el bassaire

mardi 29 novembre 2016

باب في أحكام الصلح

باب في أحكام الصلح / كتاب البيوع
قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

https://al-bassair.blogspot.com
بسم الله الرحمن الرحيم

* الصلح في اللغة : قطع المنازعة , ومعناه في الشرع : أنه معاقدة يتوصل بها إلى إصلاح بين متخاصمين . وهو من أكبر العقود فائدة , ولذلك حسن فيه استعمال شيء من الكذب إذا دعت الحاجة إلى ذلك .
* والدليل على مشروعية الصلح : الكتاب , والسنة , والإجماع : - قال الله تعالى :
Description : B2 وَالصُّلْحُ خَيْرٌDescription : B1 وقال :Description : B2 وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَاDescription : B1 إلى قوله تعالى :Description : B2 فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَDescription : B1 وقال تعالى :Description : B2 لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًاDescription : B1 وقال تعالى :Description : B2 فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْDescription : B1
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
Description : H2 الصلح جائز بين المسلمين ; إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالاDescription : H1 صححه الترمذي , وكان صلى الله عليه وسلم يقوم بالإصلاح بين الناس .
* والصلح الجائز هو العادل , الذي أمر الله به ورسوله , وهو ما يقصد به رضى الله تعالى ثم رضى الخصمين .
* ولا بد أن يكون من يقوم بالإصلاح بين الناس عالما بالوقائع , عارفا بالواجب , قاصدا للعدل , ودرجة المصلح بين الناس أفضل من درجة الصائم القائم , أما إذا خلا الصلح من العدل ; صار ظلما وهضما للحق , كأن يصلح بين قادر ظالم وضعيف مظلوم بما يرضى به القادر ويمكنه من الظلم ويهضم به حق الضعيف ولا يمكنه من أخذ حقه ,
والصلح إنما يكون في حقوق المخلوقين التي لبعضهم على بعض مما يقبل الإسقاط والمعاوضة , أما حقوق الله تعالى , كالحدود والزكاة ; فلا مدخل للصلح فيها , لأن الصلح فيها هو أداؤها كاملة .
* والصلح بين الناس يتناول خمسة أنواع :
النوع الأول : الصلح بين المسلمين وأهل الحرب
النوع الثاني : صلح بين أهل العدل وأهل البغي من المسلمين .
النوع الثالث : صلح بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما .
النوع الرابع : إصلاح بين متخاصمين في غير المال
النوع الخامس : إصلاح بين متخاصمين في الأموال وهو المراد هنا , وهذا النوع من الصلح ينقسم إلى قسمين : الأول : صلح عن إقرار , والثاني : صلح عن إنكار . 1 - والصلح عن الإقرار نوعان : نوع يقع على جنس الحق , ونوع يقع على غير جنسه . - فالذي يقع على جنسه مثل ما إذا أقر له بدين معلوم أو بعين مالية في يده , فصالحه على أخذ بعض الدين وإسقاط بقيته , أو على هبة بعض العين  وأخذ البعض الآخر . وهذا النوع من الصلح يصح إذا لم يكن مشروطا في الإقرار , كأن يقول من عليه الحق : أقر لك بشرط أن تعطيني أو تعوضني كذا , أو يقول صاحب الحق : أبرأتك أو وهبتك بشرط أن تعطيني كذا , فإن كان هذا الصلح مشروطا على نحو ما ذكرنا ; لم يصح ; لأن صاحب الحق له المطالبة بجميع الحق . ويشترط لصحة هذا النوع من الصلح أيضا أن لا يمنعه حقه بدونه ; لأن ذلك أكل لمال الغير بالباطل , وهو محرم , ولأن من عليه الحق يجب دفعه لصاحبه بدون قيد ولا شرط . ويشترط أيضا لصحة هذا النوع من الصلح أن يكون صاحب الحق ممن يصح تبرعه , فإن كان ممن لا يصح تبرعه , لم يصح , كما لو كان وليا لمال يتيم أو مجنون ; لأن هذا تبرع , وهو لا يملكه .
والحاصل أنه يجوز المصالحة عن الحق الثابت بشيء من جنسه , شريطة أن لا يمتنع من عليه الحق من أدائه بدون هذا الصلح , وشريطة أن يكون صاحب الحق ممن يصح تبرعه , فإذا توفر ذلك ; جازت هذه المصالحة ; لأنها تكون حينئذ من باب التبرع , والإنسان لا يمنع من إسقاط بعض حقه , كما لا يمنع من استيفائه كله , ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كلم غرماء جابر رضي الله عنه ليضعوا عنه .
- والنوع الثاني من نوعي الصلح عن الإقرار أن يصالح عن الحق بغير جنسه ; كما لو اعترف له بدين أو عين , ثم تصالحا على أن يأخذ عن ذلك عوضا من غير جنسه , فإن صالحه عن نقد بنقد آخر من جنسه , فهذا صرف تجري عليه أحكام الصرف , وإن صالح عن النقد بغير نقد ; اعتبر ذلك بيعا تجري عليه أحكام البيع , وإن صالح عنه بمنفعة كسكنى داره ; اعتبر ذلك إجارة تجري  عليها أحكام الأجرة , وإن صالحه عن غير النقد بمال آخر ; فهو بيع .
2 - الصلح عن إنكار , ومعناه أن يدعي شخص على آخر بعين له عنده ; أو بدين في ذمته له , فيسكت المدعى عليه وهو يجهل المدعى به , ثم يصالح المدعي عن دعواه بمال حالٍّ أو مؤجل , فيصح الصلح في هذه الحالة في قول أكثر أهل العلم ; لقوله عليه الصلاة والسلام :
Description : H2 الصلح جائز بين المسلمين ; إلا صلحا حرم حلالا , أو أحل حراماDescription : H1 رواه أبو داود والترمذي وقال : " حسن صحيح " , وصححه الحاكم , وقد كتب بهذا الحديث عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما , فصلح الاحتجاج به لهذه الاعتبارات .
وفائدة هذا النوع من الصلح للمدعى عليه أنه يفتدي به نفسه من الدعوى واليمين , وفائدته للمدعي إراحته من تكليف إقامة البينة وتفادي تأخير حقه الذي يدعيه .
والصلح عن الإنكار يكون في حق المدعي في حكم البيع , لأنه يعتقده عوضا عن ماله , فلزمه حكم اعتقاده , فكأن المدعى عليه اشتراه منه , فتدخله أحكام البيع من جهته , كالرد بالعيب , والأخذ بالشفعة إذا كان مما تدخله الشفعة .
وحكم هذا الصلح في حق المدعى عليه أنه إبراء عن الدعوى ; لأنه دفع المال افتداء ليمينه وإزالة للضرر عنه وقطعا للخصومة وصيانة لنفسه عن التبذل والمخاصمات ; لأن ذوي النفوس الشريفة يأنفون من ذلك , ويصعب عليهم , فيدفعون المال للإبراء من ذلك , فلو وجد فيما صالح به عيبا ; لم يستحق رده به ; ولا يؤخذ بالشفعة ; لأنه لا يعتقده عوضا عن شيء , وإن كذب أحد المتصالحين في الصلح عن الإنكار , كأن يكذب المدعي , فيدعي شيئا يعلم أنه ليس له , أو يكذب المنكر في إنكاره ما ادعي به عليه , وهو يعلم أنه عليه , ويعلم بكذب نفسه في إنكاره , إذا حصل شيء من هذا الكذب من جانب المدعي أو المنكر ; فالصلح باطل في حق الكاذب منهما باطنا ; لأنه عالم بالحق , قادر على إيصاله لمستحقه , وغير معتقد أنه محق في تصرفه , فما أخذه بموجب هذا الصلح حرام عليه ; لأنه أخذه ظلما وعدوانا , لا عوضا عن حق يعلمه , وقد قال الله تعالى :
Description : B2 وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِDescription : B1 وإن كان هذا الصلح فيما يظهر للناس صحيح , لأنهم لا يعلمون باطن الحال , لكن ذلك لا يغير من الحقيقة شيئا عند من لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء , فعلى المسلم أن يبتعد عن مثل هذا التصرف السيئ والاحتيال الباطل .
ومن مسائل الصلح عن الإنكار أنه لو صالح عن المنكر أجنبي بغير إذنه , صح الصلح في ذلك , لأن الأجنبي يقصد بذلك إبراء المدعى عليه وقطع الخصومة عنه ; فهو كما لو قضى عنه دينه , لكن لا يطالبه بشيء مما دفع ; لأنه لا يستحق الرجوع عليه به ; لأنه متبرع .
* ويصح
الصلح عن الحق المجهول سواء كان لكل منهما على الآخر أو كان لأحدهما , إذا كان هذا المجهول يتعذر علمه , كحساب بينهما مضى عليه زمن طويل , ولا علم لكل منهما عما عليه لصاحبه ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجلين اختصما في مواريث درست بينهما :Description : H2 استهما , وتواخيا الحق , وليحلل أحدكما صاحبهDescription : H1 رواه أبو داود وغيره , ولأنه إسقاط حق , فصح في المجهول للحاجة , ولئلا يفضي إلى ضياع المال أو بقاء شغل الذمة , وأمره صلى الله عليه وسلم بتحليل كل منهما لصاحبه يدل على أخذ الحيطة لبراءة الذمة وعلى عظم حق المخلوق .
* ويصح الصلح عن القصاص بالدية المحددة شرعا أو أقل أو أكثر ; ولأن المال غير متعين ; فلا يقع العوض في مقابلته .
* ولا يصح
الصلح عن الحدود لأنها شرعت للزجر , ولأنها حق لله تعالى وحق للمجتمع ; فالصلح عنها يبطلها , ويحرم المجتمع من فائدتها , ويفسح المجال للمفسدين والعابثين .


dimanche 27 novembre 2016

باب في أحكام الجوار والطرقات

باب في أحكام الجوار والطرقات /  كتاب البيوع
قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

https://al-bassair.blogspot.com

 

تناول الفقهاء أحكام الجوار وأحكام الطرقات ; لما لهذا الموضوع من الأهمية البالغة :
* فقد تعرض مشاكل بين الجيران يجب حلها وحسمها , لئلا تفضي إلى النزاع والعداوة , وحلها يكون بطرق :
- منها : إجراء الصلح بينهم بما يحقق العدل والمصلحة .
- ومن ذلك : لو احتاج الجار إلى إجراء الماء مع أرض جاره أو سطحه وتصالحا على ذلك بعوض , جاز هذا الصلح ; لدعاء الحاجة إلى ذلك , ثم إن كان هذا العوض في مقابل الانتفاع مع بقاء ملك صاحب الأرض أو السطح عليه ; فهذا العقد يعتبر إجارة , وإن كان مع زوال الملك ; اعتبر بيعا .
- وإذا احتاج الجار إلى ممر في ملك جاره , وبذله له عن طريق البيع أو عن طريق الصلح ; جاز هذا ; لدعاء الحاجة إليه , ولا ينبغي للمالك أن يستغل حاجة جاره فيرهقه ببذل العوض أو يمتنع من استخدام هذا الممر فيحرج جاره ويحول بينه وبين مصلحته , وإذا امتد غصن من شجرته في هواء جاره أو في قرار ملكه ; وجب على مالك الغصن إزالته : إما بقطعه أو ليه إلى ناحية أخرى ; ليخلي ملك الغير , فإن أبى مالك الغصن أن يعمل شيئا من ذلك ; فلصاحب الهواء أو القرار أن يزيل ضرره بأحد هذه الإجراءات , لأنه بمنزلة الصائل , فيدفعه بأسهل ما يمكن , وإن تصالحا على بقاء الغصن ; جاز ذلك , سواء كان بعوض على الصحيح , أو على أن ثمرته بينهما . - وحكم العرق إذا حصل في أرض الجار حكم الغصن على ما مر بيانه .
- ولا يجوز أن يحدث الإنسان في ملكه ما يضر بجاره , كحمام أو مخبز  أو مطبخ أو مقهى يتعدى ضرره , أو مصنع يقلق جاره حركاته وأصواته , أو فتح نوافذ تطل على بيت جاره .
- وإذا كان بينه وبين جاره جدار مشترك , حرم أن يتصرف فيه بفتح طاق أو غرز وتد إلا بإذنه , ولا يجوز له وضع الخشب على الجدار المشترك أو الخاص بالجار إلا عند الضرورة , إذا لم يمكنه التسقيف إلا به , وكان الجدار يتحول وضع الخشب ; فحينئذ يمكن من وضع الخشب ; لحديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم :
Description : H2 لا يمنعن جار جاره أن يضع خشبه على جداره ثم يقول أبو هريرة : ما لي أراكم عنها معرضين ؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم Description : H1, متفق عليه ,
فدل هذا الحديث على أنه لا يجوز للجار أن يمنع جاره من وضع الخشب في جداره , ويجبره الحاكم إذا امتنع ; لأنه حق ثابت لجاره بحكم الجوار . هذا بعض ما يتعلق بالجوار من أحكام .
* أما ما يتعلق في الطرقات : - فلا يجوز
مضايقة المسلمين في طرقاتهم بل يجب إفساح الطريق , وإماطة الأذى عنه ; لأن ذلك من الإيمان ; كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
- ولا يجوز أن يحدث في ملكه ما يضايق الطريق ; كأن يبني فوق الطرق سقفا يمنع مرور الركبان والأحمال , أو يبني دكة للجلوس عليها .
- ولا يجوز له أن يتخذ موقفا لدابته أو سيارته بطريق المارة , لأن ذلك يضيق الطريق , أو يسبب الحوادث .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " لا يجوز لأحد أن يخرج شيئا في طريق المسلمين من أجزاء البناء , حتى إنه ينهى عن تجصيص الحائط ; إلا  أن يدخل رب الحائط منه في حده بقدر غلظه . .. " انتهى .
- ويمنع في الطريق الغرس والبناء والحفر ووضع الحطب والذبح فيها وطرح القمامة والرماد وغير ذلك مما فيه ضرر على المارة . ويجب على المسئولين عن تنظيم البلد من رجال البلديات منع هذه الأشياء , ومعاقبة المخالفين بما يردعهم , وقد كثر التساهل في هذا الأمر المهم , فصار كثير من الناس يحتجزون الطرقات لمصالحهم الخاصة , يوقفون فيها سياراتهم , ويضعون فيها الأحجار والحديد والإسمنت لبناياتهم , ويحفرون فيها الحفر , وغير ذلك , والبعض الآخر من الناس يلقي الأذى في الأسواق من الفضلات والنجاسات والقمامات , غير مبالين بمضارة المسلمين , وهذا كله مما حرمه الله ورسوله , قال الله تعالى :
Description : B2 وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًاDescription : B1 وقال النبي صلى الله عليه وسلم :Description : H2 المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويدهDescription : H1 وقال صلى الله عليه وسلم :Description : H2 الإيمان بضع وسبعون شعبة : أعلاها قول : لا إله إلا الله , وأدناها إماطة الأذى عن الطريق , والحياء شعبة من الإيمانDescription : H1 إلى غير ذلك من الأحاديث التي تحث على احترام حقوق المسلمين والامتناع من أذيتهم , ومن أعظم أذية المسلمين مضايقتهم في طرقاتهم وإلقاء العراقيل فيها .


vendredi 25 novembre 2016

باب في أحكام الصلح

باب في أحكام الصلح / كتاب البيوع
قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

https://al-bassair.blogspot.com
بسم الله الرحمن الرحيم

* الصلح في اللغة : قطع المنازعة , ومعناه في الشرع : أنه معاقدة يتوصل بها إلى إصلاح بين متخاصمين . وهو من أكبر العقود فائدة , ولذلك حسن فيه استعمال شيء من الكذب إذا دعت الحاجة إلى ذلك .
* والدليل على مشروعية الصلح : الكتاب , والسنة , والإجماع : - قال الله تعالى :
Description : B2 وَالصُّلْحُ خَيْرٌDescription : B1 وقال :Description : B2 وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَاDescription : B1 إلى قوله تعالى :Description : B2 فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَDescription : B1 وقال تعالى :Description : B2 لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًاDescription : B1 وقال تعالى :Description : B2 فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْDescription : B1
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
Description : H2 الصلح جائز بين المسلمين ; إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالاDescription : H1 صححه الترمذي , وكان صلى الله عليه وسلم يقوم بالإصلاح بين الناس .
* والصلح الجائز هو العادل , الذي أمر الله به ورسوله , وهو ما يقصد به رضى الله تعالى ثم رضى الخصمين .
* ولا بد أن يكون من يقوم بالإصلاح بين الناس عالما بالوقائع , عارفا بالواجب , قاصدا للعدل , ودرجة المصلح بين الناس أفضل من درجة الصائم القائم , أما إذا خلا الصلح من العدل ; صار ظلما وهضما للحق , كأن يصلح بين قادر ظالم وضعيف مظلوم بما يرضى به القادر ويمكنه من الظلم ويهضم به حق الضعيف ولا يمكنه من أخذ حقه ,
والصلح إنما يكون في حقوق المخلوقين التي لبعضهم على بعض مما يقبل الإسقاط والمعاوضة , أما حقوق الله تعالى , كالحدود والزكاة ; فلا مدخل للصلح فيها , لأن الصلح فيها هو أداؤها كاملة .
* والصلح بين الناس يتناول خمسة أنواع :
النوع الأول : الصلح بين المسلمين وأهل الحرب
النوع الثاني : صلح بين أهل العدل وأهل البغي من المسلمين .
النوع الثالث : صلح بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما .
النوع الرابع : إصلاح بين متخاصمين في غير المال
النوع الخامس : إصلاح بين متخاصمين في الأموال وهو المراد هنا , وهذا النوع من الصلح ينقسم إلى قسمين : الأول : صلح عن إقرار , والثاني : صلح عن إنكار . 1 - والصلح عن الإقرار نوعان : نوع يقع على جنس الحق , ونوع يقع على غير جنسه . - فالذي يقع على جنسه مثل ما إذا أقر له بدين معلوم أو بعين مالية في يده , فصالحه على أخذ بعض الدين وإسقاط بقيته , أو على هبة بعض العين  وأخذ البعض الآخر . وهذا النوع من الصلح يصح إذا لم يكن مشروطا في الإقرار , كأن يقول من عليه الحق : أقر لك بشرط أن تعطيني أو تعوضني كذا , أو يقول صاحب الحق : أبرأتك أو وهبتك بشرط أن تعطيني كذا , فإن كان هذا الصلح مشروطا على نحو ما ذكرنا ; لم يصح ; لأن صاحب الحق له المطالبة بجميع الحق . ويشترط لصحة هذا النوع من الصلح أيضا أن لا يمنعه حقه بدونه ; لأن ذلك أكل لمال الغير بالباطل , وهو محرم , ولأن من عليه الحق يجب دفعه لصاحبه بدون قيد ولا شرط . ويشترط أيضا لصحة هذا النوع من الصلح أن يكون صاحب الحق ممن يصح تبرعه , فإن كان ممن لا يصح تبرعه , لم يصح , كما لو كان وليا لمال يتيم أو مجنون ; لأن هذا تبرع , وهو لا يملكه .
والحاصل أنه يجوز المصالحة عن الحق الثابت بشيء من جنسه , شريطة أن لا يمتنع من عليه الحق من أدائه بدون هذا الصلح , وشريطة أن يكون صاحب الحق ممن يصح تبرعه , فإذا توفر ذلك ; جازت هذه المصالحة ; لأنها تكون حينئذ من باب التبرع , والإنسان لا يمنع من إسقاط بعض حقه , كما لا يمنع من استيفائه كله , ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كلم غرماء جابر رضي الله عنه ليضعوا عنه .
- والنوع الثاني من نوعي الصلح عن الإقرار أن يصالح عن الحق بغير جنسه ; كما لو اعترف له بدين أو عين , ثم تصالحا على أن يأخذ عن ذلك عوضا من غير جنسه , فإن صالحه عن نقد بنقد آخر من جنسه , فهذا صرف تجري عليه أحكام الصرف , وإن صالح عن النقد بغير نقد ; اعتبر ذلك بيعا تجري عليه أحكام البيع , وإن صالح عنه بمنفعة كسكنى داره ; اعتبر ذلك إجارة تجري  عليها أحكام الأجرة , وإن صالحه عن غير النقد بمال آخر ; فهو بيع .
2 - الصلح عن إنكار , ومعناه أن يدعي شخص على آخر بعين له عنده ; أو بدين في ذمته له , فيسكت المدعى عليه وهو يجهل المدعى به , ثم يصالح المدعي عن دعواه بمال حالٍّ أو مؤجل , فيصح الصلح في هذه الحالة في قول أكثر أهل العلم ; لقوله عليه الصلاة والسلام :
Description : H2 الصلح جائز بين المسلمين ; إلا صلحا حرم حلالا , أو أحل حراماDescription : H1 رواه أبو داود والترمذي وقال : " حسن صحيح " , وصححه الحاكم , وقد كتب بهذا الحديث عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما , فصلح الاحتجاج به لهذه الاعتبارات .
وفائدة هذا النوع من الصلح للمدعى عليه أنه يفتدي به نفسه من الدعوى واليمين , وفائدته للمدعي إراحته من تكليف إقامة البينة وتفادي تأخير حقه الذي يدعيه .
والصلح عن الإنكار يكون في حق المدعي في حكم البيع , لأنه يعتقده عوضا عن ماله , فلزمه حكم اعتقاده , فكأن المدعى عليه اشتراه منه , فتدخله أحكام البيع من جهته , كالرد بالعيب , والأخذ بالشفعة إذا كان مما تدخله الشفعة .
وحكم هذا الصلح في حق المدعى عليه أنه إبراء عن الدعوى ; لأنه دفع المال افتداء ليمينه وإزالة للضرر عنه وقطعا للخصومة وصيانة لنفسه عن التبذل والمخاصمات ; لأن ذوي النفوس الشريفة يأنفون من ذلك , ويصعب عليهم , فيدفعون المال للإبراء من ذلك , فلو وجد فيما صالح به عيبا ; لم يستحق رده به ; ولا يؤخذ بالشفعة ; لأنه لا يعتقده عوضا عن شيء , وإن كذب أحد المتصالحين في الصلح عن الإنكار , كأن يكذب المدعي , فيدعي شيئا يعلم أنه ليس له , أو يكذب المنكر في إنكاره ما ادعي به عليه , وهو يعلم أنه عليه , ويعلم بكذب نفسه في إنكاره , إذا حصل شيء من هذا الكذب من جانب المدعي أو المنكر ; فالصلح باطل في حق الكاذب منهما باطنا ; لأنه عالم بالحق , قادر على إيصاله لمستحقه , وغير معتقد أنه محق في تصرفه , فما أخذه بموجب هذا الصلح حرام عليه ; لأنه أخذه ظلما وعدوانا , لا عوضا عن حق يعلمه , وقد قال الله تعالى :
Description : B2 وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِDescription : B1 وإن كان هذا الصلح فيما يظهر للناس صحيح , لأنهم لا يعلمون باطن الحال , لكن ذلك لا يغير من الحقيقة شيئا عند من لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء , فعلى المسلم أن يبتعد عن مثل هذا التصرف السيئ والاحتيال الباطل .
ومن مسائل الصلح عن الإنكار أنه لو صالح عن المنكر أجنبي بغير إذنه , صح الصلح في ذلك , لأن الأجنبي يقصد بذلك إبراء المدعى عليه وقطع الخصومة عنه ; فهو كما لو قضى عنه دينه , لكن لا يطالبه بشيء مما دفع ; لأنه لا يستحق الرجوع عليه به ; لأنه متبرع .
* ويصح
الصلح عن الحق المجهول سواء كان لكل منهما على الآخر أو كان لأحدهما , إذا كان هذا المجهول يتعذر علمه , كحساب بينهما مضى عليه زمن طويل , ولا علم لكل منهما عما عليه لصاحبه ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجلين اختصما في مواريث درست بينهما :Description : H2 استهما , وتواخيا الحق , وليحلل أحدكما صاحبهDescription : H1 رواه أبو داود وغيره , ولأنه إسقاط حق , فصح في المجهول للحاجة , ولئلا يفضي إلى ضياع المال أو بقاء شغل الذمة , وأمره صلى الله عليه وسلم بتحليل كل منهما لصاحبه يدل على أخذ الحيطة لبراءة الذمة وعلى عظم حق المخلوق .
* ويصح الصلح عن القصاص بالدية المحددة شرعا أو أقل أو أكثر ; ولأن المال غير متعين ; فلا يقع العوض في مقابلته .
* ولا يصح
الصلح عن الحدود لأنها شرعت للزجر , ولأنها حق لله تعالى وحق للمجتمع ; فالصلح عنها يبطلها , ويحرم المجتمع من فائدتها , ويفسح المجال للمفسدين والعابثين .


لا يجوز اخذ شعر الحاجبين


غش الرعية


mercredi 23 novembre 2016

باب في أحكام الحجر

باب في أحكام الحجر / كتاب البيوع

 

قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

https://al-bassair.blogspot.com
* إن الإسلام جاء لحفظ الأموال وحفظ حقوق الناس , ولذلك شرع الحجر على من يستحقه , حفاظا على أموال الناس وحقوقهم .
* والحجر لغة المنع , ومنه سمي الحرام حجرا ; لأنه ممنوع منه , قال تعالى :
Description : B2 وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًاDescription : B1 أي : حراما محرما , وسمي أيضا العقل حجرا , قال تعالى :Description : B2 هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍDescription : B1 أي : عقل , لأن العقل يمنع صاحبه من تعاطي ما يقبح وتضر عاقبته .
* ومعنى الحجر في الشرع : منع إنسان من تصرفه في ماله .
* ودليله من القرآن الكريم : قوله تعالى :
Description : B2 وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُDescription : B1 إلى قوله تعالى :Description : B2 وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْDescription : B1 فدلت الآيتان على الحجر على السفيه واليتيم في ماله ; لئلا يفسده ويضيعه , وأنه لا يدفع إليه إلا بعد تحقق رشده فيه . وقد حجر النبي صلى الله عليه وسلم على بعض الصحابة لأجل قضاء ما عليه من الديون .
* والحجر نوعان :
النوع الأول : حجر على الإنسان لأجل حظ غيره , كالحجر على المفلس لحظ الغرماء , والحجر على المريض بالوصية بما زاد على الثلث لحظ الورثة .
النوع الثاني :  حجر على الإنسان لأجل مصلحته هو ; لئلا يضيع ماله ويفسده , كالحجر على الصغير والسفيه والمجنون ; بدليل قوله تعالى : Description : B2وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ Description : B1قيل : المراد الأولاد والنساء , فلا يعطيهم ماله تبذيرا , وقيل : المراد السفهاء والصغار والمجانين , لا يعطون أموالهم ; لئلا يفسدوها ,  وأضافها إلى المخاطبين ; لأنهم الناظرون عليها والحافظون لها .
* النوع الأول : الحجر على الإنسان لحظ غيره والمراد هنا الحجر على المفلس , والمفلس هو من عليه دين حال لا يتسع له ماله الموجود , فيمنع من التصرف في ماله ; لئلا يضر بأصحاب الديون . أما المدين المعسر الذي لا يقدر على وفاء شيء من دينه ; فإنه لا يطالب به , ويجب إنظاره ; لقوله تعالى :Description : B2 وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍDescription : B1
وفي فضل إنظار المعسر يقول النبي صلى الله عليه وسلم :Description : H2 من سره أن يظله الله في ظله , فلييسر على معسرDescription : H1 وأفضل من الإنظار إبراء المعسر من دينه , لقوله تعالى :Description : B2 وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْDescription : B1 أما من له قدرة على وفاء دينه ; فإنه لا يجوز الحجر عليه , لعدم الحاجة إلى ذلك , لكن يؤمر بوفاء ديونه إذا طالب الغرماء بذلك ; لقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 مطل الغني ظلمDescription : H1 أي : مطل القادر على وفاء دينه ظلم ; لأنه منع أداء ما وجب عليه أداؤه من حقوق الناس , فإن امتنع من تسديد ديونه ; فإنه يسجن . قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله : " ومن كان قادرا على وفاء دينه , وامتنع , أجبر على وفائه بالضرب والحبس , نص على ذلك الأئمة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم " , قال : " ولا أعلم فيه نزاعا " انتهى .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :Description : H2 لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته Description : H1رواه أحمد وأبو داود وغيرهما , وعرضه : شكواه , وعقوبته : حبسه ; فالمماطل بقضاء ما عليه من الحق يستحق العقوبة بالحبس والتعزير , ويكرر عليه ذلك حتى يوفي ما عليه , فإن أصر على المماطلة , فإن الحاكم يتدخل فيبيع ماله ويسدد منه ديونه , لأن الحاكم يقوم مقام الممتنع , ولأجل إزالة الضرر عن الدائنين , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :Description : H2 لا ضرر ولا ضرارDescription : H1
ومما مر يتضح أن المدين له حالتان :
الحالة الأولى : أن يكون الدين مؤجلا عليه ; فهذا لا يطالب بالدين حتى يحل , ولا يلزمه أداؤه قبل حلوله , وإذا كان ما لديه من الحال أقل مما عليه من الدين المؤجل ; فإنه لا يحجر عليه من أجل ذلك , ولا يمنع من التصرف في ماله .
الحالة الثانية : أن يكون الدين حالا

 فللمدين حينئذ حالتان :
الأولى: أن يكون ماله أكثر من الدين الذي عليه ; فهذا لا يحجر عليه في ماله , ولكن يؤمر بوفاء الدين إذا طالب بذلك دائنه , فإن امتنع ; حبس وعزر حتى يوفي دينه , فإن صبر على الحبس والتعزير , وامتنع من تسديد الدين , فإن الحاكم يتدخل ويوفي دينه من ماله ويبيع ما يحتاج إلى بيع من أجل ذلك .
والثانية : أن يكون ماله أقل مما عليه من الدين الحالِّ ; فهذا يُحجر عليه التصرف في ماله إذا طالب غرماؤه بذلك ; لئلا يضر بهم ; لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه :Description : H2 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ وباع ماله Description : H1رواه الدارقطني والحاكم وصححه , وقال ابن الصلاح : " إنه حديث ثابت " , وإذا حجر عليه في هذه الحالة , فإنه يعلن عنه , ويظهر للناس أنه محجور عليه ; لئلا يغتروا به ويتعاملوا معه , فتضيع أموالهم " .
ويتعلق بالحجر عليه أربعة أحكام :
الحكم الأول : أنه يتعلق حق الغرماء بماله الموجود قبل الحجر , وبماله الحادث بعد الحجر ; بإرث أو أرش جناية أو هبة أو وصية أو غير ذلك , فيلحقه الحجر كالموجود قبل الحجر , فلا ينفذ تصرف المحجور عليه في ماله بعد  الحجر بأي نوع من أنواع التصرف , ولا يصح إقراره لأحد على شيء من ماله , لأن حقوق الغرماء متعلقة بأعيانه , فلم يقبل الإقرار عليه , وحتى قبل الحجر عليه يحرم عليه التصرف في ماله تصرفا يضر بغرمائه .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : " إذا استغرقت الديون ماله , لم يصح تبرعه بما يضر بأرباب الديون , سواء حجر عليه الحاكم أو لم يحجر عليه , هذا مذهب مالك واختيار شيخنا ( يريد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ) " , قال : " وهو الصحيح , وهو الذي لا يليق بأصول المذهب غيره , بل هو مقتضى أصول الشرع وقواعده , لأن حق الغرماء قد تعلق بماله , ولهذا يحجر عليه الحاكم , ولولا تعلق حق الغرماء بماله , لم يسع الحاكم الحجر عليه , فصار كالمريض مرض الموت , وفي تمكين هذا المدين من التبرع إبطال حقوق الغرماء , والشريعة لا تأتي بمثل هذا ; فإنما جاءت بحفظ حقوق أرباب الحقوق بكل طريق , وسد الطريق المفضية إلى إضاعتها " انتهى كلامه رحمه الله .
الحكم الثاني : أن من وجد عين ماله الذي باعه عليه أو أقرضه إياه أو أجره إياه قبل الحجر عليه ; فله أن يرجع به ويسحبه من عند المفلس
, لقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 من أدرك متاعه عند إنسان أفلس , فهو أحق بهDescription : H1 متفق عليه ; وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه يشترط لرجوع من وجد ماله عند المفلس المحجور عليه ستة شروط :
الشرط الأول: كون المفلس حيا إلى أن يأخذ ماله منه ; لما رواه أبو داود ; أنه صلى الله عليه وسلم قال : Description : H2فإن مات ; فصاحب المتاع أسوة الغرماءDescription : H1
الشرط الثاني: بقاء ثمنها كله في ذمة المفلس , فإن قبض صاحب المتاع شيئا من ثمنه , لم يستحق الرجوع به .
الشرط الثالث: بقاء العين كلها في ملك المفلس , فإن وجد بعضها  فقط ; لم يرجع به ; لأنه لم يجد عين ماله , وإنما وجد بعضها .
الشرط الرابع: كون السلعة بحالها , لم يتغير شيء من صفاتها .
الشرط الخامس: كون السلعة لم يتعلق بها حق الغير ; بأن لا يكون المفلس قد رهنها ونحو ذلك .
الشرط السادس: كون السلعة لم تزد زيادة متصلة كالسمن , فإذا توافرت هذه الشروط , جاز لصاحب السلعة أن يسحبها إذا ظهر إفلاس من هي عنده , للحديث السابق .
الحكم الثالث : انقطاع المطالبة عنه بعد الحجر عليه إلى أن ينفك عنه الحجر , فمن باعه أو أقرضه شيئا خلال هذه الفترة , طالبه به بعد فك الحجر عنه .
الحكم الرابع: أن الحاكم يبيع ما له , ويقسم ثمنه بقدر ديون غرمائه الحالة ; لأن هذا هو المقصود من الحجر عليه , وفي تأخير ذلك مطل وظلم لهم , ويترك الحاكم للمفلس ما يحتاج إليه من مسكن ومؤنة ونحو ذلك , أما الدين المؤجل ; فلا يحل بالإفلاس , ولا يزاحم الديون الحالة , لأن الأجل حق للمفلس ; فلا يسقط ; كسائر حقوقه , ويبقى في ذمة المفلس , ثم بعد توزيع ماله على أصحاب الديون الحالة , فإن سددها ولم يبق منها شيء ; انفك عنه الحجر بلا حكم حاكم ; لزوال موجبه , وإن بقي عليه شيء من ديونه الحالة ; فإنه لا ينفك عنه الحجر ; إلا بحكم الحاكم ; لأنه هو الذي حكم بالحجر عليه , فهو الذي يحكم بفك الحجر عنه .
* النوع الثاني من أنواع الحجر : وهو الحجر على الإنسان لحظ نفسه بحفظ ماله وتوفيره له , لأن هذا الدين دين الرحمة , الذي لم يترك شيئا فيه مصلحة إلا حث على تعاطيه , ولا شيئا فيه  مضرة , إلا حذر منه , ومن ذلك أنه أفسح المجال للإنسان الذي فيه أهلية للتصرف ومزاولة التجارة في حدود المباح والكسب الطيب , لما في ذلك من المصلحة التي تعود على الفرد والجماعة ,
أما إذا كان الإنسان غير مؤهل لطلب الكسب ومزاولة التجارة ; لصغر سنه أو سفهه أو فقدان عقله ; فإن الإسلام يمنعه من التصرف , ويقيم عليه وصيا يحفظ له ماله وينميه , حتى يزول عنه المانع , ثم يسلم ماله موفورا إليه . قال تعالى :
Description : B2وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا Description : B1إلى قوله تعالى : Description : B2وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْDescription : B1 ذلكم هو ما يسمى بالحجر على الإنسان لحظ نفسه , لأن المصلحة في ذلك تعود عليه . وهذا النوع من الحجر يعم الذمة والمال ; فلا يتصرف من انطبق عليه في ماله ببيع ولا تبرع ولا غيرهما , ولا يتحمل في ذمته دينا أو ضمانا أو كفالة ونحوها , لأن ذلك يفضي إلى ضياع أموال الناس . ولا يصح تصرف غير السفهاء معهم , بأن يعطيهم ماله بيعا أو قرضا أو وديعة أو عارية , ومن فعل ذلك , فإنه يسترد ما أعطاهم إن وجده باقيا بعينه , فإن تلف في أيديهم أو أتلفوه , فإنه يذهب هدرا , لا يلزمهم ضمانه ; لأنه فرط بتسليطهم عليه وتقديمه إليهم برضاه واختياره . أما لو تعدى المحجور عليه لصغر ونحوه على نفس أو مال بجناية ; فإنه يضمن , ويتحمل ما ترتب على جنايته من غرامة ; لأن المجني عليه لم يفرط ولم يأذن لهم بذلك , والقاعدة الفقهية تقول : إن ضمان الإتلاف يستوي فيه الأهل وغيره .
قال العلامة ابن القيم رحمه الله : " يضمن الصبي والمجنون والنائم ما أتلفوه من الأموال , وهذا من الشرائع العامة التي لا تتم مصالح الأمة إلا بها , فلو لم يضمنوا جنايات أيديهم , لأتلف بعضهم أموال بعض , وادعى الخطأ وعدم القصد " .
* ويزول الحجر عن الصغير بأمرين :
الأمر الأول : بلوغه سن الرشد : ويعرف ذلك بعلامات . الأولى : إنزاله المني يقظة أو مناما , قال تعالى : Description : B2وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا Description : B1والحلم هو أن يرى الطفل في منامه ما ينزل به المني الدافق .
الثانية : إنبات الشعر الخشن حول قبله .
الثالثة : بلوغه خمس عشرة سنة , قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما :Description : H2 عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني , وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازنيDescription : H1 متفق عليه , ومعنى أجازني , أي : أمضاني للخروج للقتال , فدل على أن بلوغ خمس عشرة سنة من الولادة يكون بلوغا , وفي رواية في تعليل منعه في العرضة الأولى : " قال : ولم يرني بلغت " .
الرابعة : وتزيد الجارية على الذكر علامة رابعة تدل على بلوغها , وهي الحيض ; لقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار Description : H1رواه الترمذي وحسنه . الأمر الثاني مع البلوغ : الرشد : وهو الصلاح في المال ; لقوله تعالى : Description : B2وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ Description : B1 ويعرف رشده بأن يمتحن , فيمنح شيئا من التصرف , فإذا تصرف مرارا , فلم يغبن غبنا فاحشا , ولم يبذل ماله في حرام أو فيما لا فائدة فيه ; فهذا دليل على رشده .
* ويزول الحجر عن المجنون بأمرين
 الأول : زوال الجنون ورجوع العقل إليه
والثاني : أن يكون رشيدا كما سبق في حق الصغير إذا بلغ .
ويزول عن السفيه بزوال السفه واتصافه بالرشد في تصرفاته المالية .
* ويتولى مال كل من هؤلاء الثلاثة - الصبي والمجنون والسفيه - حال الحجر أبوه إذا كان عدلا رشيدا ; لكمال شفقته , ثم من بعد الأب وصيه , لأنه نائبه , فأشبه وكيله في حال الحياة .
* ويجب على من يتولى أموالهم ممن ذكر أن يتصرف لهم بالأحظ لهم ; لقوله تعالى :
Description : B2 وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُDescription : B1 أي : لا تتصرفوا في مال اليتيم إلا بما فيه مصلحة وتنمية له , والآية الكريمة وإن كانت نصت على مال اليتيم ; فإنها تتناول مال السفيه والمجنون بالقياس على مال اليتيم.
* وعلى ولي مال اليتيم ونحوه المحافظة عليه , وعدم إهماله والمخاطرة به أو أكله ظلما , قال تعالى :
Description : B2 إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًاDescription : B1 وقد وعظ الله أولياء اليتامى بأن يتذكروا حالة أولادهم لو كانوا تحت ولاية غيرهم ; فكما يحبون أن يحسن إلى أولادهم ; فليحسنوا هم إلى أولاد غيرهم من اليتامى إذا كانوا تحت ولايتهم , قال تعالى :Description : B2 وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًاDescription : B1 ولما كان هؤلاء لا يستطيعون حفظ أموالهم وتصريفها بما ينميها لهم , أقام  الله عليهم أولياء يتولون عنهم ذلك , وينظرون في مصالحهم , وأعطى هؤلاء الأولياء توجيهات يسيرون عليها حال ولايتهم على هؤلاء , فنهى الأولياء عن إعطاء القصار أموالهم وتمكينهم منها , لئلا يفسدوها أو يضيعوها .
قال تعالى :
Description : B2 وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًاDescription : B1
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : " ينهى الله سبحانه وتعالى عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال التي جعلها الله للناس قياما ; أي : تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها , ومن هنا يؤخذ الحجر على السفهاء " انتهى .
وكما نهى الله عن تمكين هؤلاء القصار من أموالهم , وجعلها تحت ولاية أهل النظر والإصلاح ; فإنه سبحانه وتعالى يحذر هؤلاء الأولياء من التصرف فيها ; إلا بما يصلحها وينميها , فيقول سبحانه وتعالى :Description : B2 وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُDescription : B1 أي : لا تتصرفوا في مال اليتيم إلا بما فيه غبطة ومصلحة لليتيم .
عن ابن عباس رضي الله عنهما ; قال : " لما أنزل الله تعالى قوله :Description : B2 وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُDescription : B1 وقوله :Description : B2 إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًاDescription : B1 انطلق من كان عنده يتيم , فعزل طعامه عن طعامه , وشرابه من شرابه , فجعل يفضل الشيء , فيحبس له حتى يأكله أو يفسد , فاشتد ذلك عليهم , فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فأنزل الله :Description : B2 وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْDescription : B1 قال : " فخلطوا طعامهم بطعامهم , وشرابهم بشرابهم " .

* ومن الإحسان في أموال اليتامى إشغالها في الاتجار طلبا للربح والنمو , فلوليه الاتجار به , وله دفعه لمن يتجر به مضاربة , لأن عائشة رضي الله عنها أبضعت مال محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم , وقال عمر رضي الله عنه : Description : H2" اتجروا بأموال اليتامى ; كيلا تأكلها الصدقة "
* كما أن ولي اليتيم ينفق عليه من ماله بالمعروف .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ويستحب إكرام اليتيم وإدخال السرور عليه ودفع الإهانة عنه ; فجبر قلبه من أعظم مصالحه " انتهى .
* ولولي اليتيم شراء الأضحية له من ماله إذا كان اليتيم موسرا , لأنه يوم سرور وفرح , ولوليه أيضا تعليمه بالأجرة من ماله ; لأن ذلك من مصالحه .
* وإذا كان ولي اليتيم فقيرا ; فله أن يأكل من مال اليتيم قدر أجرته لقاء ما يقدمه من خدمة لماله , قال تعالى :
Description : B2 وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِDescription : B1 أي : ومن كان محتاجا إلى النفقة وهو يحفظ مال اليتيم ويتعاهده , ( فليأكل ) منه ( بالمعروف ) .
قال الإمام ابن كثير : " نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلحه إذا كان محتاجا أن يأكل منه " , وعن عائشة قالت : " أنزلت هذه الآية في والي اليتيم :
Description : B2 وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِDescription : B1 بقدر قيامه عليه " .
قال الفقهاء : له أن يأخذ أقل الأمرين أجرة مثله أو قدر حاجته , روي أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال : إن عندي يتيما عنده مال وليس لي مال ; أآكل من ماله ؟ ; قال :
Description : H2 كل بالمعروف غير مسرف Description : H1أما ما زاد عن هذا الحد الذي رخص الله فيه ; فلا يجوز أكله من مال اليتيم ; فقد توعد الله عليه بأشد الوعيد , قال تعالى :Description : B2 وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُواDescription : B1 وقال تعالى :Description : B2 وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًاDescription : B1 أي : إن أكلكم أموالهم مع أموالكم إثم عظيم وخطأ كبير فاجتنبوه , وقال تعالى :Description : B2 إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًاDescription : B1  قال الإمام ابن كثير : " أي : إذا أكلوا أموال اليتامى بلا سبب , فإنما يأكلون نارا تتأجج في بطونهم يوم القيامة " .
وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
Description : H2 اجتنبوا السبع الموبقات . قيل : يا رسول الله ! وما هن ؟ قال : الشرك بالله , والسحر , وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق , وأكل الربا , وأكل مال اليتيم , والتولي يوم الزحف , وقذف المحصنات الغافلات المؤمناتDescription : H1
* ثم إنه سبحانه أمر بدفع أموال اليتامى إليهم عندما يزول عنهم اليتم ويتأهلوا للتصرف فيها على السداد موفرة كاملة , قال تعالى :
Description : B2 وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْDescription : B1 وقال :Description : B2 إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْDescription : B1 وقال تعالى :Description : B2 فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًاDescription : B1 أي : وكفى بالله محاسبا وشاهدا ورقيبا على الأولياء في حال نظرهم للأيتام وحال تسليمهم لأموالهم هل هي كاملة موفرة أو منقوصة مبخوسة .