el bassaire

samedi 1 juin 2013

فصل في ستر العورة


أي في أحكام ستر العورة.  وأحكام اللباس وستر العورة أحد شروط الصلاة والفصل لغة الحاجز بين الشيئين واصطلاحًا هو الحاجز بين مسائل العلوم وأنواعها.

قال تعالى: }يَا بَنِي آدَمَ{ خاطبهم تعالى بعد ما ذكر أنه امتن عليهم بلباس يواري سوءاتهم فقال }خُذُواْ زِينَتَكُمْ{ أي لباس زينتكم والزينة اللباس وهو ما يواري السوأة وما سوى ذلك من جيد البز والمتاع وفيه دليل على أن ستر العورة واجب في الصلاة والطواف وفي كل حال }عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ{ أي عند كل صلاة وطواف. وحكى ابن حزم وغيره الاتفاق على أن المراد ستر العورة.

وقال غير واحد بل أمر بقدر زائد على ستر العورة في الصلاة وهو أخذ الزينة فإنه علق الأمر باسم الزينة لا ستر العورة إيذانًا بأن العبد ينبغي له أن يلبس أحسن ثيابه وأجملها في الصلاة للوقوف بين يدي الرب تبارك وتعالى وأداء حقه. ويسن لبس الثياب البيض كما سيأتي. والنظافة في الثوب والبدن باتفاق أهل العلم. وحكى غير واحد أنه لا خلاف في وجوب ستر العورة في الصلاة وبحضرة الناس وفي الخلوة على الصحيح إلا لغرض صحيح.

وقال الوزير اجمعوا على أن ستر العورة واجب وأنه شرط في صحة الصلاة إلا مالكًا فقال واجب وقال بعض أصحابه هو شرط. وقال ابن عبد البر وغيره اجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به وصلى عريانًا.

(وقال رسول الله –صلى الله عليه و سلم- "الفخذ عورة" رواه الخمسة إلا النسائي) ورواه غيرهم فرواه البخاري تعليقًا وأحمد عن ابن عباس وجرهد الأسلمي ولفظه "غط فخذك فإن الفخذ عورة" حسنه الترمذي وهو في الموطأ وسنن أبي داود عن علي "لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت" في أحاديث أخر من وجوه وإن كانت لا تخلو من مقال فكثرتها تثبت أن له أصلاً.

وعورة الرجل من السرة إلى الركبة عند جماهير أهل العلم وليستا من العورة. قال الوزير اتفقوا على أن السرة ليست عورة. وقال مالك والشافعي وأحمد ليست الركبة من العورة. وأما الفخذ فتظاهرت الأحاديث: أنه عورة.

(ولهم) أي الخمسة إلا النسائي (عن عائشة أن النبي – صلى الله عليه و سلم - قال لا يقبل الله صلاة حائض) المراد المكلفة ولو بالاحتلام وإنما عبر بالحيض لأنه الأغلب (إلا بخمار) هو ما تغطي به رأسها وعنقها ويقال له النصيف والحديث صححه ابن خزيمة وغيره وقال الترمذي العمل عليه عند أهل العلم أن المرأة إذا أدركت فصلت وشيء من عورتها مكشوف لا تجوز صلاتها.

وله من حديث ابن مسعود وصححه "المرأة عورة". وللطبراني من حديث أبي قتادة، "لا يقبل الله من امرأة صلاة حتى تواري زينتها ولا من جارية بلغت المحيض حتى تختمر". ولأبي داود من حديث أم سلمة أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار. قال "إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها". وله من حديث ابن عمر "يرخين شبرًا" صححه الترمذي.

فلا بد في صلاتها من تغطية رأسها ورقبتها ومن تغطية بقية بدنها حتى ظهور قدميها. لا وجهها في الصلاة بحيث لا يراها أجنبي فليس الوجه عورة في الصلاة. قال الموفق والقاضي إجماعًا وقال جمع وكفيها وهو مذهب مالك والشافعي. وقال الشيخ وقدميها وما عدا ذلك عورة بالإجماع. قال شيخ الإسلام والتحقيق أن الوجه ليس بعورة في الصلاة. وهو عورة في باب النظر إذا لم يجز النظر إليه.

(وعن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن كان الثوب واسعًا) ضد الضيق (فالتحف به) أي ارتد به ولمسلم "فخالف بين طرفيه" وذلك بأن يجعل منه شيئًا على عاتقه والالتحاف بالثوب التغطي به والمراد

لا يشد الثوب في وسطه فيصلي مكشوف المنكبين بل يتزر به ويرفع طرفيه فيلتحف بهما فيكون بمنزلة الإزار والرداء وهذا إذا كان الثوب واسعًا (وإن كان ضيقًا) ضد المتسع الكافي للارتداء (فاتزر به. متفق عليه) وذلك جائز من غير كراهة.

وبه يجمع بين الأحاديث ففي الصحيحين "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" وللبخاري "من صلى في ثوب واحد، فليخالف بين طرفيه" ولهما " صلى في ثوب واحد متوشحًا به". ولما سئل عن الصلاة في الثوب الواحد قال: "أو لكلكم ثوبان" قال النووي وغيره لا خلاف في جواز الصلاة في الثوب الواحد واجمعوا على أن الصلاة في الثوبين أفضل. وقال عمر إذا وسع الله عليكم فأوسعوا.

(ولهما) من غير وجه (نهى عن اشتمال الصماء) فمن حديث أبي سعيد "نهى عن اشتمال الصماء" بالمد ضرب من الاشتمال سميت بذلك لأنه لا منفذ لها وفسره من حديث أبي هريرة "أن يشتمل الصماء بالثوب الواحد ليس على أحد شقيه منه شيء" وللبخاري وغيره من حديث أبي هريرة "نهى عن لبستين اشتمال الصماء والصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب. والأخرى احتباؤه بثوبه وهو جالس ليس على فرجه منه شيء" والنهي عنهما لكونهما مظنة الانكشاف. وللبخاري "نهى أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء".

والاحتباء أن يقعد على إليتيه وينصب ساقيه ويلف عليه ثوبًا. ولأبي داود عن أبي هريرة "نهى عن السدل في الصلاة" وهو طرح ثوبه على كتفيه ولا يرد طرفه على الآخر. قال الشيخ هذا التفسير هو الصحيح فإن رد أحد طرفيه على الكتف الأخرى أو ضم طرفيه لم يكره. وإن طرح القباء على الكتفين من غير أن يدخل يديه في الكمين فلا بأس بذلك باتفاق الفقهاء وليس من السدل المكروه وفيه "وأن يغطي فاه" قال ابن حبان لأنه من زي المجوس. وفي الصحيحين "ولا أكف شعرًا ولا ثوبًا" واتفقوا على كراهته في الصلاة والحكمة أنه يسجد معه.

(وللخمسة) من حديث أبي موسى وغيره (أن رسول الله r قال: حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم) ورواه غيرهم من طرق عن غير واحد و (صححه الترمذي) وإن كانت طرقه لا تخلوا من مقال فبكثرتها يعضد بعضها بعضًا. وتثبت أن للحديث أصلاً ويشهد له ما في الصحيحين وغيرهما من حديث عمر وأنس "لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة". ومن حديث عقبة "أهدي إلى رسول الله –r- فروج حرير فلبسه ثم صلى فيه ثم انصرف فنزعه نزعًا شديدًا كالكاره له ثم قال لا ينبغي هذا للمتقين" . وللبخاري من حديث حذيفة "نهانا عن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه".

وتواترت الأحاديث والآثار بتحريمه على الذكور. وحكى الإجماع على ذلك غير واحد من أئمة المسلمين. وقال ابن القيم والنهي عن لبسه والجلوس عليه متناول لافتراشه كما هو متناول للإلتحاف به وذلك لبسه لغة وشرعًا قال الشيخ والجمهور على أن الإفتراش كاللباس وقد ثبت النص بتحريم افتراش الحرير وغلط من رخص في إلباسه الدابة أو تحليتها بذهب أو فضة.

قال وما حرم لبسه لم تحل صناعته ولا بيعه لمن يلبسه من أهل التحريم ولا يخيط لمن يحرم عليه لبسه لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان.
(ولمسلم عن عمر "نهى –r- عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاثة أو أربعة) ففيه إباحة مقدار إصبعين أو ثلاثة أو أربعة كالطراز والسجاف ويحرم الزائد عند جماهير العلماء، و"رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في لبس الحرير لحكمة كانت بهما" متفق عليه. ويجوز لبسه عند التحام القتال قال شيخ الإسلام باتفاق المسلمين، وفي السنن "نهى عن لبس الذهب إلا مقطعًا" أي إلا قطعًا يسيرة منه. وكره الكثير منه الذي هو عادة أهل السرف.

وحكى شيخ الإسلام فيه أربعة أقوال ثم قال والرابع وهو الأظهر أنه يباح يسير الذهب في اللباس والسلاح فيباح طراز الذهب إذا كان أربع أصابع فما دونها. ولما ذكر علم الحرير قال وفي العلم الذهب نزاع بين العلماء والأظهر جوازه واستدل بهذا الخبر وقال ولبس الفضة إذا لم يكن فيه لفظ عام بالتحريم لم يكن لأحد أن يحرم منه إلا ما قام الدليل الشرعي على تحريمه فإذا جاءت السنة بإباحة خاتم الفضة كان ذلك دليلاً على إباحة ذلك وما هو في معناه وما هو أولى منه بالإباحة والتحريم يفتقر إلى دليل.

(وعن جابر نهى) يعني رسول الله –r- (عن الصورة في البيت) أي أن تجعل في البيت لامتناع دخول الملائكة (وأن تصنع) أي تعمل وصانعها هو المصور العامل لها على أي شكل (صححه الترمذي) وفي الصحيحين "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة". وللبخاري "لم يكن يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب إلا نقضه" وللترمذي وصححه "أتاني جبرائيل فقال إني أتيتك الليلة فلم يمنعني أن أدخل البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان فيه تمثال رجل وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل".

فدلت هذه الأحاديث وغيرها على تحريم التصوير على هيئة الحيوان وهو إجماع. وكذا تحريم استعماله على الذكر والأنثى وتوعد فاعله بالعذاب في جهنم. ففي الصحيحين عن ابن عباس مرفوعًا "كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم" والصورة التمثال والشكل وصوره تصويرًا جعل له صورة وشكلاً ونقشه ورسمه، فالنهي عام سواء كان على ثوب أو ورق أو غير ذلك، جزم به غير واحد من أهل العلم بالحديث وهو قول أكثر أهل العلم وهو ظاهر النصوص الصحيحة الصريحة.

ويؤيد التعميم وقوع الاسم عليه لا محالة. وحديث النمرقة وقوله "ولا صورة إلا لطخها" وقوله "إلا نقضه" وغير ذلك من الأحاديث وتحداهم بقوله –r- يقول الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة أو ليخلقوا ذرة" وحديث "إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم".

ويحرم التصليب وجعله في ثوب ونحوه لقول عائشة "لم يكن يترك شيئًا فيه تصليب إلا قضبه" رواه أبو داود وغيره قال الشيخ ولا تجوز الصلاة في ثوب فيه تصاوير لأنه يشبه حامل الصنم ولا يسجد على الصورة لأنه يشبه عباد الصور.

(وعن ابن عمر قال قال رسول الله –r- من جر ثوبه) أي على الأرض (خيلاء) بالمد عجبًا وبطرًا وكبرًا مأخوذ من التخيل وهو التشبه بالشيء فالمختال يتخيل في صورة من هو أعظم منه تكبرًا والمخيلة والكبر والبطر والزهو والخيلاء بمعنى (لم ينظر الله إليه يوم القيامة" متفق عليه) ولمسلم "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم" وذكر منهم "المسبل" أي المرسل ثوبه ونحوه أسفل من الكعبين . وهذا من أعظم الوعيد وأبلغ الزجر فهو من أكبر الكبائر.
وجر الثوب يستلزم الخيلاء والخيلاء تستلزم جر الثوب ولو لم يقصده.
ولا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ويقول لا أجره خيلاء

لأن النهي قد تناوله لفظًا إذ حكمه أن يقول لا أمتثل والحال دال على التكبر. ولأبي داود "والإسبال في الإزار والقميص والعمامة" وله من حديث أبي هريرة "بينما رجل يصلي مسبلاً إزاره قال له رسول الله –r "اذهب فتوضأ مرتين" فقال له رجل أمرته أن يتوضأ. فسكت. ثم قال "إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل" ووجه أنه معصية وكل من واقع المعصية فإنه يؤمر بالوضوء والصلاة.

وذكر الشيخ الإسلام وابن القيم أن كل ما زاد في اللباس في الطول والعرض حرام. وقال في الإنصاف هذا هو الصواب الذي لا يعدل عنه. وقد يجوز من غير خيلاء ولا استمرار كما في الصحيح عن النبي –r- أنه قال للصديق "إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء" ويجوز في الحرب لإرهاب العدو لأنه –عليه الصلاة والسلام- رأى بعض أصحابه يمشي بين الصفين مسبلاً يختال في مشيته فقال "إنها للبسة يبغضها الله إلا في هذا الموطن" ويجوز لحاجة كستر ساق قبيح ونحوه.

(وللخمسة) من حديث ابن عباس (إلا النسائي "البسوا من ثيابكم البياض) البياض لون الأبيض وقماش تعمل منه ملابس بيض. (فإنها من خير لباسكم) وعن أبي الدرداء يرفعه "أحسن ما زرتم الله به في مساجدكم البياض" ولفظ الحاكم "خير ثيابكم البياض فألبسوها أحياءكم" ولأحمد والنسائي والترمذي وصححه وغيرهم من حديث سمرة "البسوا ثياب
البياض فإنها أطيب وأطهر".

والحديث ظاهر الدلالة على مشروعية لبس البياض ولا يجب لما ثبت عنه –r- من لبس غيره من غير وجه فثبت أنه لبس الحبرة برديمان سميت حبرة لتحسينها بالتخطيط. ولبس مرطًا مرجلاً من شعر أسود. ولبس الخميصة. وصبغ ثيابه بالزعفران. ولبس حلة حمراء. وكره الأحمر القاني. قال ابن القيم وفي لباس الأحمر من الثياب والجوخ نظر. وأما كراهته فشديدة جدًا. والبرد الأحمر ليس هو أحمر مصمتًا كما ظنه بعض الناس فإنه لو كان كذلك لم يكن بردًا وإنما فيه خطوط حمر فيسمى أحمر باعتبار ما فيه من ذلك. والذي يقوم عليه الدليل تحريم لباس الأحمر أو كراهيته كراهة شديدة. فأما غير الحمرة من الألوان فلا يكره.

وعن عمران بن حصين مرفوعًا "إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن ترى أثر نعمته على عبده" رواه البيهقي، وقال كان هديه –r- في اللباس ما يسره الله ببلده، فكان يلبس القميص والعمامة والإزار. والرداء. والجبة. والفروج ويلبس من القطن والصوف وغير ذلك. ويلبس ما يجلب من اليمن وغيرها. فسنته تقضي أن يلبس الرجل ما يسره الله ببلده.

ونهي –r عن لباس الشهرة. ففي الحديث "من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة" رواه أبو داود وغيره. ونهـى عن الشهرتين وهما الفاخر من اللباس المرتفع في الغاية أو الرذل في الغاية. قال الشيخ يحرم لبس الشهرة وهو ما قصد به الارتفاع أو إظهار التواضع لكراهة السلف لذلك.

وروى أبو عوانة والعكبري وغيرهما بأسانيد صحيحة "تمعددوا واخشوشنوا وانتعلوا وامشوا حفاة" لتعتاد الأرجل الحر والبرد فتصلب وتقوى. وهو مشهور عن عمر. وعنه "ائتزروا وارتدوا والقوا الخفاف والسراويلات" استغناء عنها بالأزر وهو زي العرب "وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل وإياكم والتنعم وزي الأعاجم وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل وإياكم والتنعم وزي الأعاجم وعليكم بالشمس فإنها حمام العرب وتمعددوا واخشوشنوا واخلولقوا واقطعوا الركب وانزوا وارموا الأغراض". وفي لفظ "وعليكم بالمعدية وذروا التنعم" وهو مشتهر بألفاظ. ولأحمد عن معاذ مرفوعًا "إياكم والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين".


ومما نهى عنه النبي r في اللباس وغيره التشبه بالنساء. ففي الصحيح "لعن رسول الله r المتشبهات من النساء بالرجال. والمتشبهين من الرجال بالنساء" وهو عام ولما أتي r بثياب فيها خميصة سوداء ألبسها أم خالد ولا خلاف في إلباسه النساء.