el bassaire

dimanche 27 décembre 2015

حكم الاحتفال بأعياد النصارى عيد رأس السنة – الكريسمس

حكم الاحتفال بأعياد النصارى عيد رأس السنة – الكريسمس
·         توفيق عمروني



أخرج الإمام أحمد في «مسنده» (5114، 5115، 5667)، وأبوداود في «سننه» (4031)، وابن أبي شيبة (4/575)، وعبد بن حميد في «مسنده» (848)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1199)، والطبراني في «مسند الشَّاميِّين» (216)، والطَّحاوي في «مشكل الآثار» (1/125)، وابن عبد البر في «التمهيد» (11/76)، وتمام في «فوائده» (770)، وابن الأعرابي في «معجمه» (1137)، والدينوري في «المجالسة» (147) من طُرُقٍ عن أَبي النَّضْرِ، حدَّثنا عَبدُ الرَّحمنِ بنُ ثَابِتٍ، حدَّثنا حسَّانُ بن عَطِيَّةَ عن أبي مُنِيبٍ الجُرَشِيِّ عن ابنِ عمرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي؛ وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».
صحَّح إسناده العراقي في «تخريجه للإحياء» (851)، وجوَّد إسناده شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «الاقتضاء» (ص269)، وقال الذَّهبي في «السِّير» (15/509): «إسناده صالح»، كما حسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في «الفتح» (10/271)، والألباني في «الإرواء» (1269).
ومن ضعَّف إسنادَه من العلماء كالسَّخاوي في «المقاصد الحسنة» (1101)، والزَّركشي في «التَّذكرة» (ص101) وغيرهما فلأجل عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن ثَابت بن ثَوْبَانِ؛ لأنَّهم اختلفوا في تَوْثِيقِهِ؛ إلاَّ أنَّه لم ينفرد بل تابعه الأوزاعيُّ، أخرجه الطَّحاوي في «شرح مشكل الآثار» (1/213)، وأحمد بن حذلم في «حديث الأوزاعي» (30) من طريق جمع من الثِّقات عن الولِيد بن مُسْلِمٍ ثنا الأوزَاعِيّ به.
ثمَّ خالفَهُما صَدَقة بن عبد الله، فرواه عنِ الأوزاعِيِّ، عن يحيى بنِ أبِي كثِيرٍ، عن أبِي سلمة، عن أبِي هُريرة، عنِ النّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم به.
أخرجه البزَّار في «مسنده» ـ كما في «نصب الرَّاية» (4/403) ـ، والهرويُّ في «ذمِّ الكلام» (465)، والذَّهبي في «سير النُّبلاء» (16/242)، من طريق عمرو بن أبِي سلمة، عن صدقة بنِ عَبدِ الله نحوه.
قلت: هذا الإسناد منكر؛ لأنّ صَدَقة بن عبد الله السَّمِين هو من علماء دمشق في زمانه إلاَّ أنَّه ضعيف؛ وقال البزَّار: «لم يُتابع صَدقة على روايته هذه، وغَيرُه يرويه عن الأوزاعي مرسَلا».
لذا قال دُحَيم كما نقل عنه أبو حاتم الرَّازي: «هذا الحدِيثُ ليس بِشيءٍ، الحدِيثُ حدِيثُ الأوزاعِي، عن سعِيد بنِ جبلة، عن طاوُسٍ، عنِ النّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم »(1).
وأمَّا الدَّارقطني، فقد رجَّح روايةَ الوليد ابن مسلم عن الأوزاعي عن حسَّان بن عطيَّة عن أبي مُنيب الجُرشي عن ابن عمر؛ قال: «وهو الصَّحيح»(2).
وروي هذا الحديث عن غير ابن عمر، فروي عن حذيفة بن اليمان، وعن أنس بن مالك، وجاء مرسلا عن طاوس وعن الحسن البصري؛ فإليكها بتفصيل:
ـ حديث حذيفة بن اليمان:
أخرجه الطَّبراني في «الأوسط» (8327)، والبزَّار في «مسنده»  (2966) من طريق ثنا محمَّد ابن مرزوق، نا عبد العزيز بن الخطَّاب، ثنا علي ابن غراب، عن هشام بن حسان، عن محمَّد بن سيرين، عن أبي عبيدة بن حذيفة، عن أبيه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».
قال الطَّبراني: «لم يروِ هذا الحديث عن هشام ابن حسان إلاَّ علي بن غراب، ولا عن علي إلاَّ عبد العزيز، تفرَّد به محمَّد بن مرزوق».
قال البزَّار: «وَهَذَا الحَدِيثُ لا نَعلَمُهُ يُرْوَى عن حُذيفَةَ مُسنَدًا إلاَّ من هَذَا الوَجهِ، وقد رَوَاهُ غيرُ عليِّ بن غُرَابٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ مَوْقُوفًا».
قال الهيثمي في «مجمع الزَّوائد»: «رواه الطَّبراني في «الأوسط» وفيه علي بن غراب، وقد وثَّقه غيرُ واحدٍ وضعَّفه بعضهم، وبقيَّة رجاله ثقات».
وعليُّ بن غراب، الظَّاهر من حاله على تشيُّعه فهو صدوق يمكن الاعتبار بحديثه، إلا أنّه يدلِّس، فليس من السَّهل قَبول تفرُّده؛ بله إذا خولف كما أشار إلى ذلك البزار آنفا.
قلت: وقد وَرد مُسنَدًا من وجهٍ آخر عن حذيفة رضي الله عنه، ففي «مسند الشَّاميِّين» للطَّبراني (1862): حدَّثنا عمرو بن إسحاق، ثنا أبي ثنا عمرو ابن الحارث، ثنا عبد الله بن سالم عن الزّبيدي، ثنا نمير ابن أوس أنَّ حذيفة بن اليمان رضي الله عنه كان يردُّه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَإنَّهُ مِنْهُمْ».
الزّبيدي هو محمَّد بن الوليد شاميٌّ ثِقةٌ ثَبْتٌ.
قلتُ: وهذا إسناد حمصي شامي ضعيف جدًّا، وآفته والد شيخ الطَّبراني إسحاق بن إبراهيم ابن العلاء الزّبيدي المعروف بابن زِبْرِيق، قال عنه الحافظ في «التقريب»: «صدوق يهم كثيرا، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب»(3)، فلعل هذا الحديث من أوهامه، فإنَّه تفرَّد به ولم يتابع.
وعلَّةٌ أخرى أنَّ أوس بن نمير عن حذيفة مرسل.
ـ حديث أنس بن مالك:
أخرجه أبو نعيم في «تاريخ أصبهان» (1/165)، والهروي في «ذمِّ الكلام» (466).
من طريق الحجَّاج بن يوسف بن قتيبة ثنا بشر ابن الحسين الأصبهاني، ثنا الزّبير بن عدي عن أنس ابن مالك قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم؛ فذكره.
قلت: وهذا إسناد واه جدًّا لأجل بشر ابن الحسين له نسخة عن الزّبير بن عدي؛ قال البخاري: «فيه نظر»، وقال الدارقطني: «متروك»، وقال ابن عدي: «عامة حديثه ليس بمحفوظ»، وقال أبو حاتم: «يكذب على الزبير».
وقد صدق ابن حبان لما قال عنه: «لا يُنظر في شيء رواه عن الزّبير إلاَّ على جهة التَّعجُّب».
ـ وجاء مرسلاً عن طاوس:
أخرجه عبد الله بن المبارك في «الجهاد» (105)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (4/581) (7/638)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (390)
من طُرق عن الأوزاعي عن سعيد بن جَبَلة، قال: حدثني طاوس، قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم ؛ فذكره.
وسعيد بن جَبلة ترجمه ابن أبي حاتم في كتابه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وحسَّن هذا الإسناد الحافظ في «الفتح» (6/98)، وفي «تغليق التَّعليق» (3/446) وجعله شاهدًا لحديث ابن عمر المتقدِّم.
ـ وجاء مرسلا عن الحسن البصري:
أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (2370) قال: نا إسماعيل بن عياش، عن أبي عمير الصوري، عن الحسن، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، قال الحافظ: «كانوا لا يعتمدون مراسيل الحسن؛ لأنَّه كان يأخذ عن كلِّ أحد»، قال الإمام أحمد: «ليس في المرسلات شيءٌ أضعف من مرسلات الحسن».
وأبو عُمير الصُّوري اسمه أبَان بن سليمان، «كان من عباد الله الصالحين، يتكلم بالحكمة»
ـ وقد ورد لفظ هذا الحديث عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه موقوفا عنه:
أخرجه عبد الرَّزَّاق في «المصنَّف» (20986) عن معمر عن قتادة: أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلا قد حلَقَ قَفاه ولبس حريرًا، فقال: «مَنْ تَشَبَّه بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».
قلت: قتادة لم يدرك عمر بن الخطاب، فالإسناد منقطع؛ والله أعلم.
فقه الحديث
فهذا النَّصُّ النَّبويُّ يشير إلى أصل في الشَّريعة عظيم، وهو النَّهي عن التَّشبُّه بغير المسلمين، فلا يجوز التَّشبُّه بالكفَّار والمنافقين والمبتدعة والعصاة والفسَّاق، وأنَّ التَّشبُّه المطلوب إنَّما هو بأهل الصَّلاح والخير والسَّداد ظاهرًا وباطنًا.
قال ابن رجب رحمه الله: «هذا يدلُّ على أمرين:
أحدهما: التَّشبُّه بأهل الشَّرِّ مثل أهل الكفر والفسوق والعصيان، وقد وبَّخ الله من تشبَّه بهم في شيء من قبائحهم، فقال تعالى: ﴿فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ﴾[التوبة:69]، وقد نهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن التَّشبُّه بالمشركين وأهل الكتاب...
الثَّاني: التَّشبُّه بأهل الخير والتَّقوى والإيمان والطَّاعة، فهذا حسنٌ مندوبٌ إليه، ولهذا يُشرع الاقتداء بالنَّبيِّصلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته وآدابه وأخلاقه، وذلك مقتضَى المحبَّة الصَّحيحة، فإنَّ المرء مع من أحبَّ، ولا بدَّ من مشاركتِه في أصلِ عمله، وإن قصَّر المحبُّ عن دَرجته...»(4).
وقال شيخ الإسلام: «وهذا الحديث أقلُّ أحواله أن يقتضي تحريم التَّشبُّه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كُفرَ المتشبِّه بهم، كما في قوله: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾»(5).
قال ابن كثير رحمه الله: «فيه دلالة على النَّهي الشَّديد والتَّهديد والوعيد على التَّشبُّه بالكفَّار في أقوالهموأفعالهم ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم، وغير ذلك من أمورهم الَّتي لم تُشرع لنا ولا نُقرّر عليها»(6).
ومن أراد أن يشبع نهمته ويقف على عظم هذا الموضوع وأهمِّيته وكيف حرص الإسلام على شخصيَّة المسلم وحماها من التَّميُّع والتَّفسُّخ وأرادها معتزَّة مميَّزة شامخة، فليرجع إلى كتاب شيخ الإسلام الموسوم بـ«اقتضاء الصِّراط المستقيم» فإنَّه ذكر فيه ما يزيد على ثلاثين آية من القرآن الكريم، وقرَّر عقب كلِّ آية وجه الدِّلالة منها على موضوع التَّشبُّه.
ثمَّ ذكر من الأحاديث النَّبويَّة الدَّالَّة على تحريم مشابهة أهل الكتاب ما يقارب من المائة حديث، مع التَّعليق عليها وذكر وجه الدِّلالة.
ثمَّ ذكر الإجماع على التَّحريم، وأعقب ذلك بالآثار، ثمَّ ذكر الاعتبار ما في بعضه كفاية؛ فحريٌّ بكلِّ مسلم طالب للنَّجاة والاستقامة أن يطالع هذا الكتاب فإنَّه مفيد جدًّا.
وإن كنتُ ـ أيَّها القارئ الحبيب ـ قد أحلتك على مليء إلاَّ أنَّ هذا لا يعفيني من أن أوجز لك بعض ما يمكن الظَّفر به من هذا الحديث من فوائد؛ فمن ذلك:
أنَّه مقتضى الاستقامة على الصِّراط المستقيم الَّذي يسأله العبد ربَّه كلَّ يوم في صلاته سبع عشرة مرَّة في الفرائض دون النَّوافل، فيقرأ قول الله تعالى: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيم * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّين﴾، فمعنى هذه الاستقامة هو لزوم طاعة الله ورسوله كما جاء ذلك واضحًا صريحًا في الآية الَّتي بيَّنت من هم هؤلاء المنعَم عليهم، وهي قوله تعالى:  ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء:69]، ومن علامات هذا الصِّراط أنَّه متميِّز وطريق مستقيم لا عِوَجَ فيه وسطٌ بين الغلوِّ والجفاء، وبين الإفراط والتَّفريط، قال العلماء: وأكَّد الله تعالى هذا التَّميُّز بـ «لا» ولم يكتف بالعطف، ليدلَّ على فساد كلاَ الطَّريقين سواء طريق اليهود أم طريق النَّصارى، «وللفرق بين الطَّريقتين، لتجتنب كلٌّ منهما؛ فإنَّ طريقة أهل الإيمان مشتملةٌ على العلمِ بالحقِّ والعملِ به، واليهود فقَدوا العمل، والنَّصارى فقدوا العلمَ؛ ولهذا كان الغضبُ لليهود، والضَّلال للنَّصارى؛ لأنَّ من علم وترك استحقَّ الغضب، بخلاف من لم يعلَم؛ والنَّصارى لمَّا كانوا قاصدين شيئًا لكنَّهم لا يهتدون إلى طريقه؛ لأنَّهم لم يأتُوا الأمرَ من بابه، وهو اتِّباع الرَّسول الحقِّ، ضلُّوا، وكلٌّ من اليهود والنَّصارى ضالٌّ مغضوبٌ عليه، لكن أخصُّ أوصاف اليهود الغضب كما قال فيهم: ﴿مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ﴾ [المائدة:60]، وأخصُّ أوصاف النَّصارى الضَّلال كما قال: ﴿قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيل﴾ [المائدة:77]» قاله ابن كثير في «تفسيره» (1/141).
وفي حديث عديّ بن حاتم قال  صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اليَهُودَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّ النَّصَارَى ضُلاَّلٌ»(7) لأجل هذا تتابعت الأحاديث على الأمر بمخالفة هاتين الأمَّتين المنحرفتين عن الصِّراط السَّويِّ في أمور كثيرة عديدة، فمثلا قال  صلى الله عليه وسلم: «خَالِفُوا المُشْرِكِينَ احْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأرْخُوا اللِّحَى»، وقال: «إنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبِغُونَ فَخَالِفُوهُمْ»...
فلم يكتف النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالنَّهي عن مشابهتهم بل أمر بمخالفتهم، وهذا يقتضي أن يكونَ جنسُ مخالَفتِهم أمرًا مقصودًا للشَّارع ـ كما قال شيخُ الإسلام ـ، بل هو مُقتضَى الاستقامةِ على الصِّراطِ المستقيم(8).
لهذا حرص النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم نفسه على مخالفة اليهود وسائر المشركين في كلِّ أمورهم؛ ففي «صحيح مسلم» (302): أنَّه صلى الله عليه وسلم لمَّا بلغه صنيعهم مع المرأة الحائض قال: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلاَّ النِّكَاح»، فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يُريد هذا الرَّجلُ أن يَدع من أمرنا شيئًا إلاَّ خالَفنا فيه».
فلم يكن   صلى الله عليه وسلم يدع شيئًا ممَّا يمكنه مخالفتهم إلاَّ خالفهم فيه وأظهر المخالفةَ، لذا ينبغي لكلِّ مسلم مُعتزٍّ بدينه أن يقصد مخالفة الكفَّار من اليهود والنَّصارى وغيرهم في كلِّ ما يُمكنه أن يخالفَهم فيه ولا يتشبَّه بهم أبدًا خاصَّة فيما هو من خصائصهم ومميِّزاتهم وشعاراتهم، ليتميَّز المسلم بشخصيَّته الفذَّة.
ومع توارد هذه النُّصوص النَّاهية الزَّاجرة عن مشابهتهم والآمرة بإظهار مخالفتهم إلاَّ أنَّ الواقف على حال الأمَّة اليوم يجد أكثر المسلمين قد تهافتوا على كلِّ ما يأتيهم من الغرب الكافر الملحد من غثٍّ وسمين وفُتِنُوا بكلِّ ما تَدُرُّ عليهم مخابرُ أوربا وأمريكا من أنواع (الموضة) والأزياء والهيئات حتَّى غدونا لا نفرِّق بين مسلم وكافر في الظَّاهر لشدَّة الموافقة والمشابهة والمشاكلة والمطابقة؛ فانظر إلى أنواع الألبسة وألوانها الَّتي تزيَّا بها شبابُنا وفَتياتنا، وأنواع القصَّات الشَّعريَّة الَّتي رسموا بها رؤوسهم وأحيانًا لحاهم في صور تتقزَّز منها النُّفوس السَّويَّة والأذواق المستقيمة، فما كان بالأمس محلّ هزء وسخريَّة يصير اليوم (موضة)، وما هو اليوم موضة يصير بعد غد شيئًا باليا مطّرحا، وهكذا دواليك..، وشبابنا منساقون وراء هذا السَّراب، بل مروِّجون لكلِّ هذا الخراب، فأعلنُوا القطيعَةَ مع الأصَالة، ورفعُوا شِعار العَصرنة والحَدَاثة، لا يرونَ الحياةَ تَسعدُ إلاَّ إذا كانت على النَّمط الغربيِّ الأوربي، ومُتابعتِه في كلِّ ما يأتي ويَذَرُ، وهم بهذا يتحقَّق فِيهم ما أخْبر به الصَّادق المصدوق  صلى الله عليه وسلم حيث قال: «لتتَّبعنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ؛ قالوا: يا رسُول الله! اليهودَ والنَّصارى؟ قال: فَمَنْ!؟»(9).
والسَّنَنُ: هو الطَّريق، قال النَّوويُّ: «والمرادُ بالشِّبر والذِّراع وجحر الضَّبِّ: التَّمثيل بشدَّة الموافقة لهم في المعَاصي والمخَالَفات».
فانظر ـ رحمك الله ـ إلى واقعنا اليوم لتعلم يقينًا صدق هذا الخبر النَّبوي الكريم، حيث صار تقليد اليهود والنَّصارى ومشابهتهم في هيئاتهم وملابسهم وأشكالهم هو السِّمة الظَّاهرة والعادة المنتشرة، فأضحى المتمسِّك بالمظاهر الإسلاميَّةِ من ملبس وهيئة وسَمْتٍ يعدُّ شاذًّا مخالفًا لعُموم النَّاس، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله من تقلُّب الأحوال، وتحوُّل الأفهام.
إلاَّ أنَّ المتمسِّكَ بسنَّة نبيِّه  صلى الله عليه وسلم والسَّائرَ على هديه ينبغِي أن لا يهينَ قلبُه ولا يَلين عزمُه وأن يثبُتَ على دَربه، ولا يغترَّ بكثرةِ الواقِعين في حَمْأة المشابهة للكفَّار، ولا يَستوحش بقلَّة المعتزِّين بمظاهر الإسلام، ويَستأنس بقوله  صلى الله عليه وسلم: «لا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ الله وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ»(10).
قال ابن تيمية رحمه الله: «فعُلم بخبرِه الصِّدقِ أن لا بدَّ أن يكون في أمَّته قومٌ متمسِّكين بهديه الَّذي هو دينُ الإسلام محضًا، وقومٌ منحرفين إلى شُعبة من شُعَب دين اليهودِ أو إلى شُعبة من شُعَب دين النَّصَارى، وإن كان الرَّجلُ لا يكفُر بهذا الانحراف، بل وقد لا يفسُق أيضًا، بل قد يكونُ الانحراف كفرًا، وقد يكونُ فسقًا، وقد يكون سيِّئةً، وقد يكون خطأً.
وهذا الانحراف أمرٌ تتقاضاه الطِّباع، ويُزيِّنُه الشَّيطان، فلذلك أُمِر العبدُ بدوامِ دُعاء الله سبحانه بالهداية إلى الاستقامةِ الَّتي لا يهوديَّةَ فيها، ولا نَصرانيَّةَ أصلاً»(11).
والَّذي يدعو إلى العَجَبِ أنَّه كيف آثر المسلمون اليوم النُّزول من الأعلى إلى الأدنى، ورضوا لأنفسهم الذُّلَّ والهوان، وأبوْا إلاَّ أن يشابهوا الكفَّار الفجَّار في هيئاتهم وألبستهم وأشكالهم وشعاراتهم، وحقَّروا أمر هذا النَّوع من التَّشبُّه، وما علم هؤلاء المستهينون بهذا التَّشبُّه الظَّاهري أنَّه داء قاتل للشَّخصيَّة الإسلاميَّة؛ لأنَّه يَسْري إلى القلب والعَقل والبَاطن، فيصيب الإيمان والفكر والتَّصوُّر؛ وإليك أخي القارئ بعض المفاسد الَّتي عدَّدها العلماء من جرَّاء هذا التَّشبُّه في الظَّاهر:
ـ أنَّ المشابهة في الهدي الظَّاهر ـ وهو المظهر والسُّلوك ـ تُورِثُ المشابهة في الباطن؛ قال ابن القيِّم رحمه الله: «وَسِرُّ ذلك: أَنَّ المشَابَهَةَ في الهدي الظَّاهِرِ ذَرِيعَةٌ إلَى الموَافَقَةِ في القَصْدِ وَالعَمَلِ»(12).
وقال السَّعدي رحمه الله في «بهجة قلوب الأبرار» (ص146): «فإنَّ التَّشبُّه الظَّاهر يدعو إلى التَّشبُّه الباطن، والوسائل والذَّرائع إلى الشُّرور قَصَد الشَّارعُ حَسمها من كلِّ وجه».
ـ أنَّ المشابهة في الظَّاهر تولِّد في نفس المتشَبِّه حبًّا للمتشبَّه به ومودَّةً، وهذا يخدش في أصل عظيم من أصول عقيدة المؤمن وهو قاعدة الولاء والبراء.
ـ أنَّ المشاركة في الهدي الظَّاهر تورث تناسبًا وتشَاكُلاً بين المتشابهين تعود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس؛ فإنَّ لابس ثياب الرِّياضيِّين مثلاً يجد من نفسِه نوعَ انضمام إليهم، ولابس ثياب الجند المقاتلة مثلاً يجد من نفسه نوع تخلُّق بأخلاقهم، وتصير طبيعته منقادة لذلك إلاَّ أن يمنعه مانع(13).
ـ أنَّ المخالفة في الهدي الظَّاهر تُوجب مبايَنةً ومفارقةً توجب الانقطاع عن موجباتِ الغضب وأسباب الضَّلال والانعطاف على أهل الهدى والرِّضوان.
ـ أنَّ مشاركتهم في الهدي الظَّاهر تُوجب الاختلاطَ الظَّاهر حتَّى يرتفعَ التَّمييز ظاهرًا بين أهل الإسلام المهديِّين المرضيِّين، وبين أهل الكفر المغضوب عليهم والضَّالِّين.
ـ أنَّ نفس المخالفة لهم في الهدي الظَّاهر مصلحةٌ ومنفعةٌ لعباد الله المؤمنين، لما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة الَّتي توجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم.
وأخيرًا أقول: إنَّ الَّذي يدفع بالمسلم اليوم ليتشبَّه بغيره من الكفَّار هو شعوره بـ(الدُّونيَّة) و(الانهزاميَّة) الَّتي ضربت بأطنابها على النُّفوس، وسبب ذلك أمران:
ـ الانبهار بالحضارة الغربية.
ـ والجهل بحقائق الإسلام.
ولو رجعنا بحقٍّ وصدق إلى ديننا لأعزَّنا الله بعزِّه، ورفع عنَّا كلَّ ذُلٍّ أحاط بنا بقدرته، فالله تعالى أخبر عن الكفَّار فقال: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُون﴾ [الروم:7]، فلا يعدو علمهم أن يكون ظاهرًا من الحياة الدُّنيا الفانية الزَّائلة، وقال تعالى عنهم: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُون﴾[الأنفال:59]، وقال تعالى: ﴿لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَد مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَاد﴾[آل عمران: 196 ، 197].
فمن نوَّر الله قلبه بنور العلم والإيمان وحقائق الإسلام سيظهر له سوء الكفر وبشاعته، وأنَّه مرض ضرره أشدُّ من ضرر أمراض البدن، فالمصلحة كلَّ المصلحة في عدم التَّشبُّه بالمغضوب عليهم والضَّالين.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنَّ عدمَ التَّشبُّه بالكفَّار لا يَعني عدم الاستفادة ممَّا عندهم اليوم من صناعات متطوِّرة، وعلوم حديثة، وتكنولجيا عالية، بل هذا أمر آخر لا علاقة له بموضوع التَّشبُّه؛ لأنَّها ليست ممَّا اختصُّوا به، بل هي علوم مشتركَةٌ بين جميع البشر يحُوزها من حَرص عليها وجدَّ واجتهد في تحصيلها لا فرق في ذلك بين مسلم وكافر.
كما لا يمنع أبدًا أن نستوردَ منتوجاتهم ونقتنيَ سِلَعهم وآلاتهم المباحة النَّافعة، ونتعامل معهم في ذلك، وإنَّما المحذور أن نستورد عاداتهم وأخلاقهم وأعيادهم وسلوكاتهم، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله.

(1) انظر: «العلل» لابن أبي حاتم (1/ 319) .
(2) انظر: «العلل» للدَّارقطني (9/ 272).
(3) انظر: «سؤالات الآجري لأبي داود» (1682).
(4) «الحكم الجديرة بالإذاعة» (ص50-56).
(5) «اقتضاء الصِّراط المستقيم» (ص270).
(6) «تفسير ابن كثير» (1/ 374).
(7) أخرجه التِّرمذي (2954)، وقال: «حسن غريب»؛ وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (8202).
(8) لأجل هذا سمَّى شيخ الإسلام رحمه الله كتابه «اقتضاءُ الصِّراطِ المستقِيم مخالفةَ أصحَابِ الجَحيم».
(9) أخرجه البخاري (3269)، ومسلم (2669).
(10) أخرجه البخاري (3442).
(11) «اقتضاء الصِّراط المستقيم» (ص6).
(12) «إعلام الموقِّعين» (3/ 152).
(13) «اقتضاء الصِّراط المستقيم» (1/ 79).


jeudi 24 décembre 2015

مجموعة فتاوى تختص بزينة المرأة المسلمة فضيلة الشيخ الفوزان

مجموعة فتاوى تختص بزينة المرأة المسلمة
فضيلة الشيخ الفوزان




سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله: هل إطالة المرأة لثوبها هل هو على سبيل الاستحباب أم الوجوب؟ وهل وضع الشراب على القدمين يكفي مع قصر الثوب بحيث لا يظهر شيء من الساق؟ وكيف تطيل المرأة ثوبها ذراعًا أتحت الكعب أم تحت الركبة؟ "

فأجاب بقوله:مطلوب من المرأة المسلمة ستر جميع أجزاء جسمها عن الرجال، ولذلك رخص لها في إرخاء ثوبها قدر ذراع من أجل ستر قدميها، بينما نهي الرجال عن إسبال الثياب تحت الكعبين، مما يدل على أنه مطلوب من المرأة ستر جسمها كاملاً، وإذا لبست الشراب كان ذلك من باب زيادة الاحتياط في الستر، وهو أمر مستحسن، ويكون ذلك مع إرخاء الثوب كما ورد في الحديث، والله الموفق .

لبس القصير أمام الأولاد
سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله: لدي أربع أولاد ألبس أمامهم القصير فماحكم ذلك ؟

فأجاب بقوله: لا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ومحارمها و لا تكشف عندهم إلا ماجرت العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط .

لبس البلايز الماسكة على الجسم

السؤال: ظهرت في الآونة الأخيرة أنواع من (البلايز) الماسكة على الجسم بحيث تصف الجسم، فما حكم لبسها أمام النساء، وعند الأقارب من الرجال؟

الجواب: لا يجوز للمرأة لبس ما يصف جسمها لضيقه أو رقته؛ لما في ذلك من الفتنة للرجال والقدوة السيئة للنساء. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: الصحيح الذي تدل عليه الأدلة: أن وجه المرأة من العورة التي يجب سترها، بل هو أشد المواضع الفاتنة في جسمها؛ لأن الأبصار أكثر ما توجه إلى الوجه، فالوجه أعظم عورة في المرأة، مع ورود الأدلة الشرعية على وجوب ستر الوجه.

من ذلك: قوله تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} النور/31، فضرب الخمار على الجيوب يلزم منه تغطية الوجه.

ولما سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن} الأحزاب/59، غطى وجهه وأبدى عينا واحدة، فهذا يدل على أن المراد بالآية: تغطية الوجه، وهذا هو تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لهذه الآية كما رواه عنه عبيدة السلماني لما سأله عنه.

ومن السنة أحاديث كثيرة، منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى المحرمة أن تنتقب وأن تلبس البرقع "، فدل على أنها قبل الإحرام كانت تغطي وجهها.

وليس معنى هذا أنها إذا أزالت البرقع والنقاب حال الإحرام أنها تبقي وجهها مكشوفا عند الرجال الأجانب، بل يجب عليها ستره بغير النقاب وبغير البرقع، بدليل حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم محرمات، فكنا إذا مر بنا الرجال سدلت إحدانا خمارها من على رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه.

فالمحرمة وغير المحرمة يجب عليها ستر وجهها عن الرجال الأجانب؛ لأن الوجه هو مركز الجمال، وهو محل النظر من الرجال ... ، والله تعالى أعلم.

الشعر الذي بين الحاجبين
قال الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله:أما الشعر الذي بين الحاجبين فلا يجوز إزالته بأي وسيلة لأن هذا من النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعلته لعن صلى الله عليه وسلم النامصة والمتنمصة.

السؤال: ما حكم نتف الحاجب وما بين الحاجبين إن كان كثيفا، وهل يجوز أن نزيل شعر الشارب والوجه، وهل يدخل في حكم الحاجب، وما حكم من تفعله من الأخوات الملتزمات، وذلك من أجل إرضاء الزوج أو المجتمع من حولها؟


الجواب: لا تجوز إزالة شعر الحاجب؛ لأن هذا هو النمص الذي لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- من فعله، وهو من تغيير خلق الله الذي هو من عمل الشيطان، ولو أمرها به زوجها فإنها لا تطيعه؛ لأنه معصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف، كما قال ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-. وشعر الوجه لا يزال إلا إذا كان مشوها، كما لو نبت للمرأة شارب أو لحية، فلا بأس بإزالتهما. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم


الشعر الذي بين الحاجبين

قال الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله:أما الشعر الذي بين الحاجبين فلا يجوز إزالته بأي وسيلة لأن هذا من النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعلته لعن صلى الله عليه وسلم النامصة والمتنمصة.

السؤال: ما حكم نتف الحاجب وما بين الحاجبين إن كان كثيفا، وهل يجوز أن نزيل شعر الشارب والوجه، وهل يدخل في حكم الحاجب، وما حكم من تفعله من الأخوات الملتزمات، وذلك من أجل إرضاء الزوج أو المجتمع من حولها؟


الجواب: لا تجوز إزالة شعر الحاجب؛ لأن هذا هو النمص الذي لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- من فعله، وهو من تغيير خلق الله الذي هو من عمل الشيطان، ولو أمرها به زوجها فإنها لا تطيعه؛ لأنه معصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف، كما قال ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-. وشعر الوجه لا يزال إلا إذا كان مشوها، كما لو نبت للمرأة شارب أو لحية، فلا بأس بإزالتهما. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

jeudi 17 décembre 2015

باب في أحكام الوكالة

باب في أحكام الوكالة
كتاب   البيوع

 

 الملخص الفقهي/  قسم العبادات

تلخيص صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان


 

باب في أحكام الوكالة
* الوكالة - بفتح الواو وكسرها - : التفويض , تقول : وكلت أمري إلى الله ; أي : فوضته إليه , واصطلاحا : استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة .
* وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع .
- قال تعالى : فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ وقال تعالى : قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ وقال تعالى : وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا
- ووكل صلى الله عليه وسلم عروة بن الجعد في شراء الشاة , وأبا رافع في تزوجه صلى الله عليه وسلم ميمونة , وكان يبعث عماله لقبض الزكاة .
- وذكر الموفق وغيره إجماع الأمة على جواز الوكالة في الجملة , والحاجة داعية إليها , إذ لا يمكن كل أحد فعل ما يحتاج إليه بنفسه .
* ما تنعقد به الوكالة تنعقد الوكالة بكل قول يدل على الإذن ; ك : افعل كذا , أو : أذنت لك في فعل كذا . .. ويصح القبول على الفور وعلى التراخي بكل قول أو فعل يدل على القبول ; لأن قبول وكلائه عليه الصلاة والسلام كان متراخيا عن توكيله إياهم . 
وتصح الوكالة مؤقتة ومعلقة بشرط ; كأن يقول : أنت وكيلي شهرا , وكقوله : إذا تمت إجارة داري ; فبعها . ويعتبر تعيين الوكيل ; فلا تنعقد بقوله : وكلت أحد هذين , أو بتوكيل من  لا يعرفه .

* ما يصح التوكيل فيه يصح التوكيل في كل ما تدخله النيابة من حقوق الآدميين من العقود والفسوخ ; فالعقود مثل البيع والشراء والإجارة والقرض والمضاربة , والفسوخ كالطلاق والخلع والعتق والإقالة , وتصح الوكالة في كل ما تدخله النيابة من حقوق الله من العبادات ; كتفريق الصدقة , وإخراج الزكاة , والنذر , والكفارة , والحج , والعمرة ; لورود الأدلة بذلك . وأما ما لا تدخله النيابة من حقوق الله تعالى , فلا يصح التوكيل فيه , وهو العبادات البدنية ; كالصلاة والصوم والطهارة من الحدث ; لأن ذلك يتعلق ببدن من هو عليه .
* وتصح الوكالة في إثبات الحدود واستيفائها , لقوله صلى الله عليه وسلم : واغد يا أنيس إلى امرأة هذا , فإن اعترفت , فارجمها متفق عليه .
* وليس للوكيل أن يوكل فيما وُكِّل فيه , إلا في مسائل , وهي :

الأولى : إذا أجاز له الموكل ذلك ; بأن يقول : وكِّل إذا شئت , أو يقول : اصنع ما شئت .
الثانية : إذا كان العمل الموكَّل فيه لا يتولاه مثله ; لكونه من أشراف الناس المترفعين عن مثل ذلك العمل .
الثالثة : إذا عجز عن العمل الذي وكل فيه .
الرابعة : إذا كان لا يحسن العمل الذي وكل فيه . وفي هذه الأحوال لا يجوز له أن يوكل إلا أمينا ; لأنه لم يؤذن له في توكيل من ليس بأمين .
* والوكالة عقد جائز من الطرفين , لأنها من جهة الموكل إذن , ومن جهة الوكيل بذل نفع , وكلاهما غير لازم , فلكل واحد منهما فسخها في أي وقت شاء .
* مبطلات الوكالة تبطل الوكالة بفسخ أحدهما أو موته أو جنونه المطبق ; لأن الوكالة تعتمد الحياة والعقل , فإذا انتفيا ; انتفت صحتها , وتبطل بعزل الموكل للوكيل , وتبطل بالحجر على السفيه وكيلا كان أو موكلا ; لزوال أهلية التصرف .
* ما يجوز فيه التوكيل والتوكل : ومن له التصرف في شيء ; فله التوكيل والتوكل فيه , ومن لا يصح تصرفه بنفسه ; فنائبه أولى . ومن وكل في بيع أو شراء ; لم يبع ولم يشتر من نفسه , لأن العرف في البيع بيع الرجل من غيره , ولأنه تلحقه تهمة , وكذا لا يصح بيعه وشراؤه من ولده ووالده وزوجته وسائر من لا تقبل شهادته له , لأنه متهم في حقهم كتهمته في حق نفسه .
* ما يتعلق بالموكل وما يتعلق بالوكيل من التصرفات يتعلق بالموكل حقوق العقد من تسليم الثمن وقبض المبيع والرد بالعيب وضمان الدرك , والوكيل في البيع يسلم المبيع ولا يستلم الثمن بغير إذن الموكل أو قرينة تدل على الإذن ; كما لو باعه في محل يضيع فيه الثمن لو لم يقبضه , والوكيل في الشراء يسلم الثمن ; لأنه من تتمته وحقوقه , والوكيل في الخصومة لا يقبض , والوكيل في القبض يخاصم , لأنه لا يتوصل إليه إلا بها .
* ما يلزم الوكيل ضمانه وما لا يلزمه :
الوكيل أمين لا يضمن ما تلف بيده من غير تفريط ولا تعد , فإن فرط أو  تعدى أو طلب منه المال فامتنع من دفعه لغير عذر , ضمن . ويقبل قول الوكيل فيما وكل فيه من بيع وإجارة أنه قبض الثمن والأجرة وتلفا بيده , ويقبل قوله في قدر الثمن والأجرة , والله أعلم .