el bassaire

samedi 18 juillet 2015

اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد

اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد

https://www.facebook.com/hadithecharif
https://www.facebook.com/groups/elbassaire/
https://twitter.com/hadithecharif
https://www.youtube.com/user/hadithecharif
http://al-bassair.blogspot.com

وقد أثار هذا سؤال موضوعاً مهماً يحتاج إلى بسط لمذاهب الفقهاء وبيان الأدلة التي احتجوا بها، وسنحاول بيان ذلك بإيجاز قدر الاستطاعة وعلى النحو الآتي فنقول:

هي في الحقيقة مسألة خلافية وتبقى كذلك، شأنها شأن المسائل المختلف فيها عند السّادة الأئمة. وقد اتّفق العلماء على أنّ مَن صلّى العيد يوم الجمعة، وكذلك صلّى الجمعة، فإنّ صلاة الظّهر تسقط عنه، مسافرًا كان أو مقيمًا، رجلاً كان أو امرأة، صحيحًا كان أو سقيمًا.

 اختلف السّادة الأئمة فيمَن صلّى العيد ممّن تجب عليه صلاة الجمعة، ولم يُصلّ الجمعة، هل تجزئ العيد عن الظّهر أم تبقى الظّهر واجبة في ذمّته؟

المذهب الأول:
إذا وافق العيد يوم الجمعة وصلى المسلمون مع الإمام صلاة العيد فإن ذلك لا أثر له في سقوط الجمعة عن المكلف بها، وإنما يجب عليه حضورها وأداؤها ما لم يكن له عذر من الأعذار التي تبيح التخلف عن حضور الجمعة.
وبهذا قال جمهور العلماء، وهو المشهور في مذهب مالك، وإليه ذهب أبو حنيفة والشافعي وهو رواية عن أحمد.
لكن يلاحظ هنا أن الشافعي وبعض أصحاب مالك قد ذهبوا إلى أن الذين يجب عليهم حضور الجمعة هم أهل البلد الذي تقام فيه الجمعة، أما الذين أتوا من خارج البلد فهؤلاء مخيرون بين البقاء لحضور الجمعة أو العودة إلى أهلهم، ثم لهم العودة لصلاة الجمعة إن شاؤوا أو عدم العودة، ويصلون عند أهلهم ما وجب عليهم، فهؤلاء مخيرون بين ذلك كله ولا سيما إذا أعلن الإمام الرخصة لهم بذلك، وسيأتي في ما بعد الاستدلال لهذه الفقرة، ونقتصر الآن على ذكر أدلة الجمهور- من حيث الجملة - لما ذهبوا إليه.
ومن الحجة للجمهور على مذهبهم ما يأتي:
قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9].
وجه الاستدلال: أن الآية قد أمرت بالسعي للجمعة عند النداء لها، وهي عامة في جميع الأيام، ولا يجوز تخصيصها إلا بدليل صالح لأن يخصص به عموم هذا النص القطعي، وعليه فلا يجوز إخراج جمعة اليوم الذي وقع فيه العيد من عموم الحكم الذي تضمنته الآية، والقول بسقوط الجمعة أو بسقوط وجوب الحضور إليها؛ وذلك لعدم وجود الدليل الصالح لتخصيص عموم الآية.
ويدل لذلك أيضاً أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنه أسقط صلاة الجمعة بصلاة العيد، بل على العكس من ذلك إذْ صح عنه الالتزام بالصلاتين معاً.
1. فقد صح عن النعمان بن بشير قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ قَالَ وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلَاتَيْنِ). رواه مسلم.
وهذا نص على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ملتزما بالصلاتين يصلي كلا منهما في وقتها، ولم يرد عنه إطلاقا أنه اسقط صلاة الجمعة بصلاة العيد.
وعليه : فكيف يصح القول بأن إسقاط صلاة الجمعة بصلاة العيد هو سنة، إذْ كيف يكون سنة ما خالف ما واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وسيأتي فيما بعد مزيد من الاستدلال على ذلك.
2. إن صلاة الجمعة هي أهم صلاة في الإسلام، وهي الصلاة الوحيدة التي أجمع العلماء أن حضورها فرض عين على المكلف بها إذا لم يكن له عذر يبيح له التخلف عنها، أما صلاة العيد فحكمها عند أهل العلم دائر بين السنية والوجوب العيني أو الكفائي.
وعليه فكيف يصح عقلا سقوط فرض العين بما هو أقل مرتبة في حكم الشرع منه؟
أمّا رأي السّادة المالكية في المسألة، فقد أخرج الإمام مالك في موطئه من حديث عثمان رضي الله عنه قال: “إنّه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، فمن أحبّ من أهل العالية أن ينتظر فلينتظرها، ومَن أحبّ أن يرجع فقد أذنت له”. وسُئل زيد بن أرقم: “أشهدت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عيدين اجتمعَا في يوم؟ قال: نعم، قيل: فكيف صنع؟ قال: صلّى العيد، ثمّ رخص في الجمعة فقال: مَن شاء أن يُصلّي فليُصلّ”.

وجاء في المدونة: قال مالك: ولم يبلغني أنّ أحدًا أذِنَ لأهل العوالي إلاّ عثمان، قال ابن القاسم: ولم يكن مالك يرى الّذي فعل عثمان، وكان يرى أنّ مَن وجبت عليه الجمعة لا يضعها عنه إذن الإمام. إذًا فالإمام مالك رحمه الله يرى أنّ الجمعة لا تسقط أصلاً إذا اجتمعت مع العيد،
المذهب الثاني:
إذا وقع العيد يوم الجمعة، فمن صلى العيد مع الإمام جاز له التخلف عن حضور الجمعة والاكتفاء بصلاتها ظهرا. وهذا بالنسبة لغير الإمام، أما الإمام فلا يجوز له التخلف عن حضورها، وذلك من أجل أن يقيمها بمن يجب عليه حضورها ممن لم يحضر صلاة العيد، وبمن ينضم إليهم ممن يريد حضورها ممن صلى العيد.
وهذا المذهب هو أظهر الروايات في مذهب أحمد. وتوجد رواية أخرى: أن عدم جواز التخلف عن حضور الجمعة لا يختص بالإمام فقط، وإنما يشمل وجوب حضور العدد الذي تنعقد بهم الجمعة، وهو عند الإمام أحمد أربعون رجلا، وعليه: فوجوب الحضور للجمعة لا يسقط عن كل من صلى العيد مع الإمام، وإنما يسقط فقط عما زاد على الأربعين، فعلى هذه الرواية تكون إقامة الجمعة فرض كفاية في البلد الذي أقيمت فيه صلاة العيد. وبهذا تكون في مذهب أحمد روايتان تقترب من مذهب الجمهور .
ويلاحظ هنا: أن مذهب أحمد - حتى على أظهر الروايات عنه- يختلف عن قول من يدعي: بأن صلاة الجمعة تسقط بصلاة العيد، وذلك من ناحيتين، وبيان ذلك:
أن مذهب الإمام أحمد - على هذه الرواية - هو: أنه يجوز لمن صلى العيد مع الإمام التخلف عن حضور الجمعة، وأن يصليها ظهرا، وهذا يعني : أن صلاة العيد لم تسقط فرضية صلاة الجمعة، وإنما أسقطت فقط وجوب الحضور، فيصلي بدل الجمعة ظهرا، فإن فعل الأفضل وحضر، عاد في حقه فرض الجمعة، فيصلي الجمعة ولا يجوز له أن يصليها ظهرا، فهو في هذه الحالة كالمريض: إن لم يحضر الجمعة صلى ظهرا، وإن حضرها صلى جمعة، وهذا يختلف تماما مع قول من يدعي أن السنة تدل على سقوط الجمعة بالعيد، فهؤلاء لا يقولون بإقامة الجمعة يوم العيد، ولا يوجبون على من صلى العيد أن يصلي ظهرا، وإنما يصليها فقط من لم يصل العيد. بعد هذا البيان ننتقل إلى ذكر الأدلة على النحو التالي:

أدلة المذهب الثاني:
1. روى أحمد وأبو داود وغيرهما - من طريق إياس بن أبي رملة الشامي قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم واحد؟ قال: نعم، قال فكيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال: " من شاء أن يصلي فليصل" وفي رواية أحمد: " من شاء أن يجمع فليجمع".
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن صلى العيد قد رخص في صلاة الجمعة وجعل المسلم بالخيار إن شاء صلاها وإن شاء لم يصلها.
وقد اعترض على الاستدلال بهذا الحديث:
بأنه مروي عن إياس بن أبي رملة، وأكثر المحدثين على أنه مجهول، قال ذلك: ابن القطان، وابن المنذر، وابن حجر، وغيرهم. ولم يوثقه غير ابن حبان، ولذا اعترض المحدثون على تصحيح علي بن المديني والحاكم لهذا الحديث، إذْ كيف يكون صحيحا وفي إسناده رجل مجهول؟ لذلك فالحديث غير صالح للاحتجاج به.
أقول: ولعل من قوى هذا الحديث قد نظر أن له شاهدا بمعناه وهو حديث أبي هريرة:
1. فقد قال أبو داود : حدثنا محمد بن المصفى، وعمر بن حفص الوصابي، قالا: حدثنا بقية، حدثنا شعبة، وذكر بقية الإسناد إلى أبي صالح عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون". وقد أخرج هذا الحديث الحاكم وغيره.
وجه الاستدلال: أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد رخص في صلاة الجمعة أيضا لكنه قال هنا: "وإنا مجمعون". وقد حمل ذلك الإمام أحمد على أن صيغة الجمع هنا المراد بها الرسول صلى الله عليه وسلم، فهي على سبيل التعظيم، فلذلك قال: بأن الرخصة لا تشمل الإمام، كما ذكرنا ذلك في ما سبق.
وقد اعترض على الاستدلال بهذا الحديث:
بأن كلا من ابن المصفى والوصابي مجهول الحال، وبقية بن الوليد مختلف في الاحتجاج به، وفوق ذلك فإن الإمام أحمد والدارقطني قد صححا أن الحديث مرسل أرسله أبو صالح، فالحديث لذلك مرسل ضعيف، فلا يصح الاحتجاج به، لذلك فإن الحديثين المذكورين - حتى بانضمام أحدهما للآخر - لا يرقيان إلى مرتبة الاحتجاج بهما، ولذلك قلنا في ما سبق: لا يوجد دليل يخصص عموم الآية التي احتج بها الجمهور.
وفوق ذلك كله : فإن الإمام الشافعي قد أورد ما يدل على أن المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: " وإنا مجمعون" يعني أهل المدينة، وأن من رخص له بعدم حضور الجمعة هم القادمون لحضور صلاة العيد من العوالي، وهي القرى الواقعة خارج المدينة على مقربة منها، ولا توجد فيها مساجد تقام فيها الجمعة، ولكي لا يشق عليهم انتظار الجمعة رخص لهم بالرجوع إلى أهليهم ليشاركوهم عيدهم، ثم هم بالخيار بعد ذلك : بين بقائهم عند أهلهم أو الرجوع للمدينة لحضور الجمعة.
ويدل على صحة ما ذهب إليه الشافعي ما يأتي:
ا- قد روى البيهقي حديث أبي هريرة موصولا، وقيد بأهل العوالي.
وإسناده ضعيف لكن لا يضره ذلك لأنه معتضد بما يأتي:
ب- فقد روى الشافعي بإسناده عن عمر بن عبد العزيز قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من أحب أن يجلس من أهل العالية فليجلس من غير حرج".
ج- ويعضده أيضا فُتيا عثمان رضي الله عنه بموجبه، فقد روى الشافعي عن مالك عن الزهري عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال شهدت العيد مع عثمان بن عفان، فجاء فصلى ثم انصرف فخطب وقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له".
وبذلك يتضح أن السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه تدل على أن صلاة العيد لا تسقط بها صلاة الجمعة.
1. فلم يبق من الأدلة المتعلقة بهذه القضية إلا آثارا متعلقة بصلاة ابن الزبير منها:
الأثر المروي عن وهب بن كيسان رضي الله عنه قال :"اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فأخر الخروج حتى تعالى النهار، ثم خرج فخطب، ثم نزل فصلى، ولم يصل للناس يوم الجمعة، فذكرت ذلك لابن عباس فقال: أصاب السنة". رواه النسائي.
ورواه أبو داود عن عطاء، وقال: اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير فقال عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر.
وقد قال الشوكاني عن كل من الأثرين: رجاله رجال الصحيح.
وقد استدل بهذين الأثرين من ادعى سقوط الجمعة بصلاة العيد
ووجه الدلالة من ذلك:
أن الركعتين اللتين صلاهما ابن الزبير لم تكونا صلاة الجمعة وإنما هما صلاة العيد بدليل أنه صلاهما قبل الزوال عند الضحوة الكبرى ولو كانت صلاة الجمعة لصلاهما بعد الزوال ، فإذا ثبت أن ما صلاه قد كان صلاة العيد وأنه لم يصل بعد ذلك شيئا حتى صلى العصر وقد كان ذلك بمحضر الصحابة فلم ينكر ذلك عليه أحد وقد أخبر ابن عباس بذلك فقال: أصاب السنة، فذلك كله يدل على أن سقوط صلاة الجمعة بصلاة العيد هو الذي تدل عليه السنة، وانعقد الإجماع عليه.
وعليه: فهذا هو أهم ما استدل به القائلون بسقوط الجمعة بصلاة العيد. فإن كان هذا هو مدركهم في هذه القضية، فإنه يبدو أن موضع الاستدلال قد التبس عليهم،  وذلك يقتضي إيضاح الجواب لهم.
وبيان الجواب على النحو التالي:
القول بأن الركعتين اللتين صلاهما ابن الزبير كانتا صلاة عيد استغنى بها عن صلاة الجمعة بدليل أنهما صلاهما ضحوة قبل الزوال، ولو كانت جمعة لصلاها بعد الزوال، هذا القول يدل على حصول التباس لدى القائلين به، وإنما الذي حصل هو العكس، فالذي فعله ابن الزبير أنه أخر صلاة العيد إلى وقت يمكن فيه صلاة الجمعة أيضا، فأخر ذلك إلى الضحوة الكبرى وهذا وقت تصح فيه صلاة الجمعة، فإن وقت الجمعة عند ابن الزبير وجماعة من أهل العلم - ومنهم الإمام أحمد - يدخل قبل الزوال في الضحوة الكبرى، وإن كان الأفضل عندهم  أن تصلى بعد الزوال مراعاة لما ذهب إليه جماهير أهل العلم: من أن الجمعة لا يدخل وقتها إلا بعد الزوال - ولسنا الآن بصدد بيان الراجح في ذلك- وإنما فقط لتبيين الأساس الذي انطلق منه ابن الزبير - فابن الزبير فقيه ورع، ومن المعلوم أنه في خلافته لم يكن آمنا لأنه كان هنالك من ينازعه الأمر، وربما وقعت صلاته هذه وهو في حالة خوف وترقب وحذر، وفي هذه الحالة يسوغ الجمع بين الصلوات المتشابهة، لذلك اجتهد ابن الزبير في الجمع بين صلاة العيد وصلاة الجمعة في وقت يصلح لهما، فأخرصلاة العيد إلى الضحوة الكبرى قبل الزوال، وهو وقت لم يخرج فيه وقت صلاة العيد اتفاقا، ودخل فيه وقت صلاة الجمعة كما هو رأي بن الزبير وآخرين كما ذكرنا، وهنا دمج ابن الزبير صلاة العيد بصلاة الجمعة، وهذا واضح في قول عطاء : " فجمعهما جمبعا، فصلاهما ركعتين بكرة ولم يزد عليهما حتى صلى العصر".
وابن الزبير قد صلى هاتين الركعتين على أنهما صلاة جمعة فأغنته هذه عن صلاة الظهر، واستغنى بها عن صلاة العيد.
فصلاة ابن الزبير هذه جمعة أغنت عن صلاة العيد وليست صلاة عيد أغنت أو أسقطت صلاة الجمعة.
 ونرجو أن يكون هذا البيان قد أزال اللبس الذي حصل لمن استدل بصلاة ابن الزبير على سقوط صلاة الجمعة بصلاة العيد، فهذه الصلاة قد دلت عكس ذلك تماما فصلاة الجمعة هي التي أغنت عن صلاة العد وليس العكس.
فإن قيل ما هو الدليل على أن ابن الزبير صلى الركعتين على أنهما جمعة وليس عيدا؟
فالجواب: إن ذلك واضح من طريقة أداء ابن الزبير لهذه الصلاة، فقد ذكرت رواية وهب ابن كيسان السابقة:"أنه خطب ثم صلى"، وتقديم الخطبة على الصلاة من شأن صلاة الجمعة وليس من شأن صلاة العيد فصلاة العيد تقدم فيها الصلاة على الخطبة.
وقد لا حظ هذا الخطابي، وارتضى ذلك ابن قدامة ولذلك نقل كلام الخطابي وذكره بعد أن ذكر الأثرين اللذين رواهما وهب بن كيسان وعطاء، فقال في المغني: (وهذا لا يجوز أن يعمل إلا على قول من يذهب إلى تقديم الجمعة قبل الزوال، فعلى هذا يكون ابن الزبير صلى الجمعة فسقط العيد والظهر.
فإن قيل : ألا يحتمل أن يكون ابن الزبير يرى جواز تقديم الخطبة على الصلاة في العيد؟
فالجواب:
أن هذا الاحتمال بالنسبة لابن الزبير غير وارد وذلك لأمرين:
الأمر الأول:
أن غير واحد من أهل العلم ومنهم: القاضي عياض وابن قدامة قد نقلا الإجماع على أن خطبة العيد إنما تكون بعد الصلاة وقد جرى العمل على ذلك منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بعده، لم يخالف في ذلك إلا بعض بني أمية وهو خلاف قد جاء بعد إجماع فلا يبقبل.
ويبدوا أنهم يقصدون بذلك مروان بن الحكم فهو قد قدم خطبة العيد على الصلاة واعترض عليه أبو سعيد الخدري فاعتذر إليه بأن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة. والقصة موجودة في صحيح البخاري.
وعليه: كيف يعمل ابن الزبير شيئا وهو يعلم أنه مخالف لما جرى عليه العمل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد من جاء بعده من الخلفاء؟
والدليل أنه كان يعلم ذلك ما يأتي:
الأمر الثاني:
عن عطاء أن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير أول ما بويع له أنه لم يكن يؤذن للصلاة يوم الفطر فلا تؤذن لها قال فلم يؤذن لها ابن الزبير يومه وأرسل إليه مع ذلك إنما الخطبة بعد الصلاة وإن ذلك قد كان يفعل قال فصلى ابن الزبير قبل الخطبة. متفق عليه واللفظ لمسلم.
فالخلاصة:
إذا اجتمع عيد وجمعة فإن الواجب هو الالتزام بأداء الصلاتين كل صلاة منهما في وقتها، هذه هي السنة التي جرى عليها العمل منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى يومنا هذا.
أنّ صلاة العيد سُنّة، وقد يغيب عنها الكثيرون، أضف إلى ذلك أنّ الجمعة فيها الحكم والفضائل الخير الكثير غير سماع الخطبة، وحصول الاجتماع ممّا لم يرد في صلاة العيد، وحيث إنّ أهل العوالي والمساكن النائية يشقّ عليهم الرّجوع للجمعة فرُخِّص لهم في تركها، أمّا في هذه الأزمنة فقد خفّت المشقّة إن لم نقل انعدمت بوسائل النقل الّتي سهّلت الصّعب وقرّبت البعيد، فمع توفّر هذه الوسائل فلا عذر في ترك الجمعة ولو شهد العيد، وأهم من هذا وذاك ما حصل من كثرة المساجد، حتّى إنّك لتجد العشرات في البلدة الواحدة، عكس ما كان عليه الحال في العهد النّبويّ وعهد الخلفاء الرّاشدين، فليس هناك من مسجد تقام فيه الجمعة سوى المسجد النّبويّ. والله ولي التوفيق.

.

dimanche 5 juillet 2015

فضل القرآن وفضل أهله وأهمية قراءته للمسلم

فضل القرآن وفضل أهله وأهمية قراءته للمسلم


https://twitter.com/hadithecharif
http://almobine.blogspot.com/

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبعد..
فإن قراءة القرآن وتلاوته عبادة من العبادات مثلها مثل سائر العبادات، وهي من الذكر يؤجر القارئ على قرأته له، ولذلك حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على تلاوته ودلنا على عظيم أجره.

وكثرة القراءة للقرآن تولد عند المسلم الذي يَستمتع بقراءته لذة بتلاوته، وراحة نفسية واطمئنان في القلب، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28]. وبتكرار القراءة بتلذذ فإن القارئ سوف يحاول أن يفهم ما يقرأ من القرآن بوعي وبصيرة.. فإذا فهم ما يقرؤه بوعي وبصيرة فإنه لاشك سوف يدخل إلى محراب التفكر والتدبر، ويبدأ بالتدبر لآيات الله في القرآن وعندها يكون عمل بمقتضاها عن علم ووعي وبصيرة.

أما الذي يقرأ القرآن ولا يتلذذ بتلاوته ولا يحاول أن يفهم مراد الله من الآيات التي يقرأها، فهو مثل الذي يقرأ في جريدة أو قصة، ولذلك قد لا يصل إلى مرحلة التدبر والتفكر.. ولذلك كان لا بد للمسلم من معرفة ما أعده الله لقارئ القرآن من الجوائز العظيمة في الدنيا والآخرة.

وقد قال خالد بن عبد الكريم اللاحم عن فهم القرآن وتدبره:
(إن فهم القرآن وتدبره مواهب من الكريم الوهاب يعطيها لمن صدق في طلبها وسلك الأسباب الموصلة إليها بجد واجتهاد أما المتكئ على أريكته المشتغل بشهوات الدنيا ويريد فهم القرآن فهيهات هيهات ولو تمنى على الله الأماني).

إن القرآن الكريم هو كلام الله المنزل على قلب رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو معجزته الخالدة: وفي الأثر عن علي بن أبي طالب أنه روى حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم  ومنه ما ذكره عن القرآن أنه: "كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل. من تركه من جبار قصمه الله. ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: ﴿. إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ [الجن: 1-2]، من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم" [1]. كما ذكر صاحب تهذيب الكمال عن أكثر من واحد منهم الشعبي، وأبو إسحاق أن الراوي للحديث الحارث الأعور الهمداني أنه كذاب. وها هي أقوالهم كما نقلها (صاحب تهذيب الكمال) عن مصادرهم: (قال أبو زرعة: لا أعرفه. الجرح والتعديل: 9 / الترجمة 2239. وقال الذهبي في "الميزان": حديثه في فضائل القرآن العزيز منكر (4 / الترجمة 10585). وقال ابن حجر في "التقريب": مجهول) [2].

وبما أني قد سمعت عن هذا الأثر كثيراً، وليس هناك ما يدل على نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لذلك فضلت القول: في الأثر عن علي.. إلخ، فالمعنى العام لهذا الأثر يصدق على القرآن.

وقد قال تعالى عن القرآن الكريم في سورة البقرة، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: 1-2]. وقال في سورة الإسراء: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا [الإسراء: 9]..

وبيَّنَ لنا الله أن القرآن هو أحسن الحديث فقال سبحانه وتعالى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [الزمر: 23].

وبما أن القرآن هو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الخالدة والباقية والخاتمة فهو محفوظ بوعد من الله بحفظه، قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9]، ولم ينقص منه حرف أو يزيد فيه حرف منذ أُنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم حتى الآن، ومن قال إن القرآنَ ناقصٌ أو محرفٌ فقد كذَّبَ بهذه الآية، ومنهم الشيعة الروافض الاثنا عشرية. وقد شدد علماء السلف ومن جاء بعدهم على إبقاء رسم كلمات المصحف على ما كانت عليه في مصحف عثمان رضي الله عنه، حتى وإن كانت بعض الكلمات يخالف رسمها الرسم الإملائي لتلك الكلمات في العصور المتأخرة.

في فضل القرآن على سائر الكلام:
وردت أحاديث كثيرة تبين فضل القرآن على سائر كلام البشر، وهو كلام الله فمنها: عن شهر بن حوشب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه"[3]. وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن الفضل بن موسى حدثنا محمد بن منصور المكي الجواز قال: رأيت سفيان بن عيينة وسأله رجل: يا أبا محمد ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام الله منه خرج وإليه يعود"[4].

وروى البخاري عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه : عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ".[5]. وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ" [6]. وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران"[7].

وروى النسائي وابن ماجة والحاكم بإسناد صحيح عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ"، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ:"هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ"[8].

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : مَنْ أَحْسَنُ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ؟ قَالَ: "مَنْ إِذَا سَمِعْتَ قِرَاءَتَهُ رَأَيْتَ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ"[9].

وعن نزول الملائكة عند الاجتماع لتلاوة القرآن:
روى مسلم في صحيحه من حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :"وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ" [10].

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله ابن عمر: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ"[11].

وقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على الالتزام بقراءة القرآن وحفظه، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ" [12]. أي المشدودة بالعقال، وعاهد عليها أي تردد عليها وراقبها.

عظيم أجر القرآن بعد الموت وفي الآخرة:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْقَ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا"[13]. رواه أحمد. وروى الطبراني في المعجم الكبير عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :"الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ، مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ" [14]. الماحِلُ: المجادلُ لصاحبه لما يتبع ما فيه.

الحافظ للقرآن المحقق لأحكامه يوضع على رأسه تاج الوقار في الجنة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ" [15].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" [16]. ومن مظاهر ودلائل الصلاح في الولد طاعته لله وقراءته للقرآن الكريم وأعماله الصالحة الأخرى.

وروى أحمد في مسنده عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ" (البطلة وهم السحرة). قَالَ (الراوي) ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: "تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ يُظِلَّانِ صَاحِبَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ.. أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ لَهُ هَلْ تَعْرِفُنِي فَيَقُولُ مَا أَعْرِفُكَ فَيَقُولُ لَهُ هَلْ تَعْرِفُنِي فَيَقُولُ مَا أَعْرِفُكَ فَيَقُولُ أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ، وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا فَيَقُولَانِ بِمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ.. ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا، فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا" [17]. ومعنى هَذَّاً: أي مسرعاً في قراءته القرآن. ويسمى أيضاً حدراً عند القراء.

أصناف الناس حسب تعاملهم مع القرآن:
روى البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا" [18].

وفي رواية الطبراني في معجمه: "مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآَنَ وَلا يَعْمَلُ بِهِ كَمَثَلِ رَيْحَانَةٍ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَلا طَعْمَ لَهَا، وَمَثَلُ الَّذِي يَعْمَلُ بِالْقُرْآنِ وَلا يَقْرَؤُهُ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ الْقُرْآَنَ وَيُعَلِّمُهُ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآَنَ وَلا يَعْمَلُ بِهِ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا خَبِيثٌ وَرِيحُهَا خَبِيثٌ" [19].

ما الهدف من المداومة على قراءة القرآن؟
إن الهدف من المداومة على قراءة القرآن هي الوصول إلى فهمه وتدبر آياته والعمل بما فيها من أوامر واجتناب ما فيها من نواهي في واقع الحياة حتى نكون من المهتدين إلى طريق الحق. وقد دلنا الله على صفات من هداهم إليه تعالى، فقال: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ [الزمر: 18].

وإذا كان المقصود والهدف من القراءة للقرآن هو التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بتلاوة آيات كلامه الكريم، ولا يتم ذلك إلا بفهم ما يُـقرأ، وتدبر ما يُتلى، ليتذكر القارئ معاني الآيات، ويفقه ما فيها من حِكَم ومواعظ، ويعرف ما تنطوي عليه من عقائد وعبادات وأحكام، وآداب وفضائل، وحلال وحرام، وقصص وأخبار، وتذكير واعتبار. وإذا لم يتحقق المقصود من القراءة وهو التدبر والفهم، فإنه لا خير في تلك القراءة.

والله سبحانه ما أنزل كتابه إلا ليتدبَّره قارئوه، ويفقهه تالُوهُ، قال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص: 29]. والقراءة مع التفهم والتدبر تُحْدِثُ تأثراً في نفس القارئ وخشوعاً في القلب، وخوفاً من الله عزَّ وجل، وطمعاً في رحمته، وشوقاً إلى لقائه، وهذه نتيجة التفهم والتدبر حين القراءة والتلاوة.

فلقد أنزل الله سبحانه القرآن الكريم ليقدم للبشرية جمعاء أحكم الأحكام التشريعية، وأروع الحقائق العلمية، وأوضح الآيات الكونية. ليحققوا في ضوئها دراسات لا مثيل لها، وليبنوا منها ثروة ضخمة من العلم لا تزال، وستبقى المادة الأولى والوحيدة لقيام حضارة عالمية لا مثيل لها، تنعم في ظلها وظلالها البشرية بكل مستوياتها وكافة أشكالها وعامة أجناسها، بحياة أفضل وعيش أرغد, ولذلك كان فهمه وتطبيقه من الضروريات اللازمة.

وقد أمر الله رسوله بتلاوة القرآن في أول نزول القرآن، في قوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا [المزمل: 4]، وكل أمر للرسول صلى الله عليه وسلم هو أمرٌ لجميع المؤمنين إلى قيام الساعة ما لم يكن أمراً خاصاً بالرسول. فتلاوة القرآن وقراءته عبادة يؤجر المسلم عليها المؤمن مثل سائر العبادات، بل إن أجره يتضاعف أكثر بتلاوته مع التدبر، ولذلك حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلاوته ودلنا على عظيم أجره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ: (الم) حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ"[20].

ويمكن إحصاء ما في كتاب الله من السور والآيات والحروف بالآتي:
ملاحظة: عدد الآيات والكلمات والحروف بالتقريب، والمشهور ما أثبتناه.

والآن تعالوا لنرى كيف يمكن للمؤمن أن يكسب الملاين من الحسنات بأقل جهد: عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم" المستدرك.

فإذا كان العدد التقريبي لحروف القرآن هو (323015 حرفاً) فإن المسلم بقراءته لمصحف واحد في الشهر في الأيام العادية يكسب عن كل حرف عشر حسنات، أي ثلاثة ملايين ومائتين وثلاثين ألف ومائة وخمسين حسنة.. والله يضعف الأجر في رمضان وفي العشر من ذي الحجة لمن يشأ.. والله ذو الفضل العظيم. وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

[1] رواه الترمذي في سننه، 5/ 172 رقم 2906. قال الشيخ الألباني عن الحديث في ضعيف الترمذي: ضعيف، 1/ 348 رقم 544.
[2] تهذيب الكمال (34/ 267). ذكرت تلك الأقوال في هامش تهذيب الكمال.
[3] سنن الدارمي 2/ 533 رقم 3357. قال حسين سليم أسد : إسناده حسن وهو مرسل.
[4] مختصر العلو للعلي الغفار، الحافظ الذهبي، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة : الثانية - 1412هـ. تحقيق: اختصره وحققه وعلق عليه وخرج أحاديثه محمد ناصر الدين الألباني. وقال الشيخ الألباني: صحيح.. ولكنه لم يذكر إن كان الكلام حديثاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أنه من كلام سفيان بن عيينة.
[5] البخاري، 4/ 1919 رقم 4739.
[6] البخاري، 4/ 1882 رقم 4653.
[7] مسلم 1/ 549 رقم 798.
[8] ابن ماجة 1/ 78 رقم 215. قال عنه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: صحيح. المستدرك 1/ 743 رقم 2046.
[9] رواه الطبراني في المعجم الأوسط، 2/ 311 رقم 2074.
[10] مسلم 4/ 2074 رقم 2699.
[11] البخاري 6/ 2737 رقم 7091. ومسلم 1/ 558 رقم 815.
[12] البخاري 4/ 1920 رقم 4743. مسلم 1/ 543 رقم 789.
[13] أحمد 2/ 192 رقم 6799، تعليق شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره وهذا إسناد حسن. والطبراني في المستدرك 1/ 739 رقم 2030.
[14] المعجم الكبير 10 / 198 رقم 10450. صحيح ابن حبان 1/ 331 رقم 124. قال شعيب الأرنؤوط: إسناده جيد.
[15] رواه بن ماجه في سننه 1/ 88 رقم 242. قال الشيخ الألباني: صحيح، ورواه البيهقي في شعب الإيمان 3/ 247 رقم 3448.
[16] مسلم 3 / 1255 رقم 1631.
[17] أحمد 5/ 348 رقم 23000. تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن في المتابعات والشواهد.
[18] البخاري 6/ 2748 رقم 7121. الأترجة: واحدة نوع من الثمار الحمضيات جميلة المنظر طيبة الطعم والنكهة لينة الملمس، رائحتها مثل الليمون، وقشرتها خضراء مصفرة، ويؤكل لبها الأبيض، وطعمه لذيذ. الريحانة: واحدة نوع من النبات طيبة الرائحة، (والريحان شجر صغير معروف في اليمن يغرس في سقوف البيوت، ولونه بين الرصاصي والرمادي). الحنظلة: واحدة نوع من ثمار أشجار الصحراء بحجم البرتقالة ولونها وطعمها شديد المرارة. (المعجم الوسيط).
[19] الطبراني، المعجم الكبير 9/ 136 رقم 8670.

[20] رواه الترمذي في سننه عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ. 5/ 175 رقم 2910.

samedi 4 juillet 2015

الصيام و التربية الروحية

الصيام والتربية الروحية
https://twitter.com/hadithecharif
http://almobine.blogspot.com/

دكتور / حسين حسين شحاتة


من عظمة الإسلام أنه يوازن بين المادة والروح في إطار متوازن بما يحقق للإنسان الإشباع المادي والروحي سوياً ، فالمادة هي أساس بناء الجسد ليقوى على عبادة الله عز وجل ، كما أن الروح هى أساس الجانب المعنوي داخل الإنسان ليستشعر حلاوة الإيمان بالله رباً وبالإسلام ديناً وبسيدنا محمد e  نبياً ورسولا .
ولقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة بقول الله عز وجل : " وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ، وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين " (القصص : 77 ) ، والمسلم الصادق القوى الإيمان يبتغى بكل شئ وجه الله ، وأساس ذلك قول الله تبارك وتعالى : " قل إن صلاتي ونسكى ومحياى ومماتي لله رب العالمين لا شريك له . وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " (الأنعام : 162 - 163 ) .
 وتعتبر فريضة الصوم من أهم مقومات التربية الروحية وتزكية النفس كما أنه علاج فعال لما يصيبها من قسوة وغلظة وخشونة وتكاسل عن الطاعات والعبادات وضيق الصدر والغفلة عن الله عز وجل والوقوع فى المعاصى.


c - الصيام جنّة للنفس :
والصيام مدرسة للتربية الروحية حيث يهذب النفس البشرية ويقومّها ، ويطهّر القلوب من عبادة المال ويقوّى ويعمّق الإيمان بالله ، كما أنه ينقى الروح والجسد من طغيان المادة ويحمى الإنسان من شوائب الشهوات الحيوانية الجسمية إذا ما تجاوزت ما شرعه الله عز وجل فى هذا الشهر .
فهو وقاية للنفس البشرية من النار ، ولقد روى الإمام أحمد بإسناد حسن عن جابر رضى الله عنه أن النبى e قال : " الصيام جنّة يستجن بها العبد من النار " ." ألا أدلك على أبواب الخير ؟ ، قلت بلى يا رسول الله ، قال : " ما من عبد يصوم يوماً فى سبيل الله إلاّ باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا " ( متفق عليه ) .

c  -  الجوانب الروحية للصيام
      من أهم الجوانب  الروحية  للصيام عديدة نذكر ما يلى :
أولاً : الصيام يزيد المؤمن تقوى وصلاحاً ويقيه الإلحاد والمعصية ، ذلك على أساس التربية الروحية قال الله عز وجل موضحاً الغاية من الصيام وهى التقوى: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيـــــام كمــا كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتـــقون " ( البقرة : 183 ) فالمفطر الجاحد لفريضة الصيام كافر ، والمفطر كسلاً وتقصيراً يعتبر فاسقاً عاصياً .
ثانياً : الصيام يدخل على النفس البشرية السعادة والبهجة والاطمئنان ويحميها من القلق والاضطراب ، فالمسلم يفرح لقدوم شهر رمضان ويستعد له استعداداً كريماً  متذكراً قول الرســول  e :" إذا جاءكم رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار و صفدت الشياطين"  ( رواه البخاري ومسلم )
ثالثاً : الصيام يعود النفس البشرية على الدعاء والتبتل ، ويقيها من التكبر ، فدعاء الصائم مجاب ولقد وردت آية الدعاء في وسط آيات الصوم ، فيقول الله عز وجل" وإذا سألك عبادي عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون" ( البقرة:186) ، كما أن في رمضان ليلة القدر ، وهى خير من ألف شهر ، يتوجه الصائم فيها بالدعوات الصالحات حيث يقول : " اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنى "  . ( رواه ابن ماجه والترمذى عن عائشة ) .
رابعاً : ينمى الصوم في النفس البشرية المراقبة الذاتية حيث يستشعر الصائم أن الله عز وجل يراقبه في كل تصرفاته وسكناته ، يصوم بدنه وتصوم جوارحه ويصوم قبله ، يقيه ويحميه الصوم عن عمل أى شئ يضيع عليه ثواب الصائمين مؤمناً بقول الله عز وجل : " وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير "(الحديد : 4) وقول الرسول  e : " أعبد الله كأنك تراه فإن  لم تكن تراه فإنه يراك " ( متفق عليه ) .
خامساً : يزيد الصوم عند المسلم الإخلاص لله ويجنبه النفاق والرياء والتفاخر ، فالصوم لله وحده والله وحده هو الذي يجزى الصائمين ، مصداقاً لقول الرسول e  فيما يرويه عن رب العزة أنه قال : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي " ( رواه البخاري ومسلم ) ، والصائم حين يفطر يتوجه إلى الله بالدعاء ويقول : " اللهم إني لك صمت وبك آمنت وعلى رزقك أفطرت " .
سادساً : والصوم يدرب النفس البشرية على الجهاد ويحميها من الخنوع والجبن ... ومجاهدة هوى النفس التي يحب صاحبها المأكل والمشرب والشهوة .... كما يدربها على الخشونة والصبر والثبات وقوة التحمل ، وعندما يفلح المسلم الصائم في الجهاد ضد هوى النفس ، يستطيع أن يجاهد  أعداء الإسلام .


c -  الصيام علاج لأمراض النفس

الصيام وجاه للنفس البشرية من أن تقع فى المعاصى الظاهرة منها والباطنة وارتكاب ما حرمه الله عز وجل لأن الإنسان يعيش فى أجواء إيمانية بين القرآن والقيام والذكر والدعاء والتبتل ومع عباد الله الصالحين
كما يعتبر الصيام علاجاً لقسوة القلب وغلظته ، لأنه يرقق القلوب إلى الله الذى خلقه ورزقه وهو الذى سوف يميته ويقبره ويبعثه ثم يحشره ويحاسبه يوم لا ينفع مال  ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم ،  والصوم علاج فعال للفتور الذى يصيب النفس البشرية ويجعلها تتكاسل عن الطاعات والعبادات أو عدم إتقانها والتعلق بالدنيا وزخارفها ومنها المال والبنون والزوجة ، حيث يعيش المسلم معظم وقته مع عباد الله الصالحين الصائمين فى مجالس الذكر والدعاء


cوصايا إلى أصحاب النفوس الصائمة :
• اغتنم شهر الصيام لتربى نفسك على الإخلاص لله وتطهرها من النفاق والرياء  .
اغتنم شهر الصيام لتربى نفسك على الامتثال والطاعة و لله رب العالمين وتطهرها من الكبر والمظهرية.
• اغتنم شهر الصيام لتتجه بنفسك إلى الله بالدعاء  والتبتل راجياً المغفرة والعتق من النار ، وتطهرها من الغفلة عن ذكر الله  .
• اغتنم شهر الصيام لتخضع نفسك لمراقبة الله عز وجل لتزداد خشية له وخوفاً منه .
• اغتنم شهر الصيام لتدرب نفسك على الجهاد وكبح هواهـا لتكون من أصحاب العزائم .


الصيام تربية للنفس على الجهاد


يعتبر الصيام من أقوى الوسائل لتربية النفس البشرية على الجهاد  ففى الصيام جهاد للنفس بمخالفة المألوف والخروج عن المعتاد وترك الشهوات كلية ، كما أنه يربى المسلم على الصبر والجلد وقوة الاحتمال والتضحية ، وهذه كلها من سمات المجاهد في سبيل الله لجعل كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى .
وهناك أوجه تماثل وتشابه بين الصائم إبتغاء مرضات الله وبين المجاهد في سبيل الله نذكر منها  ما يلى :


أولاً : طاعة الله غاية الصائم والمجاهد :
يصوم المســلم طاعة لله وامتثالاً لأمره ، مصداقاً لقوله عز وجــــل " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " ( البقرة : 183 ) ، فيرجو المسلم من الله أن يغفر له ما تقدم من ذنبه ، آملاً العتق من النار والفوز بالجنة ، ولقد وعد الله عز وجل بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " (رواه النسائى) ، وفى الحديث القدسى " كل عمل إبن ادم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به " (رواه البخارى  ) .
كذلك المجاهد في سبيل الله عز وجل لبى نداء الله بالجهاد آملا النصر أو الشهادة، وجزاء الشهداء الجنة، كما إنه يُرزق عند الله عز وجل، مصداقاً لقوله تبارك وتعالى : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون " (البقرة : 169 ) فغاية الصائم والمجاهد هى إرضاء الله عز وجل والفوز بالجنة .


ثانياً : الإخلاص من خصال الصائم والمجاهد :
يتسم الصائم بالإخلاص لله عز وجل في صيامه ، بدون الإخلاص لا جدوى من صيامه ، مصداقاً لقول الرسول  صلى الله عليه وسلم  : " رب قائم حظه من قيامه السهر أو رب صائم حظه من الصيام  الجوع والعطش "(رواه أحمد ) وكذلك المجاهد في سبيل الله يبتغى من هذا الجهاد إرضاء الله عز وجل وليس ليقال عنه أنه شجاع ... ولذلك - يجب أن يتوفر لدى كل من الصائم والمجاهد درجة عالية من الإيمان والورع حتى يكون مخلصاً في صيامه وجهاده ليس في ذلك أى شئ لهوى النفس أو للمظهرية والمباهاة ، قال رجل : يارسول الله أحدنا يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ، ويقاتل رياء أى ذلك فى سبيل الله ؟ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله " (رواه الشيخان ) .
 فالإخلاص ركن أساس من عمل الصائم ومن عمل المجاهد وبدونه لا يقبل الصوم ولا يقبل الجهاد .


ثالثاً : الصبر من خصال الصائم والمجاهد :
الصيام يعود النفس البشرية الصبر على الجوع العطش وكف الشهوات حتى تحصن هذه النفس ضد الضعف وتقوى ضد الضغوط فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  " صم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شـــــهر يذهبن وحَرَ الصدر " (رواه الطبرانى ) ... وكذلك نـجد المجاهد في ســــبيل الله يصبر ساعات طويلة وهو في مواجهة العدو بدون طعام أو شراب  وكأن الصيام يدرب المسلم على كيفية الصبر وقوة التحمل ، حتى إذا كانت ساعة الجهاد يكون قد أعد نفسه  .
فالصبر هو سلاح الصائم والمجاهد وينطبق عليهما قول الله تبارك وتعالىإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " (الزمر:10) .


رابعاً : التضحية من خصال الصائم والمجاهد :
يضحى الصائم بالطعام والشراب وغرائز النفس وكذلك بالمال متمثلاً في صدقة الفطر والصدقات التطوعية من أجل الثواب من الله عز وجل ، ولقد ورد في هذا الشأن الأحاديث الكثيرة منها قول الرسول صلى الله عليه: " الصيـــام والقــــرآن يشــــفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيـــام : أى رب منعته الطعام والشهوة فشــــفعنى فيه ، ويقول القرآن : أى رب منعته النوم بالليل فشـــفعنى فيه، قال :  فيشفعان " (رواه الإمام أحمد والطبرانى)
ففى الصيام تضحية بأشياء محببة لدى النفس من اجل التقرب إلى الله عز وجل وكذلك المجاهد : يضحى بنفسه وبماله لله عز وجل ، مصداقاً لقوله تبارك وتعالى" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة " (التوبة : 111 ) .
 كما أن المجاهد كذلك يضحى بالطعام والشراب والمال والبنين من اجل الجهاد في سبيل الله ولقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم ,  فقال : " من لم يغز ، أو يجهز غازياً ، أو يخلف غازياً في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة " (رواه أبو داود ) ، وقال أيضاً : " وجاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم " (رواه أبو داود ) .
فالتضحية بالنفس والمال والمأكل والمشرب والشهوات من خصال الصائم والمجاهد في سبيل الله وهى أساس النصر على هوى النفس وعلى أعداء الإسلام ، ومن لم يستطع أن ينتصر على هوى نفسه لا يستطيع أن ينتصر على عدوه . …


 شهر رمضان شهر الغزوات والفتوحات :
 لقد ورد في الأثر أن الرسول صلى الله عليه وسلم  كان كلما هم بغزوة من الغزوات تحرى أن تكون في شهر رمضان توطينا لنفسه الشريفة وللجنود على احتمال ما سوف يلاقيهم في سبيلها من جهاد ومشقة ، وتقرباً إلى الله عز وجل وإرشاداً للمسلمين إلى سبيل الاسـتعداد لاحتمال الشـدائد في الجهاد ، وهنا يجتمع لدى المجاهد الصائم مجاهـدة النفس ومجاهدة الأعداء فإذا انتصر تحقق له انتصاران : هما الانتصار على هوى النفس والانتصار على أعداء الله ، وإذا استشهد لقى الله سبحانه وتعالى وهو صائم ، وتحقق فيه قول الله تبارك وتعالى: " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة " التوبة:111) .


رمضان شهر انتصارات المجاهدين فى سبيل الله .
ففى شهر رمضان على سبيل المثال تمت الغزوات والفتوحات والإنتصارات الآتية :
(1) غزوة بدر الكبرى فى السنة الثانية من الهجرة .
(2) فتح مكة فى السنة الثامنة من الهجرة .
(3) معركة حطين ودخول المسلمين الأندلس .
(4) فتح القسطنطينية على يد محمد الفاتح .
(5) معركة عين جالوت حيث انتصر المسلمين على التتار .

الصيام تربية للنفس على التضحية

الصيام تربية للنفس البشرية على التضحية بالخروج عن المألوف ومخالفة المعتاد وترك الشهوات والغرائز المتاحة له وهو مفطر ، فترك طعامه وشرابه كما أنه يؤدى زكاة ماله وزكاة الفطر ويكثر من الصدقات التطوعية فى هذا الشهر الكريم ، ليربى نفسه على التضحية فى سبيل الله الذى يحبه ، ومن أبرز أنواع التضحية فى فى شهر رمضان هو التضحية بالمال الذى يحبه الإنسان من أجل الله عز وجل الذى رزقه هذا المال ,وكذلك التضحية بترك المباحات طاعة لله وامتثالاً لأوامره ، وهذا ما سوف نوضحه فى الصفحات التالية .   
الصيام يربى النفس على التضحية بالمال :

يضحي الصائم في شهر رمضان بالمال إما في صورة صدقات تطوعية أو صدقات مفروضــــة ( زكاة المال وصدقة الفطر ) من أجل تقديم الشكر لله الذي رزقه هذا المال وكذلك من أجل إقامة فريضة الزكاة ... ، ونـجد المسلمين في هذا الشهر أكثر جوداً وكرماً تأسياً برسول  الله صلى الله عليه وسلم  الذي كان أجود الناس ، وكان أكثر ما يكون في رمضان حين كان يلقاه جبريل ليدارسه القرآن ... وهذا كله يدرب النفس البشرية على التضحية بالمال.

ولقد ورد في الحث على مزيد من التضحية بالمال في رمضان أحاديث نبوية شريفة منها قال ابن عباس رضى الله عنهما : كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فالرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخيرمن الريح المرسلة "(رواه البخارىومسلم) ، وعن رسول ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " ...... ومن فطر صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار ، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شئ ، قالوا : يا رسول الله ، ليس كلنا يجد ما يفطّر الصائم ، فقال   :  "يعطى الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن .... " ( رواه بن خزيمة ) .


الصيام يربى النفس على التضحية بالشهوات
يربى الصوم النفس البشرية على التضحية بالمألوف من الغرائز والشهوات المباحة له شرعاً فى غير أوقات الصيام ، عبادة وطاعة وامتثالاً لأمر الله عز وجل الذى فرض عليه الصيام الذى قال : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ، لعلكم تتقون " ( البقرة : 183) ، وفى هذه الأية الكريمة إشارة إلى أن فريضة الصيام تربى النفوس على الطاعة وتطهير القلوب من اتباع الهوى
وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم   قال : " الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أى رب منعته الطعام والشهوة فشفعنى فيه : ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعنى فيه : فيشـــــفعان " ( رواه أحمد والطبرانى والحاكم ) .


قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم   : " كل عمل ابن آدم له ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله : إلاّ الصوم فهو لى وأنا أجزى به ، يدع الطعام من أجلى ، ويدع الشراب من أجلى ، ويدع لذته من أجلى ، ويدع زوجته من أجلى ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، وللصائم فرحتان : فرحة حين يفطر ، وفرحة حين يلقى ربّــــه " ( رواية ابن خزيمة) وفى رواية لمسلم : " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله تعالى : إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به ، يدع شهوته وطعامه من أجلى ، للصائم فرحتان : فرحة حين فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " ( رواه أحمد )


ومن الأشياء التى يضحى بها الصائم وهى مباحة له فى غير أوقات الصيام :
    - جماع الزوجـة والطعام والشراب  و الحــجـامـة .
 
الصيام يربى النفس على التضحية بالنوم من أجل العبادات 
يحافظ الصائم على وقته فى رمضان بين العمل الجاد المنتج للحصول على الكسب الطيب ويضاعف من وقت العبادة لله عز وجل ، فنجده فى شهر رمضان يقضى وقتاً كبيراً فى صلاة القيام وفى قراءة القرآن ، وفى صلاة التهجد وفى الاعتكاف بدون أن يتعدى على وقت العمل ، ولقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " (رواه البخارى ) .


وطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم الإجتهاد فى العشر الأواخر من رمضان ، فقد أخرج الإمام أحمد أن النبى صلى الله عليه وسلم   " كان إذا دخل العشر الأواخر ، أحيى الليل وأيقظ أهله وشد المئزر " ( رواه أحمد ) ، وعن عائشة قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجتهد فى العشر الأواخر ما لا يجتهد فى غيره " (البخارى ).

بما يجزى الله الصائمين مقابل تضحياتهم ؟
يضحى الصائم بالشهوات وبالمال وبالوقت وبكل عزيز عنده من أجل رضاء الله وتقواه ، ويكافئ الله هذا الصائم بجزاء كبير هو الجنة والزحزحة عن النار ، وهذا هو جزاء المتقين ، فمن صام رمضان إيمانا واحتساباً لله عز وجل أن جزاؤه عند الله ، فهو القائل : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به " (رواه البخارى) .


كيف يحسب جزاء أعمال الصائمين ؟
يختلف حساب ثواب الأعمال فى شهر الصيام عنها فى الشهور الأخرى فإذا كانت الصدقة التطوعية بعشر أمثالها إلى سبعمائة فى حالة الإنفاق فى سبيل الله ، فإن ثواب هذه الصدقة التطوعية فى رمضان تعدل ثواب فريضة الزكاة ، وثواب النافلة فى شهر رمضان يعدل ثواب الفريضة فى غير رمضان وثواب الفريضة فى شهر رمضان يعدل ثواب سبعين فريضة فى غير رمضان وثواب العمرة فى رمضان يعدل ثواب الحجة ......وهكذا .


ربح الصائـم مـع الله
الإنسان بطبيعته لا يضحى بشئ إلا إذا كان العائد أغلى وأثمن وأفضل من المضحى به ، فالمشترى يضحى بالمال مقابل السلعة التى تزيد قيمتها عن المال ، وهذا أمر غرائزى عند كل البشر ، وحتى يحفز الله عز وجل عباده على الإكثار من التضحية فى سبيله جعل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، وفى رمضان وضع خاص للصائمين ....... بمقابل التضحيات الجنة ....... إن سلعة الله غالية ، إن سلعة الله غالية ، إن سلعة الله غالية ، هى الجنة . نعم الرابح مع الله عز وجل فى شهر الصيام هو الذى يقدر ثمن الجنة ، ويقارن بين ماله ، ووقته ، وإشباع شهواته وغرائزه وبين مقابل ذلك وهو الجنة .


ولقد حسم القرآن الكريم ذلك فقال : " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ، ذلك متاع الحياة الدنيا ، والله عنده حسن المآب ، قل أؤنبؤكم بخير من ذلك للذين اتقوا عند ربهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد " ( آل عمران : 14, 15 ) .