لم يضمن ; لأن له أن يتولى حفظها بنفسه أو من يقوم مقامه , وكذا لو دفعها إلى من يحفظ مال صاحبها , برئ منها ; لجريان العادة بذلك . أما لو سلما إلى أجنبي منه ومن صاحبها , فتلفت ; ضمنها المودع ; لأنه ليس له أن يودعها عند غيره من غير عذر , إلا إذا كان إيداعها عند الأجنبي لعذر اضطره إلى ذلك , كما لو حضره الموت أو أراد سفرا ويخاف عليها إذا أخذها معه ; فلا حرج عليه في ذلك , ولا يضمن إذا تلفت .
* وإن حصل خوف , أو أراد المودع أن يسافر , فإنه يجب عليه رد الوديعة إلى صاحبها أو وكيله , فإن لم يجد صاحبها ولا وكيله ; فإنه يحملها معه في السفر إذا كان ذلك أحفظ لها , فإن لم يكن السفر أحفظ لها ; دفعها إلى الحاكم ; لأن الحاكم يقوم مقام صاحبها عند غيبته , فإن لم يمكن إيداعها عند الحاكم ; أودعها عند ثقة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يهاجر ; أودع الودائع التي كانت عنده لأم أيمن رضي الله عنها , وأمر عليا أن يردها إلى أهلها , وكذا من حضره الموت وعنده ودائع للناس , فإنه يجب عليه ردها إلى أصحابها , فإن لم يجدهم ; أودعها عند الحاكم أو عند ثقة .
و التعدي على الوديعة يوجب ضمانها إذا تلفت , كما لو أودع دابة فركبها لغير علفها أو سقيها , أو أودع ثوبا فلبسه لغير خوف من عث , وكما لو أودع دراهم في حرز فأخرجها من حرزها , أو كانت مشدودة فأزال الشد عنها , فإنه يضمن الوديعة إذا تلفت في هذه الحالات ; لأنه قد تعدى بتصرفه هذا .
والمودع أمين تقبل قوله إذا ادعى أنه ردها إلى صاحبها أو من يقوم مقامه , ويقبل قوله أيضا إذا ادعى أنها تلفت من غير تفريطه مع يمينه ; لأنه أمين ; لأن الله تعالى سماها أمانة بقوله :Description : B2 إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَاDescription : B1 والأصل براءته إذا لم تقم قرينة على كذبه , وكذا لو ادعى تلفها بحادث ظاهر كالحريق ; فإنه لا يقبل قوله إلا إذا أقام بينة على وجود ذلك الحادث .
ولو طلب منه صاحب الوديعة ردها إليه , فتأخر من غير عذر حتى تلفت ; ضمنها ; لأنه فعل محرما بإمساكها بعد طلب صاحبها لها , والله أعلم .


dimanche 25 décembre 2016

باب في أحكام الإتلافات

باب في أحكام الإتلافات
كتاب المزارعة والمساقاة والإجارة
قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

https://www.facebook.com/groups/elbassaire
https://twitter.com/hadithecharif

https://www.youtube.com/user/hadithecharif

 

إن الله حرم الاعتداء على أموال الناس وابتزازها بغير حق , وشرع ضمان ما أتلف منها بغير حق , ولو عن طريق الخطأ .
فمن
أتلف مالا لغيره وكان ذا المال محترما , وأتلفه بغير إذن صاحبه , فإنه يجب عليه ضمانه . قال الإمام الموفق : " لا نعلم فيه خلافا , وسواء في ذلك العمد والسهو , والتكليف وعدمه " .
وكذا
من تسبب في إتلاف مال كما لو فتح بابا فضاع ما كان مغلقا عليه , أو حل وعاء فانساب ما في الوعاء وتلف , ضمن ذلك.
وكذا لو حل رباط دابة أو قيدها فذهبت وضاعت , ضمنها.
وكذا لو ربط دابة بطريق ضيق , فنتج عن ذلك أن عثر بها إنسان فتلف أو تضرر , ضمنه ; لأنه قد تعدى بالربط في الطريق.
وكذا لو أوقف سيارة في الطريق , فنتج عن ذلك أن اصطدم بها سيارة أخرى أو شخص , فنجم عن ذلك ضرر ; ضمنه ; لما رواه الدراقطني وغيره :
من وقف دابة في سبيل المسلمين , أو في سوق من أسواقهم , فوطئت بيد أو رجل ; فهو ضامن .
وكذا لو ترك في الطريق طينا أو خشبة أو حجرا أو حفر فيه حفرة , فترتب على ذلك تلف المار أو تضرره , أو ألقى في الطريق قشر بطيخ ونحوه , أو أرسل فيه ماء فانزلق به إنسان فتلف أو تضرر ; ضمنه فاعل هذه الأشياء في جميع هذه الصور , لتعديه بذلك. وما أكثر ما يجري التساهل في هذه الأمور في وقتنا ! وما أكثر ما يحفر في الطريق ويسد وتوضع فيه العراقيل ! وما أكثر الأضرار الناجمة عن تلك التصرفات دون حسيب أو رقيب , حتى إن أحدهم ليستولي على الشارع , ويستعمله لأغراضه الخاصة , ويضايق المارة , ويضر بهم , ولا يبالي بما يلحقه من الإثم من جراء ذلك .
ومن الأمور الموجبة للضمان ما لو اقتنى كلبا عقورا فاعتدى على المارة وعقر أحدا فإنه يضمنه ; لتعديه باقتناء هذا الكلب .
وإن حفر بئرا في فنائه لمصلحته ; ضمن ما تلف بها ; لأنه يلزمه أن يحفظها بما يصنع ضرر المارة , فماذا تركها بدون ذلك ; فهو متعد .
وإذا كان له بهائم , وجب عليه حفظها في الليل من إفساد زروع الناس , فإن تركها وأفسدت شيئا , ضمنه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن
Description : H2 على أهل الأموال حفظها بالنهار , وما أفسدت بالليل مضمون عليهمDescription : H1 رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ; فلا يضمن صاحب البهيمة ما أتلفت بالنهار ; إلا إن أرسلها صاحبها بقرب ما تتلفه عادة.
قال الإمام البغوي رحمه الله : " ذهب أهل العلم إلى أن
ما أفسدت الماشية المرسلة بالنهار من مال الغير فلا ضمان على ربها , وما أفسدته بالليل , ضمنه مالكها ; لأن في العرف أن أصحاب الحوائط والبساتين يحفظونها بالنهار , وأصحاب المواشي يحفظونها بالليل , فمن خالف هذه العادة ; كان خارجا عن العرف , هذا إذا لم يكن مالك الدابة معها , فإن كان معها ; فعليه ضمان ما أفسدته " انتهى .
وقد ذكر الله قصة داود وسليمان وحكمهما في ذلك , فقال سبحانه :
Description : B2 وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًاDescription : B1 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " صح بنص القرآن الثناء على سليمان بتفهيم الضمان بالمثل ; فإن النفش رعي الغنم ليلا , وكان ببستان عنب , فحكم داود بقيمة المتلف , فاعتبر الغنم , فوجدها بقدر القيمة , فدفعها إلى أصحاب الحرث , وقضى سليمان بالضمان على أصحاب الغنم , وأن يضمنوا ذلك بالمثل , بأن يعمروا البستان حتى يعود كما كان , ولم يضيع عليهم مغله من حين الإتلاف إلى حين العود , بل أعطى أصحاب البستان ماشية أولئك ; ليأخذوا من نمائها بقدر نماء البستان , فيستوفوا من نماء غنمه نظير ما فاتهم من نماء حرثهم , واعتبر الضمانين فوجدهما سواء , وهذا هو العلم الذي خصه الله به وأثنى عليه بإدراكه " انتهى .
وإذا كانت البهيمة بيد راكب أو قائد أو سائق ; ضمن جنايتها بمقدمها ; كيدها وفمها , لا ما جنت بمؤخرها كرجلها , لحديث :Description : H2 الرجل جبار Description : H1وفي رواية أبي هريرة :Description : H2 رجل العجماء جبار Description : H1والعجماء البهيمة , سميت بذلك لأنها لا تتكلم , وجبار - بضم الجيم - ; أي : جناية البهائم هدر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " كل بهيمة عجماء , كالبقر والشاة وغيرها ; فجناية البهائم غير مضمونة إذا فعلت بنفسها , كما لو انفلتت ممن هي في يده وأفسدت ; فلا ضمان على أحد , ما لم تكن عقورا , ولا فرط صاحبها في حفظها في الليل أو في أسواق المسلمين ومجامعهم , وكذا قال غير واحد : إنه إنما يكون جبارا إذا كانت منفلتة ذاهبة على وجهها ليس لها قائد ولا سائق , إلا الضارية " انتهى .
وإذا صال عليه آدمي أو بهيمة , ولم يندفع إلا بالقتل , فقتله ; فلا ضمان عليه ; لأنه قتله دفاعا عن نفسه , ودفاعه عن نفسه جائز , فلم يضمن ما ترتب عليه ; ولأن قتله لدفع شره ; ولأنه إذا قتله دفعا لشره ; كان الصائل هو القاتل لنفسه . قال الشيخ تقي الدين : " عليه أن يدفع الصائل عليه , فإن لم يندفع إلا بالقتل ; كان له ذلك باتفاق الفقهاء .
و مما لا ضمان في إتلافه آلات اللهو , والصليب , وأواني الخمر , وكتب الضلال والخرافة والخلاعة والمجون , لما روى أحمد عن ابن عمر : Description : H2أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يأخذ مدية , ثم خرج إلى أسواق المدينة , وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام , فشققت بحضرته , وأمر أصحابه بذلكDescription : H1 , فدل الحديث على طلب إتلافها وعدم ضمانها , لكن لا بد أن يكون إتلافها بأمر السلطة ورقابتها ; ضمانا للمصلحة , ودفعا للمفسدة .


mardi 20 décembre 2016

باب في أحكام العارية

باب في أحكام العارية
 كتاب المزارعة والمساقاة والإجارة

 

قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

https://al-bassair.blogspot.com

 

بسم الله الرحمن الرحيم
قد عرف الفقهاء رحمهم الله العارية بأنها إباحة نفع عين يباح الانتفاع بها وتبقى بعد استيفاء المنفعة ليردها إلى مالكها .
فخرج بهذا التعريف ما لا يباح الانتفاع به , فلا تحل إعارته , وخرج به أيضا ما لا يمكن الانتفاع به إلا مع تلف عينه ; كالأطعمة والأشربة .
والعارية مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع :
قال تعالى :
Description : B2 وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَDescription : B1 أي : المتاع يتعاطاه الناس بينهم , فذم الذين يمنعونه ممن يحتاج إلى استعارته , وقد استدل بهذه الآية الكريمة من يرى وجوب الإعارة , وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا كان المالك غنيا .
- واستعار النبي صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة , واستعار من صفوان بن أمية أدراعا .
و بذل العارية للمحتاج إليها قربة ينال بها المعير ثوابا جزيلا ; لأنها تدخل في عموم التعاون على البر والتقوى .
ويشترط لصحة الإعارة أربعة شروط
أحدها : أهلية المعير للتبرع ; لأن الإعارة فيها نوع من التبرع ; فلا تصح من صغير ولا مجنون وسفيه .
الشرط الثاني : أهلية المستعير للتبرع له , بأن يصح منه القبول .
الشرط الثالث : كون نفع العين المعارة مباحا , فلا تباح إعارة عبد مسلم لكافر ولا صيد ونحوه لمحرم ; لقوله تعالى :Description : B2 وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِDescription : B1
الشرط الرابع : كون العين المعارة مما يمكن الانتفاع به مع بقائه كما سبق .
* و
للمعير استرجاع العارية متى شاء إلا إذا ترتب على ذلك الإضرار بالمستعير ; كما لو أذن له بشغله بشيء يتضرر المستعير إذا استرجعت العارية ; كما لو أعاره سفينة لحمل متاعه ; فليس له الرجوع ما دامت في البحر , وكما لو أعاره حائطا ليضع عليه أطراف خشبه ; فليس له الرجوع في الحائط ما دام عليه أطراف الخشب .
* ويجب على المستعير المحافظة على العارية أشد مما يحافظ على ماله ; ليردها سليمة إلى صاحبها ; لقوله تعالى :
Description : B2 إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَاDescription : B1 فدلت الآية على وجوب رد الأمانات , ومنها العارية , وقال صلى الله عليه وسلم :Description : H2 على اليد ما أخذت حتى تؤديهDescription : H1 وقال صلى الله عليه وسلم :Description : H2 أد الأمانة إلى من ائتمنكDescription : H1 فدلت هذه النصوص على وجوب المحافظة على ما يؤتمن عليه الإنسان وعلى وجوب رده إلى صاحبه سالما , وتدخل في هذا العموم العارية ; لأن المستعير مؤتمن عليها ; ومطلوبة منه , وهو إنما أبيح له الانتفاع بها في حدود ما جرى به العرف ; فلا يجوز له أن يسرف في استعمالها إسرافا يؤدي إلى تلفها , ولا أن يستعملها فيما لا يصلح استعمالها فيه ; لأن صاحبها لم يأذن له بذلك , وقد قال الله تعالى :Description : B2 هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُDescription : B1 فإن استعملها في غير ما استعيرت له فتلفت ; وجب عليه ضمانها ; لقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 على اليد ما أخذت حتى تؤديهDescription : H1 رواه الخمسة , وصححه الحاكم ; فدل على وجوب رد ما قبضه المرء وهو ملك لغيره , ولا يبرأ إلا بمصيره إلى مالكه أو من يقوم مقامه . وإن تلفت في انتفاع بها بالمعروف ; لم يضمنها المستعير ; لأن المعير قد أذن له في هذا الاستعمال , وما ترتب على المأذون ; فهو غير مضمون .
ولا يجوز للمستعير أن يعير العين المعارة لأن من أبيح له شيء ; لم يجز له أن يبيحه لغيره ; ولأن في ذلك تعريضا لها للتلف .
هذا ; وقد اختلف العلماء في ضمان المستعير للعارية إذا تلفت في يده في غير ما استعيرت له فذهب جماعة إلى وجوب ضمانها عليه سواء تعدى أو لم يتعد ; لعموم قوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 على اليد ما أخذت حتى تؤديهDescription : H1 وذلك مثل ما لو ماتت الدابة أو احترق الثوب أو سرقت العين المعارة , وذهب جماعة آخرون إلى عدم ضمانها إذا لم يتعد ; لأنها لا تضمن إلا بالتعدي عليها , ولعل هذا القول هو الراجح ; لأن المستعير قبضها بإذن مالكها , فكانت أمانة عنده كالوديعة .
على أنه يجب على المستعير المحافظة على العارية والاهتمام بها والمسارعة إلى ردها إلى صاحبها إذا انتهت مهمته منها , وأن لا يتساهل بشأنها , أو يعرضها للتلف ; لأنها أمانة عنده ; ولأن صاحبها أحسن إليه , وDescription : B2 هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُDescription : B1