el bassaire

mardi 30 août 2016

القول المبين في أخطاء بعض الحجاج و المعتمرين


القول المبين في أخطاء بعض الحجاج و المعتمرين
 ابو عبد الله صادق بن عبد الله
http://al-bassair.blogspot.com

إليك أخي الحاج والمعتمر جملة من الأخطاء التي اعتاد بعض المسلمين هداهم الله الوقوع فيها أثناء أداء مناسك الحج والعمرة مع ذكر الصحيح أو الراجح في ذلك بناء على ما صح من الأخبار عن النبي المختار وصحبه الأخيار وما أفاده مشايخنا وقد ضمنت هذه الرسالة اختيارات شيخنا المحدث العلامة المحقق حفظه الله ورعاه.
ولقد تفضل مشكورًا صاحب الفضيلة الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير بقراءة هذه الملاحظات وقدم لها وعلقّ عليها، وقد أثبتُّ التعليقات في حاشية الكتاب سائلاً المولى عز وجل أن يجزل له الأجر والمثوبة.
1- اعتقاد أن الإحرام هو لبس الإزار والرداء. والصحيح أن الإحرام هو نية الدخول في النسك.
2- التلفظ بالنية والجهر بها؛ كأن يقول: اللهم إني أريد نسك كذا وكذا، وهذا العمل محدث مبتدع، ولا يجوز فعله، والصواب أن النية محلها القلب، ولا يحل التلفظ بها؛ ولكن يشرع الإهلال بالنسك الذي يريد الدخول فيه؛ فالنية بالقلب، والإهلال باللسان، والله أعلم.
3- قول المحرم بعد الإهلال بنسكه: اللهم فيسره لي، وتقبله مني إنك أنت السميع العليم. والصحيح الاقتصار على الإهلال بالنسك المعين الذي يريد الدخول فيه؛ أما هذا الذكر فلا أصل له عن النبي صلى الله عليه و سلم؛ فاعتقاد مشروعيته محدث مبتدع ([1])، ومعلوم أن الدعاء هو العبادة، والعبادات مبناها على التوقيف؛ وعليه فلا يجوز اعتقاد سنيته أو استحبابه بهذه الصيغة الخاصة وفي هذا الموطن، والله أعلم.
4- اعتقاد أنه تجب النية الخاصة لكل فعل من أفعال الحج، ومن لم يفعل لم تصح عبادته تلك، والصحيح أنه في الحج والعمرة تكفي النية العامة، وهي نية الدخول في النسك عن جميع أجزاء الحج والعمرة؛ كما أن نية الدخول في الصلاة تجزئ عن جميع أجزائها فلا تلزم نية للركوع مستقلة مثلاً. والله أعلم.
 5- الاشتراط عند الإحرام بدون حاجة. والراجح أن الاشتراط إنما يشرع لمن توقع إحصارًا عن البيت وأداء الحج؛ لمرض، أو عدو، أو حائل متوقع يحول بينه وبين إتمام نسكه؛ أما الاشتراط المطلق هكذا وبدون حاجة فلا أصل له عن النبي صلى الله عليه و سلم، ولا عن أصحابه، وإنما رخص النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك لمن توقع إحصارًا فحسب. والله أعلم.
6- اعتقاد نسخ الإفراد بالحج، والصحيح أنه لم ينسخ بل هو نسك باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وقد جاء في صحيح مسلم ما يفيد أن عيسى بن مريم صلى الله عليه و سلم سيهل مفردا؛ إلا أن الأفضل لمن لم يسق الهدي أن يحج متمتعًا، ولمن ساق الهدي فالقرآن في حقه أفضل وإن أفرد فحجه صحيح. والله أعلم.
7- اعتقاد أن المرأة إذا أحرمت حَرُمَ عليها أن تغطي وجهها وكفيها مطلقًا ويقولون: إحرام المرأة في وجهها وكفيها، ويروون ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم، والصواب أن المرأة إذا كانت عند الرجال الأجانب (غير محارمها) فيجب عليها أن تغطي وجهها دون انتقاب، والنقاب هو ما تلبسه المرأة على وجهها من قطع مكان خاص للعينين أو العين الواحدة؛ كما أنه يجب عليها ستر يديها بثيابها دون لبس للقفازين، فهذا هو الممنوع بالنسبة للمرأة حال الإحرام؛ لقول النبي صلى الله عليه و سلم: «لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين». رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر، ولفعل الصحابيات والتابعيات رضي الله عنهن؛ فقد أخرج مالك في الموطأ بسند جيد عن فاطمة بنت المنذر قالت: «كنا نخمر وجوهنا، ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما». أما الحديث بلفظ: «إحرام المرأة في وجهها وكفيها» فلا أصل له عن النبي صلى الله عليه و سلم. والله أعلم.
8- اعتقاد أنه ليس للحائض ولا النفساء أن تحرم بحج أو عمرة. والصحيح أن لها ذلك، ولا يشترط لها أن تكون طاهرة من الحدث الأكبر؛ فالحائض والنفساء يصح إحرامهما لفعل عائشة وأسماء رضي الله عنهما كما في الصحيحين، وتفعل ما يفعله الحاج؛ غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر، إلا إذا كانت هناك ضرورة ملحة لا يمكن تجاوزها؛ فيجب الرجوع إلى أهل العلم لمعرفة حجم تلك الضرورة؛ فلكل مقام مقال. والله أعلم.
9- اعتقاد أن المحرم لا يحل له أن يلبس شيئًا فيه خيوط، ويقولون: قال الفقهاء: لا يلبس المحرم المخيط. والصحيح أن المراد بذلك: أي لا يلبس من الثياب ما كان مخيطًا على هيئة العضو وحجمه؛ كاللباس المعتاد كالقميص، والعمامة، والبرانس والسراويل، والشماغ، والغترة، والطاقية، والجوارب، والثياب عموما، وله أن يلبس ما عدا ذلك، ولو كان مخيطا، أو مطرزا. وهذا الحكم خاص بالرجال دون النساء. والله أعلم.
10- امتناع البعض من لبس النعال المخيطة ظنًا منهم أن ذلك من محظورات الإحرام. والصحيح أنه يجوز للمحرم لبس النعال مطلقًا سواء كان فيها خيوط أم لا؛ لفعل النبي صلى الله عليه و سلم. والله أعلم.
11- قول من أراد الدخول في نسك التمتع عند الإهلال به من الميقات: «لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج»؛ فإن هذا القول لا أصل له عن النبي صلى الله عليه و سلم. والصحيح أن المشروع لمن أراد التمتع أن يقول: لبيك عمرة (فقط). ثم إذا كان يوم التروية أحرم بالحج، وأهل قائلاً: لبيك حجًّا. أما القارن فإنه يهل من عند الميقات قائلاً: لبيك عمرة وحجا، وأما المفرد فيهل قائلاً: لبيك حجا. والله أعلم.
12- اعتقاد أنه لا يجوز تغيير ملابس الإحرام (الإزار والرداء). والصحيح جواز ذلك مطلقًا، ولو تكرر ذلك مرارًا؛ طالما أنه يحتاج إلى ذلك، وله أن يغتسل متى شاء حال الإحرام وبعده. والله أعلم.
13- اعتقاد البعض أن من سنن الإحرام أن يأخذ من أظفاره وشعره ونحو ذلك. والراجح أن ذلك ليس من سنن الإحرام؛ لعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه و سلم، ولا عن أصحابه؛ وإنما جاء ذكر ذلك عمن بعدهم؛ ولكن إن احتاجه فعله وإن لم يحتج فلا يسن له ذلك من خصائص الإحرام. والله أعلم.
14- الإحرام بالحج قبل أشهره. وهذا مكروه كما قال ابن تيمية: «والإحرام بالحج قبل أشهره ليس مسنونًا بل مكروه»([2]). والصحيح أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج وهن شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج»([3]) والله أعلم.
15- اعتقاد أن الإحرام لا ينعقد إلا بعد أداء سنته، واعتقاد أن للإحرام سنةً خاصةً به. والصحيح أنه ليس للإحرام سنة خاصة تصلى لأجله؛ ولكن إن وافق فريضة شرع له أن يحرم بعدها؛ لفعل النبي صلى الله عليه و سلم، وإن أراد أن يصلي في ذلك الوادي المبارك «وادي العقيق بالمعروف بميقات ذي الحليفة» لنيل بركة الصلاة فيه فله ذلك؛ وذلك خاص بذلك الوادي؛ لعدم ثبوت هذه البركة إلا في هذا الوادي؛ لما رواه البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: «سمعت النبي صلى الله عليه و سلم بوادي العقيق يقول: أتاني الليلة آت من ربي فقال: صلِ في هذا الوادي المبارك وقل عمرةً في حجة». والله أعلم.
16- تحرج بعض الرجال من تغطية الرأس بعد الإحرام بغير ملاصق للرأس؛ اتقاء حر، أو مطر، أو نحو ذلك؛ كالخيام، والشمسيات، وسقوف السيارات؛ كما أن بعض النساء تتحرج من ملاصقة الخمار لرؤوسهن ووجوههن؛ فيضعن حائلاً بين رؤوسهن ووجوههن والخمار. كل هذا لا أصل له عن النبي صلى الله عليه و سلم، والصواب جواز ذلك كله؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم كما في صحيح الإمام مسلم من حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه و سلم قال: وأمر بقُبَّةٍ من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت ... الحديث. والله أعلم.
17- تعمد التوجه إلى مسجد الكعبة صبيحة يوم التروية، أو غيره من الأيام؛ لإنشاء نية الحج بالنسبة للمتمتع، أو للمقيم في الحرم، أو أهل مكة. وهذا لا أصل له. والصحيح أن يُنشئ نية الحج من المكان الذي نزل فيه؛ لفعل النبي صلى الله عليه و سلم، ويهل قائلاً: لبيك حجا. والله أعلم.
18- بعض الحجاج يتهاون في ستر عورته؛ فتراه وقد ظهر من جسده شيء مما تحت السرة. والصحيح أن يتعاهد الحاج عورته فيسترها إذا انكشفت؛ لأن الراجح أن ما تحت السرة إلى الركبة عورة يجب سترها ومن تهاون بذلك عامدًا أثم. والله أعلم.
19- اعتقاد البعض أنه يحرم على الحاج، أو المعتمر أن يأخذ شيئًا من بشرته كالزوائد التي على الشقتين، أو في أصابع اليدين، أو القدمين ما عدا الأظافر. والراجح أنه ليس من محظورات الإحرام الأخذ من البشرة؛ فإن هذا المنع إنما جاء في حق من أراد أن يضحي أن لا يأخذ من شعره، أو بشره، أو أظفاره شيئًا حتى يذبح أضحيته، فإذا أراد الحاج أن يضحي فعليه أن يمتنع عن ذلك كله حتى يذبح أضحيته؛ لحديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئًا. رواه مسلم. مع أن الراجح أنه لا يشرع للحاج أن يضحي؛ لعدم فعل النبي صلى الله عليه و سلم ذلك. والله أعلم.
20- اعتقاد البعض أنه يحرم على الحاج أو المعتمر أن يحك بدنه، أو رأسه، أو إزالة زوائد الشعر المؤذية في البدن عمومًا؛ لاعتقاده أنه إذا سقط من بشرته شيء، أو من شعره، أن عليه الفدية؛ لأنه وقع في محظور من محظورات الإحرام. والصواب أنه يجوز للحاج، أو المعتمر أن يحك ما شاء من بدنه، ولا يضر ما تساقط من الشعر، أو البشر من جراء ذلك؛ إذ ليس من محظورات الإحرام تساقط الشعر، أو إزالة بعضه لحجامة، ونحوها؛ وإنما المحظور إزالته بالكلية كما حصل مع كعب بن عجرة. والدليل على جواز الأخذ من بعض الشعر حال الإحرام ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم احتجم وهو محرم، والمحتجم لا بد أن يأخذ شيئًا من شعره، أو بشره؛ ولأن الأصل جواز ذلك؛ لعدم ورود الدليل على المنع من ذلك؛ فتبقى على البراءة الأصلية؛ إذ لا يجوز بحال شغل الذمم بدون دليل صحيح صريح من الكتاب أو السنة. والله أعلم.
21- تحرج بعض النساء من مشط، أو تظفير، أو تسريح شعورهن ظنا منهن أن ذلك ممنوع حال الإحرام. والصحيح كما تقدم جواز ذلك، وأنه ليس من محظورات الإحرام تساقط بعض الشعر أو البشرة. والله أعلم.
22- بعض النساء يضعن اللثام على وجوههن بدلاً عن النقاب؛ ظنا منهن أن ذلك جائز حال الإحرام. والصحيح أن اللثام لا يجوز للمحرمة أن تستعمله حال الإحرام؛ لما أخرجه البخاري معلقًا وسنده صحيح؛ حيث قال: «باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزرق ولبست عائشة رضي الله عنها الثياب المعصفرة وهي محرمة وقالت: لا تلثم ولا تتبرقع ولا تلبس ثوبًا بورس ولا زعفران». والله أعلم.
23- سفر المرأة بدون محرم لأداء الحج أو العمرة. والصحيح أن وجود المحرم مع المرأة في سفرها واجب؛ سواء كان ذلك للحج، أو للعمرة، أو غير ذلك، وأن المرأة إذا لم تجد المحرم فإنها تكون بذلك غير مستطيعة؛ وعليه فلا شيء عليها، ولا يجب عليها الحج ولا العمرة؛ لعدم الاستطاعة المذكورة في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. والحج المبرور هو الذي لا فسوق فيه والمرأة التي تحج بدون محرم عاصية لله ورسوله؛ لما جاء في الصحيحين عن ابن عباس قال: سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يخطب يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا معها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجَّة وإني اكْتُتِبْتُ في غزوة كذا وكذا. قال: «انطلق فحج مع امرأتك». متفق عليه. والله أعلم.
24- بعض النساء إذا طهرت من الحيض أو النفاس حال الإحرام تغتسل ثم تتبع مكان الدم في فرجها بشيء من الطيب كعادتها قبل الإحرام. والصحيح أن ذلك لا يجوز؛ لأن المحرم والمحرمة منهيان عن الطيب؛ كما صح بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم، والإجماع منعقد على المنع من ذلك. والله أعلم.
25- البعض يأتي بعمرة في غير أشهر الحج ثم يبقى في مكة حتى يأتي الحج؛ فيحج متمتعًا، أو قارنًا. والصحيح أنه يحج مفردًا. وهذا الذي نقل عليه الاتفاق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى([4]). والله أعلم.
26- البعض يأتي بعمرة في أشهر الحج، ثم يرجع إلى بلده، ثم إذا جاء وقت الحج أهل من الميقات متمتعًا؛ باعتبار أنه كان قد أتى بعمرة في أشهر الحج. والراجح أن تمتعه بتلك العمرة قد انقطع لأنه عاد إلى بلده ولكن لو عاد إلى غير بلده أو بقي في الحرم حتى جاء الحج جاز له التمتع بتلك العمرة على الراجح ([5]). والله أعلم.
27- بعض النساء تحج متمتعة؛ فتحيض قبل يوم عرفة؛ فتبقى على تمتعها، وتشهد عرفة وهي متمتعة. والصحيح أن المرأة إذا حاضت بعد عقدها نية التمتع فيجب عليها أن تهل بالحج فقط؛ فتكون مفردة، أو أن تدخل العمرة على الحج؛ فتكون قارنة على خلاف بين أهل العلم ([6]). وذلك إذا خشيت فوات الحج وهو يوم عرفة. أما أن تبقى متمتعة مع خشية فوات الحج - أي يوم عرفة - فلا. أما إذا لم تخش ذلك فتنتظر، فإن طهرت قبل يوم عرفة فتمضي على تمتعها، والدليل على ذلك ما حصل مع عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين. والله أعلم.
28- البعض يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم ويسأل الله من فضله ويستعيذ به ومن النار بعد الفراغ من التلبية. والصحيح عدم مشروعية ذلك لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم. والله أعلم.
29- البعض يمنع من تغطية الرجل (الذَّكر) المحرم لوجهه. والراجح جواز ذلك؛ لأن زيادة (ولا تغطوا وجهه) في قصة الرجل الذي وقصته ناقته شاذة. وقد أعرض عنها الحفاظ ومنهم البخاري. وقد ثبت عن جمع من الصحابة جواز ذلك؛ فالمحظور إذن على الحاج أو المعتمر أن يغطي رأسه بملاصق؛ أما الوجه فلا حرج في تغطيته، وإن تركه احتياطًا فلا حرج. والله أعلم.
30- التحرج من التطيب في البدن قبل الإحرام. والصحيح جواز ذلك؛ بل هو من سنن الإحرام بشرط أن يقع الطيب على البدن لا على الإزار أو الرداء، ولا يضره ما سال بعد ذلك على إحرامه بعد عقد نية الإحرام؛ لفعل النبي صلى الله عليه و سلم. والله أعلم.
31- البعض يحرم بالعمرة، ثم بعد ذلك يفسخها قبل إتمامها، ويرجع إلى بلده. والصحيح أن هذا الفعل محرم، ولا يجوز؛ لأن العمرة والحج وإن كانا نفلاً؛ فبمجرد الشروع فيهما ينقلبان إلى فرض يجب إتمامه فليس له أن يفسخ إحرامه، وإن عاد إلى بلده فإنه لا يزال محرمًا حتى يعود؛ فيقضي نسكه. ولا يحل له أن يجامع زوجته، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة. وهذا محل إجماع بين المسلمين؛ لعموم قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]؛ أما الحاج إن أفسد حجه بالجماع متعمدًا مثلاً قبل الوقوف بعرفة فإنه يلزمه المضي وعليه الفدية (بدنة) وعليه التوبة من هذا الإثم العظيم والقضاء في العام القادم مباشرة، والمرأة كالرجل في ذلك ما لم تكن مكرهة أو ناسية أو جاهلة على الراجح من أقوال أهل العلم. والله أعلم.
32- اعتقاد البعض أنه من السنة الخضاب عند الإحرام. والصحيح أن الخضاب عند الإحرام ليس بسنة. والله أعلم.
33- يتعمد بعض المتمتعين من الحجاج - أي المحرمين بنسك التمتع النازلين بمنى أو بمكة - أن يؤخروا الإحرام بالحج إلى عصر أو ليل يوم التروية، يوم الثامن من ذي الحجة، دون حاجة ولا عذر، وهذا الفعل خطأ منهم. والصواب أن يبادر الحاج المتمتع إلى الإحرام بالحج قبل ظهر يوم الثامن من ذي الحجة؛ لأمر النبي صلى الله عليه و سلم؛ فقد أهل المتمتعون معه عليه الصلاة والسلام بالحج قبل ظهر يوم الثامن، كما روى ذلك مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: «فحل الناس كلهم وقصروا، إلا النبي صلى الله عليه و سلم ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج يوم التروية، وركب رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر». وسواء أكان الحاج نازلاً بمكة أو بمنى أو في أي مكان فيهل بالحج من مكانه ثم يدفع إلى منى إن كان خارجها وإن كان بمنى فليبق في مكانه أي بمنى. والله أعلم.
34- البعض يحرم قبل الميقات؛ أي يعقد النية قبل المواقيت المعلومة، وبعضهم يلبس لباس الإحرام قبل الميقات، ثم يمر بالميقات؛ لعقد النية، ثم ينطلق. والراجح أن عقد النية قبل الميقات غير مشروع؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: في الصحيحين من طريق ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه و سلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن، ولكل آت أتى عليهن من غيرهم، ممن أراد الحج والعمرة، فمن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة. ولفعله عليه الصلاة والسلام، فلم يعقد النية إلا في الميقات كما أخرج البخاري من طريق عكرمة، عن ابن عباس: أن عمر رضي الله عنه حدَّثه قال: حدثني النبي صلى الله عليه و سلم قال: «أتاني الليلة آت من ربي، وهو بالعقيق، أن صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة وحجة». وأما لبس اللباس قبل الميقات ثم المرور به لعقد النية فظاهره أنه خلاف الأولى؛ لعدم فعل النبي صلى الله عليه و سلم ذلك، ولعموم قوله صلى الله عليه و سلم: كما في مسلم من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله عنه في سياق قصة حج النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: لتأخذوا عني مناسككم؛ وعليه فالأولى أن يقوم المحرم بلبس لباس الإحرام، وعقد نية الإحرام من الميقات. هذا هو الأكمل، والفضل. إلا إن كان ثمة مشقة من كبر سن، أو شدة زحام في الميقات؛ فيصح فعله عندئذ تخفيفًا عليه فيلبس من بيته من المدينة النبوية مثلاً ثم يعقد النية عند الميقات؛ أما عقد النية قبل الميقات فالراجح منعه ([7]). والله أعلم.
35- اعتقاد بعض النساء أنه لا يجوز الإحرام إلا في الثياب البيضاء. والصواب أن الإحرام بالثياب البيضاء لا يجوز اعتقاد كونه شرطا في صحة الإحرام ولكن من فعل ذلك من باب قول النبي صلى الله عليه و سلم فيما رواه الشافعي وأحمد وأصحاب السنن إلا النسائي عن ابن عباس بلفظ: «البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم»([8])؛ فلا شك أن ذلك أفضل؛ أما جعل ذلك من شروط الإحرام أو واجباته فلا. والله أعلم.



([1]) قال فضيلة الشيخ عبد الكريم الخضير: لكن إن جيء بهذا الدعاء على أنه دعاء مطلق بالتيسير والتسهيل فلا أرى ما يمنع منه.
([2]) مجموع الفتاوى ج26 ص101.
([3]) أخرجه البخاري معلقًا ووصله ابن خزيمة والحاكم والدارقطني.
([4]) قال ابن تيمية: فصل في الأفضل من ذلك فالتحقيق في ذلك أنه يتنوع باختلاف حال الحاج فإن كان يسافر سفرة للعمرة وللحج سفرة أخرى أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم بها حتى يحج فهذا الإفراد له أفضل باتفاق الأئمة الأربعة. (مجموع الفتاوى ج26 ص101).
([5]) وهذا هو اختيار شيخنا سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله.
([6]) قال فضيلة الشيخ عبد الكريم الخضير: الصواب أنها تدخل الحج على العمرة فتصير قارنة كعائشة رضي الله عنها. قلت: وهذا أيضًا هو اختيار شيخنا سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله ورعاه.
([7]) قال فضيلة الشيخ عبد الكريم الخضير: ثبت فعله عن بعض الصحابة كابن عمر وابن عباس وعمران بن حصين وابن مسعود وغيرهم. ولا شك أنه خلاف الأولى.
([8]) وأخرجه ابن حبان والحاكم والبيهقي بمعناه. وصححه ابن القطان والترمذي وابن حبان وغيرهم.