el bassaire

vendredi 21 septembre 2012

امرأة انقطع عنها الدم للكبر وأثناء السفر أتاها دم واستمر معها

كثيراً من العلماء يحدد لانتهاء الحيض من المرأة خمسين سنة ، وبناء على هذا القول يكون هذا الدم الذي أصاب هذه المرأة ليس حيضاً فلا يمنعها من الصلاة ولا من الطواف ولا من الصوم إلا أنه لا يحل لها أن تدخل المسجد الحرام أو غيره من المساجد إذا كانت تخشى أن تتلوث بالدم النازل منها ، وأما على قول من يقول إن الحيض ليس لانقطاعه سن معينة وأنه يمكن للمرأة أن تحيض ولو بعد خمسين سنة وبقي الحيض معها مستمر فإن الدم يكون حيضاً ، لكن هذه المرأة يذكر السائل عنها أنها انقطع الدم لمدة سنتين ثم أتاها هذا الدم الذي هو مشكل لأنه لو كان مستمراً معها فليس فيه إشكال لأنه حيض على القول الراجح لكن لما انقطع لمدة سنتين ثم جاءها هذا الدم الذي ليس منضبطاً فالظاهر أنه ليس دم حيض وحينئذ لها أن تطوف وتصلي وتصوم (1 ) .

مرأة أصابها الدم فتركت الصلاة ثم بعد أيام أتتها العادة الحقيقة

السؤال: 
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
الاجابه: 
الأفضل أن تصلي ما تركته في الأيام الأولى وإن لم تفعل فلا حرج عليها ،وذلك لأن النبي (ص) لم يأمر المرأة المستحاضة التي قالت إنها تستحاض حيضة شديدة وتدع فيها الصلاة فأمرها النبي (ص) أن تتحيض ستة أيام أو سبعة وأن تصلي بقية الشهر ،ولم يأمرها بإعادة ما تركته من الصلاة وإن أعادت ما تركته من الصلاة فهو حسن لأنه قد يكون منها تفريط في عدم السؤال وإن لم تعد فليس عليها شيء ( 1).
المرجع: 
(1 )مجموع وفتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين 4/275 

امرأة كانت تحيض ستة أيام ثم استمر معها الدم

سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
الاجابه: 
هذه المرأة التي كانت يأتيها الحيض ستة أيام من أول كل شهر ثم طرأ عليها الدم وصار يأتيها باستمرار عليها أن تجلس ستة أيام من أول كل شهر ويثبت لها أحكام الحيض ، وما عداها استحاضة فتغتسل وتصلي ولاتبالي بالدم حينئذٍ لحديث عائشة رضي الله عنها :"أن فاطمة بنت حبيش قالت : "يا رسول الله إني استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة ؟ قال :*( لا إن ذلك عرق ، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي)* رواه البخاري ،وعند مسلم أن النبي (ص) ، قال لأم حبيبة بنت جحش : *( امكثي قدر ما كنت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي )* ( 1).
المرجع: 
( 1 )مجموع وفتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين 4/279

ختان الإناث بين المشروعية والحظر دراسة فقهية مقارنة

فإنه ما يزال يخرج علينا – بين الحين والآخر – هؤلاء النفر الذين يترسمون خُطى الغربيين ويحذون حذوهم رافعين أصواتهم بدعاوى التحريم تارة والتجريم أخرى لأمور كثيرة، هذا على أنهم ليسوا بالمفتين والعلماء، وعلى أن ذلك ليس لثبوت التحريم والتجريم في دين الله وشرعته؛ وإنما موافقةً لحضارة الغرب، وميلاً إلى اتباع سننه، وانتهاج نهجه، وكثيراً ما يُغلِّفون تلك الدعاوى بهذا الغلاف البراق الذي ينطلي على كل غافل: غلاف حقوق الإنسان، والحماية له، والحرص على سلامته وحريته.ويعقدون لذلك المؤتمرات والندوات، ولا نعدم أنْ نجد لهم في الإعلام المقروء، والمسموع، والمشاهد أبواقًا تذيع دعواهم بهذا التحريم، وذاك التجريم، وأصواتًا مرتفعة تُروِّجُ من هذا وتبشر به، وترسخ له في نفس القارئ، والسامع، والمشاهد من غير أنْ تدخر وسعًا في هذا السبيل.وتُسَخَّر جميع الإمكانات من أجل إنجاح هذه المؤتمرات والندوات، فينخدع الناس بها، ولا يجرؤ أحدٌ على الخروج عليها كما لو كان ذلك دينًا وشرعة عن الله ومنهاجًا لرسوله.وحينئذٍ تُخرْسُ الألسنة، وتُكمَّم الأفواه، ويثبت لهم ما أرادوا من تحريم هذه الأمور وتجريمها، ويحسب الناس أنَّ ذلك دين وسنة، وتقع الفتن، وتكون الحيرة والاضطراب.
ومن جملة تلك الأمور التي تنادوا بتحريمها وتجريمها هذا الأمر: ختان الإناث الذي هو موضوع بحثنا، فقد آثرت أنْ أدرسه دراسة فقهية مقارنة في ضوء نصوص مذاهب الفقه، وأدلته، ومقاصده الكلية؛ لأُجَلِّي وجهة الفقه بخصوصه بعيدًا عن ضجيج مؤتمراتهم وصخب ندواتهم؛ ليكون المسلم على بيِّنة من أمر دينه: هل يشرع فيه ختان الإناث؟ أو أنه يحرم هذه الحرمة التي تجعل فاعله مجرمًا مستوجبًا للعقوبة؟!!
وقد جعلت البحث في ثلاثة مباحث وخاتمة على النحو الآتي:
المبحث الأول: معنى ختان الإناث، واشتقاقه، وأسماؤه، وأنواعه.
المبحث الثاني: مذاهب الفقهاء في ختان الإناث بمعناه الاصطلاحي مع المناقشة والترجيح.
المبحث الثالث: وجهات الأطباء المعاصرين في ختان الإناث عرض، ومناقشة، وترجيح.

 وقد انتهيت في هذا البحث بالآتي:
أن أدلة الوجوب بمجموعها سواء أكانت من «القرآن»، أم من «السُّنة»، أم من «الاعتبار»- لم تنتهض لإفادة وجوب ختان الإناث؛  فلم يسلم دليلٌ واحدٌ منها من أنْ يرد عليه إمَّا جوابٌ قويٌّ – معارض مقاوم – يسقط معه الاستدلال به؛ فلا يكون للموجبين تعلُّق صحيح به، وإما جواب يوهن ويضعف من حجيته، فلا يكون للموجبين تعلُّقٌ قويٌ به، فهذه الأدلة – كما قدمنا – أنواعٌ، (نوع منها غير صحيح) فلا يصلح للاحتجاج به، فلا تعلُّق صحيح للموجبين به على إفادة الوجوب، و (نوع آخر صحيح) لكنه غير صريح الدلالة على الوجوب، وقد تطرق إليه الاحتمال، فاحتمل الوجوب والندب، وليس حمله على الوجوب بأولى من حمله على الندب، وهذا النوع لا تعلُّق قويٌّ للموجبين به، (النوع الثالث) لو سُلِّم بأنه صحيح صريحٌ في الوجوب مختصٌّ بالرجال، والاستدلال به على النساء من باب «القياس»، والقياس – هنا- ممتنع؛ لوجود هذا الفرق الظاهر المؤثر بين ختان الذكور وختان الإناث، وهذا النوع لاتعلق صحيح للموجبين به.
وبهذا فإنه يظهر أن مذهب فقهاء وجوب ختان الإناث ليس بالمذهب القوي الذي يصار إليه ويقال به، فلا يعوَّل عليه، ولا يلتفت إليه، فـ «الحق: أنه لم يقم دليل صحيح على الوجوب».
أني أوثر – بعد هذا الحديث – ما قدَّمه الفقهان «الحنفي»، و «المالكي» من أنَّ ختان الإناث «مكرمة» على ما قدَّمه فقهاء مذهب الجمهور من أنَّ هذا الختان «سُنَّةٌ»؛ تفريقًا بين ما أمر النبيُّ  به ورغَّب فيه وحثَّ عليه كما هو الشأن في ختان الذكور وبين ما أقره بتعديل وتطوير فيه إقراراً مقيدًا، من غير أمرٍ منه ابتداءً، ولا ترغيبٍ فيه ولا حثٍّ عليه بعد تعديله وتطويره.
هذا والحمد لله – تعالى – على ما أعان ووفَّق من هذا البحث، ونسأله – جلَّ شأنه – أن يجعله عملاً خالصًا لوجهه الكريم، وأن يكون مما تُثقَّل به موازين الحسنات يوم القيامة.
و«صلَّى » الله – تعالى و «سلَّم»، و «بارك» على نبيِّنا محمد

السجود لله يخلص الإنسان من التوتر النفسي

قال الله تعالى في كتابه العزيز محمد  رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ 

مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ "مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الفتح:29).

وعن عبد الله بن محمد بن الحنفية قال: انطلقت مع أبي إلى صهر لنا من أسلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كشفت أحدث الدراسات في مركز تكنولوجيا الإشعاع القومي أن السجود لله يخلص الإنسان من الالآمالجسدية و التوتر النفسي وغيرها من الأمراض العصبية والعضوية ... و أكتشف أخصائيوالعلوم البيولوجية و تشعيع الأغذية في المركز برئاسة الدكتور محمد ضياء حامد، أنالسجود يقلل الإرهاق و التوتر و الصداع و العصبية و الغضب ، كما يلعب دورا مهما فيتقليل مخاطر الإصابة بالأورام السرطانية و أوضح الباحثون أن الإنسان يتعرضلجرعات زائدة من الإشعاع ، ويعيش معظم أحواله في أوساط و مجالات كهرومغناطيسية وهو ما يؤثر سلباً على خلاياه فيتبعها ويرهقها، أما السجود لله فيساعد الجسم فيتفريغ هذه الشحنات الزائدة التي تسبب أمراض العصر كالصداع وتقلصات العضلات وتشنجات العنق و التعب و الإرهاق . إضافة إلى النسيان و الشرود الذهني مشيرين إلى إنزيادة كمية الشحنات الكهرومغناطيسية دون تفريغيها يفاقم الامر و يزيده تعقيداً، ولأنها تسبب تشويشا في لغة الخلايا و تفسد عملها و تعطل تفاعلها مع المحيط الخارجي ،فتنمو الأورام السرطانية و قد تصاب الأجنة بالتشوهات واثبت العلماء أن السجود يمثل وصلة أرضية تساعد في تفريغ الشحنات الزائدة والمتوالدة إلى خارج الجسم والتخلص منها بعيدا عن استخدام الأدوية و المسكنات وآثارها الجانبية المؤذية. وأكد الخبراء المصريون أن عملية التفريغ هذه تبدأ بوصل الجبهة بالأرض، كما فيالسجود حيث تنتقل الشحنات الموجبة من جسم الإنسان إلى الأرض ذات الشحنة السالبة وبالتالي يتخلص الجسم من الشحنات خصوصا مع استخدام عدة أعضاء فعند السجود لله يستخدمالإنسان عدة أعضاء هي الجبهة و الأنف و الكفان والركبتان و القدمان فتصبح عمليةالتفريغ أسهل و ابسط  و في اكتشاف مثير أيضا لاحظ الباحثون في دراساتهم أن عمليةتفريغ الشحنات الكهرومغناطيسية من جسم الإنسان يتطلب الاتجاه نحو مكة المكرمة فيالسجود، و هو بالفعل ما تعتمد عليه صلاة المسلمين بتوجيه وجوههم إلى للقبلة و هيالكعبة المشرفة في مكة . و ارجع العلماء ذلك إلى أن مكة المكرمة هي مركز اليابسةفي العالم ، و تقع في منتصف الكرة الأرضية ( و ليست مدينة جرينتش كما يقولون ) والاتجاه إلى  مركز الأرض هو أفضل الأوضاع لتفريغ الشحنات فيتخلص الإنسان منهمومه ويشعر بعدها بالراحة النفسية وهو بالفعل ما يشعر به المسلمون بعد أداءالصلاة.

استحالة النجاسات وعلاقة أحكامها باستعمال المحرم والنجس في الغذاء والدواء

استحالة النجاسات وعلاقة أحكامها باستعمال المحرم والنجس في الغذاء والدواء

 1 – الإستحالة في اللغة والاصطلاح:
جاء في معنى حال: " كل شئ تغير عن الإستواء إلى العوج فقد حال في معنى واستحال وهو المستحيل" وأحال الشئ: تحول من حال إلى حال.
ومعنى الإستحالة في الاصطلاح:" انقلاب حقيقة إلى حقيقة أخرى "
وفي المصطلح العلمي الشائع: يُنظر إلى كل تفاعل كيميائي يحول المادة إلى مركب آخر ، على أنه ضرب من استحالة العين إلى عين أخرى ، كتحويل الزيوت والشحوم على اختلاف مصادرها إلى صابون .

2 – حكم أستحالة النجس إلى حقيقة اخرى :
اختلف أهل العلم في استحالة النجاسة إلى حقيقة أخرى بالحرق أو بغيره؛هل تكسب الطهارة أم لا ؟ قولان:
القول الأول: الاستحالة تكسب الطهارة .
ذهب بعض العلماء ‘لى القول بالطهارة . وممن قال بذلك أبو حنيفة ومحمد وأكثر الحنفية والمالكية. ولم يفرقوا ما بين ماهو نجس لعينه وماهو نجس لمعنى.
أما الشافعية فوافقوا هذا الرأي في النجس لمعنى كجلد الميتة.
ومن الحنابلة من يقول بالطهارة وهو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو كذلك ماذهب إليه أهل الظاهرية .


 يتبين لنا مما سبق في استحالة المادة وانقلابها إلى مادة أخرى ، أن هناك أقولاً بعضها كان موضع اتفاق وهو استحالة الخمر إلى خل وذلك لمورد النص ولو أن البعض اشترط تخللها بنفسها دون مداخلة الغير والبعض تجاوز هذا الشرط .
وبعض الأقوال مختلف فيه :أي تحول من عين إلى عين كتحول عظام الميتة إلى رماد أو دخان بالاحراق أو تحول العذرة إلى رماد بالاحتراق وغيره........إلخ .
وقد لاحظنا أن بعض الفقهاء –الشافعية والحنابلة- يبقيها على ما كانت عليه قبل الاستحالة ، أي أنها تبقى نجسة.
وفريق أخر من الفقهاء –المالكية والاحناف- يرى أن العين النجسة يتغير الحكم عليها باستحالتها إلى عين أخرى بحيث تتغير خصائصها وتصبح ذات مواصفات جديدة مختلفة عن الأصل ولا يمنع هؤلاء الفقهاء من تناول العين الجديدة إلا إذا حملت من خصائصها خبثاً أو ضرراً يؤذي البدن والعقل .
واستناداً إلى ما ذهب إليه الحنفية وغيرهم من المالكية ومن تبعهم ، وما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والإمامية الاثنى عشرية نستطيع ان نستنتج القواعد التالية المتعلقة باستحالة النجاسة.
1.إذا أحرقت العذرة فصارت رماداً أو نحوه أو ترابا فهو طاهر.
2.إذا أحرقت الميتة وصارت رماداً أو نحوه من الاعيان الطاهرة فهو طاهر.
3.إذا استحال الكلب والخنزير وما شابههما إلى عين اخرى كالملح أو مركبات كيميائية أخرى فالناتج طاهر .
4.إذا استحالت عظام الميتة إلى رماد أو دخان أو بخار أو أية مادة كيميائية أخرى فالناتج طاهر.
5.إذا استحال الطيب خبيثاً كاستحالة العصير إلى خمر واستحالة الماء والطعام إلى بول أو عذرة صار نجساً .
6.إذا استحال الخبيث طيباً كاستحالة الخمر إلى خل واستحالة العذرة والسماد الحيواني في ثمار الاشجار ونتاج الأرض فالناتج طاهر .
7.ويترتب على ذلك أن الاستحالات التي تطرأ على الاعيان النجسة بتأثير التفاعلات الكيميائية والمداخلات الصناعية تؤدي إلى ناتج طاهر يجوز تناوله ما لم يتحقق الضرر في الناتج الجديد .
8.إن الاحكام إنما هي على حكم الله بها فيها مما يقع عليه ذلك الاسم الذي به خاطبنا الله عز وجل فإذا سقط ذلك الاسم فقد سقط ذلك الحكم وأنه غير الذي حكم الله تعالى فيه ، والعذرة غير التراب وغير الرماد وكذلك الخمر غير الخل والانسان غير الدم الذي خلق منه والميتة غير التراب .
9.إن استخدام المركبات الكيميائية الناتجة عن استحالت النجاسات في الصناعات الدوائية والغذائية يخضع لهذه لهذه القواعد ومادام المستحضر الناتج طيباً ولا يحمل خبثاً أو ضرراً فليس ما يمنع من استعماله وتناوله .

إجهاض الحمل الذي حصل بالإكراه لفتيات سوريا من قبل إرهابين يدعون ثوار


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد.
فقد اطلعت لجنة الفتوى بموقع الفقه الإسلامي على السؤال الوارد إليها برقم (19)
 وتاريخ 20/ 3 /1433هـ، ونصُّه:
السادة أصحاب الفضيلة أعضاء لجنة الفتوى بموقع الفقه الإسلامي وفقكم الله
"ما حكم إجهاض حمل المغتصبات من فتيات سوريا في الفترة السابقة، علما أن
 نفسيتهن سيئة جدا، وأنهن حملن مكرهات، من قبل  إرهابين يدعون ثوار
ومنهن من لم تبلغ الرابعة عشرة من عمرها ؟ وبعد الاطلاع والدراسة أجابت
اللجنة بما يأتي:
نسأل الله عز وجل بمنِّه وكرمه أن يلطف بإخواننا وأخواتنا في سوريا، وأن يهلك هذا
 الطاغية النصيري وأتباعه، وأن يرينا فيهم عجائب قدرته، ولا حول لنا ولا قوة إلا
 بالله، هو
حسبنا ونعم الوكيل، وبعد.
أولا: إن الزنا والاغتصاب من أكبر الكبائر، فالزاني أو المغتصب مرتكب جريمة من
 هي من أكبر الكبائر بعد الإشراك بالله والقتل، وعليه إثم كبير، ووزر جسيم،
والآياتُ والأحاديثُ في ذلك كثيرة.
كما أن المرأة المغتصبة بالإكراه لا إثم عليها لقوله تعالى: "إلا من أكره" النحل / 106، ولقوله صلى الله عليه وسلم : "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"،
 وهذا باتفاق الفقهاء.
ثانيا: إن كان الإجهاض بسبب الاغتصاب الذي أكرهت عليه الفتاة، وكان قبل نفخ
 الروح في الجنين –أي: قبل مئة وعشرين يوما- كما ثبت ذلك في صحيح البخاري
 ومسلم: من حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي
 بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ
 مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ
 فِيهِ الرُّوحُ .." الحديث.
فإن كان الأمر كذلك فإن الإجهاض في تلك الحال جائز في قول جماعة من الفقهاء؛
لأنه ما يزال نطفة، ولم يكتمل تخلقه وتصوره، وما ويترتب على بقائه من الضرر للأم
 أعظم من مراعاة مصلحة هذه النطفة؛ وهو ما يلحق الفتاةَ من معرَّة هذا الحمل، ويؤثر
 على سمعتها واستقرار حياتها الاجتماعية، ومن مقاصد الشريعة صيانة نظام الأسرة
وحماية الأعراض،
خصوصاً أعراض المؤمنات البريئات، ويكون الإجهاض عن طريق جهة طبية ثقة.
ثالثاً: إذا لم تسقط المرأة جنين الاغتصاب، وتجاوز الحمل أربعة أشهر ، فإنه في هذه
الحال يحرم الإجهاض ؛ لأن الروح قد نفخت في الجنين، وصار إنساناً، له حقوق ،
وتصبر المرأة على الحمل، ولها أجر فيما تحتسبه عند الله تعالى، وهذا يحكى بين أهل
 العلم اتفاقا، باستثناء ما إذا خُشي على حياة الأم، فقد أجاز بعض أهل العلم
الإجهاض إذن.
رابعا: يكفي في إثبات حكم الاغتصاب خبرُ المغتصبة، بأن تشهد هي بذلك فقط،
لما في اشتراط ثبوت الاغتصاب من عنت ومشقة على المرأة، وإن كان المخبر بذلك
هو الطبيب فيكفي في ذلك عدم مايكذب الخبر من دليل أو قرينة ظاهرة.
* كما ينبغي التعاون من المجتمع كله للتخفيف من معاناة الأم في هذه الأحوال، وكذا
هذا الجنين إذا خرج إلى الحياة فله حق في الحياة الكريمة، ويمكن أن يحصل به نفع عظيم
 إن هو وجد الرعاية والاهتمام والتربية الصالحة.
* كما نهيب بالشباب المسلم ألا يستنكفوا من الزواج من هؤلاء الفتيات المغتصبات،
وعليهم أن يحتسبوا الأجر في التخفيف من معاناتهن.
ونسأل الله تعالى الفرج، والانتقام من الظالمين المفسدين، وأن يحفظ دماء
المسلمين وأعراضهم، والحمد لله رب العالمين.
والله تعالى أعلم

فيمن جامع امرأته


فيمن جامع امرأته مراتٍ عديدةً في نهار رمضان وهو عالمٌ بالتحريم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد.
فقد اطلعت لجنة الفتوى بموقع الفقه الإسلامي على السؤال الوارد إليها برقم (20) وتاريخ 13/ 4 /1433هـ، ونصُّه:
السادة أصحاب الفضيلة أعضاء لجنة الفتوى بموقع الفقه الإسلامي وفقكم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجل جامع امرأته قرابة خمس عشرة مرة في نهار رمضان، وهو يعلم التحريم، ثم بعد فترة من الزمن تاب، ويريد أن يكفر عن فعله، فماذا يجب عليه؟
وبعد الاطلاع والدراسة أجابت اللجنة بما يأتي:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.. فقد كثرت الأسئلة في السنوات الأخيرة عن هذا الأمر بشكل ملفت للنظر، وهذا إن دلَّ على شئ دلَّ على أن هناك جهلا كبيرا بأحكام الشريعة، وعدم تعظيم لها، وهذا خلاف ما ينبغي، فإن الواجب على المسلم تعظيم شعائر الله وحرماته، فإنه من يعظم حرماتِ الله وحدودَه فهو من تقوى القلوب، ومعلوم أن الجماع في نهار رمضان من أشد الحرمات ، فإن كان عن جهل بالتحريم، فليس في ذلك شئ على الصحيح، أما إن كان عن علم،فإن الواجب على التفصيل الآتي:
أولا: يجب على من فعل هذا التوبة النصوح إلى الله تعالى، وكثرة الاستغفار، والندم على ما وقع منه، والعزم على عدم العود.
ثانيا: فيما يتعلق بالكفارة والقضاء، فإن كان قد جامع أكثر من مرة في يوم واحد، ولم يكفِّر ، فعليه كفارةٌ واحدةٌ على الصحيح، وإن كان قد كفَّر عن البعض، ثم عاد في نفس اليوم فعليه كفارة أخرى، وعليه قضاء اليوم بلا خلاف في هذا.
أما إن كان قد جامع هذا العدد في أيام متفرقة –وهو ما يظهر-، فجمهورالفقهاء على أنه تجب عليه كفارة لكل يوم؛ لأن كل يوم عبادة منفردة، فإذا وجبت الكفارة بإفساده لم تتداخل .
فيحسب عدد الأيام التي فعل فيها هذا ويقضيها، ويكفِّر بعددها الكفارة المنصوصة، وهذا فيما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَيْنَمَا نحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ
جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ . قَالَ : مَا لَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتي وَأَنَا صَائِمٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ تجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَينِ ؟ قَالَ : لا . فَقَالَ : فَهَلْ تجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَمَكَثَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا نحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتيَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تمْرٌ ـ وَالْعَرَقُ : الْمِكْتَلُ ـ قَالَ : أَيْنَ السَّائِلُ ؟ فَقَالَ : أَنَا . قَالَ : خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ . فَقَالَ الرَّجُلُ : أَعَلَى أَفْقَرَ مِني يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَوَ اللَّهِ مَا بَينَ لابَتَيْهَا - يُرِيدُ الحَرَّتَينِ- أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتي . فَضَحِكَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ , ثمَّ قَالَ : أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ .
فالكفارة -كما جاء في النص صريحا-: عتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، ومعلوم أن عتق الرقبة متعذِّر في هذه الأزمنة، فينتقل إلى صوم شهرين متتابعين، ولا يشترط تتابع صوم الكفارات، بل بحسب استطاعته، فإن عجز انتقل إلى الإطعام.
على أننا نهيب بالمسلمين أن يحرصوا على التفقه في دين الله، وتعلم أحكامه وشرائعه؛ حتى لا يواقعوا الحرام بهذه الكثرة، فيفسدوا عباداتهم.
والله تعالى أعلم

vendredi 14 septembre 2012

شرح تحليلي مختصر لحديث .. إن الله لا يستحي من الحق

البخاري:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: “جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ” فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَعْنِي وَجْهَهَا وَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ قَالَ “نَعَمْ تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟”.

-إسناد الحديث : · محمد بن سلام :ابن الفرج الأسلمي مولاهم أبو عبد الله أو أبو جعفر البخاري البكندي ويقال الباكندي من العاشرة (ت227)ثقة ثبت لم يخرج له من الستة إلا البخاري.

· أبو معاوية:هو محمد بن خازم التميمي السعدي أبو معاوية الضرير الكوفي مولى سعد بن زيد مناة بن تميم من كبار التاسعة (ت195)،وقد رمي بالأرجاء ،ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش وقد يهم في حديث غيره .
· هشام بن عروة : هو ابن الزبير بن العوام الأسدي رضي الله عن جده ،ثقة فقيه ربما دلس من الخامسة (ت145 أو 146) أخرج له الستة .
· عروة بن الزبير:بن العوام الأسدي ثقة فقيه مشهور من الثالثة (ت94) أخرج له الستة.
· زينب بنت أم سلمة :هي بنت أبي سلمة بن عبد الأسد المخزمية ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم (ت73)صحابية رضوان الله عليها أخرج لها الستة .
· أم سلمة :هند بنت أبي أمية المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومية ،أم المؤمنين تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبي سلمة . أخرج لها الستة .
- مسائل متعلقة بالإسناد :
· رواية الأقران: فيه رواية صحابية عن مثلها وتابعي عن مثله .
· فيه رواية الأبناء عن الآباء :رواية البنت عن أمها رضي الله عنهما .ورواية هشام عن أبيه .
· الإسناد فيه العنعنة والتحديث .
- معاني المفردات :
· (احتلمت) :أي رأت في منامها أنها تُجامع .
· (تربت يمينك):أي افتقرت وصارت على التراب وهي من الألفاظ التي تُطلق عند الزجر ولا يراد ظاهرها مثل (ثكلتك أمك ).
-المسائل المستفاد :
· إثبات صفة الحياء لله جل وعز:
قال الحافظ ابن حجر :(إن الله لا يستحي عن الحق):أي لا يأمر بالحياء في الحق .
قلت : وهذه زلة خطيرة وتأويل مكشوف جرى فيه الحافظ على جادة الأشاعرة في تأويلهم لصفات الرحمن ؛قال الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله في تعليقه على الفتح : الله يوصف بالحياء الذي يليق به ولا يشابه في خلقه كسائر صفاته ،وقد ورد وصفه بذلك في نصوص كثيرة ،فوجب إثباته له على الوجه الذي يليق به وهذا هو قول أهل السنة في جميع الصفات الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة وهو طريق النجاة ،فتنبه واحذر والله أعلم .اهـ([1])

· الحياء في طلب العلم والتفقه في الدين مذموم:
قال مجاهد:لاَ يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ مُسْتَحْيٍ وَلاَ مُسْتَكْبِر، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: “نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ ([2]) .
قلت : فالحياء الذي يكون سبباً لترك طلب العلم والتفقه في الدين أو ترك فعل أمر شرعي هو حياء مذموم،وليس هو ذاك الحياء الذي يكون من الإيمان وإنما هو ضعف ومهانة.

وعن الحياء الشرعي الممدوح يقول العلامة ربيع بن هادي المدخلي –حفظه الله-:الحياء خلق عظيم وشعبة من شعب الإيمان، وصاحب الحياء يحجزه الحياء من أن يرتكب معصية الله؛ يحجزه الحياء من أن يقع في الأخلاق الدنيئة؛ الحياء خلق نبيل وخلق عظيم لابد أن يتخلق به الإنسان؛ فإنه من أعظم الروادع للإنسان أن يرتكب معصية أو يقع في خلق دنيء، لهذا قال الأنبياء كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ( إنَّ مِما أَدركَ الناس مِن كلام النبوة الأولى إذا لم تَستحِ فاصنع ما شِئتَ )، الذي يقع في الشرك لا يستحي من الله، المبتدع لا يستحي من الله ولا يحترم هذه الشريعة التي شرعها الرسول عليه الصلاة والسلام، والفاسق عنده خلق دنيء وفيه عدم الحياء من الله.فالحياء لا بد منه -يا إخوان- ولابد من نبذ الأخلاق الرديئة، تعلموا هذه الأشياء وطبقوها في حياتكم -بارك الله فيكم-([3])
· لا غسل من الجنابة بشك (اليقين لا يزال بالشك) :
فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن لا غسل من شك فلما سألته الصحابية : هل على المرأة من غسل إذا احتلمت ؟ أجابها صلى الله عليه وسلم : إذا رأت الماء ،دل على أنه لا يُكتفى بالمنام (القائم مقام الشك) بل لا بد من وجود الماء (القائم مقام اليقين) ،وهي حتى لو لم تحتلم ووجدت الماء لزمها الغسل كما ورد هذا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها قالت:(( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما قال: يغتسل وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولم يجد بللا قال: لا غسل عليه قالت: أم سلمة يا رسول الله هل على المرأة ترى ذلك غسل قال :نعم إن النساء شقائق الرجال))([4])،وفي إرشاده صلى الله عليه وسلم ترسيخ للقاعدة الفقهية (اليقين لا يزول بشك) فالأصل واليقين عدم الجنابة فلا يُنتقل عنه إلا بيقين مثله.

· جواز استشكال الفتوى لغير المستفتي :
بوب البخاري في كتاب العلم باب من سمع شيئاً فراجع حتى يعرفه وأرد تحته حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :من حوسب عذب ،قالت عائشة :فقلت :أوليس يقول الله تعالى :{فسوف يحاسب حساباً يسيراً} قالت: فقال: إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك. ففي هذا الحديث الذي معنا أن غير السائلة راجعت حتى تستفهم فدل على جوازه.
· دليل من دلائل النبوة:
في قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما سألته أم سلمة :أو تحتلم المرأة ؟ قال:نعم تربت يمينك فيما يشبهها ولدها)).
دليل على أن الولد إذا شابه أمه فبسبب ماءها وقوله في رواية هذا الحديث عند مسلم من طريق أنس بن مالك رضي الله عنه عن أمه أم سليم : ((أن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه )).
وفي زماننا هذا قال أهل العلوم الحيوية:أن الحمض النووي (DNA) والموجود في مني الرجل والمرأة يحمل صفاتهما وينقلها إلى الجنين الذي يتكون بعد تلقيح الحيوان المنوي الموجود في مني الرجل للبويضة الموجودة في مني المرأة بقدرة الله وتقديره ،وهذا أمر تم اكتشافه منذ زمن ليس بالبعيد ،فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه المعلومة ؟!في ذلك الزمان الذي لا توجد فيه مختبرات طبية ولا معامل علمية ؟ ! هو وحده العليم بكل شيء أوحى إلى عبده ما أوحى .

الكلام على حديث قراءة المعوذات ثلاثاً في كل صباح ومساء

قال النسائي في سننه 5428 – قَالَ أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَسِيدُ بْنُ أَبِى أَسِيدٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَصَابَنَا طَشٌّ وَظُلْمَةٌ فَانْتَظَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ ( لِيُصَلِّىَ بِنَا ثُمَّ ذَكَرَ كَلاَماً مَعْنَاهُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ( لِيُصَلِّىَ بِنَا فَقَالَ « قُلْ» . فَقُلْتُ مَا أَقُولُ قَالَ « ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِى وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلاَثاً يَكْفِيكَ كُلَّ شَىْءٍ »
أقول : أسيد بن أبي أسيد البراد لم يوثقه معتبر إلا أنه روى عنه جمع من الثقات وقال الذهبي:” صدوق ” ، ولكنه قد خولف في السند والمتن فلم يذكر غيره التثليث ، ولم يذكروا الصباح والمساء ، وأذكار المساء تبدأ بعد العصر فلا وجه لتقييد هذا الذكر بما بعد صلاة المغرب كما في كثير من النشرات المنتشرة في المساجد
قال النسائي في سننه 5429 – أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه قال :” كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في طريق مكة فأصبت خلوة من رسول الله صلى الله عليه و سلم فدنوت منه فقال قل فقلت ما أقول قال قل قلت ما أقول قال قل أعوذ برب الفلق حتى ختمها ثم قال قل أعوذ برب الناس حتى ختمها ثم قال ما تعوذ الناس بأفضل منهما” وكذا رواه من طريق أسيد أبو داود (5082) والترمذي (3646)

أقول : فجعل المعوذات سورتين فقط ، ولم يذكر في السند عقبة بن عامر( وسيأتي ذكره في رواية أخرى ) ، ولم يذكر قوله ( ثلاثاً ) ولا التقييد في الصباح والمساء ، وقد أشار المزي إلى هذه المخالفة في تهذيب الكمال
وقال النسائي 5430 – أخبرنا محمد بن علي قال حدثني القعنبي عن عبد العزيز عن عبد الله بن سليمان عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني قال :” بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه و سلم راحلته في غزوة إذ قال يا عقبة قل فاستمعت ثم قال يا عقبة قل فاستمعت فقالها الثالثة فقلت ما أقول فقال قل هو الله أحد فقرأ السورة حتى ختمها ثم قرأ قل أعوذ برب الفلق وقرأت معه حتى ختمها ثم قرأ قل أعوذ برب الناس فقرأت معه حتى ختمها ثم قال ما تعوذ بمثلهن أحد”

أقول : وهنا مخالفة بين زيد بن أسلم ، وعبد الله بن سليمان فزاد ابن سليمان في السند عقبة بن عامر ، وزاد في المتن ذكر سورة الإخلاص ، وعبد الله بن سليمان ثقة إلا أن ابن حبان نص على أنه يخطيء ، وزيد بن أسلم ثقة ثبت ، فلا تقبل زيادة عبد الله عليه في السند والمتن فإن قلت : إن حفص بن ميسرة فيه كلامٌ يسير
قيل : إن روايته عن زيد بن أسلم قوية احتج بها الشيخان ، ورواية عقبة بن عامر لهذا الخبر معروفة من طرق كثيرة سردها النسائي ولم يذكر أحدٌ منهم سورة الإخلاص ، وحفص بن ميسرة تابعه محمد بن جعفر بن أبي كثير عند أبي القاسم بن سلام في فضائل القرآن (435)

قال النسائي 5433 – أخبرني عمرو بن عثمان قال حدثنا بقية قال حدثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر قال :” أهديت للنبي صلى الله عليه و سلم بغلة شهباء فركبها وأخذ عقبة يقودها به فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعقبة اقرأ قال وما أقرأ يا رسول الله قال اقرأ قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق فأعادها علي حتى قرأتها فعرف أني لم أفرح بها جدا قال لعلك تهاونت بها فما قمت يعني بمثلها “.
وقال أيضاً 5436 – أخبرنا أحمد بن عمرو قال أنبأنا بن وهب قال أخبرني معاوية بن صالح عن بن الحارث وهو العلاء عن القاسم مولى معاوية عن عقبة بن عامر قال كنت أقود برسول الله صلى الله عليه و سلم في السفر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :” يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا فعلمني قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فلم يرني سررت بهما جدا فلما نزل لصلاة الصبح صلى بهما صلاة الصبح للناس فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من الصلاة التفت إلي فقال يا عقبة كيف رأيت “
أقول : وهذه الأخبار كلها فيها تنصيص على التثنية فتخالف ذكر سورة ثالثة ، وتكون زيادة سورة الإخلاص زيادة شاذة من أسيد في حديث خبيب ، وزيادة شاذة من عبد الله بن سليمان في حديث عقبة ، ولا يقوي الشاذ الشاذ .
وقال النسائي أيضاً [ 1336 ] أخبرنا محمد بن سلمة قال حدثنا بن وهب عن الليث عن حنين بن أبي حكيم عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذات دبر كل صلاة .أقول : وهذا الخبر أخذ منه بعض أهل العلم قراءة سورة الإخلاص دبر كل صلاة ، لأنهم اعتبروا سورة الإخلاص من المعوذات ، اعتماداً على الرواية الشاذة ، والروايات الكثيرة المشهورة تحصر المعوذات بسورتين فقط ، ولا دليل على قراءة سورة الإخلاص دبر كل صلاة إلا هذا الحديث ، وعليه المعتمد في النشرات التي توضع في المساجد .
ولذكر سورة الإخلاص في المعوذات شاهدٌ في مسند الحارث بن أبي أسامة
قال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة :” 5915- وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَسَّانٍ ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقَالَ لِي : قُلْ ، فَقُلْتُ : مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَرَأْتُهَا ، ثُمَّ قَالَ : قُلْ قُلْتُ : مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، فَقَرَأْتُهَا ، ثُمَّ قَالَ : قُلْ قُلْتُ : مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ، فَقَرَأْتُهَا ، ثُمَّ قَالَ : مَا تَعَوَّذَ الْمُتَعَوِّذُونَ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْهَا.هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ صَالِحِ بْنِ حَسَّانٍ “
أقول : صالح بن حسان هذا ضعيفٌ جداً قال فيه أحمد :” ليس بشيء ” وكذا قال ابن معين وقال البخاري وأبو حاتم :” منكر الحديث ” وقال النسائي :” متروك”

أول الأمم دخولاً الجنة.

الإمام ابن القيّم الجوزية – رحمه الله – : في الصحيحين من حديث همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نحن السابقون الأولون يوم القيامة بيد أنهم أوتو الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم” أي: لم يسبقونا إلا بهذا القدر فمعنى بيد: معني سوى وغير وإلا ونحوها.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نحن الأخرون الأولون يوم القيامة ونحن أول من يدخل الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فاختلفوا فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق”.
وفي الصحيحين من حديث طاوس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “نحن الآخرون الأولون يوم القيامة نحن أول الناس دخولا الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم”.
وروى الدارقطني من حديث زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الجنة حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي” قال الدارقطني: غريب عن الزهري ولا أعلم روى عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الزهري غير هذا الحديث ولا رواه إلا عمرو بن أبي سلمة عن زهير.
فهذه الأمة أسبق الأمم خروجا من الأرض وأسبقهم إلى أعلى مكان في الموقف وأسبقهم إلى ظل العرش وأسبقهم إلى الفصل والقضاء بينهم وأسبقهم إلى الجواز على الصراط وأسبقهم إلى دخول الجنة فالجنة محرمة على الأنبياء حتى يدخلها محمد ومحرمة على الأمم حتى تدخلها أمته.
وأما أول الأمة دخولا فقال أبو داود في سننه حدثنا هناد بن السرى عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني عن أبي خالد مولى آل جعدة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أتاني جبريل فأخذ بيدي فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي” فقال أبو بكر: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وددت أني كنت معك حتى أنظر إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي”.
وقوله: وددت أني كنت معك حرصا منه على زيادة اليقين وأن يصير الخبر عيانا كما قال إبراهيم الخليل: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}
وأما الحديث الذي رواه ابن ماجه في سننه حدثنا إسماعيل بن عمر الطلحي أنبأنا داود بن عطاء المديني عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي بن كعب قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أول من يصافحه الحق عمر وأول من يسلم عليه وأول من يأخذ بيده فيدخله الجنة” فهو حديث منكر جدا قال الإمام أحمد: داود بن عطاء ليس بشيء وقال البخاري منكر الحديث

اجتنبوا الموبقات

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي- صلى الله عليه وسلم – قال :
« اجتنبوا السبع الموبقات.
قالوا : يا رسول الله وما هن ؟.
قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ؛ وأكل الربا وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات »
( رواه البخاري([1]) ومسلم([2]) وأبو داود([3]) والنسائي([4]) ).

راوي الحديث :  ” أبو هريرة الدوسي الصحابي الجليل حافظ الصحابة اختلف في اسمه فقيل: عبد الرحمن بن صخر ، وقيل: ابن غنم ، وقيل غير ذلك، وذهب الأكثرون إلى الأول مات سنة تسع وخمسين من الهجرة “

المفــردات :
الاجتناب : الابتعاد.
الموبقات  : المهلكات.
الشرك   : “هو أن يجعل لله نداً يدعوه كما يدعو الله أو يخافه أو يرجوه أو يحبه كما يحب الله أو يصرف له نوهاً من أنواع العبادة ، فهذا هو الشرك الذي لا يبقى مع صاحبه من التوحيد شيء”
السحر: عزائم ورقى وعقد يؤثر في القلوب والأبدان ، فيمرض ويقتل ، ويفرق بين المرءِ وزوجه إذا أراد الله ذلك.
الربا في اللغة : الزيادة مطلقاً يقال : ربا يربو ربواً إذا زاد وفي الشرع : الزيادة على رأس المال من وجه خاص مُحَرَّمٍ ، والربا المعروف في الجاهلية أن يقول الدائن لمدينه  إذا حل الأجل إما أن تعطي وإما أن تربي.
الـيتيـم   : من الإنسان الذي فقد أباه ، ومن الحيوان ما فقد أمه.
والتولي يوم الزحف : الفرار الهرب حال قتال العدو.
قذف المحصنـات   : رمي العفيفات بالزنى.
الغـافـلات  : اللاتي لم تخطر الفاحشة على بالهن لطهارة قلوبهن ، فهن ساهيات عن المنكر.

المعنى الإجمالي :
يحذر الرسول – صلى الله عليه وسلم – أمته من الوقوع في الذنوب الموبقة – وهي : المردية المهلكة – وكل واحدة من هذه السبع توقع صاحبها في الهلكة.

أولها :
وأعظمها شراً وأكبرها خطراً هو الشرك بالله الذي لا يغفر أبداً ولا يقبل معه من الصالحات شيء ، { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } (النساء 48).
فمن ذبح أو حلق أو قصر أو نذر أو ركع أو سجد لغير الله أو حلف بمخلوق يعظمه أو سأل حاجاته من الميت كأن يطلب منه الولد أو دعاهُ أو ناداه أو استغاث أو استعان به في أمر لا يقدر عليه إلا الله ، فقد أشرك وجعل لله نداً.
والشرك خفي وجلي : فمن الخفي أن تعمل رياء ، أو تترك العمل لأجل الناس ، ومن الجلي ما يقع عند قبور الأنبياء والصالحين من جهلة المسلمين وأشباه الجهلة من الطواف بالقبور ودعوة أصحابها في المهمات والشدائد ، والعكوف عليها ، والتمسك بها لطلب البركات.

وثانيها :
السحر : وفي السحر جمع بين الكفر والإضرار بالناس لما يتوهم العامة والجهلة من قدرة الساحر على ما يريد واستطاعته أن يتصرف في ملك الله بغير إذنه { وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله } (البقرة 102).
وقد اتفق العلماء على حرمة تعلم السحر وتعليمه وتعاطيه وقالوا إن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كان كفراً ، وقال مالك وأحمد وجماعة من الصحابة والتابعين تعاطي السحر كفر يوجب القتل.
وقال آخرون يفسقه وأنه يحد بضرب عنقه ، ولا يحكم عليه بالخروج عن الإسلام كما هو مذهب الشافعي إلا إذا قال أو فعل شيئاً من هذا السحر يكفر به كمن يدعي القدرة على تغيير خلق الله أو مضاهاة خلقه أو يزعم أنه يضر وينفع بسحره كما هو شأن السحرة في كل زمان ومكان.
وأمر أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بقتل السحرة ([5]).
وقتلت أم المؤمنين حفصــة – رضي الله عنها – جاريةً لها ساحرة ([6]).
وقتل جندب بن عبد الله ساحراً كان يلعب عند الوليد بن عقبة بقطع رأس الرجل ثم يدعوه فيأتي حياً ([7]).

وثالثها :
قتل النفس وإزهاق الروح البريئة وإراقة الدماء الطاهرة فتلك جريمة توقع الرعب في نفوس الناس وتزلزل أمنهم وتفتك بالأمة وتقطع روابط الإخاء وتنشر الأحقاد والعداوات بين الناس. فما أفظعها من جريمة وأخطرها ، وقال الله تعالى في شأنها : { من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا } .

ورابعها :
أكل الربا وهو استغلال للإنسانية وامتصاص لجهودها وأكل لأموالها بالباطل  دون أن يبذل المرابون أي جهد في تلك الأموال المستباحة ، وفي التعامل بالربا محاربة لله ورسوله في الدنيا وهو من موجبات النار ، وكيف لا يكون كذلك والمرابون أشد الناس قسوة وأبعد الناس عن الرحمة بالبشر حيث ينتهزون فرصة إعسار المعسرين وشدة فقرهم وحاجتهم إلى المال فيعطي المائة بمائة وعشرة مثلاً إلى أجل ، فإذا حل الأجل ولم يقم المدين بأداء دينه ربما زاد في الربا وضاعفه عليه أضعافاً، فيلحق بالناس وباقتصادهم من الأضرار والدمار ما لا يعلمه إلا الله. يحيق بآكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه لعائن الله وغضبه – أعاذنا الله من ذلك -.

وخامس الموبقات :
أكل مال اليتيم : فمن حق اليتامى على الناس أن يكفلوهم ويقوموا بتربيتهم والعناية بشأنهم وينموا أموالهم ويساعدوهم حتى يبلغوا أشدهم ويدركوا رشدهم.
وقد زجر الله في محكم كتابه عن أكل مال اليتيم وتوعد على ذلك أشد أنواع الوحيد فقال:{ إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً } (النساء 10).
وزجر عن قربانه إلا بالتي هي أحسن ، ومن التي هي أحسن فعل الأصلح له وتنمية ماله بالبيع والشراء والتصرف بما يعود عليهم بالربح والنماء المباح.

وسادسها :
التولي يوم الزحف والفرار من لقاء العدو فإن ذلك من الجبن وفيه إضعاف لشوكة المسلمين وخذلان لهم وضياع الدين وتمكين الكافرين من دماء المسلمين ونسائهم وأموالهم. ولا يجوز لمسلم أن يفر من معركة هو الفائز فيها إما بالفتح والنصر وغنيمة ، وإما بالشهادة في سبيل الله.

وسابعة الموبقات :
قذف المحصنات الغافلات المؤمنات ورميهن بالزنا ونسبتهن إلى الفواحش. إنها لجريمة عظيمة أن تعمد إلى امرأة كريمة متمتعة بالحصانة والعفة بعيدة عن الريبة ولا تخطر بقلبها الفاحشة فتقذفها بالزنا وترميها الفاحشة.
إن من يفعل ذلك يجب أن يأتي أربعة شهداء وإلا فهو عند الله من الكاذبين الفاسقين ولا تقبل له شهادة أبداً ويجب أن يقام عليه الحد ثمانون جلدة ، هذا جزاؤه في الدنيا ، وجزاؤه في الآخر ما رتبه الله على هذا الإفك { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون } (النور 23-24).

فاجتنب أيها المسلم هذه الموبقات ولا تدنس نفسك بشيء منها فتوجب لها مقت الله وغضبه إلى جانب مقت الناس وسخطهم عليك واحتقارهم لك.
واعلم أن الكبائر كثيرة فهي كما قال ابن عباس –رضي الله عنهما – إلى السبعين أقرب ، وقد ألفت فيها كتب مثل : الكبائر للذهبي وهو مطبوع ، ومثل كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي ، فاعرف الكبائر ثم اجتنبها يغفر الله لك الصغائر واللمم قال تعالى : { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريما } (النساء 31).

ما يستفاد من الحديث :

1- رأفة الرسول – صلى الله عليه وسلم – ورحمته بأمته حيث يدلهم على خير ما يعلمه لهم ، ويحذرهم شر ما يعلمه لهم.
2- وجوب اجتناب هذه الموبقات التي حذر منها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، واجتناب غيرها من الكبائر التي دل عليها الكتاب والسنة.
3- أعظم هذا الكبائر الشرك بالله فإنه الذنب الذي لا يغفر

شرح حديث اتق الله حيثما كنت

” عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن” رواه الإمام أحمد والترمذي 1.
هذا حديث عظيم جمع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حق الله وحقوق العباد. فحق الله على عباده: أن يتقوه حق تقاته. فيتقوا سخطه وعذابه باجتناب المنهيات وأداء الواجبات.
وهذه الوصية هي وصية الله للأولين والآخرين، ووصية كل رسول لقومه أن يقول: {اعبدوا الله واتقوه} .
وقد ذكر الله خصال التقوى في قوله تعالى: { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } [البقرة:177] ,
وفي قوله: { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } [آل عمران:133] , ثم ذكر خصال التقوى فقال: { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران:134] .
فوصف المتقين بالإيمان بأصوله وعقائده وأعماله الظاهرة والباطنة وبأداء العبادات البدنية والعبادات المالية، والصبر في البأساء والضراء وحين البأس، وبالعفو عن الناس، واحتمال أذاهم، والإحسان إليهم، وبمبادرتهم إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم بالاستغفار والتوبة، فأمر صلى الله عليه وسلم ووصى بملازمة التقوى حيثما كان العبد في كل وقت وكل مكان، وكل حالة من أحواله، لأنه مضطر إلى التقوى غاية الاضطرار، لا يستغني عنها في كل حالة من أحواله.
ثم لما كان العبد لا بد أن يحصل منه تقصير في حقوق التقوى وواجباتها أمر صلى الله عليه وسلم بما يدفع ذلك ويمحوه. وهو أن يتبع الحسنة السيئة
“والحسنة” اسم جامع لكل ما يقرب إلى الله تعالى: وأعظم الحسنات الدافعة للسيئات التوبة النصوح والاستغفار والإنابة إلى الله بذكره وحبه، وخوفه ورجائه، والطمع فيه وفي فضله كل وقت. ومن ذلك الكفارات المالية والبدنية التي حددها الشارع.
ومن الحسنات التي تدفع السيئات: العفو عن الناس، والإحسان إلى الخلق من الآدميين وغيرهم، وتفريج الكربات، والتيسير على المعسرين، وإزالة الضرر والمشقة عن جميع العالمين. قال تعالى: { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } [هود:114] , وقال صلى الله عليه وسلم: “الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر” [ صحيح مسلم ] وكم في النصوص من ترتيب المغفرة على كثير من الطاعات.

ومما يكفر الله به الخطايا: المصائب؛ فإنه لا يصيب المؤمن من هم ولا غم ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله عنه بها خطاياه. وهي إما فوات محبوب، أو حصول مكروه بدني أو قلبي، أو مالي، داخلي أو خارجي، لكن المصائب بغير فعل العبد. فلهذا أمره بما هو من فعله، وهو أن يتبع السيئة الحسنة.

ثم لما ذكر حق الله – وهو الوصية بالتقوى الجامعة لعقائد الدين وأعماله الباطنة  والظاهرة – قال “وخالق الناس بخلق حسن”.
وأول الخلق الحسن: أن تكف عنهم أذاك من كل وجه، وتعفو عن مساوئهم وأذيتهم لك، ثم تعاملهم بالإحسان القولي والإحسان الفعلي.
وأخص ما يكون بالخلق الحسن: سعة الحلم على الناس، والصبر عليهم، وعدم الضجر منهم، وبشاشة الوجه، ولطف الكلام والقول الجميل المؤنس للجليس، المدخل عليه السرور، المزيل لوحشته ومشقة حشمته. وقد يحسن المزح أحيانا إذا كان فيه مصلحة، لكن لا ينبغي الإكثار منه وإنما المزح في الكلام كالملح في الطعام، إن عدم أو زاد على الحد فهو مذموم.
ومن الخلق الحسن: أن تعامل كل أحد بما يليق به، ويناسب حاله من صغير وكبير، وعاقل وأحمق، وعالم وجاهل.
فمن اتقى الله، وحقق تقواه، وخالق الناس على اختلاف طبقاتهم بالخلق الحسن فقد حاز الخير كله؛ لأنه قام بحق الله وحقوق العباد ولأنه كان من المحسنين في عبادة الله، المحسنين إلى عباد الله ” .

فَضَائِل الْبَاقِيَاتُ الْصَّالِحَات


فَضَائِل الْبَاقِيَاتُ الْصَّالِحَات
فَضَائِل الْبَاقِيَاتُ الْصَّالِحَات : ( سُبْحَانَ الْلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا الْلَّهُ، وَالْلَّهُ أَكْبَرُ )
الْحَمْد لِلَّه وَحْدَه وَالْصَّلاة وَالْسَّلام عَلَى مَن لَا نَبِي بَعْدَه ، أَمَّا بَعْـد :
فَيَقُوْل الْلَّه سُبْحَانَه وَتَعَالَى : { وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً } [الكهف:46] ، ويقول : { وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً } [مريم:76] ، هَاتَان الْآَيَتَان قَال عَنْهُمَا جُمْهُوْر مِن الْمُفَسِّرِيْن: إِن الْبَاقِيَات الْصَّالِحَات هُن الْكَلِمَات الْمَأْثُوْر فَضْلِهَا، وَهْن: سُبْحَان الْلَّه، وَالْحَمْد لِلَّه، وَلَا إِلَه إِلَّا الْلَّه، وَالْلَّه أَكْبَر.
[انظر تفسير الطبري (18/33-36)، تفسير ابن كثير (5/161-164)، تفسير القرطبي (10/414)].
وَقَد ثبُتَ أَن لِهَذِه الْكَلِمَات الْعَدِيدَ مِن الْفَضَائِل نذكُر مِنْهَا:
الْفَضِيلَةَ الْأُولَى: [ هَذِهِ الْكَلِمَات أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّه ] :
فعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: { أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْت } .
[رَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه (14/98) (2137) (كِتَاب الْآدَاب) (بَاب كَرَاهَةِالتَّسْمِيَةِ بِالْأَسْمَاءِ الْقَبِيحَةِ وَبِنَافِعٍ وَنَحْوِه)].

الْفَضِيلَةَ الثَّانِيَة: [ هَذِهِ الْكَلِمَات غِرَاس الْجَنَّة ] :
فعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: { لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ وَأَنَّهَا قِيعَانٌ وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ }.
[رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي جَامِعِه -وانْفَرَدَ بِهِ- (5/332) (3462) (كِتَاب الدَّعَوَات) (بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ)، وقَال : "حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُود" ، وَضَعَّفَهُ مُحَمَّد نَاصِرُ الدِّين الْأَلْبَانِي فِي تَحْقِيقِه لِمِشْكَاةِ الْمَصَابِيح (2/21) (2315)، ثُمَّ حَسَّنَهُ فِي تَحْقِيقِه للكَلِم الطَّيِّب (ص 66) (15) وقَالَ : "هُوَ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَنٌ فَإِنَّ لَهُ شَاهِدَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَابْنِ عُمَر" ، وَانْظُرْ مُخْتَصَرِ السِّلْسِلَة الصَّحِيحَة (ص 533) (2921)].
قاَلَ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْح الْقَدِير شَرْح الْجَامِع الصَّغِير (4/9) : “قِيعَان: جَمْعُ قَاعٍ وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَة لاَ بِنَاءَ فِيهَا ولاَ غِرَاس″

الْفَضِيلَةَ الثَّالِثَة: [ هَذِهِ الْكَلِمَات تَمْلَأُ الْمِيزَانَ حَسَنَات] :
فعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: { الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض }.
[رَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه (2/75) (223) (كِتَاب الطَّهَارَةِ) (بَاب فَضْلِ الْوُضُوءِ)].
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُبَارْكَفُورِي فِي تُحْفَةِ الْأَحْوَذِيِّ (9/36) :
“وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ: مَعْنَاهُ عِظَمُ أَجْرِهَا وَأَنَّهُ يَمْلَأُ الْمِيزَانِ، مَابَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ ثَوَابُهُمَا جِسْمًا لَمَلَآ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَسَبَبُ عِظَمِ فَضْلِهِمَا مَا اِشْتَمَلَتَا عَلَيْهِ مِنْ التَّنْزِيهِ لِلَّهِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالتَّفْوِيضِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ”
وَقَال صَالِح آل شَيْخ فِي شَرَح الْأَرْبَعِيْن الْنَّوَوِيَّة (ص 167) (الْحَدِيْث الْثَّالِث وَالْعِشْرُوْن):
” يَعْنِي: أَنَّهَا تَمْلَأ هَذَا الْفَرَاغ الْكَبِيْر الَّذِي بَيْن الْأَرْض وَمَا بَيْن الْسَّمَاء؛ لِمَا لِعِظَم هَذِه الْكَلِمَة، وَلِمَحَبَّة الْلَّه جَل وَعَلَّا لَهَا، وَلِحَمْل الْمَلَائِكَة لَهَا تَقْرَبَا إِلَى الْلَّه جَل وَعَلَا”

الْفَضِيلَةَ الرَّابِعَةِ: [هَذِهِ الْكَلِمَات مَنْ قَالَهَا لَهُ ثَوَاب الصَّدَقَة ] :
فعَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: { يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى }
[رَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه (5/190) (720) (كِتَاب صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا) (بَاب اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ الضُّحَى وَأَنَّ أَقَلَّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْمَلَهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَأَوْسَطُهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ أَوْ سِتٍّ وَالْحَثُّ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا)].
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيّ فِي شَرْحِهِ لِصَحِيح مُسْلِم (7/98):
“قَالَ الْقَاضِي : يَحْتَمِل تَسْمِيَتهَا صَدَقَة أَنَّ لَهَا أَجْرًا كَمَا لِلصَّدَقَةِ أَجْر ، وَأَنَّ هَذِهِ الطَّاعَات تُمَاثِل الصَّدَقَاتِ فِي الْأُجُور ، وَسَمَّاهَا صَدَقَة عَلَى طَرِيق الْمُقَابَلَة وَتَجْنِيس الْكَلَام ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : أَنَّهَا صَدَقَة عَلَى نَفْسه”
وَقَالَ مُحَمَّد بْنُ إسْمَاعِيلَ الصَّنْعَانِيُّ فِي سُبُلِ السَّلَام (4/228) (1182):
“وَالْإِخْبَارُ عَنْهُ بِأَنَّهُ صَدَقَةٌ مِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ ، وَهُوَ إخْبَارٌ بِأَنَّ لَهُ حُكْمُ الصَّدَقَةِ فِي الثَّوَابِ”
وَقَال صَالِح آَل شَيْخ فِي شَرْح الْأَرْبَعِيْن الْنَّوَوِيَّة (ص 183) (الْحَدِيْث الْخَامِس وَالْعِشْرُوْن):
(فَهَذِه الْأَرْبَع هِي أَحَب الكَلَام إِلَى الْلَّه، فَهِي أَعْظَم مَا تَتَقَرَّب بِه إِلَى الْلَّه جَل وَعَلَّا مَن الْذِّكْر، وَتَتَصَدَّق بِه عَلَى نَفْسِك، فَقَال: إِن بِكُل تَسْبِيْحَة صَدَقَة لِأَن فِيْهَا الْأَجْر الْعَظِيْم، فَتَصِل بِالتَّسْبِيْحَة نَفْسَك بِأَنْوَاع الْخَيْر وْالْأَجِر).

الْفَضِيلَةَ الْخَامِسَةِ: [ هَذِهِ الْكَلِمَات مَنْ قَالَهَا لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَة وَحُطَّ عَنْهُ عِشْرُونَ سَيِّئَة ] :
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: { إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اصْطَفَى مِنْ الْكَلَامِ أَرْبَعًا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ وَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ كُتِبَتْ لَهُ بِهَا عِشْرُونَ حَسَنَةً وَحُطَّ عَنْهُ عِشْرُونَ سَيِّئَةً وَمَنْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَمِثْلُ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كُتِبَ لَهُ بِهَا ثَلَاثُونَ حَسَنَةً وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا ثَلَاثُونَ سَيِّئَةً }.
[رَوَاهُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَل فِي مُسْنَده (8/122) (7999) وفِي (8/165) (8079) (مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، وقَالَ عَلِيُّ بْن أَبِي بَكْر الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَع الزَّوَائِد "رِجَالهُمَا رِجَال الصَّحِيح" ، وَقَالَ أَحْمَد شَاكِر فِي تَحْقِيقِه لِلمُسْنَد (8/165) "إِسْنَاده صَحِيح"].

الْفَضِيلَةَ السَّادِسَةِ: [ هَذِهِ الْكَلِمَات خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ] :
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: { لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ }
[رَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه (17/17) (2695) (كِتَاب الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ) (بَاب فَضْلِ التَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ)].
قََالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُبَارْكَفُورِيُّ فِي تُحْفَةِ الْأَحْوَذِيِّ (9/111):
“وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي الدُّنْيَا فَأَتَصَدَّقَ بِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى قَوْلِ هَذَا الْكَلَامِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ مَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ الدُّنْيَا”

الْفَضِيلَةَ السَّابِعَةِ: [ هَذِهِ الْكَلِمَات فِيهَا أَفْضَلُ الذِّكْر ] :
فَعَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: { أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه }.
[رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي جَامِعِه (5/291) (3383) (كِتَاب الدَّعَوَات) (بَاب مَاجَاءَ أَنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ مُسْتَجَابَةٌ)، وقَال: "حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّامِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ هَذَا الْحَدِيثَ" ، واِبْن مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ (3/338) (3800) (كِتَاب الْأَدَبِ) (بَاب فَضْلِ الْحَامِدِينَ)، وحَسَّنَهُ مُحَمَّد نَاصِرُ الدِّين الأَلبَانِي فِي تَحْقِيقِه لِمِشْكَاةِ الْمَصَابِيح (2/20) (2306)، وَانْظُرْ مُخْتَصَرِ السِّلْسِلَة الصَّحِيحَة (ص 504) (2759)].
قََالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُبَارْكَفُورِيُّ فِي تُحْفَةِ الْأَحْوَذِيِّ (8/385):
“لِأَنَّهَا كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ وَالتَّوْحِيدُ لَا يُمَاثِلُهُ شَيْءٌ وَهِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ ، وَلِأَنَّهَا أَجْمَعُ لِلْقَلْبِ مَعَ اللَّهِ وَأَنْفَى لِلْغَيْرِ وَأَشَدُّ تَزْكِيَةً لِلنَّفْسِ وَتَصْفِيَةً لِلْبَاطِنِ وَتَنْقِيَةً لِلْخَاطِرِ مِنْ خُبْثِ النَّفْسِ وَأَطْرَدُ لِلشَّيْطَانِ”
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْح الْقَدِير شَرْح الْجَامِع الصَّغِير (2/43-44):
“فَعَلَيْك بِالذِّكْرِ بِهَا فَإِنَّهُ الذِّكْرُ الْأَقْوَى وَلَهُ النَّوْرُ الأضوى والمكانة الزلفى ولا يشعر بذلك إلا من لزمه وعمل به حتى أحكمه وحكمه”
قَال مُحَمَّد بْن الْعُثَيْمِيْن: “أَكْثِرُوْا مِن هَذِه الْمَكَاسِب الّعَظِيّمَّة مِن أَعْمَال يَسِيْرَة أَكْثِرُوْا مِن ذِكْر الْلَّه عَز وَجَل بِقُلُوْبِكُم وَأَلْسِنَتِكُم وَجَوَارِحُكُم لِيَكُن ذِكْر الْلَّه تَعَالَى فِي قُلُوْبِكُم قِيَاما وَقُعُوْدا وَعَلَى جُنُوْبِكُم كُوْنُوْا مُتَذَكِّرِيْن دَائِمَا لِعَظَمَتِه وَجَلَالِه وَكَمَال أَسْمَائِه وَصِفَاتِه وَأَفْعَالِه .. اذْكُرُوْا الْلَّه تَعَالَى بِأَلْسِنَتِكُم بِقَوْل لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه ، سُبْحَان الْلَّه ، الْحَمْد لِلَّه ، الْلَّه أَكْبَر وَاعْلَمُوا أَن كُل قَوْل مَن الْخَيْر تُرِيْدُوْن بِه وَجْه الْلَّه فَهُو مِن ذِكْر الْلَّه .
أَكْثِرُوْا مِن ذِكْر الْلَّه تَعَالَى وَلَا تَكُوْنُوْا مِمَّن أَغْفَل الْلَّه قَلْبَه عَن ذِكْرِه وَاتَّبَع هَوَاه وَكَان أَمْرُه فُرُطا.
أَكْثِرُوْا مِن ذِكْر الْلَّه قَبْل أَن يُحَال بَيْنَكُم وَبَيْنَه إِمَّا بِالْمَوْت أَو بِالْعَجْز أَو بِحِرْمَانِكُم مِنْه عُقُوْبَة عَلَى غَفْلَتَكُم لَا يشْغَلَنَّك أَيُّهَا الْمُسْلِم عَن ذِكْر الْلَّه مَال وَلَا بَنُوْن فَإِنَّمَا الْمَال وَالْبَنُوْن زِيْنَة الْحَيَاة الْدُّنْيَا وَالْبَاقِيَات الْصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبِّك ثَوَابا وَخَيْر أَمَلا وَالْبَاقِيَات الْصَّالِحَات كُل عَمَل صَالِح وَعَلَى رَأْسِهَا قَوْل سُبْحَان الْلَّه وَالْحَمْد لِلَّه وَلَا إِلَه إِلَّا الْلَّه وَالْلَّه أَكْبَر وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِالْلَّه”